جلسة 3 من ديسمبر سنة 2011
الطعنان رقما 7749 و7830 لسنة 55 القضائية (عليا)
(الدائرة الأولى)
– الترخيص في إقامتها وإدارتها- حظر المشرع إقامة أو إدارة هذه المحلات، ومن بينها معارض السيارات، بدون ترخيص يصدر عن الجهة الإدارية المختصة- نظم القانون الوسائل اللازمة لمواجهة المخاطر الناجمة عن إدارة المحال الصناعية والتجارية في أحوال المخالفات الجسيمة، وفيها تباشر الإدارة إجراء من إجراءات الضبط القضائي، حيث يتم التحفظ على المحل بوضع الأختام عليه، ويعرض الأمر على القاضي الجزئي لتأييد أمر الضبط خلال أربع وعشرين ساعة- يتعين على الجهة الإدارية المختصة في حالة إقامة أو إدارة محل بدون ترخيص أن تبادر إلى استخدام المكنات التي وسدها لها القانون لِوأْد المخالفة في مهدها- تتقيد جهة الإدارة في مواجهة المخالفة بالإجراءات المحددة قانونا، دون أن تتجاوزها إلى اتخاذ إجراءات لم يتحها لها القانون- تطبيق: قطع المرافق عن المحل المخالف ليس من بين الإجراءات القانونية الجائز اتخاذها حيال هذه المخالفة.
– في يوم الخميس الموافق 22/1/2009 أودع الأستاذ/… المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 7749 لسنة 55 القضائية عليا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثالثة) بجلسة 25/11/2008 في الدعوى رقم 9871 لسنة 62 ق، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الشركة المدعية المصروفات، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها استمرار التيار الكهربائي والمياه لفرعي الشركة بالمعادى ومدينة نصر، مع تنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات.
– وفى يوم السبت الموافق 24/1/2009، أودع الأستاذ/… المحامي، بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 7830 لسنة 55 القضائية عليا، في الحكم نفسه محل الطعن الأول، وبالطلبات الواردة به نفسها.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا، مع إلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/9/2010 قررت إحالة الطعنين إلى دائرة الموضوع لنظرهما بجلسة 16/10/2010، حيث نظرتهما هذه الدائرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/4/2011 قررت إصدار الحكم بجلسة 11/6/2011 ومذكرات خلال شهر، وتم مد أجل النطق بالحكم لإتمام المداولة لجلسة 12/11/2011 التي تأجلت إداريا لجلسة 19/11/2011، وفيها أعيد الطعنان للمرافعة لتغير التشكيل، وقررت المحكمة ضم الطعنين وإصدار حكم واحد فيهما بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية، فمن ثم يتعين قبولهما شكلا.
وحيث إن وقائع النزاع الماثل تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن الطاعن (المدعى) بصفته الشريك المتضامن والمدير المسئول لشركة… كان قد أقام الدعوى رقم 9871 لسنة 62 ق أمام محكمة القضاء الإداري، طالبا الحكم بقبولها شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر بقطع الكهرباء والمياه عن فرعي الشركة بالمعادي ومدينة نصر، وذلك على سند من أن الشركة مقيدة بالسجل التجاري وغرضها تجارة السيارات والاستيراد والتصدير، وأنها فوجئت بقطع المرافق من كهرباء ومياه عن فرعيها المذكورين بالمخالفة لأحكام القانون، وتظلمت من هذا القرار دون جدوى.
………………………………….
ونظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 25/11/2008 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الشركة المدعية مصروفاته، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن المشرع بموجب القانون رقم 453 لسنة 1954حظر إقامة المحلات الصناعية والتجارية وغيرها من المحلات المقلقة للراحة أو إدارتها إلا بترخيص يصدر عن الجهة الإدارية المختصة، وأن البادي من ظاهر الأوراق أن فرعي الشركة المدعية بالمعادى ومدينة نصر لم يصدر لهما ترخيص في مباشرة هذا النشاط من السلطة المختصة، والتي قامت بإصدار قرار الغلق الإداري رقم 222 لسنة 2001 لفرع المعادي، وقرار الغلق الإداري رقم 508 لسنة 2004 لفرع مدينة نصر لإدارتهما بدون ترخيص، ثم قامت بعد ذلك بقطع المرافق عنهما لعدم إعادة تشغيلهما مرة أخرى، مما يكون معه قرار قطع المرافق من مياه وكهربــاء عنهما بحسب الظاهر من الأوراق موافقا لصحيح القانون، وينتفي ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه.
………………………………….
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال؛ لأنه تم إدخال المياه والكهرباء إلى فرعي الشركة منذ أكثر من عشر سنوات، ومن ثم تكون الشركة قد اكتسبت مركزا قانونيا لا يجوز المساس به، وأن إدارة المحلات بدون ترخيص لا تعطي الجهة الإدارية سوى الحق في إغلاقها بالطريق الإداري دون قطع المرافق عنها.
………………………………….
وحيث إن القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ينص في المادة (2) على أنه: “لا يجوز إقامة أي محل تسري عليه أحكام هذا القانون أو إدارته إلا بترخيص بذلك، وكل محل يقام أو يدار بدون ترخيص يغلق بالطريق الإداري أو يضبط إذا كان الإغلاق متعذرا”.
وينص في المادة (17) على أن: “كل مخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مئة جنيه، وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات ولو كانت لسبب واحد، وفى أحوال المخالفات الجسيمة التي يكون معها في استمرار فتح المحل خطر واضح على الصحة العامة أو الأمن العام يتم التحفظ على المحل بوضع الأختام عليه، ويعرض محضر الضبط على القاضي الجزئي لتأييد أمر الضبط خلال 24 ساعة”.
وينص في المادة (18) على أنه: “مع عدم الإخلال بأحكام المادة السابقة يجوز للقاضي أن يحكم بإغلاق المحل المدة التي يحددها في الحكم أو إغلاقه أو إزالته نهائيا، ويجب الحكم بالإغلاق أو الإزالة في حالة مخالفة أحكام الفقرة الثالثة من المادة 1 والمادتين 2و11، وفى حالة الحكم بالإغلاق أو الإزالة تكون مصاريف الضبط والإغلاق والإزالة على عاتق المخالف”.
وينص في المادة (20) على أن: “كل من أدار محلا محكوما بإغلاقه أو إزالته أو أغلق أو ضبط بالطريق الإداري يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة شهور وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز مئة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك فضلا عن إزالة المحل أو إعادة إغلاقه أو ضبطه بالطريق الإداري”.
وحيث إن مفاد النصوص المشار إليها أن المشرع حظر إقامة أو إدارة هذه المحلات -ومن بينها معارض السيارات- بدون ترخيص يصدر عن الجهة الإدارية المختصة، وحدد الإجراءات والجزاءات المقررة لمواجهة ما يقع من مخالفات لهذا الحظر، والتي تتمثل في غلق المحل بالطريق الإداري أو التحفظ على المحل بوضع الأختام عليه في حالة المخالفات الجسيمة، وعرض محضر الضبط على القاضي الجزئي، والحكم وجوبا بإغلاق المحل مع تحمل المخالف لمصاريف الضبط والإغلاق وتوقيع عقوبة الحبس والغرامة أو إحديهما على كل من أدار محلا أغلق بالطريق الإداري، ومن ثم يتعين على الجهة الإدارية المختصة في حالة إقامة أو إدارة محل بدون ترخيص أن تبادر إلى استخدام المكنات التي وسدها لها القانون لوأد هذه المخالفة في مهدها بغلق المحل بالطريق الإداري وتحرير المحاضر المثبتة للمخالفة وعرضها على الجهات القضائية لتتخذ فيها شئونها وتحيل المخالف إلى المحاكمة الجنائية، وهو ما رآه المشرع كافيا لمواجهة مثل هذه المخالفات، بحيث تتقيد جهة الإدارة في مواجهتها بتلك الإجراءات دون أن تتجاوزها إلى اتخاذ إجراءات لم يتحها لها القانون.
وحيث إن البادي من الأوراق -بالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل وهو المطروح أمره فحسب على هذه المحكمة بالطعن الماثل- أن فرعي الشركة الطاعنة بالمعادي ومدينة نصر يندرجان في عداد المحلات التي يطبق عليها القانون رقم 453 لسنة 1954 المشار إليه، ولم يصدر لهما ترخيص في مباشرة النشاط، وتم غلقهما بالطريق الإداري، ثم قامت الجهة الإدارية بقطع الكهرباء والمياه عنهما حتى لا يتسنى إعادة تشغيلهما مرة أخرى، وهو ما لا يتوفر له سند من القانون الذي حدد الإجراءات الواجب اتخاذها حيال هذه المخالفة، وليس من بينها قطع المرافق عن المحل المخالف، ودون أن تفصح الأوراق عن استنفاد الجهة الإدارية للإجراءات التي حددها القانون والوصول بها إلى منتهاها بإحالة المخالف إلى المحاكمة الجنائية، مما يتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ قرار قطع المرافق عن المحلين المشار إليهما،كما يتوفر بشأنه ركن الاستعجال باعتبار أن قطع الكهرباء والمياه يؤثر سلبا في مقتضيات الحفاظ على العقار وصيانته، ويمثل مساسا بالمكنات التي يتيحها حق الملكية دون سند من القانون.
وحيث إنه وقد توفر ركنا الجدية والاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فقد أضحى لزاما القضاء بوقف تنفيذه، وإذ قضى الحكم الطعين بخلاف ذلك، فإنه يكون قد صدر مخالفا لصحيح حكم القانون، ويتعين إلغاؤه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته إعمالا للمادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.