جلسة 18 من مارس سنة 2012
الطعـن رقـم 9982 لسنة 49 القضائية (عليـا)
(الدائرة السابعة)
– ميعاد سقوط الحق- حق الإدارة في الرجوع على الموظف بما تحملته من أضرار، نتيجة إخلاله بالتزاماته الوظيفية أساسه مسئوليته المدنية التي مصدرها القانون، ومن ثم تخضع لقواعد التقادم المقررة في المادة (374) من القانون المدني- لا يجوز تطبيق قواعد التقادم الثلاثي المقررة في المادة (172) من القانون المدني في علاقة الدولة بالعاملين بها؛ لأن التقادم الثلاثي هو تقادم استثنائي خاص بدعوى التعويض عن الضرر الناشئ عن العمل غير المشروع، في حين أن علاقة الدولة بالعاملين فيها هي رابطة قانونية تحكمها القوانين واللوائح المعمول بها في هذا الشأن، وواجباتهم تضبطها قواعد أساسية تقوم على وجوب أداء العمل المنوط بهم بعناية الشخص الحريص وبدقة([1]).
– المادتان رقما (172) و (374) من القانون المدني.
– عاملون به- العلاقة بين العاملين بالقطاع العام وشركاته هي علاقة تعاقدية، والدعاوى المتعلقة بالمسئولية الناتجة عن تلك العلاقة لا تسقط إلا بالتقادم الطويل.
بتاريخ 9/6/2003 أودع الحاضر عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية بالمنوفية في الطعن رقم 226 لسنة 1ق بجلسة 14/4/2003، الذي قضى بإلغاء القرار رقم 2 لسنة 2001 فيما تضمنه من تحميل الطاعن (المطعون ضده) مبلغ (50402.99) جنيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وتدوول الطعن بجلسات المرافعة أمام دائرة الفحص وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 26/3/2007 حضر المطعون ضده وطلب حجز الطعن للحكم، وبجلسة 23/4/2007 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا، وتدوول الطعن بجلسات المرافعة أمام تلك الدائرة على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 25/12/2011 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات في أسبوعين، وخلال هذا الأجل قدم الحاضر عن البنك الطاعن مذكرة بدفاعه، طلب في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الطعن رقم 226 لسنة 1ق، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطاعن بصفته يطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر عن المحكمة التأديبية بالمنوفية، والقضاء برفض الطعن رقم 226 لسنة 1ق، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده كان قد أقام بتاريخ 18/2/2002 الطعن رقم 226 لسنة 1ق أمام المحكمة التأديبية بالمنوفية، طالبا الحكم بإلغاء قرار التحميل المؤرخ في 27/8/2001 فيما تضمنه من تحميله مبلغ (50402.99) جنيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المطعون ضده شرحا لذلك إنه يعمل بوظيفة (رئيس حسابات ببنك التنمية والائتمان الزراعي بالمنوفية)، وبتاريخ 27/8/2001 صدر القرار رقم 2 لسنة 2001 متضمنا تحميله مبلغ (50402.99) جنيها على سند من القول بأن هذه المبالغ تمثل أرصدة القروض التي تم صرفها بمعرفته وآخرين بالمخالفة للتعليمات ومقدارها (23358.63) جنيها، وبالنسبة للقروض التي تم جدولتها والتي بلغت (128790.36) جنيها يتم تحميل المسئولين بها حال توقف العملاء عن سدادها واتخاذ جميع الإجراءات القانونية قبل العملاء والضامنين.
ونعى المطعون ضده على القرار المذكور قيامه على غير سببه الصحيح من الواقع والقانون.
……………………………………..
وبجلسة 14/4/2003 حكمت المحكمة المذكورة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 2 لسنة 2001 فيما تضمنه من تحميل الطاعن (المطعون ضده) مبلغ (50402.99) جنيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن الطاعن (المطعون ضده) سبق أن تمت مجازاته بالقرار رقم 37 بتاريخ 23/6/1997 عن المخالفات نفسها الصادر استنادا إليها قرار تحميله المطعون فيه، ومن ثم يكون البنك المطعون ضده (الطاعن) قد علم بالضرر الواقع عليه وبالشخص المسئول عنه، وإذ صدر القرار المطعون فيه بتاريخ 27/8/2001، فإنه يكون قد صدر بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على العلم بالضرر وبالشخص المسئول عنه، ومن ثم يكون حق البنك في إصدار القرار المطعون فيه (رقم 2 لسنة 2001) قد سقط بالتقادم بحكم المادة (172) من القانون المدني، فيتعين القضاء بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تحميل الطاعن (المطعون ضده) مبلغ (50402.99) جنيها، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
……………………………………..
ولم يرتض البنك الطاعن هذا الحكم فأقام عنه الطعن الماثل تأسيسا على أنه أخطأ في تطبيق حكم القانون وتأويله على سند من أن حكم المادة (172) من القانون المدني خاص بتقادم المطالبة القضائية بالتعويض عن الضرر نتيجة الخطأ (العمل غير المشروع)، أما قرارات التحميل فرغم أنها نوع من التعويض عن الضرر الذي يلحق بجهة الإدارة، إلا أنها تخرج عن نظام حكم المادة (172)، ومن ثم لا تخضع للتقادم المقرر في هذه المادة.
……………………………………..
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة (172) من القانون المدني هو تقادم استثنائي خاص بدعوى التعويض عن الضرر الناشئ عن العمل غير المشروع، في حين أن علاقة الدولة بالعاملين فيها رابطة قانونية تحكمها القوانين واللوائح المعمول بها في هذا الشأن، وواجباتهم تضبطها قواعد أساسية تقوم على وجوب أداء العمل المنوط بهم بعناية الشخص الحريص وبدقة، ويترتب على إخلالهم بتلك الالتزامات وإضرارهم بالدولة مسئوليتهم عن تعويضها، وهى مسئولية مدنية مصدرها القانون، وتخضع لقواعد التقادم العادي المنصوص عليه في المادة (374) من القانون المدني.
كما جرى قضاؤها على أن العلاقة بين العاملين بالقطاع العام وشركاته هي علاقة تعاقدية، والدعاوى المتعلقة بتلك المسئولية لا تسقط إلا بالتقادم الطويل.
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد انتهى إلى غير ذلك، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، ويتعين الحكم بإلغائه، وإعادة الطعن رقم 226 لسنة 1 ق إلى المحكمة التأديبية بالمنوفية للفصل فيه بهيئة مغايرة.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وأمرت بإعادة الطعن رقم 226 لسنة 1ق إلى المحكمة التأديبية بالمنوفية للفصل فيه بهيئة مغايرة.
([1]) قارن بما سبق وأن انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4424 لسنة 39 القضائية (عليا) بجلسة 29/8/1998 (منشور بمجموعة السنة 43/2 مكتب فني، المبدأ رقم 177 ص 1629)، حيث انتهت إلى أن دعوى التعويض عن العمل غير المشروع تتقادم بمضي ثلاث سنوات، تبدأ من اليوم الذي علم فيه المضرور بوقوع الضرر وبالمسئول عنه، ويصدق هذا على طلبات التحميل الموجهة ضد عامل بالقطاع العام.