جلسة 26 من مارس سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعنان رقما 2628 و 2671 لسنة 32 القضائية عليا.
– سلطة إزالة التعدي عليها- ضابطها.
المادة (970) من القانون المدني– المادتان (26) و (31) من قانون نظام الإدارة المحلية، الصادر بالقرار بقانون رقم (43) لسنة 1979.
إعمال الإدارة لسلطتها في إزالة التعدي على أملاكها بالطريق الإداري، المخول لها بمقتضى المادة (970) من القانون المدني منوط بتحقق دواعي استعمالها، كوجود اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو غيرها من الأشخاص المعنوية- إذا كان واضع اليد يستند إلى ادعاء بحق له على العقار، له ما يبرره من مستندات تؤيد في ظاهرها ما يدعيه من حق، أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما ينسبه إلى نفسه من مركز قانوني بالنسبة للعقار، فإن الأثر المترتب على ذلك هو انتفاء حالة الغصب أو الاعتداء– مؤدى ذلك: لا يسوغ للدولة في مثل هذا الوضع أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد– أساس ذلك: أن جهة الإدارة لا تكون حالتئذ في مناسبة رفع اعتداء أو إزالة غصب، وإنما تكون في معرض انتزاع ما تراه هي من حق، وهو أمر غير جائز بحسب الأصل الذي يجعل الفصل في حقوق الطرفين وحسم النزاع بينهما للقضاء المدني– لا تقضي محكمة القضاء الإداري عند نظرها في مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي في منازعة قائمة بين المتنازعين بشأن الملكية، فهي لا تتولى بحث وتمحيص المستندات المقدمة من أيهما، وإنما يقف اختصاصها في هذا الشأن عند التحقق من أن سند الجهة الإدارية له أصل ثابت في الأوراق، وأن يكون ادعاؤها ادعاءً جديا له من الشواهد وعليه من الدلائل ما يبرر إزالة التعدي بقرار إداري- تطبيق)[1](.
– صفة في الدعوى– اختصام أحد الورثة يغني عن اختصام باقيهم.
المنازعة أمام محاكم مجلس الدولة منازعة عينية تنصب على قرار إداري لوزنه بميزان القانون للوقوف على مدى مشروعيته، ليُقضى برفض طلب وقف تنفيذه أو إلغائه إذا كان مشروعا، أو بوقف تنفيذه أو بإلغائه إذا كان غير مشروع– هذه الأحكام تكون حجة على كافة من يمس هذا القرار مراكزهم القانونية، حتى لو كانوا غير ممثلين بأشخاصهم في الدعوى– مؤدى ذلك: أحد الورثة يكفي ممثلا لباقي الورثة، فيغني اختصامه عن اختصام الباقين– تطبيق )[2](.
في يوم السبت الموافق 21/6/1986 أودع الأستاذ/ … المحامي بصفته وكيلا عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن الأول رقم 2628 لسنة 32 ق. عليا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 575 لسنة 1 ق بجلسة 24/4/1986 ، الذي قضى في منطوقه بالآتي: “حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا ، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت كلا من المدعية والجهة الإدارية المصروفات مناصفة”.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم (عدا الأخير) المصروفات.
وفي يوم الأحد الموافق 22/6/1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ الشرقية قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن الثاني رقم 2671 لسنة 32 ق. عليا على ذات الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالمنصورة سالف الإشارة إليه، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وبقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم (عدا الأخير) المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعنين، انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا ، وإلزام الطاعنين كل مصروفات طعنه.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت بجلسة 15/10/2002 ضم الطعنين الأول والثاني للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 3/7/2003 قررت إحالتهما إلى الدائرة السادسة موضوع لنظرهما بجلسة 8/10/2003 . ونفاذا لذلك ورد الطعنان إلى هذه المحكمة ونظرتهما بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وقررت إصدار الحكم بجلسة 6/2/2008 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بعريضة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 20/5/1987 أقام المطعون ضدهم عدا الأخير الدعوى رقم 1365 لسنة 32 القضائية يطلبون الحكم: أولا- وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار محافظ الشرقية رقم (350) لسنة 1978 فيما ادعاه من وقوع اعتدائهم على قطعتي الأرض رقم 9 بحوض خارج الزمام البحري رقم 11 بالعدلية مركز بلبيس شرقية ورقم 12 حوض خارج الزمام البحري رقم 2 قسم ثان، وثانيا- وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع إلزام جهة الإدارة المصروفات وأتعاب المحاماة.
وقال المدعون شرحا للدعوى: إن الدكتور/ محمد كمال … والمرحوم/ عبد الهادي … اشتريا قطعة أرض صحراوية بور مساحتها خمسون فدانا بحق النصف لكل منهما، من البائعَين: علي … ومحمد …، مشاعا في مساحة مقدارها 7س 12ط 53 ف خارج الزمام ص 6 بناحية العدلية مركز بلبيس شرقية، وذلك بموجب عقد بيع مسجل برقم 5897 في 11/6/1961 ، وقبل البائعان أن يضع المشتريان أيديهما على هذه المساحة مفرزة ومحددة على الوضع الآتي: (البحري: فاصل الحوض وبعضه القطعة رقم 5 باسم حليم …– الشرقي: حدود ناحية بلبيس – القبلي: بعضه القطعة رقم 4 وبعضه فاصل الحوض- الغربي: القطعة رقم 1)، وقد نص في البند السادس من العقد على أن المشتريين أقرا بأنهما وضعا أيديهما على الأطيان المباعة بعد معاينتهما لها والتحقق منها.
واستطرد المدعون يقولون إن المشتريين منذ شرائهما لتلك الأرض وهما يقومان بتمهيدها واستغلالها ودق مواسير المياه الارتوازية وتخطيط المراوي ، كما أقاما بعض المباني اللازمة للإصلاح والاستغلال ، وإن كان قد عاق مسيرة الإصلاح قيـــام القوات المسلحة بعد قيام العمليات العسكرية في عام 1967 بشغلها وإقامة الخنادق عليها لقربهـــا من المطـــار الحربي وكلية الطيران ببلبيس ، وقد ترتب على ذلك إتلاف الطلمبة الارتوازية وردم المواسير وهدم المراوي والإنشاءات والمباني ، وإن كان هذا لم يمنع الدكتور/ محمد كمال … وورثة المرحوم/ عبد الهادي … الذي كان قد توفي إلى رحمة الله في هذه الأثناء من التردد على الأرض لإصلاح ما يمكن إصلاحه في مثل هذه الظروف القاهرة، حتى إذا زالت الغمة بعمليات أكتوبر سنة 1973 العسكرية ، أسرع الدكتور محمد كمال … ومعه ورثة المرحوم/ عبدالهادي … باستئناف الإصلاح بتطهير المواسير التي كانت لا زالت مزروعة في الأرض وإعادة المراوي والمساقي إلى حالتها وردم الحفر التي خلفتها المشروعات العسكرية ، غير أن الإصلاح الزراعي في شخص مشرف جمعية بساتين سراج الدين تعرض للعمال القائمين بإصلاح الأرض ومنعهم من الاستمرار في العمل واستعدى عليهم سلطات الشرطة ، إذ تقدم المشرف المذكور بتاريخ 31/7/1976 إلى مأمور مركز بلبيس بالشكوى رقم 2863 لسنة 1976 إداري بلبيس يزعم فيها تعديهم على هذه الأرض ويطلب وقف هذا التعدي تمهيدا لإزالة الإنشاءات بالطريق الإداري.
وعندما علم المدعي الأول بتعرض الإصلاح الزراعي لعماله تقدم بتاريخ 14/8/1976 بشكوى إلى مأمور مركز بلبيس ضد الإصلاح الزراعي طلب فيها منع تعرضه لعماله في عمليات الإصلاح للأراضي، وقد استشهد على وضع يده على الأرض ببعض الجيران، وهم: … أمين الاتحاد الاشتراكي بقرية السلام وصاحب ملك ملاصق، و … من قرية السلام ويعمل مزارعا بها ، و … سكرتير مجلس قرية عيشه، وقد شهدوا جميعا بأن المرحوم/ عبد الهادي … وابنه الدكتور/ محمد كمال … قاما بزرع ماسورتي مياه سنة 1961 منها واحدة خاصة بالري والثانية احتياطي لها، وقاما ببناء بعض المساكن بالطين وتسوية الأرض، وقد أصدر وكيل نيابة بلبيس بتاريخ 31/8/1976 الأمر ببقاء الحال على ما هو عليه وبمنع تعرض الغير للشاكي/ الشافعي …، وعلى المتضرر الالتجاء للقضاء المدني إذا شاء، ولكن الإصلاح الزراعي تظلم إلى رئيس نيابة الزقازيق الذي رفض التظلم وأيد قرار وكيل النيابة، كما أيده كل من المحامي العام والنائب العام، فلجأ الإصلاح الزراعي إلى الجهة الإدارية يستعديها، فاستصدر القرار المطعون فيه رقم (350) لسنة 78 من محافظ الشرقية بإزالة ما أسماه الإصلاح الزراعي تعديا من جانب المدعي على الأرض المشار إليها، فأقاموا الدعوى الماثلة يطلبون الحكم لهم بالطلبات سالفة الذكر، وينعون على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لعدم صحة سببه؛ لأنه:
(أولا) بالنسبة للقطعة رقم 12 الواقعة بحوض خارج الزمام البحري رقم 2 قسم ثان ، فإنه إن كانت هذه القطعة أملاكا أميرية ملاصقة لملكهم ، إلا أنهم يضعون اليد عليها من آخرين منذ مدة طويلة، ويقومون بزراعتها سنوات متتالية، ويدفعون الإيجار الذي ربطته مصلحة الأملاك الأميرية على هذه القطعة سنويا وبانتظام ، ويحصلون على إيصالات بالدفع ولديهم أرقام الربط وشهادات بذلك من الضرائب العقارية ببلبيس، ولا يتأتى مع ربط الجهة الإدارية المالكة لهذه الأرض وقيامها بتحصيل الإيجار عنها الادعاء بأنهم (أي المدعين) معتدون عليها.
(ثانيا) بالنسبة لقطعة الأرض رقم (6) بحوض خارج الزمام البحري رقم 11 بالعدلية فإن هذه القطعة هي التي ينازع الإصلاح الزراعي فيها، والتي صدر بشأنها قرارات النيابة العامة، وإن وجه النزاع يقوم حول وضع أيديهم على هذه المساحة وليس في ملكيتها الثابتة لهم بمقتضى عقد البيع المسجل المشار إليه، على الرغم من أن دليل وضع أيديهم عليها مستقى من نصوص هذا العقد والطبيعة وشهادة الشهود على نحو يقطع به، وذلك أنه من الواضح من نصوص العقد المسجل برقم 5897 في 6/7/1961 أن محله هو خمسون فدانا مشاعا في مساحة مقدارها 7س و12ط و531 ف، وأنه بذلك لم تكن هذه المساحة محددة ومفرزة في العقد، وأن سبب ذلك أن البائعين كانا يملكان هذه المساحة ضمن 12س و17ط و330 ف شائعة في 7س و12ط و531 ف، غير أن البند السادس من العقد نص على أن يقر المشتريان أنهما وضعا أيديهما على الأطيان المباعة بحسب حدودها ومعالمها الموضحة بالجدول حرف (ب) بعد معاينتها والتحقق منها، وأن هذا يدل على وضع اليد، وهو أمر واقعي فعلي على قطعة أرض مفرزة محددة، وأما من ناحية الطبيعة فقد قام المشتريان منذ شرائهما لهذه الأرض أوائل عام 1961 بوضع أيديهما على الخمسين فدانا محل البيع، وقاما بدق مواسير طلمبة ارتوازى وببناء بعض المساكن لإقامة العاملين، وشقا في الأرض المراوي والمساقي وقاما بتهيئتها وتمهيدها، وهذه حقائق ماثلة في الطبيعة.
وانتهى المدعون من ذلك إلى القول إنه طبقا للمادة 846/2 من القانون المدني، فقد استقر لهم الأثر المترتب على وضع اليد تلك المدة الطويلة منذ تسجيل العقد في عام 1961 حتى تاريخ تعرض الإصلاح الزراعي لهم في عام 1976، وهو ملكيتهم لتلك المساحة محددة ومفرزة بحدودها التي وضعوا اليد عليها وذلك في مواجهة الكافة ومنهم الإصلاح الزراعي، إذ تنص تلك المادة على أنه: “وإذا دامـــت هذه القسمة ( قسمة المهايأة) خمس عشرة سنة انقلبت قسمة نهائية، ما لم يتفق الشركاء على غيـر ذلك. وإذا حاز الشريك على الشيوع جزءا مفرزا من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة، افترض أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسمة مهايأة”.
ويؤسس المدعون دعواهم أيضا على أن ملكية هذه الأرض قد انتقلت إليهم بالعقد المسجل بتاريخ 6/7/1961 قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 127/1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي وهو 25/7/1961 الذي خضعت له أرض البائعين والذين كانت أرضهم شائعة بها، فضلا عن أن الإصلاح الزراعي لم يعمل في شأنهم أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الإصلاح الزراعي رقم 178/1952، إذ لم يخطرهم بميعاد تجنيب نصيب الحكومة ومكانه إعمالا للمواد 22 و23و24 من هذه اللائحة.
وبجلسة 31/10/1978 وبمناسبة إنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإداري بالمنصورة قررت المحكمة إحالة الدعوى إليها حيث قيدت بجدولها برقم 575 لسنة 1 ق.
وقدم مفوض الدولة تقريرا في الدعوى ارتأى فيه الحكم بقبولها شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفع اعتداء المدعين على قطعة الأرض رقم (6) بحوض خارج الزمام البحري رقم (11) بالقرية، وتأييد القرار فيما عدا ذلك، مع إلزام الجهة الإدارية والمدعين المصروفات مناصفة عملا بالمادة (186) من قانون المرافعات.
وبجلسة 24/4/1986 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه استنادا إلى أن محمد كمال عبدالهادي … ووالده المرحوم/ عبد الهادي … مورث باقي المدعين اشتريا بموجب العقد المسجل برقم 5897 بتاريخ 6/7/1961 مساحة خمسين فدانا شائعة ضمن مساحة كلية قدرها 7س 12ط 531ف المستولى عليها من قبل الإصلاح الزراعي طبقا لأحكام قانون الإصلاح الزراعي، وأن جهة الفرز المختصة قامت بتجنيب نصيب الحكومة في الأطيان الشائعة وبلغت مساحتها 14س 22ط 91ف وهي التي تقع ضمنها المساحة التي تخص المدعية على الشيوع (خمسون فدانا)، وأخطرت ملاك المشاع بما تم فرزه، كما تم الاستيلاء على قطعة أخرى مقدارها 8س 22ط 109ف بالقطعة رقم (9) من (6) أصلية وهي القطعة الواقع فيها الفرز الذي يخص المدعية على وجه الشيوع، ولم يثبت من الأوراق أن الهيئة أعملت في حقهم الإجراءات المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون حيث لم يتم إخطارهم بالتجنيب خلال المواعيد والإعلان بالفرز ومكنة سماع اعتراضاتهم والتظلم من قرارات اللجنة من غير ذلك. وأن القرار المطعون فيه إذا كان وليد قرار الاستيلاء الباطل لبطلان إجراءاته فهو باطل بعدم اتخاذ لجنة الفرز للإجراءات المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون، كما أن الثابت أن المدعين اشتروا القطع محل القرار المطعون فيه بعد صدوره عن محافظ الشرقية بالعقدين المسجلين برقمي 2697 و 2698 بتاريخ 16/1/1980 أثناء نظر الدعوى، ومن ثم يتعين الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه ، ولا يخل ذلك بحق الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في الاستيلاء على الأطيان المقرر الاستيلاء عليها طبقا للقانون.
وانتهى الحكم المطعون فيه إلى قضائه المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الثاني المقام من محافظ الشرقية مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه، حيث إن لجنة الفرز المختصة أعملت صحيح حكم القانون واللائحة عند قيامها بإجراءات الفرز لنصيب الحكومة، ولم تكن هناك إجراءات مخالفة للقانون، وأن المطعون ضدهم تعدوا على أطيان الحكومة والتي تزيد مساحتها عن 213 فدانا في حين أن مشتراهم 50 فدانا فقط.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول المقام من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي الخطأ في فهم وقائع الدعوى والخطأ في تطبيق القانون، وأن الحكم لم يطبق نص المادة 970 من القانون المدني وأخطأ في تفسير القانون وتأويله، وعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيا بنظر الدعوى بالنسبة لمسطح الخمسين فدانا المملوكة للمطعون ضدهم، وعدم قبول الدعوى بالنسبة لمن لم يرد اسمه من المدعين في القرار المطعون فيه، وعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد؛ حيث إن إجراءات الفرز والتجنيب قامت بها اللجنة المختصة طبقا لأحكام القانون واللائحة التنفيذية وهي إجراءات ليست باطلة، فضلا عن أن محضر الاستيلاء ليس هو سبب الدعوى، ولا نزاع عليه وإنما النزاع حول التعدي على أملاك الحكومة، وإذا كان النزاع يدور حول الأرض المستولى عليها التي يدخل ضمنها الأرض المشتراة من المطعون ضدهم فيكون من اختصاص اللجان القضائية المختصة، ولا يختص بنظرها القضاء الإداري، ولو أن الدعوى أقيمت طعنا على قرار مجلس الهيئة العامة للإصلاح الزراعي باعتماد لجنة فرز المشاع بتاريخ 20/8/1968 فإن علم المدعية به هو 31/7/1976 عند توجيه الإصلاح الزراعي لهم، وتكون الدعوى قد أقيمت بعد الميعاد لإيداع صحيفتها في 20/5/1978.
ومن حيث اختتم الطاعنان تقريري طعنيهما بطلب الحكم بطلباتهما.
ومن حيث إنه تجدر الإشارة -ردا على الدفوع المبداة في تقريري الطعن- إلى أن هذه المنازعة تنصب أساسا على القرار الصادر عن محافظ الشرقية رقم (350) لسنة 1978 بإزالة تعدي المطعون ضدهم أو مورثهم عملا بالمادة (970) من القانون المدني، وهو مما يدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة، وقد قيدت الدعوى المطعون في حكمها طعنا على هذا القرار خلال المواعيد المقررة، ولذا فهي مقبولة شكلا على النحو الثابت بهذا الحكم.
ومن حيث إنه عن الدفع الذي أبداه أحد المطعون ضدهم ببطلان إعلان أحمد … المقيم بالخارج لعدم إجراء التحريات اللازمة، فإن الثابت بالأوراق أن المذكور هو وارث أحد المدعين في الدعوى الأصلية، وأنه تم إعلان الجميع إعلانا قانونيا صحيحا، حيث حضر بعض الورثة وأبدوا دفاعهم أمام المحكمة، فضلا عن أن أحد الورثة يكفي ممثلا لباقي الورثة، لا سيما وأن المنازعة أمام محاكم مجلس الدولة هي منازعة عينية تنصب على قرار إداري لوزنه بميزان القانون للوقوف على مدى مشروعيته، فإذا كان مشروعا قضي برفض طلب وقف تنفيذه أو طلب إلغائه، أما إذا كان غير مشروع قضي بوقف تنفيذه أو بإلغائه حسب الأحوال، وتكون هذه الأحكام حجة على كافة من يمس هذا القرار مراكزهم القانونية حتى ولو كانوا غير ممثلين بأشخاصهم. كما أن البادي بالأوراق أن الجهة الإدارية أجرت التحريات الجادة واللازمة لإعلان المذكور بالطريق القانوني الصحيح، حيث قامت بإعلانه في آخر محل إقامة معلوم له في الداخل، وحينما تبين سفره للخارج قامت بإعلانه عبر الطريق الدبلوماسي بوزارة الخارجية التي أفادت بتعذر الاستدلال عليه في الولايات المتحدة الأمريكية لعدم ذكر اسم الولاية والرقم البريدي، فتم إعلانه في النيابة العامة، فيكون هذا الإعلان من ثم قد تم وفقا لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن.
ومن حيث إن المادة (970/2/3) من القانون المدني تنص على أنه: “ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة … أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إداريا”.
وللمحافظ أو من يفوضه حق إزالة التعديات على أملاك الدولة وذلك طبقا لنص المادتين 26 و 31 من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 79.
ومن حيث جرى قضاء هذه المحكمة على أن إعمال الإدارة لسلطتها في إزالة التعدي على أملاكها بالطريق الإداري والمخول بمقتضى المادة (970) من القانون المدني، منوطة بتوافر أسبابها وتحقق دواعي استعمالها، كوجود اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو غيرها من الأشخاص المعنوية ، فإذا كان واضع اليد يستند إلى ادعاء بحق على العقار، له ما يبرره من مستندات، تؤيد في ظاهرها ما يدعيه من حق، أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما ينسبه إلى نفسه من مركز قانوني بالنسبة للعقار، فإن الأثر المترتب على ذلك هو انتفاء حالة الغصب أو الاعتداء، ومن ثم لا يسوغ للدولة في مثل هذا الوضع أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد.
وأساس ذلك أن جهة الإدارة في هذه الحالة لا تكون في مناسبة رفع اعتداء أو إزالة غصب، وإنما تكون في معرض انتزاع ما تدعيه هي من حق، وهو أمر غير جائز بحسب الأصل الذي يجعل الفصل في حقوق الطرفين وحسم النزاع بينهما للقضاء المدني بحكم ولايته القانونية. وإن محكمة القضاء الإداري عند نظرها لمشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي لا تقضي في منازعة قائمة بين الطرفين المتنازعين بشأن الملكية، بحيث تتولى بالبحث والتمحيص المستندات المقدمة من كل منهما، وإنما يقف اختصاصها في هذا الشأن عند حد التحقق من أن سند الجهة الإدارية له أصل ثابت في الأوراق، وأن يكون ادعاؤها ادعاء جديا له من الشواهد والدلائل ما يبرر إزالة التعدي بقرار إداري.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع الطعن الماثل فإن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهم ومورثهم (غير المطعون ضده الأخير في الطعنين) كانوا قد اشتروا قطعة أرض صحراوية بور مساحتها خمسون فدانا بحق النصف لكل من: محمد كمال … والمرحوم/ عبد الهادي … (مورث بعض المطعون ضدهم) من البائعَين: علي … ومحمد … ، مشاعا في مساحة مقدارها أكثر من 531 فدانا خارج الزمام ص6 بناحية العدلية مركز بلبيس شرقية، وذلك بموجب عقد بيع مسجل برقم 9897 في 11/6/1961، وقبل البائعان أن يضع المشتريان أيديهما على هذه المساحة مفرزة محددة بحدود مبينة في العقد. وأثناء نظر الدعوى المطعون في حكمها اشترى محمد كمال … وشركاه من محافظ الشرقية (مصدر القرار المطعون فيه) ومدير إدارة الأملاك بالشرقية مساحة قدرها 9س 23ط 20ف، ومساحة أخرى قدرها 8 س 23ط 20ف بحوض خارج الزمام 2 ثالث بناحيـــة الســــلام مركـــز بلبيس بالقطعة رقم (12) ، وذلك بموجب عقدي البيع المشهرين برقمي2697 و 2698 في 16/1/1980 بمأمورية الشهر العقاري بالزقازيق، وقد أقر الحاضر عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أمام محكمة أول درجة بجلسة 9/5/1985 أن البيع الصادر عن محافظ الشرقية للمساحات الواردة في هذين العقدين هو بيع صحيح طبقا لأحكام القانون رقم 19 لسنة 84 الذي جعل تصرفـــــات المحافظات على هذه الأراضي التي أصبحت من أملاك الإصلاح الزراعي صحيحة إذا تم التصرف حتى 9/10/1982.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون المطعون ضدهم (غير جهة الإدارة) يستندون في وضع أيديهم على الأرض محل القرار المطعون فيه إلى عقود بيع مسجلة ومشهرة بالشهر العقاري، وصادر بعضها من محافظ الشرقية ذاته مصدر القرار المطعون فيه، مما يكونون معه غير متعدين أو غاصبين لتلك المساحات المحددة في تلك العقود، وما كان يجوز لمحافظ الشرقية أن يصدر قراره المطعون فيه مستخدماً بذلك سلطته الاستثنائية المقررة طبقا للمادة (970) من القانون المدني؛ لتخلف مناط إعمال هذه السلطة لعدم وجود اعتداء ظاهر على أملاك الدولة، وحتى لو كانت ملكيتهم شائعة فإنه يتعين في هذه الحالة فرز وتجنيب المساحات المملوكة للمطعون ضدهم، وفصل الحدود بينها وبين أملاك الدولة العامة والخاصة المستولى عليها بمعرفة الإصلاح الزراعي طبقاً لأحكام القانون واللوائح المعمول بها، دون أن يوصم وضع أيديهم الحالي عليها بالاعتداء، مما يضحى معه القرار المطعون فيه غير مشروع لمخالفة الواقع والقانون، متعيناً إلغاؤه، وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فيكون صحيحاً فيما انتهى إليه، ويكون الطعنان الماثلان عليه في غير محليهما متعينا القضاء برفضهما، وإلزام الطاعنين بصفتيهما كلا مصاريف طعنه إعمالاً لنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، ورفضهما موضوعا، وألزمت الطاعنين بصفتيهما كلا مصاريف طعنه.
([1]) سبق إقرار ذات المبدأ في الطعن رقم 837 لسنة 44 القضائية عليا بجلسة 22/1/2003، منشور بمجموعة س 48 مكتب فني ص 411.
[2])) سبق إقرار ذات المبدأ في الطعن رقم 1163 لسنة 26 القضائية عليا بجلسة 4/1/1983، منشور بمجموعة س 28 مكتب فني رقم 59 ص 380، وكذا في الطعن رقم 1172 لسنة 28 القضائية عليا بجلسة 19/3/1988 منشور بمجموعة س 33 رقم 185 ص 1155.