جلسة 8 من يوليو سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعنان رقما 28120 و 28605 لسنة 54 القضائية عليا.
– ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة– القرارات الصادرة عن الجهة الإدارية فيما يتعلق بسلطتها في الإشراف والرقابة على الأندية الرياضية الخاضعة لإشرافها ورقابتها.
المادتان (25) و (49) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة، الصادر بالقانون رقم (77) لسنة 1975، والمعدل بالقانون رقم (51) لسنة 1978.
البحث في اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، سواء كان ولائيا أو نوعيا أو مكانيا من المسائل الأولية التي يتعين التصدي لها قبل البحث والخوض فيها موضوعيا؛ لأن ذلك يدور مع ولاية المحكمة بنظرها وجودا وعدما– تمارس الجهة الإدارية المختصة سلطة الإشراف والرقابة على الأندية الرياضية التي تخضع ماليا وتنظيميا وإداريا وفنيا وصحيا لإشرافها– لهذه الجهة الحق في التثبت من عدم مخالفة الأندية الرياضية للقوانين وللنظام الأساسي للهيئة ولقرارات الجمعية العمومية– لرئيس الجهة الإدارية المختصة الحق في إعلان بطلان أي قرار يصدره مجلس الإدارة إذا كان مخالفا لأحكام القانون المذكور أو للقرارات المنفذة له أو لنظام الهيئة أو لأية لائحة من لوائحها– القرارات التي تصدرها الجهات الإدارية نتيجة ممارستها سلطة الإشراف على الأندية الرياضية قرارات إدارية نهائية تختص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات التي تثور بشأنها- تطبيق.
– تكييف طلبات الخصوم من تصريف المحكمة تحت رقابة محكمة الطعن.
تكييف الدعوى هو من تصريف المحكمة، إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى حقيقة هذه الطلبات، وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح على هدي ما تستنبطه من واقع الحال وملابساته، دون أن تتقيد في هذا الصدد بتكييف الخصوم لها، وإنما بحكم القانون فحسب– تكييف محكمة الدعوى يخضع لرقابة محكمة الطعن التي يكون لها أن تزن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بميزان القانون، توصلا إلى إبرام ما انتهى إليه الحكم أو نقضه– تطبيق.
– لائحة تنفيذية- حدود النص اللائحي– الامتناع عن تطبيق اللائحة التي تجاوزت الحدود المقررة للوائح التنفيذية.
المادة (144) من دستور 1971.
إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين حق أصيل لرئيس الجمهورية، باعتباره رئيس السلطة التنفيذية، وله أن يفوض غيره في إصدارها، ويجوز أن يحدد القانون من يصدر اللوائح التنفيذية– يجب أن تلتزم اللوائح التنفيذية بحدود الإطار الموضوع لها في أحكام القانون، فلا يجوز أن تتضمن من النصوص ما يعدل في أحكام القوانين الصادرة تنفيذا لها، سواء بالحذف أو الإضافة أو المغايرة في مضمونها، أو التعطيل أو الإعفاء من تنفيذها- أساس ذلك: اللوائح في مرتبة أدنى من القوانين، وهدفها مقصور على إنفاذ المبادئ المقررة في القانون، وذلك بوضع الشروط اللازمة لتطبيقه، أو وضع القواعد التي تُفصل ما ورد عاما في أحكامه، وبما لا يتضمن خروجا على هذه الأحكام– يسري هذا الحظر على رئيس الجمهورية وعلى من هم دونه من باب أولى– إذا ناط القانون بالجهة الإدارية أن تضع أنظمة أساسية للهيئات الخاضعة لأحكامه، فإنها تلتزم نص المادة (144) من الدستور التي تحظر أن تتضمن اللوائح التنفيذية نصا يعدل القانون بالحذف أو الإضافة، أو التعطيل أو الإعفاء من تنفيذ أحكامه– لا وجه للقول إن ثمة تفويضا تشريعيا من المشرع العادي إلى جهة الإدارة مقتضاه تمتع نصوص هذه اللائحة بقوة القانون بحيث تعتبر مكملة لأحكامه، وتأخذ ذات مرتبة التشريع الأعلى من اللائحة– أساس ذلك: أن من المسلم به أن لكل من القانون واللائحة التنفيذية والتفويض التشريعي مجاله الخاص وفقا لأحكام الدستور، فالتفويض التشريعي لا يكون إلا لرئيس الجمهورية بمقتضى المادتين (108) و (147) من الدستور، وفي أحوال استثنائية وبشروط معينة، أما ما يصدر من لوائح تنفيذية طبقا لحكم المادة (144) من الدستور عن رئيس الجمهورية أو عن غيره فإنها لا تنطوي على تفويض تشريعي في مفهوم المادتين (108) و (147)، ولا تعدو أن تكون لوائح تنفيذية، تلتزم تنفيذ الأحكام الواردة في القانون دون تعديل لها بأية صورة– مؤدى ذلك: الامتناع عن تطبيق النص اللائحي المتعدي للحدود التي رسمتها المادة (144) من الدستور؛ لمخالفته المبادئ الدستورية والأصولية والقانونية، وتجاوزه الحدود المقررة للوائح التنفيذية– تطبيق.
– الحق في إنشاء وتكوين النوادي الرياضية والاجتماعية والتمتع بعضويتها– اشتراط عدم الحكم بعقوبة مقيدة للحرية في جناية أو جنحة– إسقاط العضوية.
المادة (10) من دستور 1971– المادة (9) من القانون رقم (152) لسنة 1949 بشأن الأندية– المادة (4) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة، الصادر بالقانون رقم (77) لسنة 1975، والمعدل بالقانون رقم (51) لسنة 1978– المادتان (7) و (12) من لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية، الصادرة بقرار وزير الشباب رقم (836) لسنة 2000 (الملغاة لاحقا بقرار المجلس القومي للرياضة رقم 85 لسنة 2008).
تواترت الدساتير المصرية المتعاقبة على كفالة الحقوق والحريات العامة للمواطنين، وصونها من أي افتئات أو عدوان عليها، حتى أفرد لها دستور 1971 بابا خاصا– للمواطنين الحق في إنشاء وتكوين الجمعيات والنقابات والاتحادات وغيرها من الهيئات المجتمعية الخاصة، وهو ما ينسحب على الهيئات الخاصة ذات النفع العام كالأندية الرياضية التي تعنى برعاية النشء والشباب، وتنمية ملكاتهم، وتأهيلهم للنهوض بمسئولياتهم عن طريق توفير الخدمات الرياضية والقومية والاجتماعية والروحية والصحية لهم– أساس ذلك: المادة العاشرة من الدستور التي أناطت بالدولة حماية الأمومة والطفولة ورعاية النشء والشباب وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم– منح المشرع تلك الهيئات الكثير من امتيازات السلطة العامة، واعتبر أموالها من الأموال العامة في مجال تطبيق قانون العقوبات، وحظر الحجز عليها إلا لاستيفاء الضرائب والرسوم المستحقة للدولة، كما حظر تملكها بمضي المدة– مؤدى ما سبق: لكل مواطن الحق في إنشاء وتكوين النوادي الرياضية والاجتماعية، والتمتع بعضويتها، ما دام قد استوفى الشروط المقررة بالقانون– حظر أو منع أو حرمان الشخص من التمتع بهذا الحق لا يرد إلا استثناء لحالة أو سبب عارض ألم بالشخص وأدى إلى حرمانه منه، فلا يقاس على هذا الاستثناء ولا يتوسع فيه– راعى المشرع في القوانين المنظمة للحقوق والحريات العامة أنه لا يكفي لحرمان المواطن من أحد حقوقه مجرد صدور حكم جنائي نهائي عليه بعقوبة سالبة للحرية، وإنما استلزم أن يكون الحكم الموجب للحرمان صادرا في جناية أو في جنحة من الجنح الواردة في صلب هذه التشريعات على سبيل الحصر عن جرائم مخلة بالشرف والاعتبار- تأسيسا على ذلك: لا يجوز أن تتضمن لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية نصا يقرر إسقاط العضوية عمن يحكم عليه في جنحة بعقوبة مقيدة للحرية، دون تحديد الجرائم التي يصدر فيها الحكم النهائي، وبالمخالفة لأحكام القانون المنظم رقم (152) لسنة 1949 بشأن الأندية، وخروجا على أحكامه– تطبيق.
في يوم الاثنين الموافق 2/6/2008 أودع الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت الرقم 28120 لسنة 54 القضائية عليا، في حكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية) الصادر بجلسة 1/6/2008 في الدعوى رقم 16610 لسنة 62ق، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا، وإلزام المدعي المصروفات. كما أودع الطاعن يوم السبت الموافق 7/6/2001 تقرير طعن قيد برقم 28605 لسنة 54 القضائية عليا طعنا على ذات الحكم سالف الذكر.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقريري الطعنين – الحكم بقبولهما شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بموجب مسودة الحكم ودون إعلان، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بصفة أصلية بإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن إعلان بطلان القرار الصادر عن مجلس إدارة نادي الزمالك بتاريخ 24/9/2007 بإسقاط عضوية الطاعن بنادي الزمالك للألعاب الرياضية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبصفة احتياطية: الحكم بعدم دستورية لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية الصادرة بقرار وزير الشباب رقم 836 لسنة 2000 فيما تضمنته من إسقاط العضوية عن العضو العامل إذا فقد شرطا من شروط العضوية المنصوص عليها بالمادة 7 بند4، وهو أن يكون محمود السيرة حسن السمعة، ولم تصدر ضده أي أحكام نهائية في جناية أو جنحة بعقوبة مقيدة للحرية. على أن ينفذ الحكم بمسودته ودون إعلان ، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد جرى إعلان الطعنين على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا في الطعنين، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا، ورفضهما موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وبتاريخ 4/6/2008 و 7/6/2008 أحيل الطعنان من الدائرة الأولى فحص طعون إلى الدائرة السادسة فحص طعون لاستشعار الحرج، وعينت لنظر الطعنين أمام الدائرة السادسة فحص طعون جلسة 10/6/2008، وفيها قررت الدائرة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 12/6/2008 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة السادسة عليا (موضوع) لنظرهما بجلسة 14/6/2008، وبجلسة 1/7/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أنه بتاريخ 4/2/2007 أقام الطاعن الدعوى رقم 16610 لسنة 62ق أمام محكمة القضاء الإداري، يطلب فيها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن إعلان بطلان قرار مجلس إدارة نادي الزمالك المؤرخ 24/9/2007 فيما تضمنه من إسقاط عضوية الطاعن بالنادي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عودته عضوا عاملا بنادي الزمالك للألعاب الرياضية.
وبجلسة 1/6/2008 قضت المحكمة برفض الدعوى، وشيدت قضاءها على أن الثابت بالأوراق أن محكمة جنح الدقي قد أصدرت بجلسة 2/5/2007 حكمها الحضوري في القضية رقم 4383 لسنة 2007 جنح الدقي بحبس المدعي ثلاث سنوات مع النفاذ لإهانته إحدى المحاكم وسب وقذف موظفين عموميين أثناء تأدية وظيفتهم، وقام المدعي باستئناف هذا الحكم أمام محكمة جنح مستأنف شمال الجيزة، التي أصدرت حكمها بجلسة 16/5/2007 في القضية رقم 3851 لسنة 2007 بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم سنة مع الشغل والنفاذ وألزمته المصاريف الجنائية، فقام مجلس إدارة نادي الزمالك بإصدار القرار رقم 17 بجلسته المنعقدة بتاريخ 24/9/2007 بإسقاط العضوية العاملة عن المدعي لصدور حكم جنائي نهائي مقيد للحرية ضده ، وتم إعلانه رسميا بهذا القرار خلال المواعيد المقررة بمحبسه بسجن مزرعة طره، ومن ثم فإن قرار مجلس الإدارة هذا يكون قد صدر مطابقا لصحيح حكم القانون، حيث إن المدعي قد فقد شرطا من شروط العضوية طبقا لحكم البند رقم (4) من المادة رقم (7) من لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية، وهو صدور حكم نهائي ضده في جنحة بعقوبة مقيدة للحرية، كما تحقق في شأنه سبب من الأسباب الموجبة لإسقاط العضوية عنه طبقا لحكم المادة رقم (12) من ذات اللائحة، وهو فقد شرط من شروط العضوية، الأمر الذي يضحى معه قرار الجهة الإدارية المختصة السلبي بالامتناع عن إعلان بطلان قرار مجلس إدارة نادي الزمالك المطعون فيه قد جاء مطابقا لصحيح حكم القانون لا تثريب عليه، ويغدو طلب إلغائه والحالة هذه مفتقرا لسنده القانوني السليم متعين الرفض.
ولا ينال من ذلك ما أبداه المدعي من أن الحكم لم يكن نهائيا؛ ذلك أن هذا القول مردود بأن هناك فرقا بين الحكم النهائي والحكم البات، فالحكم النهائي هو الحكم الذي استنفذ طرق الطعن العادية، أما الحكم البات فهو الحكم الذي استنفذ طرق الطعن العادية وغير العادية، ولما كان الحكم الصادر بحبس المدعي قد صدر ابتداء من محكمة جنح الدقي، وتم استئنافه أمام محكمة جنح مستأنف شمال الجيزة، وتم تخفيض العقوبة من ثلاث سنوات إلى الحبس سنة، ومن ثم فإن هذا الحكم يكون قد أصبح حكما نهائيا، فضلا عن أن هذا الحكم قد تم تأييده فيما بعد بحكم محكمة النقض، وأصبح الحكم باتا.
كما لا ينال مما تقدم ما ساقه المدعي من أنه لم يصدر ضده حكم جنائي في جريمة مخلة بالشرف، حيث إن نص البند رقم (4) من المادة رقم (7) من لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية لم يشترط أن يكون الحكم الصادر ضد العضو في جريمة مخلة بالشرف، وإنما اكتفى بأن يكون قد صدر ضده حكم نهائي في جناية أو جنحة بعقوبة مقيدة للحرية ، وإنه من المستقر عليه فقها وقضاء أنه لا اجتهاد مع صراحة النص، وإن ما ذكره المدعي من أنه سبق إسقاط عضويته العاملة بالنادي حال قيام ذات الظروف التي تقرر فيها إعادة عضويته، مردود عليه بأن النادي قام بإعادة عضويته العاملة تنفيذا لحكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 18/3/2007، أما قرار إسقاط العضوية فقد صدر استنادا إلى فقد أحد الشروط الواجب توافرها لاكتساب العضوية طبقا لحكم المادتين (7) و (12) من لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية.
ولا وجه لما ذكره المدعي من أن قرار إسقاط عضويته مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها فضلا عن عيب عدم الاختصاص؛ لأن ذلك مردود بأن القرار صدر مطابقا للقانون، وأنه صدر عن مجلس إدارة قائم ومعين تعيينا سليما وفقا لأحكام القانون، وتم إعلان المدعي بالقرار إعلانا قانونيا سليما.
كما لا ينال من ذلك ما ورد بمذكرة دفاع المدعي من طعن في شرعية لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية لتضمنها عقوبات تبعية ومنها إسقاط العضوية عن عضو النادي، في الوقت الذي لم يخولها القانون تقرير عقوبات، باعتبار أن المادة (4) من القانون رقم 77 لسنة 1975 قد أوكلت للجهة الإدارية المركزية المختصة وضع أنظمة أساسية نموذجية للهيئات الخاضعة لهذا القانون تعتمد من الوزير المختص، وتشمل شروط العضوية وأنواعها وإجراءات قبولها وسقوطها، فإذا تضمنت اللائحة شروط العضوية وحالات إسقاطها عن العضو فإنها لا تكون قد خرجت عن الحدود التي رسمها لها القانون، بل التزمت بتلك الحدود، ونفذت ما أوكله إليها القانون من اختصاصات، فضلا عن أن إسقاط العضوية ليس له صفة عقابية ولا يعتبر عقوبة تبعية، وإنما هو نتيجة طبيعية وحتمية لفقدان العضو لشرط من شروط الأهلية والصلاحية لهذه العضوية؛ حيث إن هذه الشروط ليست شروط ابتداء فقط، وإنما هي شروط استمرار أيضا، الأمر الذي يضحى معه دفع المدعي بعدم شرعية اللائحة مفتقرا سنده القانوني السليم حريا بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعنين أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها أن تفسير حكم المادة (7) بند (4) والمادة (12) من لائحة الأندية الرياضية والنظام الأساسي الصادرة بقرار وزير الشباب رقم 836 لسنة2000، يتمثل في أن يتم إسقاط العضوية عن العضو غير محمود السيرة غير حسن السمعة، وصدر ضده حكم نهائي بعقوبة مقيدة للحرية بغير اجتزاء، فالارتباط قائم بين حسن السمعة وصدور حكم نهائي. والقول بغير ذلك -أي بقصر الإسقاط على صدور حكم نهائي- يجعل من ذلك عقوبة تبعية لا يجوز توقيعها إلا بناء على قانون طبقا لحكم المادة 66 من الدستور، فضلا عن أن النص اللائحي لم يستثنِ من تطبيق حكمه بإسقاط العضوية مَن رُد إليه اعتباره، بالرغم من أن الأثر المترتب على رد الاعتبار قانونا هو محو الحكم وزوال كل ما يترتب عليه. ومما يؤكد ذلك أن اللائحة الجديدة الصادرة بقرار رئيس المجلس القومي للرياضة رقم 85 لسنة 2008 فَصَلت شرط حسن السمعة عن شرط صدور حكم نهائي في جناية أو جنحة بعقوبة مقيدة للحرية، وجعلت كلا منهما شرطا مستقلا، واستثنت من أحكام هذا الشرط من رُد إليه اعتباره.
وأن المشرع بالقانون رقم 77 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1978 لم يخول اللائحة سلطة سن عقوبات من أي نوع، ومن ثم تكون اللائحة التي رتبت الحرمان من حق العضوية ابتداء والحرمان من حق استمرار العضوية والحرمان من حق الترشح لعضوية مجلس الإدارة مخالفة للقانون، مما يجعل قرار إسقاط العضوية مخالفا للقانون.
وأن المادة (6) من القانون رقم 77 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1978 قد نصت على سريان أحكام القانون رقم 152 لسنة 1949 بشأن الأندية الرياضية فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون، وإذ خلا القانون رقم 77 لسنة 1975 من نص يبين حالات وشروط إسقاط العضوية،ـ وبصفة خاصة فيما يتعلق بأثر الحكم الجنائي على العضوية فإنه يتعين الرجوع إلى القانون رقم 152 لسنة 1949 بحسبانه القانون الواجب التطبيق. وقد حدد هذا القانون في المادة (9) منه حالات إسقاط العضوية على سبيل الحصر، فجعلها الجنايات بصفة عامة وعددا من الجنح على سبيل الحصر. أما ما نسب إلى الطاعن من ارتكاب وقائع السب والقذف والإهانة في الحكم المستأنف سالف الذكر فهي ليست من الجنح المحددة على سبيل الحصر في المادة (9) من القانون رقم 152 لسنة 1949، ومن ثم يكون قرار إسقاط عضويته قد قام على سبب غير صحيح، ويكون بالتالي امتناع الجهة الإدارية المختصة عن إعلان بطلانه قرارا إداريا سلبيا غير مشروع، يستوجب إيقاف تنفيذه على وجه الاستعجال ثم إلغاءه موضوعا.
وأن المشرع بالمادة (4) من القانون رقم 77 لسنة 1975 قصر سلطة اللائحة على تحديد إجراءات إسقاط العضوية، دون أن يخولها سلطة وضع وبيان الحالات الموضوعية لإسقاط العضوية. ولما كان لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل قاعدة صادرة عن سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكاما جديدة، فإن اللائحة وقد تضمنت حالات إسقاط العضوية تكون غير مشروعة لمخالفتها لأحكام القانون.
ويدفع الطاعن بعدم دستورية نصوص اللائحة كطلب احتياطي.
ومن حيث إن الحاضر عن الدولة قد تقدم بمذكرة بالرد على الطعنين، طلب فيها الحكم بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى؛ لأن الأندية الرياضية تعتبر من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، ولا تعتبر القرارات الصادرة عن مجالس إدارتها قرارات إدارية في المفهوم الاصطلاحي للقرارات الإدارية التي يختص بنظرها مجلس الدولة. كما أن الثابت من الأوراق أن الطاعن أخطر بنتيجة رفض تظلمه وإعلان صحة قرار مجلس الإدارة بإسقاط العضوية العاملة للطاعن بتاريخ 11/11/2007 بموجب كتاب جهة الإدارة رقم 2710، وإذ أقام الطاعن دعواه بتاريخ 4/2/2008 فإنه يكون قد أقامها بعد الميعاد القانوني، متعينا الحكم بعدم قبولها شكلا.
وطلب المجلس القومي للرياضة في مذكرته الحكم برفض الطعنين على سند من أن نص المادة 4 من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة سالفة الذكر قد فوض الجهة الإدارية المركزية المختصة تفويضا تشريعيا، والتزمت اللائحة حدود هذا التفويض التشريعي، ووضعت شروط العضوية وأنواعها وإجراءات قبولها وإسقاطها، فتكون سليمة ومطابقة للقانون، ومن ثم فإن تعارض القانون رقم 152 لسنة 1949 مع اللائحة يعتبر تعارضا مع القانون رقم 77 لسنة 1975 نفسه.
وتضمنت مذكرتا نادي الزمالك للألعاب الرياضية المودعتان في فترة حجز الطعنين للحكم أوجه دفاع تمثلت في طلب الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني، ووقف الدعوى تعليقا لحين فصل المحكمة الدستورية العليا في الدفع المبدى من الطاعن بعدم دستورية لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية الصادرة بقرار وزير الشباب رقم 836 لسنة 2000، وبرفض الطعنين لعدم قيامهما على أساس سليم في القانون؛ بحسبان أن اللائحة قد تضمنت تفويضا تشريعيا ولم تتعدَّ الحدود المرسومة لها، فضلا عن بطلان صحيفتي الطعن لتوقيعهما من محامٍ محكوم عليه بالوقف عن مزاولة مهنة المحاماة، وفساد استشهاد الطاعن بأحكام القانون رقم 152 لسنة 1949 بشأن الأندية الرياضية؛ ذلك أنه تنفيذا للتفويض التشريعي صدر قرار وزير الشباب والرياضة رقم 836 لسنة 2000 باعتماد لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية، والتي لا تتعارض مع الأحكام الواردة بالمادة 9/1 من القانون 152 لسنة 1949، وينحصر التعارض في حالة الحكم على الشخص بعقوبة غير مقيدة للحرية في جنحة، إذ بينما سكت النظام الأساسي للأندية الرياضية عن حكم هذه الحالة بما يفيد بظاهره أهليته لعضوية الأندية الرياضية، إلا أن المشرع في المادة 9/1 المشار إليها قرر امتناع قبوله في عضوية النادي.
ومن حيث إن البحث في اختصاص المحكمة بنظر الدعوى سواء كان ولائيا أو نوعيا أو مكانيا هو من المسائل الأولية التي يتعين التصدي لها قبل البحث والخوض فيها موضوعيا لأن ذلك إنما يدور مع ولاية المحكمة بنظرها وجودا وعدما.
ومن حيث إن مفاد نصي المادتين 25 و 49 من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1975 معدلا بالقانون رقم 51 لسنة 1978 أن الجهة الإدارية المختصة تمارس سلطة الإشراف والرقابة على الأندية الرياضية التي تخضع ماليا وتنظيميا وإداريا وفنيا وصحيا لإشراف تلك الجهة، التي لها التثبت من عدم مخالفه الأندية الرياضية للقوانين والنظام الأساسي للهيئة وقرارات الجمعية العمومية. ولرئيس الجهة الإدارية المختصة الحق في إعلان بطلان أي قرار يصدره مجلس الإدارة يكون مخالفا لأحكام هذا القانون أو للقرارات المنفذة له أو لنظام الهيئة أو لأية لائحة من لوائحها. وتعتبر القرارات الصادرة عن الجهة الإدارية نتيجة ممارستها لسلطة الإشراف قرارات إدارية نهائية تختص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات التي تثور بشأنها، ومن ثم يضحى الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها غير قائم على أساس سليم في القانون متعينا الالتفات عنه.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الدعوى إنما هو من تصريف المحكمة، إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى حقيقة هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها وما قصده الخصوم من إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح على هدي ما تستنبطه من واقع الحال وملابساته، وذلك دون أن تتقيد في هذا الصدد بتكييف الخصوم لها وإنما بحكم القانون فحسب، وأن تكييف محكمة الدعوى إنما يخضع لرقابة محكمة الطعن التي يكون لها أن تزن ما انتهى إليه التكييف الوارد في الحكم المطعون فيه بميزان القانون، توصلا إلى إبرام ما انتهى إليه الحكم أو نقضه على ضوء ما يجب أن يكون عليه التكييف القانوني السليم لموضوع النزاع المعروض وحقيقة ما تستهدفه إرادة المدعي من طلباته في الدعوى.
ومن حيث إنه صدر قرار إيجابي صريح عن الجهة الإدارية المختصة أعلنت فيه صحة قرار مجلس إدارة نادي الزمالك للألعاب الرياضية بإسقاط عضوية الطاعن، وذلك بكتابها المؤرخ في11/11/2007 المرسل إلى وكيل الطاعن ردا على تظلمه المؤرخ في 29/10/2007، ومن ثم فإن حقيقة طلبات المدعي هي وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الجهة الإدارية بإعلان صحة قرار مجلس إدارة نادي الزمالك بإسقاط عضوية المدعي، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى تكييف وتحديد طلبات المدعي على نحو مخالف، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله. وإذ خلت الأوراق من دليل يفيد علم الطاعن علما يقينيا بما تضمنه القرار الصادر عن الجهة الإدارية المختصة بتاريخ سابق على تاريخ رفعه الدعوى في 4/2/2008 فإن دعواه تكون مقبولة شكلا، ويضحى الدفع بعدم قبولها شكلا غير قائم على صحيح حكم القانون متعينا الالتفات عنه. وبالمثل فإنه لم يقم الدليل على صدور حكم نهائي بوقف الطاعن عن مزاولة مهنة المحاماة، مما يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع بدوره.
ومن حيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور عام 1923 ودستور عام 1956 وأخيرا دستور جمهورية مصر العربية عام 1971 قد تواترت على كفالة الحقوق والحريات العامة للمواطنين؛ وذلك لسموها، حتى إن دستور عام 1971 قد أفرد لها بابا خاصا من أبواب الدستور وهو الباب الثالث، ومقتضاه صيانة هذه الحريات والحقوق العامة من أي افتئات أو عدوان عليها. وأن للمواطنين الحق في إنشاء وتكوين الجمعيات والنقابات والاتحادات وغيرها من الهيئات المجتمعية الخاصة، وهو ما ينسحب بالضرورة على كافة الهيئات الخاصة ذات النفع العام كالنوادي الرياضية بحسبانها تعنى برعاية الشباب والنشء وتنمية ملكاتهم وتأهيلهم للنهوض بمسئولياتهم وتحمل تبعاتها في سبيل الارتقاء بأمتهم ودعم مكانتها، حتى إن الدستور نص في المادة 10 منه على أن “تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة وترعى النشء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم”. ومن ثم فقد خلع المشرع على هذه الأندية ومراكز الشباب واتحادات اللعبات الرياضية وغيرها وصف الهيئات الخاصة ذات النفع العام التي تتوخى تنمية الشباب في مراحل عمره المختلفة، وإتاحة الأوضاع المناسبة لتطوير ملكاتهم عن طريق توفير الخدمات الرياضية والقومية والاجتماعية والروحية والصحية لهم. كما أمعن المشرع في العناية بهذه الهيئات الشبابية فمنحها الكثير من امتيازات السلطة العامة، معتبرا أموالها من الأموال العامة في مجال تطبيق أحكام قانون العقوبات، كما منع الحجز عليها إلا لاستيفاء الضرائب والرسوم المستحقة للدولة، وقضى بعدم جواز تملك هذه الأموال بمضي المدة.
وعلى ما تقدم فإن الأصل هو حق المواطن في إنشاء وتكوين النوادي الرياضية والاجتماعية والتمتع بعضويتها، ما دام قد استوفى شروطها المقررة طبقا لأحكام القانون، أما الحظر والمنع والحرمان من التمتع بهذا الحق أو إسقاط العضوية، الذي عادة ما يكون لحالة أو سبب عارض ألمَّ بالشخص وأدى إلى حرمانه من هذا الحق، فهو استثناء يَرد على الأصل العام، وهذا الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره.
ومن حيث إنه في ظل هذه المبادئ الدستورية والقانونية والأصولية صدرت قوانين تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، ابتداء من القانون رقم 73 لسنة 1956 وانتهاءً بتعديلاته اللاحقة التي انتهت إلى التأكيد على حق المواطن في انتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء المجالس النيابية والتشريعية والمحلية والشعبية وفي الترشح لها، مقررا في المادة 2 فقرة 4 منه أن يحرم من مباشرة الحقوق السياسية المحكوم عليه بعقوبة الحبس بسرقة أو إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو إعطاء شيك لا يقابله رصيد أو خيانة أمانة أو غدر أو رشوة أو تفالس بالتدليس أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة أو شهادة زور أو إغراء شهود أو هتك عرض أو إفساد أخلاق الشباب أو انتهاك حرمة الآداب أو التشرد أو في جريمة ارتكبت للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية، كذلك المحكوم عليه لشروع منصوص عليه في إحدى الجرائم المذكورة، وذلك ما لم يكن الحكم موقوفا تنفيذه أو كان المحكوم عليه قد رد إليه اعتباره.
فيما صدرت قوانين العاملين المدنيين بالدولة منتهية بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وتعديلاته مقررا في المادة 20 منه أنه يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف … 3- ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها في القوانين الخاصة أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره … وإذا كان قد حكم عليه لمرة واحدة فلا يحول ذلك دون تعيينه، إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين أن تعيين العامل يتعارض مع مقتضيات الوظيفة. وعلى هذا النحو قررت المادة 94 من القانون سالف الذكر أنه إذا كان الحكم قد صدر على العامل لأول مرة فلا يؤدي إلى إنهاء الخدمة إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين أن بقاء العامل يتعارض مع مقتضيات الوظيفة.
وعلى ذلك فإن السابقة الأولى أو الحكم على المواطن بعقوبة سالبة للحرية لا يترتب عليه مباشرة عدم تقلده الوظيفة العامة أو إنهاء خدمته إذا كان معينا فيها وشاغلا لها.
وحيث إن ما تورده المحكمة من تشريعات بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية أو بشأن العاملين المدنيين للدولة أو بشأن الهيئات الخاصة بالشباب والرياضة (والتي سيرد بيانها تفصيلا في حينه) ما تورده المحكمة بشأن هذه التشريعات ليس من قبيل التزيد أو الاستطراد، وإنما هي إشارة إلى أن هذه التشريعات وأشباهها ونظائرها تتعلق بالحقوق والحريات العامة، وأن المشرع نظمها على هدي ما أسلفنا من مبادئ دستورية وأصولية حاكمة لها، منها أن الأصل هو التمتع بهذه الحقوق العامة، وأن الاستثناء هو الحظر والحرمان منها، وأنه لا يكفي لحرمان المواطن من مباشرتها معاقبته بموجب حكم جنائي نهائي بعقوبة سالبة للحرية، وإنما لابد أن يكون الحكم الموجب للحرمان صادرا في جناية أو جنحة من الجنح الواردة في صلب هذه التشريعات على سبيل الحصر عن جرائم مخلة بالشرف والاعتبار.
ومن حيث إن المادة 144 من دستور جمهورية مصر العربية تنص على أن “يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها، ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه”.
لذا يستفاد من هذا الأصل الدستوري أمران: الأول– أن إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين حق أصيل لرئيس الجمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية، شريطة ألا تتضمن هذه اللوائح من النصوص ما يعدل في أحكام القوانين الصادرة تنفيذا لها، سواء بالحذف أو الإضافة أو المغايرة في مضمونها أو التعطيل أو الإعفاء من تنفيذها. وإذا كان هذا التعديل في اللوائح التنفيذية بالمخالفة للقوانين الصادرة بشأنها محظورا على رئيس الجمهورية وهو رأس السلطة التنفيذية ومتوليها حسب نص المادة 137 من الدستور، فإنه محظور من باب أولى على من هم دونه في السلطة التنفيذية كالوزراء ورؤساء الهيئات العامة والمجالس العليا أو العامة ومختلف الأجهزة والوحدات الإدارية التي ينظمها الجهاز الإداري للدولة، التي يندرج ضمنها بطبيعة الحال المجلس القومي للرياضة الذي يمثله المطعون ضده الأول في الطعنين الماثلين.
الثاني– أنه يجوز لرئيس الجمهورية أن يفوض غيره في إصدار اللوائح التنفيذية، كما يجوز للقانون أن يعين من يصدر اللوائح التنفيذية، وفي الحالتين يسري الحظر المشار إليه في الأمر الأول، أما التفويض التشريعي الذي عنته المادتان 108 و 147 من الدستور فإنه يختلف في جوهره ونطاقه ومداه عن التفويض المشار إليه في المادة (144) من الدستور بشأن اللوائح التنفيذية (على نحو ما هو مبين فيما بعد).
وحيث إن قضاء الحقوق والحريات العامة، أو بالأحرى قضاة الحقوق والحريات العامة، إنما يتمثلون هذه القواعد الدستورية والقانونية، ويُجرون مقتضاها على ما يشجر بين جهة الإدارة والأفراد من أنزعة ودعاوى وطعون ذات صلة بحقوقهم وحرياتهم.
ومن حيث إن المادة (6) من القانون رقم 77 لسنة 1975 معدلا بالقانون رقم 51 لسنة 1978 بإصدار قانون بشأن الهيئات الخاصة للشباب والرياضة تنص على أن “تسري على الأندية الرياضية فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون أحكام القانون رقم 152 لسنه 1949 بشأن الأندية”.
وتنص المادة (9) من القانون رقم 152 لسنة 1949 بشأن الأندية على أنه “لا يجوز للأشخاص الآتي ذكرهم أن يكونوا أعضاء بالأندية:
(1) المحكوم عليهم بعقوبة جنائية أو بعقوبة جنحة في جريمة سرقة أو اختلاس أموال عامة أو إخفاء أشياء مسروقة أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة أو نصب أو خيانة أمانة أو تفالس بالتدليس أو إخفاء مجرمين أو هتك عرض أو فعل فاضح أو تحريض القصر على الفجور والفسق أو إدارة عمل المقامرة أو إدارة بيوت للدعارة السرية أو في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون المخدرات، وذلك ما لم يُرد اعتبارهم.
(2) الأشخاص الذين كانوا يشتغلون أو يديرون محال عمومية أو محال للملاهي وحكم عليهم بإغلاقها لأسباب تتصل بالآداب، إذا لم يمضِ على انقضاء العقوبة المحكوم بها خمس سنوات”.
ومفاد ما تقدم أنه يشترط لسريان أحكام القانون رقم 152 لسنة 1949 –وما تضمنه من حظر العضوية بالأندية الرياضية على الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جناية أو جنحة في الجرائم المنصوص عليها على سبيل الحصر– ألا يتعارض إعمال الحظر مع أحكام ونصوص قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1975، وهذا ينبئ عن قصد المشرع تطبيق كل من القانونين في شأن الأندية الرياضية، واعتبار أحكام القانون رقم 152 لسنة 1949 مكملة لأحكام قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة، بحسبانه يتضمن أحكاما عديدة لم يرد مثيل لها في قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة، وبهذه المثابة غدا القانونان كلا لا يتجزأ في مجال تنظيم الأحكام المتعلقة بالأندية الرياضية، ومنها الحكم المتعلق بإسقاط العضوية عن عضو النادي.
وباستقراء أحكام قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة سالف الذكر يبين أنه لم ينظم حالات حظر أو إسقاط العضوية العاملة بالنسبة للأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جناية أو جنحة، وإنما ناط في المادة (4) منه بالجهة الإدارية المركزية المختصة أن تضع أنظمة أساسية نموذجية للهيئات الخاضعة لأحكام هذا القانون، تعتمد بقرار من الوزير المختص، وتشتمل على البيانات الآتية … (ب) شروط العضوية وأنواعها وإجراءات قبولها وإسقاطها وحقوق الأعضاء وواجباتهم”.
ومقتضى ذلك ولازمه سريان أحكام القانون رقم 152 لسنة 1949 فيما يتعلق بحالات حظر وإسقاط العضوية للأشخاص المحكوم عليهم في الجرائم الواردة على سبيل الحصر في المادة (9) من هذا القانون، ولما كانت لائحة النظام الأساسي النموذجية للهيئات الصادرة عن الجهة الإدارية المركزية المختصة، المعتمدة بقرار وزير الشباب والرياضة رقم 836 لسنه 2000 هي لائحة تنفيذية صادرة تنفيذا للمادة (4) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة سالف الذكر، فإنها تلتزم بحكم المادة 144 من الدستور التي تحظر على رئيس الجمهورية في ممارسة سلطته في إصدار اللوائح التنفيذية أن تتضمن تعديلا بالحذف أو الإضافة أو التعطيل أو الإعفاء من تنفيذ الأحكام الواردة بالقانون، حيث تكون اللائحة التنفيذية في مرتبة أدنى من القانون، فلا تعدله أو تضيف إليه، أو تعطل أحكامه.
ولما كانت لائحة النظام الأساسي الصادرة بقرار وزير الشباب والرياضة سالف الذكر قد تضمنت نصا يقرر إسقاط العضوية عمن يحكم عليه في جنحة بعقوبة مقيدة للحرية، دون تحديد الجرائم التي يصدر فيها الحكم النهائي، فإن اللائحة تكون قد عطلت أحكام القانون رقم 152 لسنة 1949، الذي انتهج سبيل التعداد الحصري للجرائم التي تجيز ذلك أو التي يمكن أن تتصف بأنها ماسة بالشرف وخيانة الأمانة، كما أنها خرجت على أحكامه ووسعت في مجال إسقاط العضوية أيا كانت الجريمة أو المخالفة التي ارتكبها العضو. وإذ جنحت اللائحة صوب عدم المشروعية وتنكبت طريق الصواب وضربت عرض الحائط بكافة المبادئ الدستورية والأصولية والقانونية في هذا الصدد، فإن ذلك يستتبع الامتناع عن تطبيقها بحسبانها قد تجاوزت الحدود المقررة للوائح التنفيذية.
ولا ينال مما تقدم القول بأن لائحة الأندية الرياضية قد تضمنت تفويضا تشريعيا مقتضاه تمتع نصوصها بقوة القانون، بحيث تعتبر مكملة لأحكام القانون وتأخذ ذات مرتبة التشريع الأعلى من اللائحة، فهذا قول غير سديد؛ ذلك أن المسلم به أن لكل من القانون واللائحة التنفيذية والتفويض التشريعي مجاله الخاص وفقا لأحكام الدستور، حيث تنص المادة 86 من الدستور على أن يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع. وتنص المادة 108 منه على أن لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفي الأحوال الاستثنائية، وبناء على تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثي أعضائه أن يصدر قرارات لها قوة القانون. وكذلك نص الدستور في المادة 147 منه على تفويض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات تكون لها قوة القانون تعرض على مجلس الشعب إذا كان المجلس قائما، وتعرض في أول اجتماع له في حالة الحل أو وقف جلساته، وإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، أي أن التفويض التشريعي طبقا لحكم المادتين 108و 147 من الدستور لا يكون إلا لرئيس الجمهورية وفي أحوال استثنائية وبشروط معينة، أما ما يصدر من لوائح تنفيذية سواء من رئيس الجمهورية أو من يراه طبقا لحكم المادة 144 من الدستور فإنها لا تنطوي على تفويض تشريعي في مفهوم حكم المادتين 108و147 من الدستور، وإنما لا تعدو أن تكون لوائح تنفيذية تلتزم بتنفيذ الأحكام الواردة في القانون دون تعديل لها بالحذف أو الإضافة أو بأية صورة كانت، ودون تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها.
ومن حيث إن اللوائح التي تصدر تنفيذا لأحكام القانون يتعين أن تلتزم بحدود الإطار الموضوع لها في تلك الأحكام، دون أن يكون من شأنها إضافة حكم جديد إلى نصوص القانون أو أن تحد أو توسع من مجال إعمال هذه الأحكام، أو أن تجعل القانون يتناول أحكاما أخرى لم يوردها أو تحمل معناه مدى أوسع؛ ذلك أن إصدار اللوائح المنفذة للقوانين هدفه مقصور على إنفاذ المبادئ المقررة في القانون، وذلك بوضع الشروط اللازمة لتطبيقه أو وضع القواعد التي تفصل ما ورد عاما في أحكامه، وبما لا يتضمن خروجا على تلك الأحكام.
ومن حيث إنه تنفيذا للمادة (4) من قانون الهيئات الخاصة للشباب والرياضة سالف الذكر أصدر وزير الشباب والرياضة لائحة النظام الأساسي للأندية الرياضية بقراره رقم 836 لسنه 2000، ونص في المادة (7) منها على أنواع العضوية وشروطها، وقررت في البند (ثانيا) بالنسبة للعضو العامل أنه تشترط في شأنه عدة شروط، من بينها ما ورد بالفقرة (4) من أن يكون محمود السيرة حسن السمعة، ولم تصدر ضده أي أحكام نهائية في جناية أو جنحة بعقوبة مقيدة للحرية. ونص في المادة (12) منها على أن تسقط العضوية عن أعضاء النادي في حالة فقد شرط من شروط العضوية.
ولما كانت اللائحة سالفة الذكر هي بمثابة لائحة تنفيذية لأحكام القانون رقم 77 لسنه 1975 سالف الإيراد، فإنها لا تصلح أن تكون تفويضا تشريعيا في مفهوم حكم المادتين 108 و 147 من الدستور، وإذ تضمنت حكما يبيح إسقاط العضوية العاملة عن عضو النادي في حالة صدور حكم نهائي ضده في جناية أو جنحة بعقوبة مقيدة للحرية، بغض النظر عن الجريمة التي ارتكبها، وذلك بالمخالفة لما تضمنه القانون رقم 152 لسنة 1949 الذي قصر في المادة 9 منه حكم إسقاط العضوية على المحكوم عليهم في جناية أو جنحة في جرائم محددة على سبيل الحصر، فإن اللائحة تكون قد أضافت حكما جديدا لم يرد في القانون 152 لسنة 1949 سالف الذكر.
وحيث إنه لو افترضنا جدلا صحة الرأي القائل بأن الحكم الجنائي النهائي بعقوبة مقيدة للحرية يؤدي إلى إسقاط عضوية الشخص بالأندية الرياضية حتى لو كانت هذه العقوبة في حدودها الدنيا، وهي أربع وعشرون ساعة حسب مقتضى نص المادة 481 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت في غير جريمة مخلة بالشرف أو الاعتبار، فإن هذا سيؤدي إلى اتساع نطاق الحظر، وحرمان العديد من المواطنين من حقهم في عضوية هذه الأندية وما في حكمها من هيئات خاصة معنية بالشباب والرياضة، وهي نتيجة لم تكن لتدور في خلد المشرع عند تنظيمه لهذا الحق، وتتأباها الأحكام الدستورية والأصولية التي سلف بيانها.
وحيث إن الجريمة التي ارتكبها الطاعن هي جنحة سب وقذف وإهانة هيئة قضائية، وحكم عليه فيها بالحبس لمدة سنة مع الشغل طبقا للحكم الصادر في جلسة 16/5/2007 من محكمة الجيزة الابتدائية – الجنح المستأنفة في القضية رقم 13851 لسنة 2007 جنح مستأنف شمال الجيزة، ولما كانت هذه الجريمة لا تدخل ضمن الجرائم المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 9 من القانون رقم 152 لسنة 1949 وهو القانون الواجب التطبيق، فمن ثم يكون قرار الجهة الإدارية المختصة بإعلان صحة قرار مجلس إدارة نادي الزمالك بإسقاط عضوية الطاعن بالنادي قد خالف القانون، متعينا الحكم بإلغائه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على نحو ما هو مبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.