جلسة 1 من يوليو سنة 2013
الطعنان رقما 7816 و 13409 لسنة 56 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن عبد الحميد محمد البرعي وطارق محمد لطيف عبدالعزيز وهشام السيد سليمان عزب ومصطفى محمد أحمد محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
الطعن في الأحكام- الطعن في أحكام المحاكم التأديبية- ميعاده- يجوزُ لمن فوَّت ميعادَ الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه، مُنضمًا إليه في طلباته، متى كان الحكم التأديبي صادرًا في موضوعٍ غير قابل للتجزئة.
تأديب- المسئولية التأديبية- المسئولية التأديبية شأنها شأن المسئولية الجنائية مسئولية شخصية؛ بحسبان أن المخالفة التأديبية هي كلُّ فعلٍ إيجابي أو سلبي ينطوي على الإخلال بواجبات الوظيفة المنوطة بالموظف العام، بمخالفته أحكام القوانين أو اللوائح أو التعليمات الإدارية، أو الإخلال بمقتضيات الوظيفة، بأن يطأ الموظفُ مواطنَ الزلل، وتحوم حوله الشبهاتُ، بما تضيع معه الثقةُ الواجب توفرها في الوظيفة العامة والموظف معًا.
تأديب- الدعوى التأديبية- لمحكمة الموضوع في نطاق إثباتِ أو نفي مسئولية الموظف سلطةٌ تقديرية في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة لتكوين عقيدتها من أيِّ عنصرٍ، دون حاجةٍ إلى الرد استقلالا على الأدلة التي لم تعوِّل عليها، مادام حكمُها يرتكزُ على أسبابٍ كافية لحمله.
– في يوم الخميس الموافق 21/1/2010 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن الأول قلمَ كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ قُيِّدَ بجدولها برقم 7816 لسنة 56ق. عليا طعنًا على الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والمالية وملحقاتهما بجلسة 22/11/2009 في الدعوى رقم 569 لسنة 50ق، القاضي بمجازاة الطاعن الأول بغرامةٍ تُعادِل خمسة أضعاف الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته.
وطلب الطاعن الأول الحكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا ببراءته مما أسند إليه.
– وفي يوم السبت الموافق 13/3/2010 أودع الأستاذ/… المحامي نائبًا عن الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن الثاني قلمَ كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ قُيِّدَ بجدولها برقم 13409 لسنة 56ق. عليا طعنًا في الحكم المشار إليه، القاضي بمجازاة الطاعن الثاني بالخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية.
وطلب الطاعن الثاني الحكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا ببراءته مما أسند إليه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعنين، ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بمجازاة الطاعنين بالعقوبة التي تراها المحكمة مناسبة.
ونظرت الدائرة الرابعة (فحص) بالمحكمة الإدارية العليا الطعنين على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حتى قررت إحالتهما إلى هذه المحكمة، وتدوول نظرهما بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، إلى أن قررت إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
وحيث إن الطاعنين يطلبان الحكم بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وببراءتهما مما أسند إليهما.
وحيث إنه عن شكل الطعنين، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه إذا كان الحكمُ التأديـبي صادرًا في موضوعٍ غير قابل للتجزئة، فإنه يجوزُ لمن فوَّت ميعادَ الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه مُنضمًا إليه في طلباته، وإعمالُ هذه القاعدة في مجال التأديب لا يتعارضُ مع طبيعة النظام التأديبـي الذي هو من روابط القانون العام؛ حيث يستهدف بالجزاء التأديبـي حسن سير المرافق العامة، فلا يسوغ بالنسبة للاتهام الواحد أو المخالفة الواحدة المنسوبة لعدد من العاملين ثبوتُ قيام الجزاء في حقِّ بعضهم، ومحوه بالنسبة للبعض الآخر منهم، نظرًا لعدم طعن بعضهم على الحكم في الميعاد.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الطعن الأول أقيم خلال الميعاد القانوني المقرَّر بالمادة (44) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972، في حين أقيم الطعن الثاني بعد هذا الميعاد، غير أن الطعنين مُرتَبِطان ارتِبَاطًا لا يقبلُ التجزئةَ؛ لقيامهما بالطعن على حكمٍ واحد (الحكم المطعون فيه)، وغايةُ الطعنِ الثاني هي ذات غاية الطعن الأول وهي إلغاء الحكم المطعون فيه، ومن ثم يكون الطعنُ الثاني مقامًا في الميعاد، وإذ استوفى الطعنان جميع أوضاعهما الشكلية فيتعين قبولهما شكلا.
وحيث إنه عن الموضوع، فإن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 6/7/2008 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 569 لسنة 50ق. بإيداع أوراقِها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والمالية وملحقاتهما وتقريرِ اتهامٍ ضد كل من:
1-… مفتش أغذية بمديرية الشئون الصحية بالجيزة بمركز صحة الشيخ زايد- بدرجة كبير أخصائيين- وتاريخ انتهاء خدمته في 8/8/2009.
2-… معاون صحي ومفتش شهادات صحية بمركز صحة الشيخ زايد التابع لمديرية الشئون الصحية بالجيزة- بالدرجة الثالثة.
لِما نسب إليهما من أن:
الأول: 1- قبل طلبَ المواطن/… باستخراج شهادةٍ صحية دون تقديم هذا الطلب بنفسه ودون استيفاء جميع المستندات اللازمة.
2- اتخذ إجراءاتِ استخراج الشهادة الصحية لعدد 8 أشخاص برغم عدم قيامهم بتقديم طلبات استخراج تلك الشهادات بأنفسهم وكذا عدم تسليم خطابات كشف الصدر لهم شخصيا.
3- استخرج شهادةً صحية للمواطن/… دون العرض على طبيب المركز الطبي بتوقيع الكشف الطبي عليه وعمل التحاليل اللازمة.
4- قبل نتيجةَ فحص أشعة لـ… رغم صدورها من مستشفى غير متخصِّص.
5- أرسل عينةً لتحليلِ الدفتريا والنتريكا باسم/… إلى المعامل المركزية بوزارة الصحة رغم أن المذكور لم تُؤخَذ منه أيةُ عيناتٍ وذلك على النحو الموَضَّح تفصيلا بالأوراق.
الثاني: 1- جمع ثمانيةَ خطابات للأشعة وأثبت بها ما يفيد قيام أصحابها بكشف الصدر على خلافِ الحقيقة وبَصَمَها بخاتمٍ لشعارِ الجمهورية غير معروفٍ مصدره ودون أن يكون مُختصًا بذلك.
2- استعمل خطاباتِ الأشعة السابقة لتقديمها للمُحَال الأول لاستخراج شهادات صحية لأصحابها.
3- أهمل في الإشراف والمراقبة مما مكَّن/… من العمل بمحل الجزارة بـ… دون أن يكون حاملا لشهادةٍ صحية تؤهله لذلك.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهما تأديبيا.
……………………………………………………………..
وبجلسة 22/11/2009 قضت المحكمة بحكمها المتقدم، الذي شيَّدته على سندٍ من ثبوت المخالفة الأولى المنسوبة للطاعن الأول من واقع اعترافِه في التحقيقات بقبوله الطلب الخاص بالمواطن/… دون استيفاء بعض المستندات الواجب تقديمها منه، وعلى الأخص صورة البطاقة الشخصية له، كما ثبتت باقي المخالفاتِ في حقه من واقع اعترافِه في التحقيقات بأن التوقيعَ المذيَّل على الشهادات الخاصة بالمدعو/… هو توقيعه، وأن الخاتم الممهور به الشهادة هو خاتمه، كما أعطاه خطابَ تحويلٍ لإجراء أشعة بمستشفى أم المصريين غير أنها أجريت بمستشفى السيدة زينب، وكذلك بما شهد به/… مدير محل…، وهو أحد الذين صدرت لهم الخطابات الثمانية محل المخالفة، وذلك على نحوٍ يغدو مسلكُه مُكَوِّنًا لمخالفةٍ تأديبية تستوجِب مجازاته تأديبيا.
أما ما نُسِبَ للمُحَال الثاني، فإن المخالفتين المنسوبتين إليه ثابتتان في حقه ثبوتًا كافيا؛ بما اعترف به في التحقيقات من حصوله على 25 جنيهًا وصورتين شخصيتين وصورة البطاقة الشخصية من المدعو/… وذلك لتقديمها للمُحَال الأول مُبرِّرًا ذلك بمساعدة العمال في الالتحاق بالعمل.
……………………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن الأول يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والغلو في توقيع العقوبة؛ وذلك لاستناده في إدانة الطاعن إلى عباراتٍ عامة لا تقطع بإدانته، منها عدم تحديده للتعليمات التى خالفها الطاعن، والتي تصلح سببًا لمجازاته، فضلا عن أن العقوبة الموقَّعة عليه اتسمت بالشدة؛ لتخرجها عن نطاق المشروعية إلى دائرة اللامشروعية.
وحيث إن مبنى الطعن الثاني يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والغلو في توقيع الجزاء؛ وذلك بحسبان أن الطاعن الأول هو المسئول عن استخراج الشهادات الصحية موضوع المخالفات، وأنه لا صلة له باستخراجها، وأن كلَّ ما أتاه من مسلكٍ لا يخرج عن تسلمه الأوراق والصور الشخصية لبعض الأشخاص ومبلغ 25 جنيهًا لِيُسلمها للطاعن الأول، مُعتقِدًا أنه يُسهل العمل على الراغبين في استخراج الشهادات الصحية، فضلا عن قسوة العقوبة الموقعة عليه.
……………………………………………………………..
وحيث إن المسئولية التأديبية شأنها شأن المسئولية الجنائية مسئولية شخصية؛ بحسبان أن المخالفة التأديبية هي كلُّ فعلٍ إيجابي أو سلبي ينطوي على الإخلال بواجبات الوظيفة المنوطة بالموظف العام، وذلك بمخالفته لأحكام القوانين أو اللوائح أو التعليمات الإدارية، وكذلك الإخلال بمقتضياتها بأن يطأ الموظفُ مواطنَ الزلل، فتحوم حوله الشبهاتُ، بما تضيع معه الثقةُ التى لابد من توفرها في الوظيفة العامة والموظف العام معًا، ومن ناحيةٍ أخرى فإن لمحكمة الموضوع في نطاقِ إثباتِ أو نفي مسئولية الموظف سلطةً تقديرية في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة، لتكوين عقيدتها من أيِّ عنصرٍ، دون حاجةٍ إلى الرد استقلالا على الأدلة التى لم تعوِّل عليها، مادام حكمُها يرتكز على أسبابٍ كافية لحمله؛ إذ حسبها أن تتبين الحقيقة التى اقتنعت بها، وأن تذكر دليلها، وأن تقيم قضاءها على أسبابٍ سائغة تكفي لحمله، مادام قيامُ الحقيقة التى اقتنعت بها، وأوردت دليلَها، فيه التعليل الضمني المسقِط لتلك الأقوال أو الشهادات التى تمَّ طرحُها جانبًا ولم تعوِّل عليها في قضائها.
– وحيث إنه عن المخالفة الأولى المنسوبة للطاعن الأول، وهي قبوله للطلب الخاص بالمواطن/… لاستخراج شهادة صحية دون تقديمه بنفسه، ودون استيفاء جميع المستندات اللازمة ومنها صورة بطاقة تحقيق الشخصية، فإنها غيرُ ثابتةٍ في حقه؛ أخذًا بما شهد به في التحقيقات المواطن المذكور، من أنه قدَّم الأوراق الخاصة به للطاعن الأول دون صورة البطاقة، حيث أكَّد له الطاعن الأول عدم استخراجه لتلك الشهادة دون تقديم صورة البطاقة الخاصة به، وبذلك يكون مسلكُ الطاعن جاء في إطارِ التحركِ في حدود سلطته التقديرية في تسلم الأوراق دون قيامه باستخراج الشهادة إلا بعد استيفاء جميع المستندات المطلوبة، بما يقتضي براءته من هذه المخالفة.
وحيث إنه عن المخالفات الثانية والثالثة والرابعة المنسوبة للطاعن الأول، وحاصلها مباشرته إجراءات استخراج الشهادة الصحية لعدد 8 أشخاص برغم عدم قيامهم بتقديم طلبات استخراج تلك الشهادات بأنفسهم، وعدم تسليم خطابات كشف الصدر لهم شخصيا، واستخراج شهادة صحية للمواطن/… دون اتباع إجراءات استخراج الشهادات، وقبوله نتيجة فحص أشعة/… رغم صدورها من مستشفى غير مختص، فإن هذه المخالفات ثابتةٌ جميعها في حقه ثبوتًا كافيا من واقع التحقيقات التى أجرتها النيابة الإدارية، والتي اعترف فيها الطاعن الأول بأن الطاعن الثاني قد أحضر له عدد 8 خطابات تخصُّ 8 أشخاص تفيد قيامهم بإجراء كشف الصدر بمستوصف أم المصريين، وأنه حال اشتباهه في تلك الخطابات أخطر السيد/… مراقب الأغذية بذلك، كما اعترف بأن التوقيع الموجود على الشهادة الخاصة بالسيد/… هو توقيعه، وأن الخاتم خاتمه، وأن المواطن قدَّم كشفَ الصدر من جهةٍ غير مختصة على خلاف الخطاب الصادر له، كما تأيَّد أيضًا ارتكابُه لتلك المخالفات بما شهد به الدكتور/… وكيل مركز الصدر والحساسية بمستوصف أم المصريين، من أن التوقيع الموجود على الخطابات الثمانية لا يخصه، وأن الخاتم لا يخص المركز، ومن ثم يكون مسلكُ الطاعن الأول مُكَوِّنًا لمخالفةٍ تأديبية، قوامُها الخروجُ عن مقتضيات واجبات وظيفته، وعدم أداء تلك الواجبات بدقة وإتقان، على نحوٍ يستوجِب مؤاخذته تأديبيا.
وحيث إنه عن المخالفة الخامسة المنسوبة للطاعن الأول، والمتمثلة في إرساله عينة تحليلٍ باسم/… إلى المعامل المركزية بوزارة الصحة برغم عدم أخذ أية عيناتٍ منه، فإنها غيرُ ثابتةٍ في حقه؛ أخذًا بما قدَّمه الطاعنُ الأول في التحقيقات من أصلٍ لدفتر حصر معمل البراز، والذي ثَبُتَ منه أن العينة تمَّ أخذُها حال حضور المواطن المذكور للمعمل وقُيِّدَت بالرقم السري 341 باسم/…، وهو ما تأيَّد بما شهد به/… فني معمل بمركز صحة الشيخ زايد؛ من أن طالبَ التحليل يأتي إليه ومعه إثبات شخصية حتى يتسنى له الحصول على العينة منه ويدوِّنُها في سجلٍ خاص بذلك، ثم يُثبِتُ نتيجةَ التحليل بخط يده، وأن التوقيعَ طرف الرقم السري 341 باسم/… هو توقيعه، وذلك كله على نحوٍ يؤكِّد عدم صحة نسبة هذه المخالفة في حق الطاعن الأول، بما يقتضي براءته منها.
وحيث إن الثابت مما تقدم أن بعض المخالفات قد ثبتت بيقينٍ في حق الطاعن الأول، وانتفت الأخرى عنه، على نحوٍ يقتضي تعديلَ العقوبة الموقَّعة عليه؛ لتتناسب صدقًا وعدلا مع ما وقر في حقه من مخالفاتٍ، لتكون بغرامةٍ تُعادِل ثلاثة أضعاف الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته.
– وحيث إن ما نسب للطاعن الثاني من مخالفاتٍ، وحاصِلُها إثباتُه في عدد (8) خطابات للأشعة قيام أصحابها بإجراء كشف الصدر على خلاف الحقيقة، وبصمها بخاتمٍ لشعار الجمهورية غير معروف مصدره ودون أن يكون مختصًا بذلك، ولتقديمه هذه الخطابات للطاعن الأول لاستخراج شهادات طبية لأصحابها، وإهماله في الإشراف والمراقبة على محل جزارة… مما مَكَّنَ/… من العمل دون أن يكون حاصلا على شهادةٍ صحية تُؤهِّله لذلك، فإن هذه المخالفات ثابتةٌ في حقه ثبوتًا كافيا؛ من خلال التحقيقات، التى اعترف فيها الطاعن الثاني بتحصُّلِه على مبلغ 25 جنيهًا وعدد صورتين شخصيتين وصورة للبطاقة الشخصية من المدعو/…، وذلك لإعطائها للطاعن الأول، وذلك لمساعدة العمال الراغبين في العمل، كما تأيَّدت هذه المخالفاتُ بما شهد به/… من عدم ذهابه إلى أية جهة لاستخراج الشهادة الصحية الخاصة به، كما تأيَّدت أيضًا بما شهد به الدكتور/… وكيل مركز الصدر والحساسية بمستشفى أم المصريين من أن الخاتم الموجود على الخطابات الثمانية غير خاص بالمركز، وأن التوقيع الموجود عليها لا يخصه، ومن ثم يكون مسلكُ الطاعن مخالفًا لمقتضيات واجبات وظيفته، على نحوٍ يُوجِب مجازاته تأديبيا، وإذ قدَّرته المحكمة بالخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية، فإنه يكون جزاءً متناسبًا صدقًا وعدلا مع ما وقر في حقه من مخالفات، بما يقتضي رفض الطعن.
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفي موضوع الطعن الأول بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بمجازاة الطاعن الأول بغرامةٍ تعادل ثلاثة أضعاف الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته، وفي موضوع الطعن الثاني برفضه.