جلسـة 18 من مارس سنة 2012
الطعـن رقـم 5025 لسنة 50 القضائية (عليـا)
(الدائرة السابعة)
– تأديب- جزاءات تأديبية- محو الجزاء- يشترط لمحو الجزاء أن يمضي العامل في خدمة الجهة الإدارية المدة المقررة لمحو الجزاء بعد توقيعه عليه، وأن تقدر لجنة شئون العاملين أن سلوكه وعمله منذ توقيع الجزاء مُرْضٍ –انتهاء العلاقة بين الموظف والجهة الإدارية قبل مضي تلك المدة، يخرج أمر محو الجزاء عن سلطان هذه الجهة إلى الجهة التي أعيد تعيين العامل أو نُقِلَ إليها.
– المادة رقم (92) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة (الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978).
في 17/2/2004 أقام وكيل الطاعن الطعن الماثل بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة مقررا الطعن على حكم محكمة القضاء الإداري بطنطا الصادر بجلسة 22/12/2003 في الدعوى رقم 1920 لسنة 10ق، الذي انتهى إلى قبول الدعوى شكلا، وإلغاء القرار السلبي المطعون فيه بالامتناع عن محو الجزاء الموقع على المدعي بموجب القرار رقم 303 لسنة 1999، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وللأسباب الواردة بتقرير الطعن طلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وانتهت هيئة مفوضي الدولة في تقريرها إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض دعوى المطعون ضده رقم 1920 لسنة 10ق، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتدوول الطعن أمام دوائر فحص الطعون وأمام هذه المحكمة وعلى النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
وحيث إن واقعات الحكم المطعون فيه تخلص -حسبما يظهر من الأوراق- في أن المطعون ضده قد أقام الدعوى رقم 2034 لسنة 29 أمام المحكمة الإدارية بطنطا بطلب الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن محو آثار الجزاء الموقع عليه بالقرار رقم 303 لسنة 1999 بتاريخ 8/9/1999 بخصم ثلاثة أيام من راتبه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المدعى عليه المصروفات والأتعاب، وذلك على سند من القول بأنه صدر القرار رقم 303 لسنة 1999 في 8/9/1999 بمجازاته بخصم ثلاثة أيام، وانتهت مدة عمله كطبيب مقيم في 12/9/1999، ولتأثير ذلك القرار في مستقبله؛ تقدم بطلب إلى عميد كلية طب طنطا لمحو هذا الجزاء طبقا للقانون، إلا أنه لم يصدر أي قرار بمحو هذا الجزاء دون سند أو مبرر قانوني، فتقدم طلب إلى لجان التوفيق طبقا للقانون رقم 7 لسنة 2000 بطلب محو الجزاء للأسباب الآتية:
(أولا) أن المادة 157 من قانون تنظيم الجامعات تقضي بتطبيق أحكام قانون نظام العاملين المدنيين في الدولة على العاملين في الجامعات الخاضعة لهذا القانون من غير أعضاء هيئة التدريس، وذلك فيما لم يرد في شأنه نص خاص بهم في القوانين واللوائح الجامعية، ولما كانت وظيفة طبيب مقيم (وهي وظيفة مؤقتة) لم يرد بشأنها أحكام في قانون تنظيم الجامعات، فمن ثم تخضع لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين في الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، التي تنص المادة 92 منه في فقرتها الأولى على أن: “تمحى الجزاءات التأديبية التي توقع على العامل بانقضاء ستة أشهر في حالة التنبيه واللوم والإنذار والخصم من الأجر مدة لا تجاوز خمسة أيام”. ولما كان الجزاء الذي وقع على الطالب كان بتاريخ 8/9/1999، فإن مدة ستة الأشهر اللازمة لمحو هذا الجزاء تكون قد انقضت، فيكون من حقه طلب محو هذا الجزاء ورفع أوراقه من ملف خدمته بنص القانون، حيث نصت المادة (92) في فقرتها الثانية على أنه: “يترتب على محو الجزاء اعتباره كأن لم يكن بالنسبة للمستقبل، ولا يؤثر على الحقوق والتعويضات التي ترتبت نتيجة له، وترفع أوراق الجزاء وكل إشارة إليه وما يتعلق به من ملف خدمة العامل”، ومن ذلك يتضح أن الطالب يرغب في رفع أوراق هذا الجزاء من ملف خدمته حتى لا يؤثر هذا الجزاء عليه سلبا في حالة طلب الجهة التي يعين بها لهذا الملف.
(ثانيا) صدر الكتاب الدوري عن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 3 لسنة 1976 الذي تضمن إلزام وحدات الجهاز الإداري للدولة ووحدات القطاع العام تخصيص ملف فرعي لإيداع أوراق العقوبة بعد محوها، بحيث تودع في هذا الملف جميع الأوراق المتعلقة بالتحقيق والعقوبة بعد التأشير بقرار لجنة شئون العاملين بالموافقة على محو الجزاء في الخانة المخصصة بالاستمارة 133 ع.ح، على أن يراعى عدم التصريح لأحد بالاطلاع على هذا الملف وعدم نقله مع العاملين عند نقلهم إلى جهات عمل أخرى، والطالب يرغب لدى تعيينه في أية جهة في ضم ملف خدمته خاليا من هذا الجزاء طبقا للقانون.
(ثالثا) كان يجب على إدارة شئون العاملين دون حاجة لأي طلب من الطالب أن تتخذ إجراءات محو الجزاء مادام قد مرت ستة أشهر، وذلك طبقا للمادة 63 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام العاملين المدنيين في الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، والكتاب الدوري الصادر عن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 11 لسنة 1978.
(رابعا) أن الطالب كان يؤدي عمله بكل اجتهاد وإتقان طوال فترة الامتياز وطوال فترة عمله كطبيب مقيم، كما حصل على ماجستير الأنف والأذن والحنجرة من كلية طب طنطا دور أكتوبر 1999 بتقدير جيد جدا، هذا فضلا عن أن مدة الستة الأشهر اللازمة لمحو الجزاء قد انقضت من فترة طويلة، كما أنه لا إلزام على الطالب أن يقدم طلبا لمحو الجزاء؛ لأن محو الجزاء من صميم عمل شئون العاملين دون التقدم بأي طلب، ورغم ذلك تقدم الطالب بطلب لمحو هذا الجزاء، فضلا عن تكرار انعقاد لجنة شئون العاملين بالجامعة دون استصدار موافقة عن اللجنة لمحو الجزاء الموقع على الطالب، وهو ما يعد امتناعا سلبيا عن تنفيذ نص المادة 92 والمادة 63 المشار إليهما دون سبب أو مبرر، لاسيما أن الطالب قد انتهت مدة عمله كطبيب مقيم بالمستشفى الجامعي بطنطا في 12/9/1999 بعد مدة قضاها في أداء عمله على خير قيام بكل دقة وأمانة.
وقد قيد طلب المدعي أمام لجان التوفيق برقم 140 لسنة 2001، وأصدرت اللجنة بجلسة 16/9/2001 توصيتها بعدم قبول الطلب، وهذه التوصية لم تلق قبولا لدى المدعي، مما حداه على إقامة هذه الدعوى لمخالفتها لأحكام الواقع والقانون.
– وقد تمت إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري وقيدت برقم 1920 لسنة 10ق، وبجلسة 22/12/2003 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها المطعون فيه، وأقامته على توفر شروط محو الجزاء في حقه وانتهت إلى حكمها المطعون فيه.
– ويقوم الطعن على أن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك أن المطعون ضده لم يمض في خدمة الجهة الإدارية مدة الستة أشهر اللازمة لمحو الجزاء الموقع عليه، وانتهى تقرير الطعن إلى الطلبات المبينة سالفا.
– وحيث إن المادة (92) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن: “تمحى الجزاءات التأديبية التي توقع على العامل بانقضاء الفترات الآتية: 1- ستة أشهر في حالة التنبيه واللوم والإنذار والخصم من الأجر لمدة لا تتجاوز خمسة أيام، ويتم المحو في هذه الحالات بقرار من لجنة شئون العاملين بالنسبة لغير شاغلي الوظائف العليا إذا تبين لها أن سلوك العامل وعمله منذ توقيع الجزاء مُرضٍ وذلك من واقع تقاريره السرية”.
وحيث إن مناط تطبيق هذا النص أن يكون العامل قد أمضى في خدمة الجهة الإدارية المدة المقررة لمحو الجزاء بعد توقيعه عليه، وأن تقدر لجنة شئون العاملين أن سلوكَ العامل وعمله منذ توقيع الجزاء مُرْضٍ، فإذا لم يُمْضِ العاملُ هذه المدة لدى الجهة الإدارية أصبح مستحيلا الحكم على سلوكه لإمكان محو الجزاء، وينتقل الاختصاص بمحو الجزاء إلى الجهة التي تم إعادة تعيين العامل أو نقله إليها، ويخرج الأمر عن سلطان الجهة الإدارية التي وقعت عليه الجزاء ولم يُمْضِ بها المدة المقررة لإمكان محو هذا الجزاء.
وبتطبيق هذا الفهم على واقعات الحكم المطعون فيه، فإن الثابت أنه تم توقيع الجزاء على المطعون ضده بخصم ثلاثة أيام من راتبه بالقرار رقم 303 لسنة 1999 في 8/9/1999، إلا أن خدمته قد انتهت لدى الجهة الإدارية كطبيب مقيم (وهي وظيفة مؤقتة على وفق ما ورد في مذكرات المطعون ضده أمام محكمة القضاء الإداري) في 12/9/1999 أي بعد أربعة أيام من صدور قرار توقيع الجزاء عليه، ومن ثم فلا يمكن للجهة الإدارية أن تلتزم بمحو الجزاء الموقع عليه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر واجب الإلغاء.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى رقم 1920 لسنة 10ق، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.