جلسـة 17 من إبريل سنة 2012
الطعـن رقـم 38758 لسنـة 52 القضائية (عليـا)
(الدائرة الثالثة)
– توزيع الأراضي المستولى عليها على المنتفعين– أوجب المشرع على الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إصدار إشهارات توزع على المنتفع ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع- تحديد المنتفعين يتم بناء على بحث التوزيع دون أية وسيلة أخرى- وضع اليد على جزء من الأرض المستولى عليها، والقيام بسداد بعض متطلباتها إلى الجهات المختصة، لا يجعل القائم بذلك من المنتفعين.
– المادتان (1) و(3) من القانون رقم (3) لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع الزراعية المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي.
في يوم الثلاثاء الموافق 19/9/2006 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن على قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الصادر بجلسة 15/8/2006 في الاعتراض رقم (59) لسنة 2001، الذي قضى في منطوقه بقبول الاعتراض شكلا، وفي الموضوع بالاعتداد بالشهادة الصادرة رقم (3468) بتاريخ 19/12/1992 ورفض الشهادة المعدلة لها، وطلب الطاعن -للأسباب المبينة في تقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء بمحو الشهر رقم (3468) في 19/12/1992، وبإشهار شهادة التوزيع رقم (8999) حسب التعديل الذي تم في 15/5/1994، مع تحميل المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة هذا الطعن على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 4/2/2009 قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 7/4/2009 وفيها وما تلاها من جلسات تدوول الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 27/12/2011 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال شهر، وقد انقضى هذا الأجل دون التقدم بأية مذكرات، وبجلسة اليوم صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن واقعات النزاع تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن المطعون ضده السادس وآخرين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم (116) لسنة 1994 أمام محكمة الزقازيق طالبين الحكم ببطلان شهادة التوزيع الصادرة عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 15/4/1994 لمصلحة المدعو/إبراهيم… ووالدته والتي طالب بإشهارها بالشهر العقاري بالطلب رقم (787) لسنة 1994 سجل عيني، والصادرة بالمخالفة لشهادة التوزيع المشهرة برقم (3468) لسنة 1992 شهر عقاري الزقازيق؛ على سند من القول إنهم وبمقتضى شهادة التوزيع الصادرة طبقا لأحكام القانون رقم (3) لسنة 1986 والمشهرة برقم (3468) لسنة 1992 شهر عقاري الزقازيق ينتفعون بقطعة أرض مساحتها س 8 ط 14 ف 1 بحوض الخطابة والعصارة– زمام مشتول القاضي- مركز الزقازيق، ويضعون اليد عليها منذ عام 1962، وقد فوجئوا بمحاولة حذف أسمائهم من المبحوثين الموزعة عليهم الأرض والقيام بإصدار شهادة توزيع جديدة مقصورة على المدعو/إبراهيم… ووالدته.
كما أقاموا الدعوى رقم (1137) لسنة 94 أمام المحكمة نفسها طالبين الحكم بوقف إجراءات إشهار شهادة التوزيع الصادرة بتاريخ 15/5/1994 المشهرة برقم 787/94 سجل عيني لمخالفتها للشهادة رقم 3468 لسنة 1992 لحين الفصل في الدعوى رقم (116) لسنة 1994.
كما أقام إبراهيم… الدعوى رقم (48) لسنة 1995 أمام محكمة الزقازيق طالبا الحكم ببطلان شهادة التوزيع الصادرة عن الإصلاح الزراعي المشهرة برقم (3468) لسنة 1992 ومحو التسجيلات المؤشرة عليها، وذلك على سند من القول بأنه تقدم بطلب لشراء قطعة أرض من استرداد الإصلاح الزراعي، وتم خفض عامي 63، 64، وقيد طلب الاسترداد برقم (8999/94) وأدرج معه في استمارة البحث والدته، وبعد ذلك تقدم محمد… (شقيقه) بطلب لإدراج اسمه ضمن بحث المدعي هو وزوجته وأولاده القصر، وبعد بحث الطلب تم استبعاد شقيقه وأسرته ووزعت على المدعي ووالدته المساحة المشار إليها، إلا أن الإصلاح الزراعي قام بشهر شهادة التوزيع رقم (8999) بالإيداع المشهر برقم (3468) في 19/12/1992 على المدعي ووالدته وأدخل معه شقيقه وأسرته المستفيدين من قبل، بالمخالفة لقرار اللجنة المختصة بقصر الانتفاع على المدعي ووالدته، فتقدم بشكوى، حيث تم تدارك الخطأ وحررت شهادة توزيع جديدة مقتصرة عليه ووالدته وأرسلت للشهر العقاري لاتخاذ إجراءات شهرها.
…………………………………….
وقد قامت المحكمة المذكورة بندب مكتب خبراء وزارة العدل والذي أورد في تقريره أن السيد/إبراهيم… قد تقدم بطلب لشراء المساحة محل النزاع قيد برقم (8999) لسنة 1962 وأدرج في الطلب بيانات أسرته التي شملت والدته وشقيقه وزوجة شقيقه وأولاد شقيقه القصر…، وورد بالطعن أن الطالب مجند باليمن، وتم بحث الطلب واستبعد الشقيق وأسرته استنادا إلى أن الطالب مجند باليمن ويقتصر البحث على من يعولهم فقط، فاقتصر البحث عليه وعلى والدته، وتسلم المجند ووالدته الأرض، ونفاذا لأحكام القانون رقم (3) لسنة 1986 صدرت شهادة التوزيع الأولى بتاريخ 19/12/1992 والتي أشْهرَت برقم (3468) بتاريخ 19/12/1992 وجاء بها اسم المنتفع ووالدته وأسرة شقيقه، فتظلم المنتفع الأصلي، فانتهى الإصلاح الزراعي إلى استبعاد شقيق المنتفع الأصلي وأسرته، وانحصر البحث على المنتفع الأصلي، وحررت شهادة توزيع جديدة باسمه ووالدته، وطلب إلى الشهر العقاري شهرها، إلا أنه رفض إشهار الشهادة الجديدة لمخالفتها للشهادة المشهرة ولا يجوز تعديلها إلا بحكم قضائي.
وبجلسة 5/2/2001 قضت محكمة الزقازيق بعدم اختصاصها ولائيا بنظر النزاع وإحالته إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي للاختصاص، حيث قيد برقم (59) لسنة 2001، وبجلسة 15/8/2006 أصدرت قرارها بالاعتداد بالشهادة الصادرة برقم (3468) في 19/2/1992 ورفض الشهادة المعدلة لها استنادا إلى أنه بتطبيق أحكام المادة الثالثة من القانون رقم (3) لسنة 1986 وبالنظر إلى الإقرار بالتنازل الصادر عن المنتفع الأصلي إلى أخيه عن المساحة محل البحث من عام 1967، وإقرار أعضاء الإدارة بالقرية المتضمن أن الذي يقوم بالزراعة هو/محمد… فإن الشهادة رقم (3468) الصادرة في 19/2/1992 تكون قد صدرت صحيحة.
…………………………………….
وإذ لم يرتض الطاعن هذا القرار أقام الطعن الماثل ناعيا عليه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله ومخالفة الثابت من الأوراق استنادا إلى أن الاستمارة التي أشهرت بطريق الخطأ قد عدلت من تاريخ استخراجها عام 1963، وألغي ضم شقيقه وأسرته إليها، ومن ثم فلا مجال لنص المادة (3) من القانون رقم (3) لسنة 1986، كما أن ما قدمه شقيقه من أنه لديه حيازة بجزء من الأطيان قد ألغي وتم مجازاة الموظف المسئول الذي قبل توريد مبالغ من أخيه بالمخالفة لتعليمات الإصلاح الزراعي، أما فيما يتعلق بالتنازل المنسوب صدوره للطاعن فهو تنازل عن الانتفاع وليس عن الملكية، فضلا عن أن الملكية ثابتة للإصلاح الزراعي ولا يجوز التنازل عنها من قبل المنتفع.
…………………………………….
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم (3) لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع الزراعية المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي تنص على أن: “الأراضي التي مضى خمس عشرة سنة على الاستيلاء الابتدائي عليها وفقا لأحكام المرسوم بالقانون رقم (178) لسنة 1952 والقانون رقم (127) لسنة 1961 والقانون رقم (15) لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها، والقانون رقم (50) لسنة 1969 بتعيين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد، ولم تقدم عنها اعتراضات أو طعون، أو قدمت عنها ورفضت بصفة انتهائية حتى تاريخ العمل بهذا القانون، تعتبر مستولى عليها نهائيا وفقا لأحكام هذه القوانين، وتتخذ الإجراءات اللازمة لشهر الاستيلاء النهائي عليها والتوزيعات التي تمت بشأنها على صغار الفلاحين بمراعاة أحكام المواد التالية”.
وتنص المادة الثالثة منه على أن: “… وتعتبر التوزيعات التي تمت نهائية إذا لم تكن قد قدمت بشأنها اعتراضات أو طعون أو قدمت ورفضت بصفة نهائية، وتصدر الهيئة العامة للإصلاح الزراعي شهادات توزيع للمنتفع ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع أو إلى الورثة…”.
وحيث إن المستفاد مما تقدم أن المشرع رغبة منه في تصفية الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي قرر اعتبار الأراضي التي مضى على الاستيلاء عليها ابتدائيا خمس عشرة سنة قد تم الاستيلاء عليها نهائيا بشروط وأوضاع محددة، وَعَّول في هذا الصدد على التوزيعات التي تمت واعتبرها نهائية، وأوجب على الهيئة العامة للإصلاح الزراعي إصدار إشهارات توزع على المنتفع ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع، وبذلك يكون المشرع قد عول في تحديد المنتفعين على بحث التوزيع، وعلى نحو لا يجوز معه الاعتداد بأية وسيلة أخرى في هذا الصدد.
ومتى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تقدم للإصلاح الزراعي بالطلب رقم (8999) لعام 63/1964 للحصول على قطعة أرض، وورد بالطلب اسمه واسم والدته وشقيقه وأسرة شقيقه، إلا أن الباحث الاجتماعي قرر استبعاد الشقيق وأسرته، وقصر البحث على الطاعن ووالدته باعتباره من مجندي اليمن، ووزعت عليهما مساحة 16 س 14 ط 1 ف منذ عام 1963، وعلى ذلك تكون استمارة بحث التوزيع قد تضمنت الطاعن ووالدته فقط، وهو ما كان يتعين أخذه في الاعتبار عند تطبيق القانون رقم (3) لسنة 1986 المشار إليه، وإذ حرر الإصلاح الزراعي شهادة توزيع جديدة عام 1991 ورد بها اسم الشقيق وأسرته، فإن هذه الشهادة تكون قد صدرت بالمخالفة لأحكام القانون، ويتعين القضاء بإلغائها بما يترتب على ذلك من آثار، يؤيد ذلك أنه بعد تضرر الطاعن للهيئة العامة للإصلاح الزراعي تداركت الأمر وأصدرت شهادة توزيع جديدة على وفق الوضع الصحيح، إلا أن الشهر العقاري رفض شهرها لتضمنها تعديل شهادة توزيع سبق شهرها، وهو ما لا يجوز إلا بتنفيذ حكم قضائي.
وحيث إنه متى كان ذلك، وإذ انتهت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في قرارها المطعون فيه إلى غير ما تقدم، فإن قرارها يكون قد وقع مخالفا لأحكام القانون، ويتعين القضاء بإلغائه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ولا ينال من ذلك الإقرار المقدم من الطاعن المتضمن تنازله إلى أخيه وأولاده؛ بحسبان أن عبارات هذا التنازل ليست قاطعة في التنازل عن كل أو بعض المساحة المنتفع بها، فضلا عن صدور حكم محكمة الزقازيق الكلية في الدعوى رقم (1586) لسنة 1978 بعدم اتباع التنازل المشار إليه أثرا في نقل الملكية أو الانتفاع بالأرض للمتنازل إليه لاستحالة ذلك، كما لا يُعْتَدُّ بوضع يد المطعون ضده السادس على جزء من الأرض محل النزاع وقيامه بسداد بعض متطلباتها إلى الجهات المختصة، مادام أنه يضع يده كمستأجر للأرض وليس مالكها.
وحيث إنه متى كان ذلك فإن قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي المطعون فيه يكون قد صدر مخالفا لأحكام القانون حريا بالإلغاء، والقضاء بمحو المشهر رقم (3468) في 19/12/1992، واعتماد وإشهار شهادة التوزيع باسم الطاعن ووالدته، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات؛ إعمالا لحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، ومحو الشهر رقم (3468) الصادر في 19/12/1992 واعتماد وإشهار شهادة التوزيع باسم الطاعن ووالدته، بما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم من السادس حتى الأخير المصروفات.