جلسة 24 من نوفمبر سنة 2010
الطعنان رقما 11140 و 12680 لسنة 54 القضائية عليا
(الدائرة السادسة)
ترخيص منشأة طبية – استهدف المشرع ضمان سلامة المرضى والحرص على ألا تشكل مزاولة تلك المنشآت لنشاطها في مجال علاج المرضى خطرا عليهم أو تهديدا لسلامتهم– لا يجوز الترخيص لمنشأة طبية بمزاولة نشاطها في علاج المرضى في عقار تم بناؤه بغير ترخيص، أو في عقار أُجرِيَت به تعديلات لم يتم الترخيص بها طبقا للقانون المنظم لأعمال البناء.
– المواد (4) و (11) و (12) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته (الملغى لاحقا عدا المادة 13 مكررا منه بموجب القانون رقم 119 لسنة 2008).
-المواد (1) و (2) و (7) و (11) من القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية.
-في يوم الأربعاء الموافق 12/3/2008 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين فى الطعن الأول قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 11140 لسنة 54 ق عليا فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الادارى بالإسكندرية بجلسة 28/2/2008 فى الدعوى رقم 5415 لسنة 58 ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وطلب الطاعنان فى الطعن المذكور ولما أورداه بتقرير طعنهما تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا حتى يفصل فى موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا:
(أصليا) بعدم قبول الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها شكلا لرفعها بعد الميعاد.
و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى المطعون فى الحكم الصادر فيها لرفعها من غير ذي صفة.
و(من باب الاحتياط الكلي) برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات.
-وتخلص وقائع الطعن الثاني (رقم 12680 لسنة 54 ق ع) فى أن الطاعن كان قد أقامه يوم الإثنين الموافق 24/3/2010 بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا قيدت بجدولها العام برقم 12680 لسنة 54 ق فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري سالفة الذكر فى الدعوى المشار إليها بجلسة 28/2/2008، وطلب الطاعن فى هذا الطعن بصفته الممثل القانوني لمستشفى … الخيرية بالإسكندرية –الكائنة بالعقارين رقم 4 ، 6 شارع السيد رضوان من شارع خليل حمادة– سيدي بشر بحري قسم المنتزه– تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مؤقتة حتى يفصل فى موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا (أصليا) بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد، و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، و(من باب الاحتياط الكلي) برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات .
-وتم إعلان تقريري الطعنين إلى المطعون ضدهم فى كل منهما.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده الأول فى الطعنين المصروفات.
وتدوول نظر الطعنين أمام الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة، حيث تبادل جميع الأطراف فيهما المذكرات والمستندات وذلك حسبما هو ثابت بمحاضر الجلسات، ثم قررت هذه الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة الأولى (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا وذلك بجلسات المرافعات حسبما هو ثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت تلك الدائرة إحالتهما إلى الدائرة السادسة عليا موضوع للاختصاص، حيث تم نظرهما بجلسات المرافعة حتى قررت إصدار الحكم فيهما بجلسة 7/7/2010، وبها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 21/9/2010 لاستمرار المداولة، ثم لجلسة 24/11/2010 لاستكمال المداولة، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا .
وحيث إن الطاعنين فى الطعنين يطلبون الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا:
أصليا– بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد.
واحتياطيا– بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة.
ومن باب الاحتياط الكلي– برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده الأول فى الطعنين المصروفات .
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية فمن ثم يكونان مقبولين شكلا .
ومن حيث إنه عن موضوع الطعنين فإن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– فى أن المطعون ضده الأول فى الطعنين (عماد …) كان قد أقام بتاريخ 28/2/2004 الدعوى رقم 5415 لسنة 58 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، وطلب في عريضتها الحكم بقبولها شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء الرخصة الصادرة لتشغيل مستشفى … الخيري بالإسكندرية الكائنة بالعقارين المتلاصقين رقمي 4 و 6 شارع السيد رضوان (برج الرضوان) المتفرع من شارع خليل حمادة أمام مستشفى شرق المدينة بسيدي بشر بحري– قسم المنتزه، والتي يمثلها السيد الدكتور/ جرجس … مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهما المصروفات.
وذكر المدعى شرحا لدعواه أنه يستأجر الشقة رقم 12 بالدور الثالث العلوى بالعقار رقم 4 سالف الذكر منذ عام 1990، وأن المدعى عليه الثالث السيد الدكتور/ جرجس … يستأجر عددا من الشقق بالعقار رقم 6 بالعنوان سالف الذكر، والذي يجاور ويلاصق العقار رقم 4 سالف الذكر، ويستغلها كمستشفى خيري باسم مستشفى … الخيري بالإسكندرية، ثم قام المدعى عليه المذكور بشراء عدد من الشقق الكائنة بالعقار رقم 4 الملاصقة لشقق المستشفى الكائنة بالعقار رقم 6، ثم أزال الحوائط التي تفصل هذه الشقق في العقارين، واستغلهما فى ذات النشاط بعد حصوله على ترخيص منشأة طبية بتاريخ 22/10/2003، ولما كان ما قام به الممثل القانوني لذلك المستشفى من تعديل الحوائط وفتح الشقق على بعضها قد تم دون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بحي المنتزه بالمخالفة للمواد 1و 4و 15 و 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته، ورغم ذلك منحته الجهة الإدارية المدعى عليها ترخيصا للمنشأة الطبية سالفة الذكر، مما حداه على التظلم من هذا القرار إلى تلك الجهة وذلك لسحب أو وقف أو إلغاء هذا الترخيص، ولكن نظرا لعدم ردها على هذا التظلم فقد بادر بإقامة تلك الدعوى وذلك لوقف تنفيذ وإلغاء قرار ترخيص تلك المنشأة وذلك للأسباب التي أوردها بعريضة الدعوى سالفة الذكر .
ثم قررت محكمة القضاء الإدارى سالفة الذكر إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فى الدعوى ارتأت فيه الحكم بقبولها شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات .
………………………………………………………………………
وبجلسة 28/2/2008 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها الذي قضى بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها بقبول الدعوى شكلا لرفعها فى الميعاد على أساس أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد علم المدعي بتاريخ صدور ترخيص المستشفى المطعون فيه، مما يتعين معه القضاء بقبول الدعوى شكلا لرفعها فى الميعاد.
وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لإلغاء قرار الجهة الإدارية بالترخيص بمنشأة طبية للمستشفى سالف الذكر على أساس أن الممثل القانوني لتلك المنشأة وهو السيد الدكتور/ جرجس … قد قام بفتح الشقق التي يملكها المستشفى بالعقار رقم 6 الكائن بالعنوان سالف الذكر على الشقق الملاصقة لها بالعقار رقم 4 الكائن بذات العنوان، والذي يقيم المدعي بالشقة رقم 12 بالدور الثالث علوي به، وذلك بغير الحصول على ترخيص بتلك الأعمال والتعديل بالمخالفة للمواد 1 و 4 و 15 و 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته، الأمر الذي ما كان يجوز معه للجهة الإدارية المختصة بشأن منح تراخيص المنشآت الطبية أن تمنحه ترخيصا بتشغيل ذلك المستشفى، مما يجعل قرارها الصادر فى هذا الشأن مخالفا للقانون خليقا بالإلغاء مع إلزام تلك الجهة الإدارية المصروفات .
………………………………………………………………………
ونظرا إلى أن هذا القضاء لم يلقَ قبولا من الجهة الإدارية ولا من جانب الممثل القانوني للمستشفى المذكور فقد طعنت عليه الجهة الإدارية بالطعن رقم 11140 لسنة 54ق.ع، وطعن عليه الممثل القانوني لذلك المستشفى بالطعن رقم 12680 لسنة 54ق.ع، وطلب الطاعنون فى كل من هذين الطعنين الحكم بقبولهما شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا (أصليا) بعدم قبول الدعوى المطعون فى الحكم الصادر فيها شكلا لرفعها بعد مضي أكثر من ستين يوما من تاريخ صدور الترخيص المطعون فيه، والذي تحقق علمه اليقيني به من تاريخ صدوره فى 22/10/2003 لوجود نسخة من هذا الترخيص فى كل مكان بالمستشفى، و(احتياطيا) بعدم قبول تلك الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ومن غير ذي مصلحة حسبما ثبت ذلك من تقرير الخبير المودع فى الدعوى الذي انتدبته المحكمة، والذي انتهى فى تقريره إلى أن أعمال التوسعات التي قام بها ممثل ذلك المستشفى لم تخرج عن سد بعض الأبواب أو إزالة بعض الحوائط الفاصلة بين غرف المستشفى الكائنة بالعقار رقم 6 بمثيلاتها فى العقار رقم 4 المجاور والملاصق له، وبالتالي لم يمس المدعي أي ضرر من تلك الأعمال، مما يجعل طلب المدعى فى تلك الدعوى إلغاء ترخيص تلك المنشآت الطبية غير قائم على مصلحة أو صفة تبرر لـــه طلب هذا الإلغاء، و(من باب الاحتياط الكلي) رفض الدعوى وإلزام المطعون ضده الأول فى الطعنين المصروفات.
………………………………………………………………………
-ومن حيث إنه عن السبب الأول للطعنين والذي يقوم على الدفع بعدم قبول الدعوى المطعون فى الحكم الصادر فيها شكلا لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر برقم 47 لسنة 1972 فإن هذه المادة تنص على أن: “ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات الدورية التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن “.
ومن حيث إن أحكام المحكمة الإدارية العليا مستقرة فى ضوء المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أن المشرع قد حدد ميعادا لرفع الدعوى بطلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه، بحيث يتعين على صاحب الشأن مراعاة هذا الميعاد، فإذا انقضى هذا الميعاد بسبب تقصيره أو إهماله دون أن يقيم دعواه أصبح القرار حصينا ضد الإلغاء وغير قابل للطعن عليه؛ وذلك لفوات الميعاد الذي حددته المادة 24 من قانون مجلس الدولة.
كما جرى قضاء تلك المحكمة على أن علم صاحب الشأن بالقرار المطعون فيه يقوم مقام الإعلان والنشر، وأن هذا العلم يجب أن يكون علما يقينيا لا ظنيا، وأن يكون علما شاملا.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن ممثل المستشفى المشار إليه قد قام بفتح الشقق المملوكة لها بالعقارين سالفي الذكر، وذلك دون الحصول على ترخيص بتلك التعديلات من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، ورغم ذلك حصل المستشفى بتاريخ 22/10/2003 على ترخيص بتشغيل المستشفى بعد عمليات التوسع والتعديلات التي أجريت على المباني التي يتكون منها هذا المستشفى، ولم يكن المطعون ضده يعلم بعدم حصول ذلك المستشفى على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فى إجراء تلك التعديلات، كما أنه فوجئ بحصول ذلك المستشفى على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بالمنشآت الطبية، ولم يعلم ويتأكد علمه بصدور هذا الترخيص فى تاريخ سابق على تاريخ إقامته للدعوى لوقف تنفيذ وإلغاء هذا الترخيص بممارسة هذا النشاط الصحي والطبي والعلاجي، ولم يقدم الطاعنون بصفاتهم ما يؤكد تحقق العلم اليقيني لدى المطعون ضده (المدعي) بصدور هذا الترخيص خلال الستين يوما التالية لتاريخ صدور هذا الترخيص، وبالتالي وإذ أقام دعواه بتاريخ 28/2/2004 فإن دعواه تكون قد أقيمت فى الميعاد القانوني المقرر لإقامة تلك الدعوى المنصوص عليه فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، ومن ثم يكون الدفع سالف الذكر فى غير محله خليقا بالرفض، ويتعين الحكم بقبول تلك الدعوى شكلا لرفعها فى الميعاد، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ويتعين الحكم برفض هذا السبب للطعن على هذا القضاء.
-ومن حيث إنه عن السبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه الذي يقوم على أساس عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ومصلحة فإن المادة 3 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 والمادة (12) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تشترطان فى رافع الدعوى أن تكون له مصلحة قانونية وصفة فى الدعوى تؤهله قانونا لإقامتها، وأن تكون تلك المصلحة قانونية ومشروعة، مسَّها القرار المطعون فيه بالضرر، فإذا انتفت هذه الصفة أو تلك المصلحة تعين الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة أو مصلحة.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على الطعنين الماثلين ولما كان السيد/ عماد … (المطعون ضده) مقيما منذ عام 1990 فى الشقة رقم 12 بالدور الثالث بالعقار رقم 4 الملاصق للعقار رقم 6 الكائنين بشارع السيد رضوان (برج الرضوان) المتفرع من شارع خليل حمادة أمام مستشفى شرق المدينة إقامة دائمة ومستمرة، وكان العقاران مخصصين للسكنى وفقا للترخيص الصادر عن الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، إلا أن المستشفى الطاعن قام عام 1996 بتغيير الغرض المخصصة له الوحدات التي يملكها ذلك المستشفى فى العقار رقم 6 الكائن بالعنوان سالف الذكر، وذلك بدون الحصول على ترخيص فى استخدام تلك الشقق كمشروع طبي من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، ولم يقف المستشفى المذكور عند ذلك، بل قام بشراء الشقق المجاورة للشقق التي يملكها الكائنة بالعقار رقم 6 سالف الذكر، ثم قام بفتح الشقق المملوكة له بالعقارين على بعضها، واستخدمها فى نشاط صحي وطبي دون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، وكان من مصلحة المطعون ضده أن يبقى العقاران المتجاوران مخصصين لغرض السكنى تنفيذا لترخيص البناء الصادر للعقارين الصادر عن الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم؛ وذلك لأن مرافق العقارين كانت قد تم تنفيذها على أساس أن العمارتين سالفتي الذكر مخصصتان لغرض السكنى وليس لنشاط آخر مغاير، بما يترتب على ذلك من إشغال الشارع الذي يطل عليه هذان العقاران، فضلا عن ذلك فإن هدم الحوائط بهاتين العمارتين قد يؤثر سلبا في الهيكل الإنشائى والمعمارى لهاتين العمارتين مما يجعلهما غير آمنتين على أرواح السكان القاطنين فيهما، ومنهم المطعون ضده الأول؛ الأمر الذي يجعل للمطعون ضده الصفة والمصلحة فى إقامة الدعوى المطعون فى الحكم الصادر فيها لوقف تنفيذ وإلغاء قرار مديرية الشئون الصحية بالإسكندرية الصادر برقم 124 لسنة 2003 بالترخيص بتشغيل ذلك المستشفى والقيام بنشاطه قبل حصول ذلك المستشفى على ترخيص بإجراء تلك التعديلات البنائية التي أجراها فى العمارتين، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدفع سالف الذكر، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد صدر مطابقا للقانون، ويضحى الطعن فى هذا الحكم استنادا إلى هذا الدفع غير قائم على سند من القانون خليقا بالرفض.
-ومن حيث إنه عن السبب الثالث للطعن فى الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار رقم 124 لسنة 2003 الصادر عن مديرية الشئون الصحية بالإسكندرية بالترخيص للمستشفى الطاعن بممارسة نشاط ذلك المستشفى الصحي والطبي والعلاجي بالوحدات التي كانت مخصصة للسكن وفقا لترخيصي البناء الصادرين للعقارين سالفي الذكر، فإن المادة (1) من القانون رقم 51 لسنة 1981 بتنظيم المنشآت الطبية – قبل تعديله بالقانون رقم 153 لسنة 2004– كانت تنص على أنه: “فى تطبيق أحكام هذا القانون تعتبر منشأة طبية كل مكان أعد للكشف على المرضى أو علاجهم أو تمريضهم أو إقامة الناقهين وتشمل ما يأتي:
أ – … ب – ….
ج – المستشفى الخاص، وهو كل منشأة أعدت لاستقبال المرضى والكشف عليهم وعلاجهم ويوجد به أكثر من خمسة أسرة ….”.
وتنص المادة (2) من ذات القانون على أنه: “لا يجوز لمنشأة طبية مزاولة نشاطها إلا بترخيص من المحافظ المختص…”.
وتنص المادة (7) من القانون ذاته على أنه: “يجب أن تتوافر في المنشأة الطبية الاشتراطات الصحية والطبية التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الدولة للصحة…”.
وتنص المادة (11) من القانون سالف الذكر على أنه: “يجب التفتيش على المنشأة الطبية مرة على الأقل سنويا للتثبت من توافر الاشتراطات المقررة فى هذا القانون والقرارات المنفذة له… وفى حالة المخالفة الجسيمة يجوز للمحافظ المختص بناء على عرض من السلطة الصحية المختصة أن يأمر بإغلاق المنشأة إداريا”.
ومن حيث إن مقتضى نص المادة (27) من قانون تنظيم الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 معدلا بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981 و 145 لسنة 1988 أن يتولى المحافظ بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل فى اختصاص وحدات الإدارة المحلية على وفق أحكام هذا القانون جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح، ويكون المحافظ فى دائرة اختصاصه رئيسا لجميع الأجهزة والمرافق المحلية، كما حددت المادة (7) من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 ما تتولاه المحافظة وما تباشره الوحدات المحلية فى دائرة اختصاصها فيما يتعلق بشئون الإسكان والصحة والشئون العمرانية والمرافق البلدية، ومن بينها تطبيق القوانين والأحكام واللوائح المتعلقة بالشئون الصحية وأعمال التنظيم وتقسيم الأراضي والمباني وخاصة فيما يتعلق بمطابقة المباني للمواصفات والاشتراطات اللازمة وإصدار التراخيص بذلك، وتطبيق وتنفيذ القوانين واللوائح المتعلقة بتراخيص المنشآت الطبية المنصوص عليها فى المواد 1 و 2 و 11 من القانون رقم 51 لسنة 1981، وكذلك تراخيص الملاهي والمحال العامة والمحلات الصناعية والتجارية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة والباعة الجائلين .
ومن حيث إنه يبين من مطالعة أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته ولائحته التنفيذية أن المشرع في المادة (4) منه حظر القيام بأي نوع من أنواع البناء مهما كانت مادته أو تعديل تلك المباني أو هدمها أو تدعيمها إلا بعد الحصول على ترخيص فى ذلك من السلطة المختصة بشئون التنظيم، كما أوجب المشرع فى المادة (11) من هذا القانون تنظيم البناء أو الأعمال على وفق الأصول الفنية والمعمارية والهندسية وطبقا للرسومات والبيانات والمستندات التي منح الترخيص على أساسها، كما أوجب المشرع فى المادة 12 من هذا القانون عند الشروع فى البناء أو التعلية أو الاستكمال أن توضع فى مكان ظاهر من موقع البناء لافتة تبين فيها البيانات المتعلقة بالمبنى ومنها رقم الترخيص ونوع المبنى ومستوى البناء، وأوجبت المادة (53) من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه الصادرة بقرار وزير الإسكان رقم 237 لسنة 1977 معدلة بقرار وزير الإسكان رقم 78 لسنة 1993 أن يقدم طلب الترخيص فى إدخال التعديلات أو التغيير الجوهري فى الرسومات المعتمدة الذي يمس الناحية المعمارية أو الإنشائية أو يؤثر فى جوهر التصميم أو يغير من أوجه الاستعمال مُوقَّعا عليه من الطالب ومرفقا به رسم من ثلاث صور بتفاصيل الأجزاء المطلوب تعديلها، أما التعديلات البسيطة التي تقتضيها ظروف التنفيذ مثل انحراف مواضع الفتحات واختلاف أبعاد بعض مرافق البناء وأماكن الحوائط فيكتفى فى شأنها بتقديم أصول للرسومات المعدلة والمقررة إلى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم لإثبات التعديل عليها.
(يراجع فى هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 28/4/2010 فى الطعن رقم 18429 لسنة 53 قضائية عليا)
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن المشرع بعد أن حدد ماهية المنشآت الطبية التي تسرى عليها أحكام القانون رقم 51 لسنة 1981 فى شأن المنشآت الطبية سالف الإشارة إليه أوجب الحصول على ترخيص قبل مزاولة تلك المنشآت لنشاطها فى مجال علاج المرضى، وذلك بعد التأكد من توافر كافة الاشتراطات الصحية والطبية المقررة فى هذا القانون والقرارات المنفذة له فى حقها، كما أعطى للجهة الإدارية سلطة التفتيش على تلك المنشآت مرة على الأقل كل سنة للتأكد من استمرار توافر تلك الاشتراطات، وأعطى المشرع للجهة الإدارية المختصة الحق فى غلق المنشأة إداريا فى حالة المخالفة الجسيمة، الأمر الذي يتضح منه بجلاء أن هدف المشرع من وراء تقريره للأحكام التي تضمنها القانون رقم 51 لسنة 1981، ومن بينها ضرورة حصول المنشأة الطبية على ترخيص لمزاولة نشاطها هو ضمان سلامة المرضى والحرص على ألا تشكل مزاولة تلك المنشآت لنشاطها فى مجال علاج المرضى خطرا عليهم أو تهديدا لسلامتهم.
ولا شك أنه مما يتعارض مع هذا الغرض الذي ابتغاه المشرع الترخيص لمنشأة طبية بمزاولة نشاطها فى علاج المرضى فى عقار تم بناؤه بغير ترخيص، أو فى عقار أجريت به تعديلات لم يتم الترخيص بها طبقا للقانون؛ باعتبار أن مثل هذا العقار لا يمكن الاطمئنان إلى سلامته من الناحية الإنشائية والمعمارية، وقد أغفل في شأنه الرجوع إلى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم باعتبارها الجهة التي أناط بها القانون الوقوف على مدى سلامة أعمال البناء المطلوب القيام بها، ومن ثم الترخيص بها أو عدم الترخيص بها فى ضوء ما يتضح لتلك الجهة بشأن مدى سلامة تلك الأعمال واتفاقها مع الأصول الفنية المتعارف عليها والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والسلامة والقواعد الصحية وأحكام القانون.
كما استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه لا يجوز مطلقا تحويل أو تعديل الوحدات السكنية المبنية لغرض السكنى لشغلها بأغراض أخرى، وأن الغرض من هذا الحظر هو توفير الوحدات السكنية، ولا يجوز اعتبار هذا الحظر متنافيا مع حرية المالك فى استغلال ملكه؛ إذ إنه فضلا عن أن حق الملكية مصون، ولا يجوز حرمان المالك من ملكه إلا على وفق القانون أو تقييد حريته فى استعماله، إلا أنه من المسلم به أن للملكية وظيفة اجتماعية إلى جانب ذلك فيتعين تقييدها حماية لوظيفتها الاجتماعية وتحقيقا للمصلحة العامة .
(يراجع فى هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا الدائرة السادسة عليا موضوع الصادر بجلسة 28/4/2010 فى الطعن رقم 18429 لسنة 53 ق ع سالف الإشارة إليه)
ومن حيث إنه هديا بما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول فى الطعنين الماثلين كان قد أقام الدعوى المطعون فى الحكم الصادر فيها بطلب إلغاء القرار الصادر عن مديرية الإدارة العامة للمؤسسات العلاجية غير الحكومية بالإسكندرية بالترخيص لمستشفى … الخيرية بالإسكندرية بمباشرة نشاطه بالعقارين رقمي 4 و 6 المتلاصقين والكائنين بشارع السيد محمد رضوان بسيونى بسيدي بشر، استنادا إلى قيام هذا المستشفى بتحويل وتعديل الشقق السكنية التي يمتلكها بالعقار رقم 6 بغير الحصول على ترخيص فى القيام بهذه الأعمال وتعديل وتحويل الوحدات السكنية بالعقارين إلى مستشفى من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بحي المنتزه، وذلك بالمخالفة للمواد 4 و 11 و 12 من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته ولأحكام لائحته التنفيذية سالفة الذكر، الأمر الذي تؤثر معه هذه الأعمال في الناحية الإنشائية لهذين العقارين، وإذ كان الثابت من الأوراق أن العقارين صادر لكل منهما ترخيص عن حي المنتزه لبنائه كجراج ووحدات سكنية وذلك حسبما هو ثابت بتقرير الخبير المودع فى الدعوى أمام محكمة أول درجة، فإن أعمال التعديل وتغيير الغرض من وحدات العقارين لا يجوز القيام بها إلا بعد الحصول على ترخيص فى تلك الأعمال من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بحي المنتزه طبقا لنصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديلاته ولائحته التنفيذية، وقد خلت الأوراق مما يفيد إصدار الجهة الإدارية بالإسكندرية لمثل هذا الترخيص، كما عجز المطعون ضده بصفته عن تقديم مثل هذا الترخيص سواء أمام محكمة أول درجة أو أمام المحكمة الإدارية العليا، فمن ثم فإنه ما كان يجوز للإدارة العامة للمؤسسات العلاجية غير الحكومية بمحافظة الإسكندرية أن تصدر ترخيصها للمستشفى الطاعن بمزاولة نشاطه؛ إذ لا يمكن الاطمئنان إلى سلامة المرضى وعدم وجود ما يحميهم ويضمن سلامتهم فى ضوء وجود تلك التعديلات فى تلك الوحدات المملوكة للمستشفى بالعقارين سالفي الذكر، الأمر الذي يكون معه الترخيص لممارسة النشاط قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون خليقا بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بما تقدم فإنه يكون قد صدر مطابقا للقانون، وبالتالي يضحى الطعنان عليه فاقدين سندهما خليقين بالرفض.
ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا، وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه .