جلسة 12 من مايو سنة 2013
الطعنان رقما 18917 و 19383 لسنة 53 القضائية (عليا)
(الدائرة السابعة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبوزيد شلال
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ كارم عبد اللطيف عبد العظيم أحمد ومحمد محمد مجاهد راشد ود. مجدي صالح يوسف الجارحي وخالد محمد محمود حسنين العتريس.
نواب رئيس مجلس الدولة
التدخل في الدعوى- شرط المصلحة- يجب أن يكون للمتدخل مصلحةٌ شخصية ومباشرة وقائمة- لا يجب الخلط بين دعوى الإلغاء ودعوى الحسبة، إذ يظل قبول الدعوى وطلب التدخل فيها منوطًا بتوفر شرط المصلحة الشخصية بمعناها المحكَم، الذي يقوم على العلاقة المباشرة بين القرار المطعون عليه والمصلحة الشخصية والمباشرة للمدعي (أو لطالب التدخل)- (تطبيق): للأساتذة أعضاء هيئة تدريس بإحدى الكليات مصلحةٌ مباشرة في الطعن لعدم حصول المدعية على وظيفة الأستاذية دون سندٍ من القانون؛ لانطواء ذلك على منافستها لهم بهذه الوظيفة، مما يؤثر في مجال الاختيار والتعيين في الوظائف التي تُشغَل بالحصول على درجة الأستاذية.
أعضاء هيئة التدريس- الترقية إلى وظيفة (أستاذ)- كلُّ ترقيةٍ في وظائف أعضاء هيئة التدريس تُعَدُّ بمثابة تعيينٍ فيها- قرار رئيس الجامعة الصادر بتعيين أو ترقية عضو هيئة التدريس لا يعدو أن يكون قرارًا تنفيذيا لِما يُسْفِرُ عنه قرار مجلس الجامعة في هذا الشأن، فهو الوحيد صاحب السلطة التقديرية في إجراء الترقية أو التعيين من عدمه، على وفق ما يقدره من ملاءمات المصلحة العامة.
– المادة (65) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بالقرار بقانون 49 لسنة 1972، المعدَّل بموجب القانون رقم 18 لسنة 1981([1]).
ما يعد قرارًا إداريا سلبيا- الامتناع عن عرض أمر ترقية عضو هيئة التدريس على مجلس الجامعة يُشكِّل قرارًا سلبيا- كذلك يُشكِّل قرارًا سلبيا امتناعُ مجلس الجامعة عن استكمال أمر البت في ترقية عضو هيئة التدريس متى عُرِضَت عليه- يجوز الطعنُ على أيٍّ من القرارين على حدة، وإلغاؤه متى كان لذلك مُقتضٍ- لا يتعارض ذلك مع صلاحيات وسلطات مجلس الجامعة في أن يُجرِي الترقية أو ألا يجريها حسبما يراه من أسبابٍ، ولا إلزام عليه في إجراء الترقية إذا ما عُرِضَت عليه.
إنَّه في يوم 16/7/2007، أودع وكيل الطاعن بصفته، قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن رقم 18917 لسنة 53ق.ع على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 19569 لسنة 60ق. بجلسة 29/5/2007، القاضي برفض طلب التدخل، وبقبول الدعوى شكلا، وبأحقية المدعية في الترقية لوظيفة أستاذ اعتبارًا من 30/5/2006، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة أنْ تؤدي لها تعويضًا مقداره 2000 جنيه (ألفا جنيه) والمصروفات.
وقد طلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير طعنه- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 19569 لسنة 60ق. الصادر بجلسة 29/5/2007، والقضاء مجددًا برفض الدعوى.
وفي يوم 21/7/2007 أودع الحاضر عن الطاعنات (بصفته وكيلا عنهن) بقلم كتاب المحكمة، تقريرًا بالطعن رقم 19383 لسنة 53ق.ع وذلك في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية المذكور سالفًا.
وقد طلبت الطاعنات -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مُستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا: (أصليا) بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم، و(للاحتياط الكلي) رفض الدعوى موضوعًا، وإلزام المطعون ضدها الأولى المصروفات.
هذا وقد تحدَّدت لنظر الطعنين أمام الدائرة السابعة (فحص) بالمحكمة جلسة 21/11/2007، حيث قررت الدائرة بالجلسة نفسها إحالة الطعنين إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعنين، حيث ارتأت في الطعن رقم 18917 لسنة 53ق.ع الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات، كما ارتأت في الطعن رقم 19383 لسنة 53ق.ع الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، مع إلزام الطاعنات المصروفات عن درجتي التقاضي.
وتدوول نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو الموَضَّح بمحاضر الجلسات، حتى تقرر بجلسة 15/2/2012 إحالة الطعنين إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا، حيث تم تداول الطعنين على النحو الثابت بمحاضر الجلسات أمام دائرة الموضوع، التي قررت بجلسة 11/3/2012 ضم الطعن رقم 19383لسنة 53ق.ع إلى الطعن رقم 18917 لسنة 53ق.ع؛ للارتباط، وليصدر فيهما حكم واحد.
وبعد تداول الطعنين قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/2/2013، حيث تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة. وبجلسة اليوم صدر الحكمُ وأُودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات و المداولة قانونًا.
وحيث إنَّه عن الطعنين فقد حازا أوضاع قبولهما شكلا، فمن ثَّم يتعين الحكم بقبولهما شكلا.
وحيث إنَّ وقائع الطعن رقم 18917 لسنة 53ق.ع توجز في أنَّ المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 19569 لسنة 60ق. أمام الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بموجب عريضة مُودَعة قلم كتابها في 20/7/2006، طالبةً إيقاف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بعدم عرض مسألة الترقية الخاصة بها إلى درجة (أستاذ) على مجلس الجامعة في الجلسة المحدَّدة لذلك، رغم توفر كل شروط الترقية بها، مع حفظ حقها في أنْ يكون قرار الترقية بعد اتخاذ قرار مجلس الجامعة، وعلى أنْ تكون الترقية اعتبارًا من 30/5/2006، حيث إنَّ التأخير في العرض، وعدم إصدار قرار مجلس الكلية في هذا التاريخ ناتج عن خطأ جهة الإدارة، كما طلبت المطعون ضدها الحكم لها بالتعويض المناسب.
وقد أسَّست المطعون ضدها الأولى طلباتها على سندٍ من القول بأنَّه عندما حان موعد ترقيتها لوظيفة (أستاذ) تقدمت بأوراقها وأبحاثها إلى اللجنة العلمية المختصة، حيث قامت تلك اللجنة بفحص إنتاجها، وانتهت إلى التوصية بترقيتها إلى وظيفة (أستاذ)، وتم بعد ذلك عرض الأمر على مجلس القسم فوافق، كما وافقت العميدة المفوَّضة من مجلس الكلية على إحالة أوراقها إلى مجلس الجامعة، مُرفَقًا بها مذكرة برأي المستشار القانوني للجامعة مفادها أنَّ إجراءات ترقيتها تمت صحيحة، إلا أنَّه عندما عُرِض الأمر على مجلس الجامعة في 30/5/2006، أصدر قراره بتأجيل نظر ترقيتها بناء على مطالبة وزير التعليم العالي بذلك في محادثة تليفونية، ورغم عدم وجود طلب مكتوب يبرِّر هذا التأجيل.
وخلال تداول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري تدخل باقي المطعون ضدهن في الدعوى بصحيفة تدخلٍ واحدة، طلبن فيها (أصليا) الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، و(احتياطيا) بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم، و(من باب الاحتياط الكلي) برفض الدعوى.
وبجلسة 29/5/2007 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية حكمها بالآتي: أولا: برفض طلب التدخل، وألزمت المتدخلات مصروفاته، وثانيا: بقبول الدعوى شكلا، وبأحقية المدعية في الترقية لوظيفة أستاذ اعتبارًا من 30/5/2006، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الإدارة أنْ تؤديَ لها تعويضًا مقداره ألفا جنيه والمصروفات.
وقد شيَّدت المحكمة قضاءها على أساس تكييف طلبات المدعية بأنها طعن بالإلغاء على قرار الجامعة بتأجيل نظر ترقيتها إلى حين دراسة الأمر من قبل المستشار القانوني لوزير التعليم العالي، وما يترتب على ذلك الإلغاء من آثار، أخصها أحقيتها في الترقية لهذه الوظيفة اعتبارًا من 30/5/2006، مع إلزام الإدارة بأنْ تؤدي لها التعويض الذي تُقدره المحكمة.
وأضافت المحكمة أنَّ قرار مجلس الجامعة بالإرجاء إلى أجل غير مُسمى لم يتضمن سبب الإرجاء على نحو قاطع ومحدَّد، إذ لم يُبين الدافع من وراء دراسة هذا الموضوع من قِبَل المستشار القانوني لوزير التعليم العالي، وبالتالي قدَّرت المحكمة أنَّ هذا القرار جاء مُبهَمًا غيرَ واضح أو قاطعِ الدلالةِ في مضمونه، ومن ثمّ يكون قد صدر على غير سببٍ صحيح يُبرِّره من الواقع والقانون، مما يكون معه مخالفًا للقانون، متعينًا الحكم بإلغائه.
كما أضافت المحكمة أنَّ مسلك جهة الإدارة الخاطئ رتَّب ضررًا على جانب المدعية مما تستحق معه التعويض المحكوم به.
– هذا بخصوص الطعن رقم 18917 لسنة 53ق. عليا.
– أما فيما يتعلق بالطعن رقم 19383 لسنة 53ق.عليا، فإنَّ وقائعه هي ذات وقائع الطعن رقم 18917 لسنة 53ق.عليا، وبالتالي تحيل المحكمة إليها منعًا للتكرار.
……………………………………………………………..
وحيث إنَّ الطاعنين في كلا الطعنين لم يرتضيا الحكم محل الطعن، وذلك لعدة أسبابٍ، جاء في عريضة الطعن رقم 18917 لسنة 53ق.عليا بعضٌ منها، متمثلة في أنَّ قرار ترقية أعضاء هيئة التدريس لا يكون إلا بعد موافقة مجلس الجامعة، وأنَّ مجلس الجامعة باعتباره صاحب القول الفصل في هذا الشأن، لا تكون عليه غضاضة إذا قرر إرجاء ترقية المطعون ضدها لكي يدرس المستشار القانوني لوزير التعليم العالي ما إذا كانت اللجنة التي فحصت الإنتاج العلمي للمطعون ضدها لجنة مختصة أم لا.
وبالنسبة للطعن رقم 19383 لسنة 53ق.عليا جاء بأسبابه أنَّ الطاعنات فيه لهن مصلحة في التدخل؛ باعتبار أن الكلية وحدة واحدة، وتكون لهن مصلحة أدبية في حماية العملية التعليمية كما قالت المحكمة الإدارية العليا، وأَضَفْن أنه لم يكن قد صدر عن مجلس الجامعة قرار بمنع الترقية للطعن عليه، بل الإرجاء كان للدراسة، وهذا من الملاءمات، ومن ثم ينتفي القرار الإداري، كما جاء بأسباب طعنهن أنه لم يتم التظلم من القرار المطلوب الطعن عليه قبل رفع الدعوى باعتباره قرارًا بتعيين، ومن ثم يجب الحكم بعدم قبوله لعدم سابقة التظلم، وأخيرًا جاء بأسباب الطعن أنَّ اللجنة العلمية التي أجازت إنتاجها العلمي هي لجنة غير مختصة بذلك؛ لأنها كانت لجنة مشكَّلة لغايةٍ معينة لم يدخل في تلك الغاية أمر ترقية المطعون ضدها لوظيفة (أستاذ)، إضافةً إلى أنَّ المطعون ضدها لم تقضِ في درجة (أستاذ مساعد) الفترة البينية اللازمة لترقيتها، لأنَّ إرجاع أقدميتها في تلك الوظيفة كان خطأ، ومازال محل طعن.
……………………………………………………………..
وحيث إنَّ هذه المحكمة تُقدِّر أنَّ ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا في حكمٍ وحيد لها بخصوص مصلحة أعضاء هيئة التدريس في الطعن على بعض القرارات من أن الكلية الواحدة، بجميع أقسامها، تكون وحدة واحدة، وذلك فيما يتعلق بالتعليم الجامعي والبحث العلمي، وكل ما يتعلق بأداء المهنة الأصلية للجامعات ويمس العملية التعليمية التي يضْطلعُ بها على وجه الخصوص أعضاءُ هيئة التدريس بهذه الجامعات، فَهُم في مركزٍ قانوني خاص بالنسبة لما عساه أنْ يصدر عن مجلس الجامعات من قراراتٍ في هذه المجالات، مما يحق معه لهم اللجوء للقضاء المختص لعرض مطاعنهم على ما قد يصدر عن مجالس الكليات أو الجامعات من قراراتٍ في هذا الشأن، يرون أنها تعرض العملية التعليمية لأضرار قد تنتهي بالإساءة إلى سمعة الكلية أو الجامعة، ومصلحتهم في هذا الشأن وإنْ كانت أدبيةً إلا أنها قائمةٌ، والقرارات المطعون فيها وإنْ كانت تخص زملاء بأقسامٍ أخرى بذات الكلية، وتتعلق بإعارتهم أو بمنحهم إجازات بدون مرتب، إلا أنها تؤثر في العملية التعليمية بالكلية، وعلى ما يجب أنْ تتصف به من انتظام في الأداء، وما تتصف به من الالتزام بالمشروعية، مما يجعل الطاعن، وهو عضو بهذه الكلية صاحب مصلحة في الطعن على هذه القرارات. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2125 لسنة 36ق.ع جلسة 25/1/1992).
وحيث إن المحكمة تقدِّر أنَّ هذا الحكم قد وسَّع كثيرًا من نطاق فكرة المصلحة، حتى قارب بين دعوى الإلغاء ودعوى الحسبة، إلا أنَّ المحكمة عادت بعد صدور هذا الحكم، وفي أحكام أخرى متواترة (وإن كانت في غير خصوصية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات) إلى فكرة المصلحة بمعناها المحكَم، الذي يقوم على العلاقة المباشرة بين القرار المطعون عليه والمصلحة الشخصية والمباشرة للطاعن؛ وذلك حتى لا يُشغل القضاء الإداري بخصومات لا جدوى من ورائها. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 11992 لسنة 47ق.ع جلسة 27/5/2006).
كما ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أن الشخص لا يملك المقاضاة إلا في شأن نفسه، وليس له أنْ يتولاها في شئون غيره إلا بنيابة قانونية صحيحة. (حكمها في الطعن رقم 8790 لسنة 48ق.ع جلسة 21/2/2005).
وحيث إنَّ الطاعنات في الطعن رقم 19383 لسنة 53ق.عليا تدخلن في الدعوى ابتداءً باعتبارهن أعضاء هيئة تدريس بكلية السياحة والفنادق التي تعمل بها المطعون ضدها، فإن المحكمة تقدِّر أنَّ هناك مصلحةً مباشرة لهن في الطعن؛ لأنهن مادُمْن حاصلات على وظيفة (أستاذ)، فإن حصولها على وظيفة أستاذ بدءًا من تاريخ 30/5/2006 ينطوي على منافسةٍ لهن في وظيفة الأستاذية، مما يؤثر في مجال الاختيار والتعيين في الوظائف التي تشغل بالكلية بالحصول على درجة الأستاذية، مثل وظيفة وكيل الكلية أو عميد الكلية، ومن ثم تكون لهن مصلحةٌ مباشرة في عدم حصول المطعون ضدها على وظيفة الأستاذية دون سندٍ من القانون، أما وقد ذهب الحكم المطعون فيه مذهبًا غير ذلك، فإنه يكون قد جانبه الصواب، ويُصبح جديرًا بالإلغاء.
……………………………………………………………..
وحيث إنه عن موضوع الطعنين، فلما كان تعيين عضو هيئة التدريس بالجامعة يمر بمراحلٍ عديدة، مما يجعله عمليةً تبدأُ من مرحلةِ فحص إنتاجه العلمي، مرورًا بمجلس القسم، ثم مجلس الكلية، وهي مراحل وإن كانت مهمةً وجوهرية للتعيين في تلك الوظائف (بدءًا من وظيفة مدرس وحتى وظيفة أستاذ)، إلا أنها جميعًا تجمعها صفةُ كونِها مراحلَ استطلاعِ رأيٍ، وليست مراحلَ إصدارِ موافقاتٍ، حيث تبدأ الموافقة الحقيقية من مجلس الجامعة، فلا يصدر قرارُ تعيين عضو هيئة التدريس إلا بقرارٍ عن رئيس الجامعة بناء على طلبِ مجلس الجامعة، وذلك إعمالا للمادة (65) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون 49 لسنة 1972، ومن ثم يكون مجلس الجامعة هو في حقيقة الأمر المهيمن الأول على هذا الأمر.
وحيث إنَّ قرار رئيس الجامعة الصادر بالتعيين (أو ترقية عضو هيئة التدريس باعتبار أنَّ ترقيتهم بمثابة تعيين) لا يعدو أنْ يكون قرارًا تنفيذيا لما يُسفِر عنه قرار مجلس الجامعة في هذا الشأن، بعد أنْ يفحصَ ويتمحصَ جميع المراحل التي مرَّت بها خطواتُ أمر التعيين، فهو صاحب القرار الرئيس في هذا الشأن، بناء على تقديره لجميع الظروف والملابسات المحيطة بهذه العملية، ومن ثم فهو (أي مجلس الجامعة) الوحيد صاحب السلطة التقديرية في إجراء الترقية أو التعيين من عدمه، على وفق ما يقدره من ملاءمات المصلحة العامة.
وحيث إنّ المحكمة تقدِّر أن طلبات المدعية (المطعون ضدها) التي جاءت في عريضة الدعوى قد انصبت على طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن عرض مسألة ترقيتها على مجلس الجامعة، مع حفظ حقها في أنْ يكون قرار الترقية -بعد اتخاذ قرارٍ من مجلس الجامعة- من 30/5/2006، مع تعويضها عن التأخير في عرض أمر ترقيتها، فالمحكمة تُقدِّر أنَّ طلبات المطعون ضدها بهذا الشكل تتوافق مع صلاحيات وسلطات مجلس الجامعة في أن يُجرِي الترقية أو لا يجريها، حسبما يَراهُ من أسبابٍ تتعلق بالمصلحة العامة، ولا إلزام عليه لإجراء الترقية إذا عُرِضَت عليه، حيث إنَّ له أنْ يتخذ القرار الذي يراه مناسبًا؛ لكي تكون صورةُ الأمر المعروض عليه كاملةً وواضحةً جلية.
وحيث إن الحكم المطعون عليه قد ذهب إلى أنَّ أمر هذه الترقية عُرِضَ على مجلس الجامعة، ولكن مجلس الجامعة قرَّر تأجيل النظر في هذا الأمر لحين الانتهاء من دراسته من قبل المستشار القانوني لوزير التعليم العالي، ومن ثمَّ فإنَّ ما طلبته المطعون ضدها في صحيفة دعواها أمام محكمة القضاء الإداري يكون قد تمَّت الاستجابةُ له قبل إقامة دعواها، مما يجعل هذه الدعوى جديرةً بالرفض.
أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنَّ السبب الذي ارتكن إليه مجلس الجامعة في إرجاء البت في أمر الترقية كان مُبْهَمًا وغير واضح، فإنَّ ذلك يتنافى مع ما كشفت عنه الأوراق من أنَّ بحث المستشار القانوني لوزير التعليم العالي كان ينصب على الوقوف على مدى صلاحية اللجنة العلمية التي فحصت أبحاث المطعون ضدها، واختصاص تلك اللجنة فيما قامت به باعتبارها كأية لجنة علمية دائمة خُصِّصت لبحث أمر ترقية المطعون ضدها من وظيفة (مدرس) إلى وظيفة (أستاذ مساعد)، وهي لجنة شُكِّلت خصيصًا لهذا الغرض، على إثر حكمٍ صادر عن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى التي كانت مقامة من المطعون ضدها برقم 4990 لسنة 53ق. (الحكم بجلسة 4/1/2000)، وهو أمر -حقًّا- جديرٌ بالبحث؛ لأنَّ تشكيل تلك اللجنة جاء بعبارات واضحة بأنها لجنة شُكِّلت على وجهٍ خاص لفحص الإنتاج العلمي للمطعون ضدها للترقية من وظيفة (مدرس) إلى (أستاذ مساعد)، وكان ذلك عام 2000، ومن ثم فإن بقاء تلك اللجنة حتى عام 2006 لتعاود فحص الإنتاج العلمي للمطعون ضدها للترقية من (أستاذ مساعد) إلى (أستاذ) أمرٌ محل نظر، وإن كانت إدارة الشئون القانونية بالجامعة قد وافقت على إعادة العرض عليها، واعتُمد ذلك الرأي من نائب رئيس الجامــعة، إلا أنه إزاء تصعيد الأمر إلى وزير التعليم العالي، وكان الأمر محل بحثٍ من مستشاره القانوني للوقوف على مدى صلاحية هذه اللجنة، وهو أمر محل اعتبار، ولا غضاضة على مجلس الجامعة إن بحث هذا الأمر للوقوف على حقيقة اختصاص اللجنة، ولكنه (أي المجلس) بحكم كونه صاحب الاختصاص فقد كان يمكنه البت في الأمر في حينه.
وحيث إنه وإنْ كانت هذه المحكمة تقدِّر أنَّ الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى أحقية المطعون ضدها في الترقية لوظيفة (أستاذ) اعتبارًا من 30/5/2006، يكون قد تجاوز طلبات المطعون ضدها التي جاءت بعريضة دعواها، والتي وقفت عند حدِّ إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن عرض أمر ترقيتها لوظيفة (أستاذ)، رغم أنَّ هذا العرض قد تم فعلا على وفق ما جاء بالحكم، ومن ثمَّ لا يكون هناك مسلك خطأ على جانب جهة الإدارة يبرِّر إلزامها بالتعويض.
ومن الجدير بالذكر أنه إذا كانت هذه المحكمة تُقدر أنَّ الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب، فإنها تُقدر أيضًا مصلحة المطعون ضدها في النظر إلى أمر ترقيتها اعتبارًا من تاريخ عرض الأمر للمرة الأولى على مجلس الجامعة في عام 2006، ومن ثمَّ يكون لِزامًا على ذلك المجلس، وهو يُعمل قواعدَ العدل والإنصاف في تقييم أمر ترقية الطاعنة أن يحسب لها المواعيد اعتبارًا من التواريخ التي اتصل فيها علمه لأول مرة بعرض أمر الترقية عليه، ولا يكون تقييمه للأمر وكأن الأمر برمته يُعرَض عليه لأول مرةٍ بعد صدور هذا الحكم، ومن ثمَّ فإنه إذا كانت المحكمة تقدِّر إعادة الأمر إلى مجلس الجامعة، فإنها تُقدِّر أنه بحكم ما يتضمنه تشكيله من نخبه العلماء سوف يقدِّر الأمر بعينِ الإنصاف، ولن يُؤاخذ المطعون ضدها -تحت أي ظرفٍ من الظروف- بتأخير الفصل في أمر ترقيتها لظروف خارجة عن إرادتها.
وحيث إنَّ الحكم المطعون فيه قد ذهب مذهبًا لا يستقيم مع الأسباب التي استبانت لهذه المحكمة كمبرِّر لإلغاء هذا الحكم -على النحو المذكور سالفًا-، ومن أهمها أنَّ حقيقة طلبات المطعون ضدها هي إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن استكمال أمر البت في ترقيتها لوظيفة (أستاذ) بالكلية اعتبارًا من 30/5/2006.
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بقبول الدعوى شكلا، وبقبول طلب التدخل، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن استكمال أمر البت في ترقية المطعون ضدها (د/…) لوظيفة (أستاذ) بكلية السياحة والفنادق بجامعة الإسكندرية، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وإلزامها المصروفات عن درجتي التقاضي.
[1])) تنص هذه المادة على أن: “يُعيِّن رئيسُ الجامعة أعضاءَ هيئة التدريس بناءً على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية أو المعهد ومجلس القسم المختص. ويكون التعيينُ من تاريخ موافقة مجلس الجامعة”.