جلسة 6 من فبراير سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 26 لسنة 49 القضائية عليا.
– الدراسات العليا– درجة (الدكتوراه)– مراحل منحها.
المادتان (23) و (172) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون رقم (49) لسنة 1972.
قرار منح درجة “الدكتوراه” قرار مركب تشارك في تكوينه عدة جهات، رسم القانون لكل منها مجال نظره وتقديره– تبدأ عملية الانتظام في إعداد الرسالة بتسجيلها وتعيين الأستاذ المشرف على تحضيرها، وتشارك جهات أربع في منح الدرجة العلمية: أولها– الأستاذ المشرف على الرسالة الذي يقرر صلاحيتها للعرض على لجنة الحكم. وثانيها– لجنة الحكم التي عينها مجلس الكلية، وتتولى الجانب العلمي الفني كاملا من حيث فحص الرسالة ومناقشتها وتقرير نجاح صاحب الرسالة وتقدير مرتبة النجاح. وثالثها ورابعها– قرار مجلس الكلية ثم مجلس الجامعة– إذا كان مجلس الجامعة هو الذي يمنح الدرجة العلمية طبقا للقانون فإنه يمنحها بوصف أنها تصدر باسمه، ودون أن يخل ذلك باختصاص كل هيئة إدارية نص عليها القانون– تقرير لجنة الحكم على الرسالة هو حجر الزاوية الرئيس فيما يسبقه أو يلحقه من إجراءات؛ بحسبانه ينظر في صميم العملية البحثية العلمية، ويشمل التخصص العلمي للبحث المعد والمناقشة الفنية العلمية له من الأساتذة ذوي التخصص العلمي والفني الدقيق– تتمتع لجنة الحكم على الرسالة بسلطة تقديرية في تقويمها؛ بحسبان أن رسالة الدكتوراه التي يتقدم الطالب للحصول على درجتها يجب أن تقوم على البحث المبتكر، وأن تمثل إضافة علمية ذات قيمة– يحق لمجلس الكلية إلغاء الرسالة بعد موافقة مجلس الدراسات العليا والبحوث وأخذ رأي مجلس القسم المختص إذا ما تبين له أن الرسالة لا تضيف جديدا ولا ترقى إلى مستوى البحث المطلوب- تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 2/10/2002 أودع وكيل الطاعنة قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه، في حكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية) الصادر بجلسة 5/8/2002 في الدعوى رقم 1369 لسنة 54 ق، الذي قضى برفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات .
وطلبت الطاعنة –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ، وإلغاء قرار كلية الهندسة بجامعة عين شمس بإلغاء قيد الطاعنة بدرجة الدكتوراه وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجامعة بتعويضها بمبلغ 200000 جنيه نظير الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنة المصروفات.
وعينت لنظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون جلسة 5/7/2006 ، وبجلسة 16/1/2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السادسة) موضوع لنظره بجلسة 21/3/2007، وبجلسة 26/12/2007 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 30/1/2008 ، وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 10/11/1999 أقامت الطاعنة الدعوى رقم 1369 لسنة 54 ق أمام محكمة القضاء الإداري ، طلبت فيها الحكم بإلغاء قرار رئيس جامعة عين شمس الصادر في 13/4/1999 باعتماد قرار مجلس كلية الهندسة بإلغاء تسجيلها في درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية (قوى وآلات كهربائية) مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وبإلزام الجامعة أن تؤدى لها مبلغ 200000 جنيه كتعويض عما أصابها من أضرار مادية وأدبية من جراء هذا القرار.
وبجلسة 5/8/2002 قضت المحكمة برفض الدعوى ، وشيدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعية سجلت رسالة الدكتوراه الخاصة بها بقسم هندسة القوى والآلات الكهربائية بكلية الهندسة جامعة عين شمس بتاريخ 13/11/1993 بعنوان “استحداث واختبار مواد جديدة لتطبيقات القوى الكهربائية (الفلسفة في الهندسة الكهربائية)”، وانتهت من إعدادها في 5/7/1998 تحت إشراف لجنة ثلاثية انتهت في تقريرها إلى أن الرسالة لا تحتوي على أية إضافات علمية جديدة ولا تعتبر بحثا أصيلا ، وأن مستواها لا يرقى بأي حال للمستوى المطلوب لدرجة الدكتوراه في الهندسة، وأن لجنة الإشراف تترك أمر الحكم على الرسالة للمحكمين. وبعد مداولات كثيرة وتقارير من جهات مختلفة منوط بها تقييم الرسالة، انتهت جميعها إلى أن مستوى الرسالة لا يرقى بأي حال من الأحوال للمستوى المطلوب لدرجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية رغم الفرص العديدة التي منحت للباحثة للارتقاء برسالتها إلى المستوى المطلوب دون جدوى. وبتاريخ 14/1/1999 قرر مجلس الكلية عقد لجنة الحكم والمناقشة خلال شهر، وقد تحدد يوم الأربعاء الموافق 3/2/1999 للمناقشة وتم إخطار المدعية بذلك بخطاب مسجل بعلم الوصول ، وعقدت اللجنة لمناقشة الرسالة، إلا أن الباحثة لم تحضر، وأعلنت اللجنة أن الرسالة لا تحتوى على أي مادة علمية أو بحث يستحق المناقشة، ورأت اللجنة عدم جدوى منح الباحثة أي مهلة إضافية، وانتهت إلى عدم منح درجة الدكتوراه للمدعية وإلغاء تسجيلها. وبناء عليه صدر قرار مجلس الكلية المطعون فيه الذي اعتمد من رئيس الجامعة، ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، وينتفي ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية، بما يستتبع رفض طلب التعويض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون و أخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها أن الطاعنة حصلت بتاريخ 29/7/1996 على خطاب يفيد أنها أنجزت مرحلة طيبة من البحث ، وهذا دليل على استمرارها في العمل في الرسالة ما يقرب من أربع سنوات، وتم تشكيل لجنة الحكم، وهذا دليل على صلاحية الرسالة للحكم، وأنها تقدمت للتسجيل لنيل درجة الدكتوراه تحت إشراف مشرفين على الرسالة، وأعدت خطة البحث المقدمة من هيئة الإشراف ووافق عليها القسم واعتمدت للتسجيل، وهذه الخطة تنفذ على مراحل يتم متابعتها من هيئة الإشراف التي تقوم بإعداد تقرير سنوي عن الرسالة يتضمن صلاحية الرسالة، مما يؤكد التعسف وسوء استخدام السلطة . وأن الباحثة لم تخطر بميعاد المناقشة للرسالة، وتقدمت بشهادة صادرة عن هيئة البريد ، وكان يتعين إعطاء الفرصة كاملة للطالبة بمناقشة رسالتها، وليس الحكم عليها بالفشل من قبل أن تناقش، وكان متعينا على الجامعة منحها فرصة أخرى لمناقشتها سواء بإخطارها مرة ثانية أو بأي طريقة أخرى، لا سيما وأن مجلس الكلية يترخص في السماح بإعادة تقديم الرسالة بعد استكمال أوجه النقص طبقا لحكم المادة (107) من قانون تنظيم الجامعات. هذا وكانت الطاعنة قد أصابتها أضرار مادية تتمثل فيما أنفقته على إعداد الرسالة وشراء الكثير من المراجع الأجنبية والعربية والدوريات والمجلات المتخصصة، كما لحقتها أضرار أدبية متمثلة في عدم حصولها على درجة الدكتوراه وحصول أقرانها على هذه الدرجة العلمية مما أصابها بالإحباط وإضاعة فرص الترقي في عملها.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 أن قرار منح الدرجة العلمية للدكتوراه هو قرار مركب، تشارك في تكوينه عدة جهات رسم القانون لكل منها مجال نظره وتقريره، وإذا كانت عملية الانتظام في إعداد الرسالة تبدأ بتسجيل هذه الرسالة وتعيين الأستاذ المشرف على تحضيرها، فإنه بعد تحضيرها تشارك جهات أربع في منح الدرجة العلمية، أولها-الأستاذ المشرف على الرسالة الذي يقرر صلاحية الرسالة للعرض على لجنة الحكم، وثانيها- لجنة الحكم التي عينها مجلس الكلية والتي تتولى الجانب العلمي الفني كاملا من حيث فحص الرسالة ومناقشتها وتقرير نجاح صاحب الرسالة وتقدير مرتبة النجاح بأي من المراتب التي عينها القانون ولائحته التنفيذية، وثالثها ورابعها- قرار مجلس الكلية ثم مجلس الجامعة. وإذا كان مجلس الجامعة هو الذي يمنح الدرجة العلمية طبقا للمادتين (23) و (172) من القانون فهو يمنحها بوصف أن الدرجة العلمية تصدر باسمه ودون أن يخل ذلك باختصاص كل هيئة إدارية نص عليها القانون. وإن تقرير لجنة الحكم هو حجر الزاوية الرئيس فيما يسبقه من إجراءات تمهيدية أو ما يلحقه من إجراءات؛ بحسبانه ينظر في صميم العملية البحثية العلمية وهو يشمل التخصص العلمي للبحث المعد والمناقشة الفنية العلمية له من الأساتذة ذوي التخصص العلمي والفني الدقيق، وهذا هو جوهر التقويم العلمي للجهد المبذول. وتتمتع لجنة الحكم على الرسالة بسلطة تقديرية في تقويم الرسالة بحسبان أن رسالة الدكتوراه التي يتقدم الطالب للحصول على درجتها يجب أن تقوم على البحث المبتكر وأن تمثل إضافة علمية ذات قيمة، ويحق لمجلس الكلية إلغاء الرسالة بعد موافقة مجلس الدراسات العليا والبحوث وأخذ رأي مجلس القسم المختص إذا ما تبين له أن الرسالة لا تضيف جديدا ولا ترقى إلى مستوى البحث المطلوب.
ومن حيث إن الثابت أنه بتاريخ 3/2/1999 انعقدت لجنة الحكم على الرسالة المقدمة من الطاعنة للحصول على درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من قسم هندسة القوى والآلات الكهربائية بكلية الهندسة جامعة عين شمس، واستعرضت اللجنة التقارير الفردية المقدمة من أعضاء اللجنة وناقشت الموضوع من كافة جوانبه، وتبين لها أن الرسالة تحتوي على دراسة نظرية لعمل قاعدة بيانات لبعض المواد المستخدمة في الهندسة الكهربائية، وهي بمثابة تجميع لمعلومات متوافرة في صورة بنك معلومات ، والرسالة لا تحتوي على أي مادة علمية تصلح للنظر في منح مقدمتها درجة علمية، كما أنها لا تحتوي على أية إضافات علمية جديدة ، ولا تعتبر بحثا أصيلا، وأن مستوى الرسالة لا يرقى بأي حال للمستوى المطلوب لدرجة الدكتوراه؛ لذلك انتهت اللجنة إلى عدم قبول الرسالة، وقد وافق مجلس الكلية على توصية لجنة الحكم برفض الرسالة، فأصدر قراره المطعون فيه، وتم اعتماده من رئيس الجامعة، ومن ثم يضحى القرار المطعون فيه صادرا طبقا للإجراءات المقررة قانونا. ولم تتضمن الأوراق دليلا على إساءة اللجنة لسلطتها التقديرية في بحثها للرسالة، ومن ثم يتعين رفض دعوى إلغاء القرار المطعون فيه. ولا يغير من ذلك ما أبدته الطاعنة من التمسك بآراء المشرفين على الرسالة؛ ذلك أن الواضح من تقريرهم أن الرسالة تقدم جهدا متواضعا.
وإنه لا حجة في التمسك بعدم إخطارها إذ الثابت أنه تم إخطارها بخطاب مسجل بعلم الوصول بموعد انعقاد اللجنة، فضلا عن أن مدير مكتب وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث قام بإبلاغ زوجها وهو أستاذ بالكلية بموعد جلسة المناقشة.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون متفقا وصحيح حكم القانون، ويضحى الطعن عليه غير قائم على أساس سليم في القانون، متعينا الحكم برفضه وإلزام الطاعنة المصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعنة المصروفات.