جلسة 5 من يوليو سنة 2008
(الدائرة الأولى)
الطعنان رقما 25869 و 26109 لسنة 51 القضائية عليا.
– ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة– الفصل في الطعون الانتخابية المتعلقة بالمرحلة السابقة على إجراء الانتخابات، ولو امتد النزاع إلى ما بعد إجرائها، أو بعد حلف اليمين– أساس ذلك.
المادة 93 من دستور 1971.
يختص القضاء الإداري بنظر الطعون الانتخابية التي تتعلق بالمرحلة الأولى من مراحل الانتخابات، وهي المرحلة السابقة على إجرائها، ومن ذلك: الفصل في توافر شروط العضوية في المرشح. أما المرحلة الثانية التي تبدأ من إعلان نتيجة الانتخابات فإن أي مطاعن توجه بشأنها تكون من اختصاص مجلس الشعب أو مجلس الشورى حسب الأحوال، ومن ذلك: الطعن في العملية الانتخابية ذاتها، أو الطعون التي تمس العضوية- الاختصاص المعقود للقضاء الإداري في المرحلة الأولى يظل معقوداً ما دامت المنازعة تتعلق بشروط ما قبل إجراء الانتخابات، ولو امتد النزاع إلى ما بعد إجرائها واكتساب العضوية وحلف اليمين؛ بحسبان أن العضوية لم تقم على أساس الشروط المتطلبة في الترشح – ترتيبا على ذلك: ينعقد الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة بالفصل في مشروعية قرار إعلان نتيجة الانتخابات، متى كانت قد أجريت على خلاف أحكام قضائية واجبة النفاذ بوقف تنفيذ قرار قبول أوراق أحد المترشحين، وأحكام بوقف تنفيذ قرار إعادة الانتخابات بين هذا المترشح وآخر، وعدم قيام جهة الإدارة بتنفيذ هذه الأحكام ([1])– تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 14/9/2005 أقامت هيئة قضايا الدولة الطعن رقم 25869 لسنة 51 ق. ع نائبة عن الطاعن بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا.
وفي يوم السبت الموافق 22/9/2005 أقام الطاعن في الطعن رقم 26109 لسنة 51ق.ع طعنه بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا.
وأقيم الطعنان طعنا في حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة– الدائرة الأولى – الصادر بجلسة 26/7/2005 في الدعوى رقم 25319 لسنة 58 ق القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن في الطعن الأول رقم 25869 لسنة 51 ق. ع بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى .
وطلب الطاعن في الطعن الثاني رقم 26109 لسنة 51 ق. ع الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه.
وأعلن تقريرا الطعنين على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرين بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيهما الحكم بقبول كل من الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا.
ونظرت الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعنين حيث قررت بجلسة 21/1/2008 ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 3/3/2008 قررت إحالتهما إلى هذه المحكمة لنظرهما بجلسة 3/5/2008 حيث تدوولا أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن رقم 25869 لسنة 51 ق. ع قد استوفى أوضاعه الشكلية ولذلك فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الطعن رقم 26109 لسنة 51 ق. ع فإن الطاعن … لم يكن مختصما في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، أي أنه خارج عن الخصومة، فلا يجوز له الطعن أمام هذه المحكمة مع ما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة إنما عليه أن يسلك مسلك إعادة النظر أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وعليه العودة إليه لطرح ما يراه من أسانيد ومطاعن مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الطعن رقم 25869 لسنة 51 ق. ع فإن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضده أقام بتاريخ 22/6/2004 أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 25319 لسنة 58 ق طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الداخلية الصادر بتاريخ 19/6/2004 فيما تضمنه من إعلان فوز/….، بمقعد الفئات و… بمقعد العمال عن الدائرة الثالثة بمحافظة القاهرة في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى عام 2004 وما يترتب على ذلك من آثار، على سند من أنه سبق أن صدر حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 20588 لسنة 58 ق التي أقامها طعنا في قبول أوراق ترشح … لعدم أدائه الخدمة العسكرية وصدر الحكم بوقف تنفيذ قرار قبول أوراق هذا المترشح، إلا أن جهة الإدارة لم تقم بتنفيذ الحكم، وقبلت أوراق هذا المترشح، وأجريت الانتخابات بين جميع المترشحين بمن فيهم المحكوم باستبعاده من قائمة المترشحين.
وبجلسة 26/7/2005 قضت المحكمة بإلغاء قرار إعلان نتيجة انتخابات التجديد النصفي لانتخابات مجلس الشورى بالدائرة الثالثة بمحافظة القاهرة لإجراء الانتخابات على خلاف ما قضت به الأحكام من استبعاد المترشح/ … لعدم أدائه الخدمة العسكرية وإجراء انتخابات الإعادة بينه وبين آخر، وذلك بعد أن رفضت المحكمة الدفع بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى؛ بحسبان أن المترشح يجب أن يكون قد استوفى سائر الشروط المتطلبة حتى يكتسب العضوية، فإذا خاض المترشح الانتخابات دون اكتساب هذه الشروط كان الاختصاص بنظر المنازعة المتعلقة بذلك من اختصاص محاكم القضاء الإداري.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأنه طبقا لأحكام المادة 93 من الدستور فإن مجلس الشعب هو المختص وحده بنظر صحة عضوية أعضائه، ما دام إعلان نتيجة الانتخابات قد تم، وهو ما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا، مما ينحسر معه الاختصاص عن محاكم مجلس الدولة بنظر منازعات صحة العضوية, وهو ما ينطبق على انتخابات مجلس الشورى وفقا لأحكام المادة 22 من القانون رقم 120 لسنة 1980 بشأن مجلس الشورى التي تقضي بأن يقدم الطعن بإبطال الانتخابات طبقا للمادة 93 من الدستور إلى رئيس مجلس الشورى.
ومن حيث إنه وفقا لما قضت به المحكمة الدستورية العليا وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في تفسير المادة 93 من الدستور فإن القضاء الإداري يختص بالطعون الانتخابية التي تتعلق بالمرحلة الأولى السابقة على إجراء الانتخابات، كتوافر شروط العضوية في المترشح، أما بالنسبة إلى المرحلة الثانية التي تبدأ من إعلان نتيجة الانتخابات فإن أي مطاعن توجه إلى العملية الانتخابية أو تمس العضوية تكون من اختصاص مجلس الشعب أو مجلس الشورى حسب الأحوال، وأن الاختصاص المعقود للقضاء الإداري في المرحلة الأولى يظل معقودا ما دام يتعلق بشروط ما قبل إجراء الانتخابات، ولو امتد النزاع إلى ما بعد إجرائها واكتساب العضوية وحلف اليمين؛ بحسبان أن العضوية لم تقم على أساس الشروط المتطلبة في الترشح.
ومن حيث إنه بإعمال ما تقدم على المنازعة الماثلة ولما كان الثابت صدور أحكام قضائية واجبة النفاذ بوقف تنفيذ قرار قبول أوراق أحد المترشحين وأحكام بوقف تنفيذ قرار إعادة الانتخابات بين هذا المترشح وآخر، ولم تقم جهة الإدارة بتنفيذ هذه الأحكام فإن المنازعة المترتبة عليها ينعقد الاختصاص في شأنها لمحاكم مجلس الدولة ولو بعد حلف اليمين، ومن ثم يكون الدفع بعدم الاختصاص الولائى لمجلس الدولة غير قائم على سنده ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى برفض الدفع متفقا والقانون، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن وإلزام جهة الإدارة المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة:
أولا- بعدم قبول الطعن رقم 26109 لسنة 51 ق.ع، وألزمت الطاعن المصروفات.
ثانيا- بقبول الطعن رقم 25869 لسنة 51 ق. ع شكلا ورفضه موضوعا، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
(1) أكدت المحكمة الدستورية العليا أنه ينبغي دوما أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة، سواء في مجال اقتضائها، أو الدفاع عنها، أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها، وأن مجلس الدولة هو قاضي القانون العام في المنازعات الإدارية (حكمها في القضية رقم 7 لسنة 20 القضائية تنازع بجلسة 6/5/2000، وفي القضية رقم 224 لسنة 19 القضائية بجلسة 9/9/2000).
كما أبانت المحكمة الإدارية العليا في قضاء سابق لها أنه إذا كان نص المادة (93) من الدستور يجري على أن يختص مجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه، بعد تحقيق تجريه محكمة النقض، فإن هذا الاختصاص لا يستنزف اختصاص مجلس الدولة، باعتباره صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المتعلقة بالإجراءات السابقة على العملية الانتخابية بالمعنى الفني الدقيق، والتي تقوم على أساس من إرادة الناخبين، أخذا بعين الاعتبار أن الاختصاص القضائي لمجلس الدولة والاختصاص البرلماني لمجلس الشعب مستمد كلاهما من أحكام الدستور، بيد أنه ينبغي دوما تطبيق نصوص الدستور على نحو يحقق التناسق والانسجام بينها،وانتهت المحكمة إلى أن القرارات الإدارية التي تسبق عملية الانتخاب بالمعنى الفني الاصطلاحي لا تتمخض عملا تشريعيا أو برلمانيا مما يختص به البرلمان، وإنما هي من الأعمال الإدارية التي تباشرها جهة الإدارة في هذا المقام. وأنه ليس في اضطلاع الجهة الإدارية بهذه الأعمال أو في الرقابة القضائية على سلامة قراراتها الصادرة في هذا الشأن ما يعني مساسا باختصاص البرلمان أو انتقاصا لسلطاته؛ ذلك أن المجلس النيابي لا يستأثر حقيقة بشئون أعضائه ومصائرهم إلا بعد أن تثبت عضويتهم الصحيحة به، النابعة من إرادة الناخبين. كما أن الفصل في سلامة القرارات الإدارية الصادرة في شأن الإعداد للعملية الانتخابية –بالمفهوم الفني الاصطلاحي الدقيق– هو في الأصل اختصاص قضائي، لا يفترق عن غيره من الاختصاصات القضائية، فلا تنأى القرارات الصادرة في هذا الشأن عن الرقابة القضائية أو تنسلخ عنها. وأكدت المحكمة أنه إذا كان قاضي المشروعية، المهيمن دستوريا على كافة مناحي المنازعات الإدارية، حريصا على اختصاصه نزولا على أوامر النصوص الدستورية، فإنه لا يقل حرصا على ألا يتجاوز اختصاصه تطاولا على اختصاص تقرر لجهة أخرى ، فقاضي المشروعية يلزم نفسه قبل غيره أن يكون معبرا صادقا عن حقيق إرادة المشرع. =
= (يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 1946 و 1947 لسنة 47 القضائية عليا بجلسة 10/12/2000، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في شأن الطعون الانتخابية في الفترة من أول أكتوبر 2000 وحتى آخر ديسمبر 2000، مكتب فني رقم 27 ص 182. ويراجع كذلك حكمها في الطعن رقم 11014 لسنة 47 القضائية عليا بجلسة 19/6/2004، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها في السنة 49 القضائية، مكتب فني رقم 97 ص 778).
وفي حكم آخر ذهبت المحكمة إلى أن النعي على العملية الانتخابية بمعناها الفني الدقيق، والمتمثلة في التصويت والفرز وإعلان النتيجة يدخل حسمه في إطار الاختصاص المقرر لمجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه، سواء أسفرت هذه العملية عن فوز أحد المرشحين وحسم الانتخابات بصفة نهائية، أو عن الإعادة بين مرشحين أو أكثر؛ وذلك حتى لا تتقطع أوصال المنازعة الواحدة. وأن مناط اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في الطعون على القرارات المتعلقة بقبول أوراق الترشح أو الصفة السابقة على الانتخابات هو أن يتم الطعن على هذه القرارات على استقلال وفي الميعاد القانوني قبل بدء العملية الانتخابية، بحيث يكون محل الطعن هو القرار الإداري السابق على إجراء الانتخابات. فلا اختصاص للقضاء الإداري إذا تم الطعن على هذا القرار بعد إجراء الانتخابات وإعلان النتيجة؛ لأن القرار الأول الخاص بالترشح يكون قد اندمج في نسيج العملية الانتخابية وأصبح جزءاً منها، وظهر واقع قانوني جديد هو قرار إعلان نتيجة الانتخاب، فلم يعد من الجائز فصل قرار قبول أوراق الترشيح -السابق على العملية الانتخابية – والطعن عليه على استقلال؛ إذ إنه أصبح جزءاً من عناصر صحة عضوية مجلس الشعب، ومن ثم يكون الطعن عليه فى هذه المرحلة من خلال الطعن على صحة العضوية الذي يختص به مجلس الشعب.
(يراجع حكمها في الطعن رقم 7504 لسنة 52 القضائية عليا بجلسة 24/2/2007، منشور بمجموعة المبادئ التي قررتها الدائرة الأولى في الفترة من أول أكتوبر 2006 حتى أبريل 2007، مكتب فني رقم 62 ص 414)