جلسة 18 من يناير سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز.
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
عضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى، ومحمد أحمد محمود محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو.
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس.
سكرتير المحكمة
الطعنان رقما 5681، 5792 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ مسئولية الطبيب عن الخطأ المهنى ـ مناطها ـ لزومها ــ إقامة الدليل على خطأ الطبيب المعالج .
المادتان (163)، (174) من القانون المدنى.
تدخل الطبيب لعلاج مرضاه سواء بالعقاقير أو العمليات الجراحية أو غيرها هو من أعمال الإباحة التى رخص فيها القانون لأصحاب المهنة ـ لا يسوغ أن يترتب على مزاولتها قيام مسئولية الطبيب عن أى خطأ إلا إذا مارس المهنة على خلاف الأصول والضوابط الفنية المقررة أو لم يتوخ التعليمات والتقاليد المرعية والمتعارف عليها بين أبناء المهنة ليس من شك فى أن خطأ الطبيب لا يفترض من مجرد حدوث مضاعفات للمريض وإنما يتعين إقامة الدليل على أن الطبيب قد قصر أو أهمل فى أداء واجبات وظيفته وإنه لولا هذا التقصير والإهمال ما تفاقمت حالة المريض أو تضاعفت ـ القول بغير ذلك مؤداه تهيب الأطباء من القيام بواجباتهم توقيًا للمسئولية فتضار بذلك المصلحة العامة ـ تطبيق.
في يوم الإثنين الموافق 24 من أبريل سنة 2000 أودع الأستاذ/ …………………… المحامى نائبًا عن الأستاذ/ …………………… المحامى بصفته وكيلا عن/ ……………………، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن ـ قيد برقم 5681 لسنة 46 قضائية عليا ـ فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى/ دائرة العقود والتعويضات بالقاهرة فى الدعوى رقم 5369 لسنة 51ق. بجلسة 27/2/2000 والقاضى فى منطوقه ” بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع: بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تؤدى إلى المدعى مبلغًا مقداره خمسة عشر ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقته من جراء إصابته والمصروفات”.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بزيادة المبلغ المقضى به تعويضًا شاملاً إلى المبلغ الثابت فى ختام صحيفة الدعوى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وفى يوم الأربعاء الموافق 26 من أبريل سنة 2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير الدفاع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن ـ قيد برقم 5792 لسنة 46 قضائية. عليا ـ فى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 5369 لسنة 51 قضائية سالفة الذكر.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتى التقاضى.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانونى فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلاً، وتمهيديًا وقبل الفصل فى الموضوع بندب مصلحة الطب الشرعى بوزارة العدل لتندب أحد أطبائها للقيام بالمأمورية المبينة بأسباب التقرير مع إبقاء الفصل فى المصروفات.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/3/2002، وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 15/4/2002، حيث قررت بهذه الأخيرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/ موضوع) لنظرها بجلسة 18/5/2002، ونظرت المحكمة الطعنين بالجلسة المذكورة وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة 1/9/2002 مع التصريح بتقديم مذكرات فى شهر، وخلال هذا الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع طلبت فى ختامها الحكم أولاً: بالطلبات المبينة بتقرير الطعن رقم 5792 لسنة 46ق. عليا، وثانيًا: بالنسبة للطعن رقم 5681 لسنة 46 ق. عليا، 1ـ برفض الطعن فيما يتعلق بطلب التعويض. 2ـ بعدم جواز نظر باقى الطلبات، وإلزام الطاعن/ ……………………، وبجلسة 1/9/2002 قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 23/11/2002 ليقدم الطاعن/ …………………… ما يثبت خطأ الطبيب الذى قام بمعالجته، وبالجلسة المذكورة حضر وكيل الطاعن ولم يقدم شيئًا، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/1/2003 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر، ومضى هذا الأجل دون أن يقدم أى من الطرفين أية مذكرات.
وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا .
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تتحصل ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى إنه بتاريخ 31/5/1995 أقام …………………………… الدعوى رقم 6459 لسنة 1995 تعويضات أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، طالبًا الحكم بإلزام المدعى عليه (وزير الدفاع) بأن يؤدى له مبلغ سبعين ألف جنيه تعويضًا له عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء خطأ الطبيب المعالج الذى تسبب فى إصابته بشلل فى اليد اليمنى، وبأحقيته فى صرف معاش من تاريخ الفصل من الخدمة العسكرية واستخراج بطاقة علاجية وكارنيه المحاربين مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات.
وقال شرحًا لدعواه: إنه التحق بالقوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية بتاريخ 17/10/1992، وتاريخ 24/6/1993 وأثناء تأديته الخدمة أصيب بخراج بالذراع الأيمن، فطلب من قائد الكتيبة عرضه على الطبيب المعالج، إلا أنه لم يلب طلبه إلا فى 3/7/1993، حيث أحيل إلى مستشفى الجلاء العسكرى بالإسماعيلية وتم دخوله المستشفى يوم 4/7/1993، وبتاريخ 8/7/1993 قام الطبيب المعالج بفتح الخراج وبعد الفتح شعر بعدم استطاعته تحريك أصابع يده لإصابتها بالشلل نتيجة خطأ الطبيب، الأمر الذى ترتب عليه إنهاء خدمته العسكرية اعتبارًا من 1/12/1994، وأضاف المدعى أن هذا الخطأ الذى وقع من الطبيب قد سبب له أضرارًا مادية ونفسية تتمثل فى عدم قدرته على العمل والكسب، حيث إنه يعمل بالفلاحة التى تعتمد على ذراعيه فى الحرث والعزق والرى وبالتالى حرمانه من مصدر رزقه الوحيد، بخلاف مصاريف العلاج التى تكبدها، وهذه الأضرار لا يمكن جبرها بأقل من خمسين ألف جنيه، كما أن إصابة يده اليمنى بالشلل كان له أثر سيىء على نفسيته بعد أن فقد جزءًا مهما من يده لا يمكن تعويضه بمال، وهذا الضرر الأدبى يستحق عنه تعويضًا لا يقل عن عشرين ألف جنيه، واستطرد المدعى قائلاً: إن علاقة السببية بين خطأ الطبيب والضرر الذى لحق به ثابتة ثبوتًا يقينيًا والطب الشرعى يؤكدها، وأنه لما كان الطبيب المعالج هو أحد التابعين للمدعى عليه ويعمل تحت إشرافه ورئاسته ومن ثم فإن المدعى عليه يكون مسئولاً عن أعمال تابعيه، كما أن الثابت أن خدمته قد انتهت بسبب هذه الإصابة أثناء الخدمة وبالتالى يستحق صرف معاش واستخراج بطاقة علاجية وكارنيه المحاربين، وخلص المدعى إلى طلباته سالفة البيان.
ونظرت محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها.
وبجلسة 29/12/1996 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محاكم مجلس الدولة لنظرها وأبقت الفصل فى المصروفات، ونفاذًا للحكم المذكور وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وقيدت بجدولها العام برقم 5369 لسنة 51ق.
وبجلسة 27/2/2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى/ دائرة العقود والتعويضات حكمها المطعون فيه بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تؤدى للمدعى تعويضًا مقداره خمسة عشر ألف جنيه عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء إصابته، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى دخل المستشفى فى 4/7/1993 وكان يعانى من التهاب بالساعد الأيمن وخراج عميق، وتم فتح الخراج فى 6/7/1993 فأصيب بقرحة مزمنة بالساعد الأيمن، ثم أدخل مستشفى الحلمية العسكرى فى 6/8/1993 لمعاناته من قرحة فى الساعد الأيمن وقصور فى وظائف اليد اليمنى، وخرج فى 10/11/1993 وحصل على إجازة لمدة عشرة أيام وحالته غير مستقرة، ومن ثَمَّ فإن خطأ تابع المدعى عليه ترتب عليه إصابة المدعى بشلل فى يده اليمنى ونتج عن ذلك إصابته بعجز كلى، وقد لحق المذكور نتيجة لذلك أضرار مادية تمثلت فى إعاقته عن الكسب والتعيش، وكذا إصابته بأضرار أدبية فيما لحق به من شعور بالأسى والحزن، وتوافرت رابطة السببية بين الخطأ والضرر مما يستحق عنه التعويض والذى تقدره المحكمة بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه.
بيد أن المدعى لم يرتض الحكم المذكور فأقام الطعن رقم 5681 لسنة 46 قضائية عليا، ينعى فيه على الحكم مخالفته للقانون للأسباب الآتية:
السبب الأول: القصور فى التسبيب: فالمحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لم توضح ماهية الأضرار التى لحقت بالطاعن، ولم تبين ما إذا كان مبلغ التعويض المقضى به جابرًا لهذه الأضرار ومناسبًا لها من عدمه، كما لم تتعرض فى حكمها لكافة الطلبات التى وردت بصحيفة الدعوى ومنها طلب صرف معاش للطاعن واستخراج بطاقة علاجية وكارنيه المحاربين، وتعرضت فقط للشق الخاص بالتعويض، ولهذا جاء حكمها مشوبًا بالقصور فى التسبيب.
السبب الثانى: الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله: إذ كان يتعين على المحكمة وهى تقضى بالتعويض أن تقدر ما فات المضرور من كسب وما لحقه من خسارة وأن تقدر التعويض الجابر للضرر بمراعاة كافة الظروف والملابسات طبقًا لأحكام القانون المدنى وما استقرت عليه أحكام محكمة النقض، إلا أن الحكم لم يلتفت إلى ذلك ولم يأخذ فى الاعتبار أن خطأ الطبيب التابع للمطعون ضده قد ألحق بالطاعن عاهة مستديمة أسلمته للعجز وهو فى أوج شبابه.
السبب الثالث: الإخلال بحق الدفاع: فقد طلب كلا من الطرفين إحالة الطاعن إلى الطب الشرعى للكشف عليه حتى يستبين من نتيجة الكشف نسبة العجز التى لحقت بالطاعن وتقدير التعويض الجابر للضرر الذى أصابه، ورغم أن هذا الطلب جوهرى وانتهى إليه تقرير هيئة مفوضى الدولة، إلا أن المحكمة أهملته وطرحته جانبًا مما يعد إخلالاً بحق الدفاع.
ومن جهة أخرى لم يرق الحكم سالف الذكر للجهة الإدارية المدعى عليها، فأقامت بدورها الطعن رقم 5792 لسنة 46 قضائية. عليا، تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن مقتضى التطبيق الصحيح للقانون أن يكون أساس الحكم بالتعويض هو ثبوت ركن الخطأ فى جانب تابع المدعى عليه، كما أن المستقر عليه فى شأن مسئولية الطبيب أنه ملزم ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة وأنه لا يسأل إلا عن الخطأ المهنى الجسيم، وقد خلت الأوراق مما يفيد وقوع خطأ أو عمل غير مشروع من تابع المدعى عليه ـ وهو الطبيب المعالج ـ يستوجب قيام مسئولية المتبوع، كما أن الحكم المطعون فيه قد غالى فى تقدير التعويض بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه بالرغم من عدم ثبوت خطأ التابع وعدم بيان الأضرار المادية التى أصابت المطعون ضده، وهو ما يحقق إثراء غير مشروع يأباه القانون، وأن من شأن تنفيذ هذا الحكم ترتيب أعباء مالية جسيمة على الخزانة العامة يصعب استردادها فى حالة إلغاء الحكم مما يحق معه طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى قد أقام دعواه فيما يخص طلب التعويض عما أصابه من أضرار من جراء تدخل الطبيب المعالج بمستشفى الجلاء العسكرى بالإسماعيلية لفتح الخراج الكائن بذراعه الأيمن، على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه.
ومن حيث إن المادة (163) من القانون المدنى تنص على أن “كل خطأ سبب ضررًا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض ” كما تنص المادة (174) من القانون المذكور على أن ” 1ـ يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعًا منه حال تأدية وظيفته أو بسببها. 2ـ وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حرًّا فى اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية فى رقابته وفى توجيهه”.
ومن حيث إن مناط قيام مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه ـ وفقًا لصريح نص المادة (174) المشار إليها ـ هو حدوث عمل غير مشروع من تابعه حال تأدية وظيفته أو بسببها، وأن من المقرر قانونًا أن تدخل الطبيب لعلاج مرضاه سواء بالعقاقير أو العمليات الجراحية أو غيرها هو من أعمال الإباحة التى رخص فيها القانون لأصحاب المهنة، وإنه بالتالى لا يسوغ أن يترتب على مزاولتها قيام مسئولية الطبيب عن أى خطأ إلا إذا مارس المهنة على خلاف الأصول والضوابط الفنية المقررة أو لم يتوخى التعليمات والتقاليد المرعية والمتعارف عليها بين أبناء المهنة، وليس من شك فى أن خطأ الطبيب لا يفترض من مجرد حدوث مضاعفات للمريض، وإنما يتعين إقامة الدليل على أن الطبيب قد قصر أو أهمل فى أداء واجبات وظيفته وإنه لولا هذا التقصير والإهمال ما تفاقمت حالة المريض أو تضاعفت، والقول بغير ذلك مؤاده تهيب الأطباء من القيام بواجباتهم توقيا للمسئولية فتضار بذلك المصلحة العامة.
ومن حيث إن المدعى لم يقدم أية مستندات يستفاد منها تقاعس الطبيب المعالج أو إهماله وتقصيره فى إجراء الجراحة التى قام بها للمدعى لدى دخوله مستشفى الجلاء العسكرى بالإسماعيلية يعانى من التهاب خلوى وخراج بالساعد الأيمن، بل كان الثابت من حافظة المستندات المقدمة من المدعى أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 1/10/1995 أن المدعى دخل المستشفى بتاريخ 4/7/1993 وخرج بتاريخ 15/8/1993 بعد تحسن حالته والتوصية بحصوله على إجازة مرضية وأنه ظل يتردد على المستشفى لمتابعة حالته بناء على توصية الطبيب المعالج والذى أوصى فى كل مرة بمنحه إجازة مرضية، الأمر الذى يعنى أن القول بخطأ الطبيب مجرد ادعاء وقول مرسل لا يسانده دليل، وأن مطالبة المدعى جهة الإدارة التى يتبعها الطبيب بالتعويض تقوم والحالة هذه على خطأ مفترض فى جانب الطبيب، وقد ساير الحكم المطعون فيه المدعى فى هذا النهج إذ قرر مسئولية جهة الإدارة عن خطأ تابعها ـ الطبيب المعالج ـ وذلك دون أن يستظهر ماهية هذا الخطأ وأدلة ثبوته ومدى صلته بالضرر الذى حاق بالمدعى.
ومن حيث إنه بذلك ينتفى ثبوت الخطأ فى جانب الطبيب الذى قام بمعالجة المدعى، كما ينتفى لذلك قيام مسئولية الجهة الإدارية التى يتبعها هذا الطبيب (وزارة الدفاع) عن تعويض المدعى عن أية أضرار تكون قد لحقت به من جراء تدخل هذا الطبيب لعلاجه/ ومن ثم وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وانتهى إلى نتيجة مغايرة هى القضاء للمدعى بالتعويض فإنه يكون قد تنكب وجه الصواب وخالف صحيح حكم القانون مما يستوجب نقضه والقضاء مجددًا برفض طلب التعويض لعدم قيامه على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه غنى عن البيان أنه لا وجه لما يطالب به الطاعن (…………………………..) من الإحالة إلى مصلحة الطب الشرعى لتوقيع الكشف الطبى عليه وبيان نسبة العجز المتخلف عن الضرر الذى أصابه، ذلك أن فيصل النزاع يكمن فى تحديد مدى وجود إهمال أو تقصير من جانب الطبيب المعالج حال قيامه بفتح الخراج الكائن بالذراع الأيمن للمدعى ومدى مراعاته للأصول والضوابط الفنية لدى مباشرته لهذا العمل وذلك للقول بوجود خطأ مهنى جسيم، وهذه الوقائع لا يتأتى للطب الشرعى الوقوف عليها من مجرد فحص حالة المذكور، سيما وقد مضى على إجراء العمل المتضرر منه ما يقرب من عشر سنوات تداخلت فيها عوامل واعتبارات كثيرة، وقد كان الأجدر بالطاعن أن يسارع فى حينه إلى إثبات ما يدعيه من خطأ فى جانب الطبيب سواء بعمل محضر إثبات حالة أو الحصول على تقارير طبية معتمدة أو حتى إبلاغ الجهات المعنية بهذا الخطأ، لكنه تقاعس عن ذلك بل ولم ينشط إلى إقامة الدعوى بطلب التعويض إلا فى 31/5/1995 بعد مرور ما يقرب من سنتين على حدوث الواقعة فى 4/7/1993، إلى جانب أن الثابت من محاضر الجلسات إبان تداول الدعوى أمام القضاء المدنى أن الطاعن أحيل فعلاً إلى الطب الشرعى، وأنه طلب من هيئة المفوضين ـ بعد إحالة الدعوى إلى القضاء الإدارى ـ التصريح له باستخراج بيان رسمى من واقع الكشف عليه بمصلحة الطب الشرعى لتحديد درجة الإصابة ونسبة العجز مع بيان قدرته على الكسب، ورغم حصول الطاعن على التصريح المطلوب فإنه لم يقدم شيئًا يؤكد صدق ادعائه وظل على هذا الحال حتى بعد تداول الدعوى أمام المحكمة وإعادتها للمرافعة لهذا السبب، مما يتعين معه الالتفات عن هذا الطلب.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب الطاعن المذكور بأحقيته فى الحصول على معاش عسكرى واستخراج بطاقة علاجية وكارنيه محاربين، استنادًا إلى إنهاء خدمته العسكرية لعدم اللياقة الطبية، فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد أغفل تناول هذه الطلبات الموضوعية رغم ورود النص عليها بصحيفة الدعوى ضمن طلبات المدعى الختامية، وقد نصت المادة (93) من قانون المرافعات على أنه ” إذا أغفلت المحكمة الحكم فى بعض الطلبات الموضوعية، جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه ” وكان تقرير الطعن المقدم من هذا الطاعن يعد بمثابة الصحيفة المنصوص عليها فى المادة المذكورة، مما ينعقد معه الاختصاص بنظر الطلبات المقدمة لمحكمة أول درجة وهى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، ومن ثَمَّ يتعين الحكم بإحالة هذا الشق من الطلبات إلى تلك المحكمة للنظر فيها مع إبقاء الفصل فى المصروفات المتعلقة بها.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعنين شكلاً، وفى الموضوع:ـ
أولاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من أحقية المدعى فى طلب التعويض، والقضاء مجددًا برفض هذا الطلب.
ثانيًا: بإحالة الطلبات التى أغفلتها محكمة أول درجة إلى تلك المحكمة للنظر فيها مع إبقاء الفصل فى المصروفات المتعلقة بها.
ثالثًا: بإلزام الطرفين المصروفات مناصفة.