جلسة 10 من مارس سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / منصور حسن على غربى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / إدوارد غالب سيفين عبده، وإبراهيم على إبراهيم عبد الله، محمد لطفى عبد الباقى جودة، وعبد العزيز أحمد حسن محروس
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / خالد سيد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحى عبد الغنى جودة
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2185 لسنة 44 قضائية. عليا:
عاملون مدنيون بالدولة ــ مرتب ــ بدلات ــ بدل سفر.
المشرع تيسيرًا منه على العاملين فى بعض المناطق النائية رخص لهم صرف استمارات سفر مجانية وعين درجة السفر لكل عامل وفق درجته المالية وأباح لهؤلاء العاملين الخيار بين الحصول على استمارات السفر المجانية وبين صرف المقابل النقدى عن عدد مرات السفر المقررة، وفى مجال تنظيم المقابل النقدى أوجب المشرع أن يكون هذا المقابل معادلاً لتكاليف السفر الفعلية للعامل وأسرته من الجهة التى يعمل بها إلى القاهرة ــ وإذ ألغى العمل بنظام استمارات السفر المجانية وألغيت الدرجتان الأولى والأولى الممتازة من قطارات الوجه القبلى ولم يعد باقيًا سوى السفر بالدرجة الثانية الممتازة مع المبيت فى عربات النوم، فإن أداء المقابل النقدى يغدو وفق قيمة هذه الدرجة – أصبح من حق العامل الحصول على ثمن التذكرة دون حاجة إلى تقديم شهادة من السكك الحديدية – استحقاق ثمن التذكرة كاملة بما فيها الإضافات ــ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 24/1/1998 أودعت هيئة قضايا الدولة ــ نيابة عن محافظ أسيوط قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 2185 لسنة 44ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الثانية) بجلسة 26/11/1997 فى الدعوى رقم 82 لسنه 8ق. والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بأحقية المدعيات فى صرف البدل والفروق المالية للمقابل النقدى المطالب به من تاريخ إلغاء الدرجة الأولى العادية أو استحقاقهم البدل أيهما أقرب على النحو الوارد بالأسباب مع مراعاة أحكام التقادم الخمسى وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة بتقريرالطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهن بالمصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الإدارة المصروفات.
ونُظر الطعن أمام هذه المحكمة بعد إحالته إليها من الدائرة الثامنة (فحص)، وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 17/2/2005 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أنه بتاريخ 13/10/1996 أقامت المطعون ضدهن الدعوى رقم 82 لسنة 8 ق. بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بأسيوط طلبن فى ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بأحقية كل منهن واثنين من أفراد أسرهن ممن تتوافر بالنسبة لهما شروط الاستحقاق لاستمارات السفر المجانية للبدل النقدى المستحق لها عن عدد مرات السفر المرخص لهن طبقًا لنص المادة 78/4 من لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال بما يعادل قيمة السفر بالدرجة الثانية الممتازة مع المبيت منذ تاريخ إلغاء الدرجة الأولى بالقطارات أو تاريخ تعيينهن أيهما أقرب وصرف الفروق المالية المستحقة وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب
المحاماه .
وذكرن شرحًا لدعواهن أنهن يعملن بمديرية التربية والتعليم بأسيوط ويحق لهن ولاثنين من أفراد أسرهن صرف المقابل النقدى لاستمارات السفر عن عدد مرات السفر المرخص لهن بها إعمالاً لحكم المادة (78/4) من لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال بما يعادل قيمة السفر بالدرجة الثانية الممتازة مع المبيت.
وبجلسة 26/11/1997حكمت محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الثانية) بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بأحقية المدعيات فى صرف البدل والفروق المالية للمقابل النقدى المطالب به من تاريخ إلغاء الدرجة الأولى العادية أو استحقاقهن البدل أيهما أقرب مع مراعاة أحكام التقادم الخمسى وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت قضاءها ــ بعد استعراض أحكام المواد (39، 78، 78 مكررًا)، من لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال ــ على أنه لما كان الثابت أن المدعيات يعملن بمديرية التربية والتعليم بأسيوط ويشغلن الدرجتين الاولى والثانية، ومن ثَمَّ فإن درجة السفر المخصصة لهن هى الدرجة الأولى العادية ولما كانت الدرجة الأولى تم إلغاؤها فإن البديل المتاح هو الدرجة الثانية الممتازة مع المبيت فى عربات النوم، ومن ثَمَّ تستحق المدعيات المقابل النقدى على أساس الدرجة الثانية الممتازة مع المبيت فى عربات النوم مع اثنين من أسرة كل منهن اعتبارًا من تاريخ إلغاء الدرجة الأولى العادية أو استحقاقهن البدل أيهما أقرب مع مراعاة أحكام التقادم الخمسى ولا يجوز لجهة الإدارة التحلل من التزامها بدعوى عدم وجود الاعتماد المالى اللازم للصرف إذ هى ملزمة قانونًا بتدبير المال اللازم للوفاء بما ألزمت به قبل ما اكتسبه العامل من حق.
ومن حيث إن أسباب الطعن الماثل تتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله إذ أشار فى أسبابه إلى نص المادة (78/3) من لائحة بدل السفر والتى تخاطب العاملين بالسودان، ومحافظة سوهاج والبلاد الواقعة على الضفة الشرقية لقناة السويس وترخص لهم بالسفر مرتين إحداهما بالمجان والثانية بربع أجره بينما المطعون ضدهن يعملن بمحافظة أسيوط، ومن ثَمَّ ينطبق عليهن حكم المادة (78/4) من لائحة بدل السفر التى ترخص لهن بالسفر مرة واحدة كل سنة بالمجان، وعلى ذلك فإن الفقرتين المشار إليهما تختلفان من حيث الأثر ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون؛ إذ استند إلى نص المادة (78/3) من لائحة بدل السفر ومن ثَمَّ يكون خليقًا بالإلغاء.
ومن حيث إن المادة (39) من لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 41 لسنة 1958 تنص على أن “الدرجات التى يحق للموظفين الركوب فيها فى السكك الحديدية أو البواخر أو الترام أو الأتوبيس عند انتقالهم فى أعمال مصلحية هى:
(أ) الدرجة الأولى الممتازة ………………………………….. الموظفون من درجة مدير عام فما فوق ومن فى حكمهم.
(ب) الدرجة الأولى ………………………………………….. الموظفون من الدرجة السادسة فما فوق ……………….”.
وتنص المادة (78) من ذات اللائحة فى فقرتها الرابعة على أنه ” ……………. ويرخص للموظفين الذين يعملون فى محافظة أسيوط بالسفر هم وعائلاتهم ــ دون الخدم ــ إلى البلاد التى يختارونها عند قيامهم بالإجازة السنوية وذلك مرة واحدة كل سنة بالمجان”.
وتنص ذات المادة فى فقرتها السادسة على أنه “ويجوز للعاملين الحصول على تذاكر الدرجة الثانية الممتازة مع المبيت فى عربات النوم المخصصة لهذه الدرجة بدلاً من استمارات السفر بالدرجة الأولى الممتازة أو الدرجة الأولى المرخص لهم باستعمالها”.
وتنص المادة (78 مكررًا) من اللائحة المشار إليها على أن “يُصرف للعامل الذى يرخص له بالسفر طبقًا لحكم المادة السابقة مقابل نقدى بدلاً من الترخيص له بالسفر وعائلته بالمجان أو ربع أجرة بالاستمارات المجانية وذلك وفقًا للضوابط والشروط التالية:
أولاً: إذا اختار العامل المقابل النقدى بدلاً من الترخيص له بالسفر وأسرته بالمجان أو بربع أجره بالاستمارات المجانية
فيحدد هذا المقابل على النحو التالى:
1-أن يكون هذا المقابل معادلاً لتكاليف سفر العامل وأسرته من الجهة التى يعمل بها إلى القاهرة.
2-أن يكون المقابل النقدى عن عدد مرات السفر المقررة وفقًا للأحكام الواردة بلائحة بدل السفر ومصاربف الانتقال وعلى أساس ثلاثة أفراد للأسرة كحد أقصى بما فيهم العامل.
3-أن يقسم المقابل النقدى السنوى على اثنى عشر شهرًا يؤدى للعامل شهريًا مع المرتب.
ثانيًا: إذا اختار العامل السفر وفقًا لنظام الاستمارات المجانية أو بربع أجره فتسرى فى شأنه أحكام المادة (78) من هذه اللائحة.
وتنص المادة (47) من اللائحة سالفة البيان والمستبدلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1150 لسنة 1995على أن “يدفع للعامل ثمن التذكرة بالدرجة المقررة بما فى ذلك الإضافات دون حاجة إلى تقديم شهادة من السكك الحديدية أو مكاتب اشتراكات الأتوبيس”.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع تيسيرًا منه على العاملين فى بعض المناطق النائية رخص لهم فى صرف استمارات سفر مجانية وعين درجة السفر لكل عامل وفق درجته المالية، وأباح المشرع لهؤلاء العاملين الخيار بين الحصول على استمارات السفر المجانية وبين صرف المقابل النقدى عن عدد مرات السفر المقررة.
وفى مجال تنظيم المقابل النقدى أوجب المشرع أن يكون هذا المقابل معادلاً لتكاليف سفر العامل وأسرته من الجهة التى يعمل بها إلى القاهرة وأن يكون لعدد مرات السفر المقررة بالأحكام الوارد بلائحة بدل السفر ومصاربف الانتقال وعلى أساس ثلاثة أفراد للأسرة كحد أقصى بما فيهم العامل ويتم قسمته على اثنى عشر شهرًا يؤدى للعامل شهريًا مع المرتب وعلى هذا الأساس، فإن المقابل النقدى لاستمارات السفر يجب أن يكون معادلاً لتكاليف السفر الفعلية للعامل وأسرته من الجهة التى يعمل بها إلى القاهرة.
وقد قرر المشرع هذه الميزة رغبةً منه فى تشجيع العاملين على العمل فى المحافظات النائية، وزاد فى رعايتهم بأن خيَّرهم بين استعمال استمارات السفر المجانية أو بربع أجرة أو الحصول على المقابل النقدى لهذه الاستمارات.
وإذ ألغى العمل بنظام استمارات السفر المجانية بالسكك الحديدية وألغيت الدرجتان الأولى والأولى الممتازة من قطارات الوجه القبلى ولم يعد باقيًا سوى البديل المتاح وهو السفر بالدرجه الثانية الممتازة مع المبيت فى عربات النوم فإن أداء المقابل النقدى يغدو وفق قيمة هذه الدرجة باعتباره المعيار الفعلى الذى لا مندوحة عنه عند حساب تكاليف السفر.
ورغبةً من المشرع فى تشجيع العاملين على العمل فى المناطق النائية فقد زاد فى رعايتهم وأضاف إلى المزايا المقررة لهم بلائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال المشار إليها سلفًا، ميزة جديدة بمقتضاها أصبح من حق العامل الحصول على ثمن التذكرة وفق قيمة درجة السفر المقررة له دون حاجة إلى تقديم شهادة من السكك الحديدية أو مكاتب اشتراكات الأتوبيس وليس بدرجة أقل من الدرجة المقررة له فى حالة عدم تقديم الشهادة المذكورة على النحو الذى كانت تقضى به المادة (47) من اللائحة قبل استبدالها بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1150 لسنة 1995 المشار إليه كما أصبح بمقتضى الميزة سالفة الذكر الحصول على ثمن التذكرة كاملة بما فيها الإضافات وذلك حتى يكون المقابل الذى يحصل عليه العامل معادلاً لتكاليف سفره وأسرته من الجهة التى يعمل بها إلى القاهرة فيستحق المقابل النقدى بقدر ما تكبده من تكاليف السفر الفعلية.
ولا ريب أن هذه القواعد إنما تخاطب جميع العاملين بالدولة الذين يرخص لهم بالسفر وفقًا للائحة بدل السفر بما فيهم الموظفة؛ لأن قوانين التوظف تخاطب الموظفة بصفتها هذه
لا بصفتها زوجة، ومن ثَمَّ يكون للزوجة بوصفها من العاملين المخاطبين بأحكام لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال الحق فى التمتع بميزة السفر أو اختيار بديلها وهو المقابل النقدى استقلالا عن زوجها شريطة ألا يدخل الأولاد حال وجودهم فى عداد الأفراد الذين يتقاضى عنهم الزوج العامل هذا المقابل إذ لا يجوز لكل من الزوجين الجمع بين الميزة المقررة له فى هذا المقابل والميزة المقرره للزوج الآخر.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهن من العاملات بمديرية التربية والتعليم بمحافظة أسيوط وتشغلن الدرجة الثانية والأولى، ومن ثَمَّ فإن كلاً منهن تستحق المقابل النقدى واثنين من أبنائها ممن لا يقوم الزوج ــ على فرض كونه زوجًا عاملاً ــ بالصرف لهما وذلك على أساس قيمة تذاكر الدرجة الثانية الممتازة مع المبيت فى عربات النوم والمقررة لمحافظة أسيوط عن كل سنة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، مع مراعاة أحكام التقادم الخمسى، ومراعاة خصم ما يكون قد تم صرفه من المقابل النقدى المشار إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان قد استعرض فى أسبابه نص الفقرة الثالثة من المادة (78) من لائحة بدل السفر ومصاربف الانتقال والتى تتعلق بالعاملين فى السودان ومحافظة سوهاج والبلاد الواقعة على الضفة الشرقية لقناة السويس رغم أن المطعون ضدهن من العاملات بمحافظة أسيوط إلا أن ذلك لم يكن له ثمة أثر فيما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من نتيجة تتفق وصحيح حكم القانون إذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أن المدعيات يعملن بمديرية التربية والتعليم بأسيوط، ومن ثَمَّ فإنه يحق لهن بدل السفر وفقًا لأسعار تذاكر السفر بالدرجة الثانية الممتازة مع المبيت فى عربات النوم، وغنى عن البيان أن أسعار التذاكر المستحقة لهن إنما يتم حسابها على أساس السفر لمحافظة أسيوط (مقر عملهن) ومن ثَمَّ يكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه، ويكون الطعن الماثل غير قائم على سند صحيح من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.