جلسة 27 من إبريل سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد منير السيد أحمد جويفل
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، وعبد الله عامر إبراهيم،
ومصطفى محمد عبد المعطى، وحسن عبد الحميد البرعى
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمود أحمد الجارحى
مفوض الدولة
وحضور السيد / عصام سعد ياسين
أمين سر
الطعنان رقما 2274 لسنة 47 ق. عليا ــ و9644 لسنة 53 قضائية عليا:
الطعن فى الأحكام ــ عدم جواز طعن الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا.
لا يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا إلا لمن كان طرفاً فى الخصومة التى انتهت بصدور الحكم المطعون فيه، أما طعن الخارج عن الخصومة فهو غير جائز، أما عبارة “لكل ذى مصلحة أن يتدخل” الواردة فى المادة (126) مرافعات فلا تنصرف إلى كل من يدعى له مصلحة فى الحكم بوجه أو بآخر فى دعوى الإلغاء، إنما إلى من كان طرفًا فى الدعوى بشكل أو بآخر، فضلاً عن أن التدخل طبقًا لهذا النص يجب أن يكون فى الدعوى وقبل إقفال باب المرافعة فيها ــ أثر ذلك: إذا لم يتدخل الشخص فى الدعوى فإنه لا يجوز تدخله أمام محكمة الطعن سواء لعدم تدخله فى الدعوى أصلاً بالطريقة التى رسمها القانون أو باعتبار تدخله فى الطعن “انضمامى أو هجومى” هو من قبيل الطعن الخارج عن الخصومة غير الجائز قانوناً أمام المحكمة الإدارية العليا وإنما يتعين عليه أن يقدم التماسًا بإعادة النظر إذا توافرت شرائطه القانونية أمام ذات المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ــ تطبيق.
القرار بالترخيص لا يتحصن بمضى ستين يوماً على صدوره.
الترخيص هو تصرف إدارى يتضمن الموافقة على مباشرة نشاط معين أو القيام بعمل معين وفقاً للضوابط التى حددها القانون، وفى الأصل فإنه يجوز لجهة الإدارة متى استبان لها مخالفة صاحب الشأن لحدود وضوابط ومضمون الترخيص أن تقوم بإلغائه أو سحبه، فالقرار المتعلق بالترخيص يتميز عن القرار الإدارى العادى فى أنه لا يتحصن بمضى ستين يومًا على صدوره وإنما يظل تحت رقابة الجهة الإدارية طوال فترة سريانه، فإذا خالف صاحب الترخيص اشتراطات منحه إياه جاز للجهة الإدارية سحبه أو إلغاؤه لأنها فى الأصل مكلفة برقابة مدى التزام صاحب الترخيص بشروطه ــ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 23/11/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين فى الطعن الأول رقم 2274 لسنة 47 ق. عليا قلم كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 6805 لسنة 53 ق بجلسة 25/9/2000 والذى قضى فى منطوقه بالآتى:
حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفى الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
وطلب الطاعنان فى تقرير الطعن ــ للأسباب الواردة به ــ الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير هذا الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وبتاريخ 25/11/2001 طلب السيد ………………………………………….. تدخله انضماميًا لجهة الإدارة بذات طلباتها وذلك أمام هيئة مفوضى الدولة وقدم صحيفة التدخل معلنة ومؤشرًا عليها بالجدول فى 5/11/2001.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى هذا الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبعدم قبول تدخل ……………………………. انضماميًا إلى جانب جهة الإدارة وفى الموضوع برفضه فيما يتعلق بطلب وقف التنفيذ وإلزام الجهة الإدارية والمتدخل المصروفات مناصفة .
وفى يوم الأربعاء الموافق 11/7/2001 أودع الأستاذ ………………………… (المحامى) بصفته وكيلاً عن الطاعن “…………………………………….. “تقريرًا بالطعن رقم 9644 لسنة 53ق. عليا قلم كتاب المحكمة طعنًا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى” دائرة بنى سويف” فى الدعوى رقم 1357 لسنة 1 ق بجلسة 19/6/ 01 20 والذى قضى فى منطوقة بقبول الإشكال شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وبتغريم المستشكل ثلاثمائة جنيه وإلزامه المصروفات.
وطلب الطاعن فى تقرير هذا الطعن للأسباب الواردة به الحكم بوقف تنفيذ الحكم رقم 6805 لسنة 53ق مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفى الموضوع بإلغاء هذا الحكم مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أعلن تقرير هذا الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة فى هذا الطعن تقريرًا بالرأى القانونى انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع برفضه، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعنين بعدة جلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 1/6/2004 قررت إحالتهما للدائرة السادسة موضوع لنظرهما بجلسة 6/7/2004 ونفاذًا لذلك ورد الطعنان إلى هذه الدائرة ونظرتهما بالجلسة المذكورة وبجلسة 17/11/2004 قررت إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث استوفى الطعنان إجراءاتهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة فى الطعن الأول رقم 2274 لسنة 47ق. عليا تخلص فى أنه بتاريخ 16/5/1999 أودع المطعون ضده …………………………….. قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة «الدائرة الثامنة» صحيفة الدعوى رقم 6805 لسنة 53ق طالبًا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى لرئيس مجلس مدينة أهناسيا بصفته بالامتناع عن استخراج رخصة تشغيل السوق، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بدفع تعويض مالى له عما أصابه من جراء الامتناع عن تشغيل السوق مع إلزامهما المصروفات.
وقال المدعى ــ شارحًا دعواه ــ إنه يمتلك قطعة أرض فضاء داخل كردون مدينة أهناسيا بمحافظة بنى سويف وحصل على موافقة الوحدة المحلية للمدينة والمجلسين الشعبى والتنفيذى لها بإقامة سوق على هذه القطعة، كما حصل على موافقة الصحة والسكان والرى والطرق والصرف المغطى والأمن واللجنة العليا لحماية الأراضى بالمحافظة، وكذا محافظ بنى سويف وبناء على هذه الموافقة استخرج الرخصة رقم 146 لسنة 1998 بإقامة منشآت السوق، ثم تقدم للمدعى عليه الثانى «رئيس مجلس المدينة» بعد إقامة المبانى للحصول على رخصة بتشغيل السوق إلا أنه رفض منحه إياها بدعوى أن مجلس المحافظين قرر فى اجتماعه المؤرخ 1/1/1999 حظر إقامة أسواق فى مداخل المدن.
ونعى المدعى على هذا القرار بالامتناع عن منحه الرخصة المطلوبة مخالفة للقانون استنادًا إلى أن حقه فى إقامة السوق تقرر منذ حصوله على موافقة المحافظ فى 23/6/1998 وأن استخراج رخصة تشغيله مجرد إجراء كاشف للحق وليس منشئًا له، وأن قرار مجلس المحافظين لاحق للموافقة على إنشاء السوق ولا يطبق عليه بأثر رجعى وأن الامتناع عن إعطائه رخصة تشغيل السوق قد سبب له أضرارًا مادية ومعنوية يتعذر تداركها.
وخلص المدعى فى صحيفة دعواه إلى طلب الحكم بطلباته.
وبجلسة 25/9/2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه فى الشق العاجل من الدعوى رقم 6805 لسنة 53ق. بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وشيدت حكمها على سند من القول أن البادى من الأوراق أن المدعى حصل على موافقة الجهات المعنية لإقامة سوق عمومى على قطعة الأرض المملوكة له بناحية بندر أهناسيا ومساحتها فدان ونصف على أساس أن هناك حاجة لهذا السوق لحل مشكلة المرور والباعة الجائلين المنتشرين فى شوارع المدينة، كما أنه استخرج رخصة المبانى رقم 146 لسنة 1998 بالتصريح له ببناء سور خارجى للسوق ومبنى للإدارة ودورة مياه، وخلت الأوراق من تخلف الاشتراطات المقررة للأسواق وبذلك يكون قد اكتسب المدعى مركزًا قانونيًا فى الحصول على رخصة بتشغيل السوق بعد استكمال الإجراءات المقررة، وإذا امتنعت جهة الإدارة عن السير فى هذه الإجراءات فإن امتناعها يشكل قرارًا سلبيًا مخالفًا لأحكام القانون ويتحقق بالتالى ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه .
واستطردت المحكمة إلى أنه لا ينال من ذلك أن محافظ بنى سويف أشر فى 9/10/1997 بأنه لا داعى لإقامة السوق الجديد، ويحفظ الموضوع كما أشر بتاريخ 3/5/1999 بعدم الموافقة على إقامة السوق لتعارضه مع قرار المحافظين بعدم إقامة أسواق على الطرق الرئيسية العامة وفى مداخل المدن والقرى؛ ذلك لأن التأشيرة الأولى بعدم الموافقة عام 1997 يجبها التأشيرة اللاحقة فى 23/6/1998 بالموافقة على إقامة السوق، وأن تأشيرة المحافظ فى 3/5/1999 بعدم الموافقة مجرد قول مرسل، حيث لم تقدم هذه التأشيرة وحتى على فرض وجودها فإنها لاحقة لنشوء مركز قانونى للمدعى للحصول على الرخصة ولا يسوغ لمن يطبق قرار المحافظين على المدعى أثر رجعى، كما يتوافر ركن الاستعجال.
وانتهى الحكم المطعون فيه إلى قضائه المتقدم.
ومن حيث إن مبنى هذا الطعن يقوم حسبما ورد بتقريره على أن هذا الحكم خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله حيث إن الموافقات المبدئية التى حصل عليها المطعون ضده من جهات الإدارة لا ترتب له مركزًا قانونيًا فى الحصول على رخصة تشغيل السوق والنشاط التجارى إذ لا يكتمل مركزه القانونى إلا بصدور الترخيص بالفعل والذى لم يصدر بعد ومن ثَمَّ يسرى عليه قرار مجلس المحافظين فى 1/ 1/1999 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 43 فى 4/1/1999 بعدم إقامة أسواق على الطرق الرئيسية العامة وفى مداخل المدن والقرى
ولا يعد ذلك تطبيقًا للقرار على المطعون ضده بأثر رجعى وإنما هو تطبيق لهذا القرار بأثر فورى على الطلبات المقدمة للحصول على رخصة تشغيل الأسواق بعد صدوره كما هو الشأن بالنسبة للطلب المقدم من المطعون ضده.
وخلصت جهة الإدارة فى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بطلباتها.
ومن حيث إنه عن الطعن الثانى رقم 9644 لسنة 53 ق عليا فإن عناصر المنازعة فيه تخلص حسبما استبان من أوراقه فى أنه بتاريخ 23/11/2000 أودع الطاعن …………………. ……………………………….. قلم كتاب محكمة بندر بنى سويف الجزئية صحيفة دعوى طلب فى ختامها بصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 6805 لسنة 53ق “المطعون فيه بالطعن الأول” وفى الموضوع بإلغاء هذا الحكم وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المستشكل شرحًا لهذا الإشكال إنه يمتلك سوقًا بناحية أهناسيا ببنى سويف ويدير هذا السوق منذ عام 1934 ويسدد جميع الالتزامات المقررة عليه وإنه فوجئ بالمستشكل ضده الأول “………………………………..” يحصل على حكم من محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وأضاف أن هذا الحكم صدر بناء على غش وتدليس أدخله المستشكل ضده الأول على المحكمة بأنه حصل على جميع الموافقات لاشتراطات ترخيص السوق فى حين أن مديرية الشئون الصحية ومديرية الأمن لم توافقا، كما أن مديرية الطرق حررت ضده المحضر رقم 461 لسنة 91 لمخالفة قانون الطرق فضلاً عن أن الإدارة المركزية لحماية الأراضى والمحافظ لم يوافقا على إقامة السوق.
وخلص المدعى فى صحيفة الإشكال إلى طلب الحكم بطلباته وبجلسة 10/1/2001 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الإشكال وبإحالته إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة للاختصاص.
وأحيل الإشكال إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وبعد إنشاء دائرة بنى سويف أحيل إليها الإشكال وقيد بجدولها برقم 1357 لسنة 1ق حيث صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 19/6/ 2001 وأسست المحكمة على سند من القول أن الإشكال قيد على أسانيد لا تعدو أن تكون من قبيل أوجه طعن وتعقيب على الحكم المستشكل فى تنفيذه وسابقة على صدوره بما يمس حجيته لذلك وفضلاً لمحكمة الإشكال وغرمت المستشكل ثلاثمائة جنيه.
وحيث إن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطاعن (المستشكل) فأقام هذا الطعن رقم 9644 لسنة 53 ق .عليا ناعيًا عليه بالبطلان والتناقض مع مستندات الطاعن والخطأ فى تطبيق القانون حيث رفض الإشكال موضوعًا دون إحالة الموضوع إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فيه، حيث إن طلبات المستشكل تضمنت طلب وقف تنفيذ وإلغاء الحكم رقم 6805 لسنة 53ق، فضلاً عن أن مستندات الطاعن لم تكن جميعها سابقة على صدور الحكم المستشكل فيه وإنما بعضها لاحق على صدوره مثل كتاب مديرية الصحة المؤرخ 7/1/2001 برفض إقامة السوق كما ردد الطاعن بعض ما ساقه فى صحيفة الإشكال.
وخلص الطاعن فى هذا الطعن إلى طلب الحكم بطلباته.
ومن حيث إنه عن الطعن الأول رقم 2274 لسنة 47 ق. عليا فإنه عن طلب التدخل المقدم من ………………………………….. انضماميًا للجهة الإدارية فإن المادة(3) من مواد إصدار قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن «تطبق الإجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص ».
ومن حيث إنه قد خلا قانون مجلس الدولة من أى نص يتعلق بالتدخل فى الدعوى وكانت المادة (126) من قانون المرافعات تنص على أنه « يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضمًا لأحد الخصوم أو ……………………………….. ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة فى حضورهم ويثبت فى محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة.
ومن حيث إن طالب التدخل انضماميًا للجهة الإدارية فى هذا الطعن يطلب الحكم بذات طلباتها الواردة فى تقرير الطعن بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وكأنما يطعن على الحكم المطعون فيه بغير الطريق الذى رسمه القانون ليس بتقرير طعن وإنما بالتدخل الانضمامى وهو أمر غير جائز حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة والتى قضت بأنه لا يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا إلا لمن كان طرفًا فى الخصومة التى انتهت بصدور الحكم المطعون فيه، أما طعن الخارج عن الخصومة فهو غير جائز، أما عبارة « لكل ذى مصلحة أن يتدخل الواردة فى المادة (126) مرافعات فلا تنصرف إلى كل من يدعى له مصلحة فى الحكم بوجه أو بآخر فى دعوى الإلغاء إنما إلى من كان طرفاً فى الدعوى بشكل أو بآخر فضلا عن أن التدخل طبقًا لهذا النص يجب أن يكون فى الدعوى وقبل إقفال باب المرافعة فيها، وهذا يعنى أنه إذا لم يتدخل الشخص فى الدعوى فإنه لا يجوز تدخله أمام محكمة الطعن سواء لعدم تدخله فى الدعوى أصلاً بالطريقة التى رسمها القانون أو باعتبار تدخله فى الطعن “انضمامى أو هجومى” هو من قبيل طعن الخارج عن الخصومة غير الجائز قانونًا أمام المحكمة الإدارية العليا، وإنما يتعين عليه أن يقدم التماسًا بإعادة النظر إذا توافرت شرائطه القانونية أمام ذات المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ويؤكد هذا النظر نص المادة (211) من قانون المرافعات التى تنص على أنه “لا يجوز الطعن فى الأحكام إلا من المحكوم عليه” وتأسيسًا على ما تقدم فإنه يتعين القضاء برفض طلب التدخل المقدم فى هذا الطعن .
ومن حيث إن مناط الفصل فى الطعن الماثل يدور حول ما إذا كان هناك قرار سلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص بتشغيل السوق محل القرار المطعون فيه وإن وجد فهل لدى جهة الإدارة مسوغ قانونى للامتناع؟.
ومن حيث إن الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة تنص على أنه “ويعتبر فى حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقًا للقوانين واللوائح”.
ومن حيث إن المادة (1/3) من القانون رقم 453 لسنة 954 فى شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة تنص على أنه «كما له (أى لوزير الشئون البلدية والقروية الذى حل محله وزير الإسكان والمرافق) بقرار يصدر منه أن يُعين الأحياء أو المناطق التى يحظر فيها إقامة هذه المحال أو نوع منها».
كما تنص المادة (16/7) من ذات القانون والمضافة بالقانون رقم 359 لسنة 56 على أنه «تلغى رخصة المحل فى الأحوال الآتية:
ــ “إذا أصبح المحل غير مستوف للاشتراطات الواجب توافرها فيه من حيث الموقع أو ……….”.
ومن حيث إن المادة (1) من قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 542 لسنة 1966 فى شأن الاشتراطات العامة الواجب توافرها فى الأسواق العامة تنص على أنه “يجب توافر الاشتراطات العامة للمحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة فى الأسواق العامة”.
كما يجب توافر الاشتراطات الآتية:
1ــ ……………. يجب الحصول على موافقة وزارة الداخلية «مصلحة الأمن العام»
2ــ …………. وألا تقل المسافة بين السور الخارجى للسوق وبين المساكن من جهة الامتداد العمرانى للمدينة أو القرية وكذلك بينه وبين نهر النيل وفروعه عن «50» مترًا.
ويجب ألا يقل طول أقرب طريق موصل بين السوق وأى سوق حكومى آخر عن 0 1 كيلو مترات”.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن « الترخيص هو تصرف إدارى يتضمن الموافقة على مباشرة نشاط معين أو القيام بعمل معين وفقًا للضوابط التى حددها القانون وفى الأصل فإنه يجوز لجهة الإدارة متى استبان لها مخالفة صاحب الشأن لحدود وضوابط ومضمون الترخيص أن تقوم بإلغائه أو سحبه، فالقرار المتعلق بالترخيص يتميز عن القرار الإدارى العادى فى أنه لا يتحصن بمضى ستين يومًا على صدوره وإنما يظل تحت رقابة الجهة الإدارية طوال فترة سريانه فإذا خالف صاحب الترخيص اشتراطات منحه إياه جاز للجهة الإدارية سحبه أو إلغاؤه لأنها فى الأصل مكلفة برقابة مدى التزام صاحب الترخيص بشروطه.
“الطعن رقم 272 لسنة 27ق. عليا جلسة 14/2/ 1987”.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع الطعن فإن البادى من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده تقدم إلى الجهة الإدارية المختصة بطلب ترخيص تشغيل سوق عام على الأرض التى يملكها فى مدينة أهناسيا غير أنها امتنعت عن منحه إياه استنادًا إلى قرار مجلس المحافظين المنعقد بتاريخ 1/1/1999 برئاسة رئيس مجلس الوزراء الذى حظر إقامة أسواق على الطرق الرئيسية العامة أو فى مداخل المدن والقرى والمرفق ضمن حافظة مستندات الجهة الإدارية المقدمة لمحكمة القضاء الإدارى بجلسة 22/8/2000 كما ورد بتقرير وحدة المباحث بمركز الشرطة التابع لمديرية أمن بنى سويف بعدم الموافقة على إقامة هذا السوق لاعتبارات تتعلق بالصالح العام لوقوع هذا الموقع على طريق أهناسيا بنى سويف السريع وملاصقته للمساكن الشعبية وشارع به مدرسة إعدادية كما رأت مديرية الإسكان “قسم الرخص” بالمحافظة بموجب كتابها المؤرخ 11/8/2001 هذا السوق المراد ترخيصه يقع بمدخل المدينة وتتخلف فى شأنه الاشتراطات العامة الواجب توافرها فى الأسواق حيث تقل المسافة بينه وبين المساكن عن “20” مترًا ولا ينطبق عليه شروط الترخيص كما رفضت مديرية الشئون الصحية “إدارة الشئون الوبائية” إقامة هذا السوق لعدم توافر الاشتراطات وبخاصة شرط المسافة بين الكتل السكنية حسبما ورد بكتابها المؤرخ 7/1/2001، كما أفاد كتاب الإدارة القانونية بالمحافظة المؤرخ 28/4/1999 والموجه إلى رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أهناسيا أن محافظ بنى سويف أشَّر بعدم الموافقة على إقامة السوق أو الترخيص له لعدم استيفاء شرط المسافة .
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن طلب الترخيص بالسوق لم يكن قد استوفى كافة الاشتراطات القانونية اللازمة لإصدار مثل هذا الترخيص، ومن ثَمَّ ينتفى وجود القرار السلبى بالامتناع عن منح الترخيص حيث ليس من الواجب قانونًا على جهة الإدارة إصداره فى ظل عدم توافر تلك الاشتراطات وبخاصة تلك المتعلقة بالموقع الذى حظر مجلس المحافظين إقامة الأسواق عليه لوجوده فى مدخل المدينة وعلى الطريق السريع أهناسيا بنى سويف ولعدم توافر شرط المسافة مع الكتلة السكنية بالمدينة، ومن ثَمَّ يكون امتناع جهة الإدارة عن منح الترخيص له ما يبرره قانونًا ويكون قرارها بعدم الموافقة على إصداره سليماً وغير مرجح إلغاؤه، ومن ثَمَّ ينتفى ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه متعينًا رفضه.
وحيث انتهى الحكم المطعون فيه إلى نتيجة مغايرة لما تقدم فإنه يكون قد خالف الواقع والقانون جديرًا بالإلغاء .
ولا ينال مما تقدم أن المطعون ضده قد حصل على بعض الموافقات على إقامة هذا السوق وأصبح له مركز قانونى مكتسب لا يجوز المساس به وتطبيق قرار مجلس المحافظين عليه بأثر رجعى، ذلك لأن هذا القول مردود بأنه على فرض صحة حصول المطعون ضده على بعض الموافقات فإن هذه الموافقات المبدئية هى بعض الحلقات أو الإجراءات التى تتكامل لتتوج فى النهاية بصدور القرار بالترخيص بعد استيفاء اشتراطات صدوره والتحقق من ذلك وبعدها يمكن القول بأنه أصبح له مركز قانونى لا يجوز المساس به، أما قبل استيفاء تلك الإجراءات والاشتراطات وصدور الترخيص فليس هناك أى مركز قانونى ذاتى يمكن القول بأنه قد مس، وترتيبًا على ذلك فإن قرار مجلس المحافظين بحظر الأسواق فى مناطق معينة مثل مداخل المدن والقرى وعلى الطرق السريعة يكون قد تم تطبيقه بأثر فورى ومباشر بالنسبة للمطعون ضده حيث لم يكن قد صدر له ترخيص بتشغيل السوق، وإنما كان لا يزال فى طور الإعداد واستيفاء الإجراءات اللازمة للحصول عليه، فضلاً عن أنه حتى على فرض سبق صدور الترخيص للمطعون ضده فإن جهة الإدارة لها وفى كل وقت سحب هذا الترخيص أو إلغاؤه إذا تخلف أحد الاشتراطات اللازمة لإقامة هذا السوق ولا سيما تلك المتعلقة بالموقع وشرط المسافة على النحو سالف البيان.
ومن حيث إن المطعون ضده قد خسر هذا الطعن فإنه يلزم بمصاريفه عملاً بالمادة (184) مرافعات.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالطعن الثانى رقم 9644 لسنة 53ق عليا المقام من ………………………….، فإنه لما كان الحكم المستشكل فى تنفيذه والمطلوب وقف تنفيذه وإلغاؤه ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه متعينًا القضاء بإلغائه فإنه إعمالاً لمبدأ اختصار الإجراءات وحيث انتهت المحكمة فيما تقدم فى الطعن الأول رقم 2274 لسنة 47ق. عليا إلى ذات طلبات الطاعن فى الطعن الماثل بالنسبة للحكم المستشكل فى تنفيذه رقم 6805 لسنة 53ق. فإن هذا الطعن يضحى والحال كذلك غير ذى موضوع ولا يكون ثمة جدوى من بحثه لانتفاء الغاية من ذلك ولتحقق النتيجة التى يرمى إليها الطاعن مما يتعين معه والحال كذلك القضاء باعتبار الخصومة منتهية فى هذا الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.
حكمت المحكمة
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانيًا : بالنسبة للطعن رقم 2274 لسنة 47 ق. عليا برفض طلب تدخل ياسر أحمد محمد عثمان الخولى وإلزامه مصروفات طلب تدخله، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات.
ثالثًا: باعتبار الخصومة منتهية فى الطعن رقم 9644 لسنة 53ق. عليا وإلزام الطاعن المصروفات .