جلسة 12 من نوفمبر سنة 2011
الطعن رقم 29373 لسنة 54 القضائية (عليا)
(الدائرة الثانية)
– الحكم في الدعوى– الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا– الطعن أمام المحكمة يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون- للمحكمة أن تنزل حكم القانون في المنازعة على الوجه الصحيح، غير مقيدة بأسباب الطعن، مادام المراد هو مبدأ المشروعية نزولا على سيادة القانون.
– الحكم في الدعوى- الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- قضاء المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر في الشق العاجل، والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى ينسحب على شقي الدعوى العاجل والموضوعي- لا يجوز لمحكمة القضاء الإداري أثناء نظر طلب الإلغاء أن تتعرض لموضوع الدعوى وتقضي فيه.
– الحكم في الدعوى- حجية الأحكام- يشترط للحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها: الاتحاد في الخصوم وفي المحل وفي السبب.
– المادة (101) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم (25) لسنة 1968.
– الحكم في الدعوى– حجية الأحكام- الحكم الحائز قوة الأمر المقضي يكون حجة فيما فصل فيه ويعد عنوانا للحقيقة- هذه الحجية تسمو على قواعد النظام العام، وتغطي الخطأ في تطبيق القانون بافتراض وقوعه.
– الحكم في الدعوى- الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع (كالحكم بوقف التنفيذ) لا تقيد المحكمة عند نظر أصل الطلب موضوعا- تحوز هذه الأحكام حجية تقيد المحكمة عند نظر طلب الإلغاء فيما فصلت فيه من مسائل فرعية، كالاختصاص وعدم قبول الدعوى أصلا لرفعها بعد الميعاد، أو لعدم توفر الصفة والمصلحة.
في يوم الأحد الموافق 15/6/2008 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط في الدعوى رقم 2516 لسنة 10ق بجلسة 17/4/2008، القاضي منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطالب الطاعنان -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه، والقضاء مجددا: (أصليا) بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. و(احتياطيا) برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وبعد إعلان الطعن قانونا أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا في الطعن.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى دائرة الموضوع، وتدوول نظره أمامها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 1/10/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم ومذكرات خلال أسبوع، وقد انقضى هذا الأجل دون تقديم أية مذكرات، وقد صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية، ومن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 2516 لسنة 10ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط بتاريخ 21/8/1999، طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه رقم 5 لسنة 1979 الصادر بتاريخ 18/8/1979 فيما تضمنه من إنهاء خدمته اعتبارا من 27/12/1978 للانقطاع عن العمل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة، وبجلسة 26/4/2000 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير في موضوعها.
……………………………..
وإذ لم يرتض الطاعنان هذا الحكم فقد قاما بالطعن عليه بتقرير طعن قيد بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا برقم 8080 لسنة 46ق.ع، وطلب الطاعنان للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا: (أصليا) بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد. و(احتياطيا) برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وكان مبنى الطعن ما استقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن استطالة الأمد بين صدور القرار محل الطعن وتاريخ إقامة دعوى الإلغاء يرجح معه العلم بالقرار، وأن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 14/8/1979، وأقيمت الدعوى بتاريخ 21/8/1999، أي بعد مرور أكثر من عشرين عاما.
وبجلسة 18/11/2006 قضت المحكمة الإدارية العليا في هذا الطعن بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى شكلا، وإلزام المطعون ضده المصروفات، بعد أن شيدت المحكمة قضاءها على أن المطعون ضده كان قد أقام دعواه بعد انقضاء أكثر من عشرين عاما على صدور القرار المطعون فيه، وهي مدة تجاوز المدة المقررة لسقوط الحقوق بصفة عامة، وهي خمسة عشر عاما من تاريخ صدور القرار، وهو ما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى شكلا، وعلى الرغم من صدور هذا الحكم إلا أن محكمة القضاء الإداري بأسيوط أصدرت بجلسة 17/4/2008 حكمها المطعون عليه القاضي منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وحيث لم يرتض الطاعنان هذا الحكم فقد قاما بالطعن عليه بالطعن الماثل بعد أن نعيا على هذا الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله بحسبان أن الحكم الطعين القاضي بإلغاء القرار الطعين صدر بعد صدور حكم نهائي عن المحكمة الإدارية العليا بعدم قبول الدعوى شكلاً، وكان يتعين على محكمة القضاء الإداري بعد صدور هذا الحكم عن المحكمة الإدارية العليا أن تقضي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
……………………………..
وحيث إنه عن مبنى الطعن فإن المستقر عليه أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون وزنا مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه، ومن ثم فللمحكمة أن تنزل حكم القانون في المنازعة على الوجه الصحيح غير مقيدة بأسباب الطعن ما دام المرد هو مبدأ المشروعية نزولا على سيادة القانون.
وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع شأن الحكم بوقف التنفيذ لا تقيد المحكمة عند نظر أصل الطلب موضوعا، فالحكم الصادر في طلب وقف التنفيذ هو حكم قطعي له مقومات الأحكام وخصائصها، فيحوز حجية الأحكام في خصوص موضوع الطلب ذاته، ولو أنه مؤقت بطبيعته، مادام لم تتغير الظروف، كما يحوز هذه الحجية من باب أولى بالنسبة لما فصلت فيه المحكمة من مسائل فرعية قبل البت في موضوع الطلب، كالدفع بعدم الاختصاص أو بعدم قبول الدعوى أصلا لرفعها بعد الميعاد أو لعدم توفر الصفة أو المصلحة، فقضاء المحكمة في هذا كله ليس قطعيا فحسب بل هو نهائي، وليس مؤقتا فيقيدها عند نظر طلب الإلغاء، كما أنه من المسلم به أن الفصل في تلك الدفوع إنما ينسحب بحكم اللزوم على شقي الدعوى سواء المستعجل أو الموضوعي ويؤثر فيه.
وحيث إن المستقر عليه أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي يكون حجة فيما فصل فيه من مسائل، ويعد عنوانا للحقيقة، فقوة الأمر المقضي للحكم تسمو على قواعد النظام العام، ولا يجوز المساس بها وهي تغطي الخطأ في تطبيق القانون بافتراض وقوعه.
وحيث إنه يشترط للحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها على وفق نص المادة 101 من قانون الإثبات: الاتحاد في الخصوم وفي المحل وفي السبب.
وحيث إنه إعمالا لما تقدم، وكان الثابت أن المحكمة الإدارية العليا قد قضت بجلسة 8/11/2006 في الطعن رقم 8080 لسنة 46ق. ع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى رقم 2516 لسنة 10ق شكلا، وهذا الحكم هو حكم قطعي ونهائي، وينسحب بحكم اللزوم على شقي الدعوى سواء العاجل أو الموضوعي فيها، ومن ثم فإن محكمة القضاء الإداري بعد صدور هذا الحكم عن المحكمة الإدارية العليا ما كانت لتتعرض لموضوع الدعوى وتقضي بالإلغاء.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بخلاف ما تقدم، فإنه يكون قد جانبه الصواب وأخطأ في تطبيق صحيح أحكام القانون، ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه، وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون عليه، وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وألزمت المطعون ضده المصروفات.