جلسة 19 من يناير سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكى فرغلى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أدهم حسن أحمد الكاشف، وإبراهيم على إبراهيم، ومحمد الشيخ أبوزيد، ومحمد لطفى عبدالباقى جوده.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد عمر.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن.
سكرتير المحكمة
الطعنان رقما 6793، 6917 لسنة 47 قضائية عليا:
ـ شئون ضباط ـ إنهاء خدمة الضابط الشاغل لرتبة لواء ـ أحكام مد خدمة اللواءات .
المادة (71) من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971.
قرر المشرع أصلاً عامًا مقتضاه إنهاء خدمة الضابط الشاغل لرتبة اللواء بقوة القانون إذا قضى فى رتبة اللواء سنتين يبدأ حسابهما من تاريخ الترقية إليها وذلك دون حاجة إلى العرض على المجلس الأعلى للشرطة ـ استثناءً من هذا الأصل رخص المشرع لوزير الداخلية أن يقرر مد خدمة من يقع عليه اختياره من اللواءات لمدة ثلاث سنوات ثم لمدة سنتين بقرار مستقل لكل مدة بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة، فإذا ما أمضى الضابط مدة سبع سنوات فى رتبة اللواء انتهت خدمته بقوة القانون حتى إذا رقىَّ خلالها إلى درجة مالية أعلى، وهى الدرجة المالية لمساعد الوزير وذلك أيضاً دون الحاجة إلى أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة، ومع ذلك يظل للوزير سلطة تقديرية فى استبقاء من يختاره من بين اللواءات الذين رقوا إلى الدرجة المالية المقررة لمساعد الوزير حتى سن الستين بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة، أما من عُين من هؤلاء فى وظيفة مساعد أو مساعد أول وزير الداخلية فقد أوجب المشرع بقاءه فى الخدمة حتى سن الستين ـ تطبيق.
بتاريخ 19/4/2001 أقام الحاضر عن الطاعن عبد المجيد أحمد عبد المجيد الطعن رقم 6793 لسنة 47 ق. عليا بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمه فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود والتعويضات فى الدعوى رقم 8232 لسنة 53ق. بجلسة 22/2/2001 القاضى بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تؤدى للمدعى تعويضًا مقداره عشرة آلاف جنيه والمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بزيادة مبلغ التعويض المحكوم به من مبلغ عشرة آلاف جنيه إلى مبلغ خمسمائة ألف جنيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وبتاريخ 23/4/2001 أقام الحاضر عن وزير الداخلية بصفته الطعن رقم 6917 لسنة 47ق. عليا بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة فى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 8323 لسنة 53ق. المشار إليه، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وبجلسة 3/4/2002 قررت دائرة فحص الطعون بالمحكمة ضم الطعن رقم 6917 لسنة 47ق. إلى الطعن رقم 6793 لسنة 47ق. ليصدر فيهما حكم واحد؛ حيث قررت إحالتهما إلى الدائرة السابعة موضوع.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأي القانونى فى الطعنين رأت فى ختامه لما ورد به من أسباب الحكم بقبولهما شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
تدوول نظر الطعن أمام المحكمة بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبعد تبادل المذكرات قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة اليوم، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى أنه بتاريخ 29/6/1999 أقام اللواء عبد المجيد أحمد عبد المجيد الدعوى رقم 8323 لسنة 53ق. بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى الدائرة الخامسة) طلب فيها الحكم بإلزام وزير الداخلية بصفته بأن يؤدى له تعويضًا مقداره “مائتان وسبعون ألف جنيه” عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من قرار إنهاء خدمته فى مارس 1987 رغم أحقيته فى مد خدمته حتى سن الستين، وقال شرحًا لذلك إن آخر خدمته بجهاز الشرطة كانت بتعيينه مديرًا لأمن المنيا بقرار رئيس الجمهورية رقم 134لسنة 1983 حتى انتهاء خدمته فى 7/3/1987، وإنه حصل طوال خدمته بالشرطة على تقدير امتياز كما حصل على عدة مكافآت تقديرًا لدوره وعمل لمدة عشرين عامًا بمباحث أمن الدولة حتى وصل إلى رتبة اللواء وحصل على وسام الاستحقاق سنة 1964 ونوط الامتياز من الطبقة الأولى عام 1985وشغل وظيفة مساعد وزير الداخلية ومدير أمن لكفاءته، وقد فوجئ بدلاً من مد خدمته حتى سن الستين بقرار وزير الداخلية بإنهاء خدمته وإحالته للمعاش فى مارس سنة 1987 دون سند من القانون رغم مد خدمة زملائه إلى سن الستين.
أودعت هيئة قضايا الدولة ردها على الدعوى المتضمن أن المدعى خريج كلية الشرطة دفعة 1954 وحصل على رتبة اللواء فى 7/3/1980 ثم مُدَّت خدمته ثلاث سنوات بعد مضى السنتين الأوليين اعتبارًا من 3/3/1982 ثم مُدَّت خدمته فى رتبة اللواء سنتين أخريين حتى 7/3/1987 تاريخ إنهاء خدمته فى الوزارة لقضائه سبع سنوات فى رتبة اللواء العامل بالقرار 119 لسنة 1987 تطبيقاً لحكم المادة 71/2 من قانون هيئة الشرطة قبل تعديله بالقانون رقم 20 لسنة 1998.
وبجلسة 22/2/2001 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وبإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تؤدى للمدعى تعويضاً مقداره عشرة آلاف جنيه، وشيَّدت المحكمة قضاءها على سند من المبدأ الذى ورد النص عليه فى المادة 71 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 معدلة بالقانون رقم 49 لسنة 1978 من أنه يجوز إبقاء من بلغ وظيفة مساعد أو مساعد أول وزير الداخلية حتى سن الستين وأن الثابت أن الوزارة المدعى عليها أبقت فى الخدمة حتى سن الستين أقرانه الذين قضوا مثله مدة سبع سنوات فى رتبة اللواء وهم اللواءات: ………………………………. و………………… ……………………… و………………. …………… رغم أن كلاً من الأول والرابع سبق مجازاته تأديبيًا فى حين أن المدعى لم توقع ضده أية جزاءات، الأمر الذى يكشف عن أن الوزارة المدعى عليها أبقت فى الخدمة حتى سن الستين من هو أقل كفاءة وجدارة وصلاحية من المدعى مما يعيب قرارها بإنهاء خدمته ويصمه بعيب إساءة استعمال السلطة وهو ما يمثل ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة المدعى عليها مما يتوافر معه أركان المسئولية المدنية الموجبة للتعويض.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول رقم 6793 لسنة 47 ق. المقام من المدعى فى الدعوى رقم 8323 لسنة 53ق. هو خطأ الحكم المطعون فيه ومخالفته القانون ذلك أن من المبادئ المقررة أن منع العامل من ترقية يستحق بها بموجب تعويضه عما حرمه بغير حق من الزيادة التى كانت تفى بها هذه الترقية فى المرتب والمعاش، وإنه كان عند الإحالة إلى المعاش يبلغ 56 سنة وبلغ منصب مساعد وزير الداخلية ومدير أمن المنيا، الأمر الذى يعنى أنه حرم من مميزات الوظيفة العامة المادية طوال أربع سنوات بينما حصل على معاش قدره 248 جنيهاً فقط وحصل على مكافأة نهاية الخدمة قدرت بمبلغ 30 ألف جنيه بينما حصل أقرانه على مبلغ يفوق 150 ألف جنيه خلاف مزايا الوظيفة الأخرى وقد نكلت الجهة الإدارية عن تقديم البيان المالى المذكور رغم مطالبتها بذلك وتغريمها بجلسات التحضير، وختم الطاعن طعنه بطلب إلزام الوزارة بأداء مبلغ تعويض يعادل ما حصل عليه المستشهد بحالته اللواء …………. ……………………… وقدره الطاعن بمبلغ نصف مليون جنيه.
ومن حيث إن الطعن الثانى رقم 6917 لسنة 47ق. عليا مقام من الوزارة ضد اللواء …………………………….. يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وللمبادئ التى استنتها المحكمه الإدارية العليا بقضائها فى الطعن رقم 3331 لسنة 42 ق. بجلسة 2/2/1999 من أن قانون هيئة الشرطة أناط بالوزارة سلطة تقديرية واسعة فى مد خدمة الضابط أو عدم مدها ولا يجوز للقاضى أن يحل محل السلطة التنفيذية فى هذا التقدير طالما خلا قرارها من عيب إساءة استعمال السلطة. وأن القرار المطعون فيه صدر مطابقًا للقانون لا مطعن عليه ولا تتوافر بالتالى مسئولية جهة الإدارة الموجبة للتعويض.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمه قد استقر على أن مناط مسئولية الإدارة المدنية عن القرارات الصادرة منها وهو وجود خطأ من جانبها يتمثل فى عدم مشروعية القرار وثبوت وجه من أوجه إبطاله وأن يلحق هذا الخطأ الضرر بصاحب الشأن وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن مشروعية القرار الإداري رقم 119 لسنة 1987 بإنهاء خدمة المطعون ضده اللواء عبد المجيد أحمد عبد المجيد، فقد صدر القرار من وزير الداخلية بعد العرض على المجلس الأعلى للشرطة بجلسته بتاريخ 23/2/1987 ونص على إنهاء خدمة المذكور وآخرين لتمضيتهم فى رتبة اللواء سبع سنوات.
ومن حيث إن المادة 71 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 معدلة بالقانون رقم 49 لسنة 1978 تنص على أن تنتهى خدمة الضابط لأحد الأسباب الآتية :
1) …………..
2) إذا أمضى فى رتبة اللواء سنتين من تاريخ الترقية اليها ويجوز مد خدمته ثلاث سنوات ثم لمدة سنتين أخريين كل بقرار من الوزير بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة وتنتهى خدمته بانقضاء هذه المدة حتى إذا رقى خلالها إلى درجة مالية أعلى.
ومع ذلك يجوز لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة أن يستبقى إلى سن الستين من يختاره من بين اللواءات الذين رقوا إلى الدرجة المالية المقررة لمساعد الوزير، ويبقى فى الخدمة إلى سن الستين من يعين فى وظيفة مساعد أو مساعد أول وزير الداخلية.
ومن حيث إن مؤدى هذا النص وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع قرر أصلاً عامًا مقتضاه إنهاء خدمة الضابط الشاغل لرتبة اللواء بقوة القانون إذا قضى فى رتبة اللواء سنتين يبدأ حسابهما من تاريخ الترقية إليها، وذلك دون حاجة إلى العرض على المجلس الأعلى للشرطة واستثناءً من هذا الأصل رخص المشرع لوزير الداخلية أن يقرر مد خدمة من يقع عليه اختياره من اللواءات لمدة ثلاث سنوات ثم لمدة سنتين بقرار مستقل لكل مدة بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة، فإذا ما أمضى الضابط مدة سبع سنوات فى رتبة اللواء من المذكورين انتهت خدمته بقوة القانون حتى إذا رُقِّى خلالها إلى درجة مالية أعلى وهى الدرجة المالية لمساعدى الوزير وذلك ـ أيضًا ـ دون حاجة إلى أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة، ومع ذلك يظل للوزير سلطة تقديرية فى استبقاء من يختاره من بين اللواءات الذين رقوا إلى الدرجة المالية المقررة لمساعدى الوزير حتى سن الستين بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة.
أما من عين من هؤلاء فى وظيفة مساعد أو مساعد أول وزير الداخلية فقد أوجب المشرع بقاءه فى الخدمة حتى سن الستين.
ومن حيث إنه بتطبيق هذه المبادئ على واقعة الطعنين الماثلين، فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده اللواء/ ……………………………… من خريجى كلية الشرطة عام 1954 ورُقِّى درجاته السلم الوظيفى بالشرطة حتى رتبة اللواء فى 7/3/1980 ثم مدت خدمته فى رتبة اللواء لمدة ثلاث سنوات اعتبارًا من 3/9/1982 حصل خلالها على درجة مساعد الوزير المالية فى 15/11/1982، ثم مُدَّت خدمته فى رتبة اللواء لمدة سنتين أخريين اعتبارًا من 7/3/1985 ـ وانتهت خدمته بوزارة الداخلية اعتبارًا من 7/3/1987 بمقتضى قرار وزير الداخلية رقم 19 لسنة 1987 بعد قضائه سبع سنوات فى رتبة اللواء العامل، ومن ثَمَّ يكون القرار المطعون فيه متفقًا والتطبيق السليم لحكم القانون بما لا مطعن عليه، وينتفى بذلك ركن الخطأ من أركان المسئولية المدنية للجهة الإدارية الموجبة فى حالة اكتمال أركانها للتعويض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى غير هذه النتيجة فإنه يكون قد حَادَ عن وجه الحق واجب الإلغاء.
ومن حيث إنه لا وجه لما نعاه المطعون ضده اللواء/ ………………………………… على هذا القرار من انحراف مصدره بالسلطة وإساءته استعمالها، فالثابت من القرار الصادر بإنهاء خدمة المذكور قد صدر مكتملاً أركانه وتوافرت له عناصر المشروعية فصدر خلواً من أى شائبة تكشف عن إساءة مصدره لسلطته، كما صدر القرار فى نطاق السلطة التقديرية لوزير الداخلية التى تكفل له إسناد وظائف هيئة الشرطة القيادية إلى من يطمئن إليهم من ذوى الكفاءات الخاصة والقدرات المميزة فى إطار المنظومة الأمنية التى يسأل عنها ويطمئن إليها الوزير ولا يقلل هذا من شأن من أحيل منهم إلى المعاش أو يشين تاريخهم الوظيفى، خاصةً ما دام الثابت من الأوراق أن المطعون ضده لم يشغل بالفعل وظيفة مساعد وزير الداخلية وإنما حصل على الدرجة المالية لمساعد الوزير فقط . ومن ثم تعتبر خدمته منتهية بمجرد قضائه سبع سنوات فى الخدمه فى رتبة لواء ومن ثم فلا جناح على الجهة الإدارية إن هى أنهت خدمته تنفيذًا لمقتضى القانون وإذا ارتأت عدم الحاجة إلى مد خدمته إلى سن الستين وإذا ما انتهج الحكم الطعين غير هذا المنهج فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وأضحى حقيقًا بالإلغاء.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلتزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا، وألزمت رافعها المصروفات عن الدرجتين.