جلسة 20من يناير سنة2007م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد محمد السيد الطحان نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى خضرى نوبى محمد نائب رئيس مجلس الدولة
/ على محمد الششتاوى إبراهيم نائب رئيس مجلس الدولة
/ أحمد محمد حامد محمد نائب رئيس مجلس الدولة
/ عادل سيد عبد الرحيم بريك نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشـــــــــار / محمد عبد المنعم شلقامي مفــــــــوض
الطعنين رقمى 5733 و6640 لسنة51ق .عليا
– تأديب – وجوب تسبيب الأحكام التأديبية
تسبيب الأحكام يعد أصل من الأصول و الثوابت للمحاكمات التى تحرص عليها التشريعات كافة المنظمة لإجراءات المحاكمة فيجب أن تصدر الأحكام بركيزة من أسباب واضحة جلية تنم عن تحصيل المحكمة لواقعات الدعوى وبيان الأدلة الواقعية والقوانين على ثبوتها وكيفية هذا الثبوت على نحو كاف لتكوين عقيدتها وتشكيل وجدانها كى تكون الحقيقة التى استخلصتها واقتنعت بها قد قام دليلها بسند من الواقع والقانون ومن شأنه أن يثمر النتيجة التى انتهى إليها قضاؤها ووجوب اشتمال الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها ليس استتماماً لها من حيث الشكل بل تحمل المحكمة على العناية بأحكامها وتوخى العدالة فى قضائها فتأتى ناطقة بعدالتها وموافقتها للقانون فتحمل من ثم الخصوم على الاقتناع بعدالة الأحكام والانصياع لقضائها وتنزل فى نفوسهم منزلة الإجلال والإكبار من زاوية أخرى تمكن محكمة الطعن من بسط رقابتها عليها وهى رقابة لا تقوم ولا تستوى إلا إذا جاءت الأحكام مسببة تسبيباً جلياً بألا يكتنفها غموض وواضحة إلا مخاطها لشئ، ولما فيه بألا يشوبها نقص أو يعتورها قصور.
فى يوم الأربعاء الموافق 9/2/2005 أودع الأستاذ/على عبد المجيد عبد الستار المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن فى الطعن الأول قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 5733 لسنة51ق. عليا فى القرار المشار إليه الصادر بمجازاة الطاعن بخصم أجر خمسة عشر يوما من راتبه.
والتمس الطاعن-لما ورد بتقرير طعنه من أسباب-الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والحكم مجددا ببراءته مما نسب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وفى يوم الاثنين الموافق 21/2/2005 أودع الأستاذ/سالم منصور عطية المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعنة فى الطعن الثانى قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 6640 لسنة 51ق. عليا فى ذات القرار أنف الذكر الصادر بمجازاتها بالوقف عن العمل لمدة شهرين مع خصم نصف الأجر.
والتمست الطاعنة-لما ورد بتقرير طعنها من أسباب-الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجددا ببراءتها مما نسب إليها.
وقد أعلن تقريرا الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم على النحو المبين بالأوراق.
كما أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا فى الطعنين بالرأى القانونى طلبت فى كل منهما الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس التأديب أنف الذكر للفصل فيها مجددا من هيئة مغايرة.
وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 27/6/2005 وتدولا أمامها على النحو الثابت بالمحاضر حيث قررت ضم الطعن رقم 6640 لسنة 51ق. عليا إلى الطعن 5733 لسنة 51ق. عليا للارتباط، وبجلسة 12/6/2006 قررت الدائرة المذكورة إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة-موضوع) لنظرهما بجلستها المنعقدة بتاريخ 23/9/2006 حيث نظر بهذه الجلسة، وبجلسة 18/11/2006 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعنين الماثلين قد أودعا خلال الأجل المقرر قانونا وإذ استوفيا سائر أوضاعهما الأخرى فمن ثم يكونان مقبولين شكلا.
ومن حيث إن واقعات الطعنين تخلص-حسبما يبين من الأوراق-فى أن سانج موك لى الكورى الجنسية تقدم بشكوى إلى وزير العدل أورى فيها أنه أوقع بتاريخ 26/2/2002 حجز ما للمدين لدى الغير لدى رئيس مجلس إدارة بنك المهندس بمركزه الرئيسى الكائن بالعقار رقم 3 شارع مصدق بحى الدقى بمحافظة الجيزة وذلك نفاذا للحكم الصادر فى الاستئنافين رقمى 39 و76/40ق بورسعيد ضد الشركة المصرية للنقل والتجارة (ايجترانس) بيد أن البنك المذكور لم يقرر بما فى ذمته حتى 6/8/2002 بالمخالفة لحكم المادة 339 من قانون المرافعات وبالاستفسار عن سبب ذلك تبين للشاكى أن البنك المحجوز لديه قد قام بالتقرير بما فى ذمته أمام محكمة الأزبكية الجزئية وليس أمام محكمة الدقى الجزئية الكائن بدائها المركز الرئيسى للبنك الأمر الذى يغدو معه التقرير بما فى الذمة قد وقع المحكمة والتاريخ المخالفتين للقانون مما أدى إلى الإضرار بالشاكى ومصالحه المالية فى التنفيذ على أموال الشركة المذكورة وقد تمت إحالة الشكوى إلى رئيس محكمة شمال القاهرة الابتدائية الذى أمر بتحقيقها ومن ثم صدر قرار مدير عام إدارة المحاكم بوزارة العدل بإحالة الطاعنين إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية الذى أصدر قراره بجلسته المنعقدة بتاريخ 26/1/2005 بمجازاة الطاعن فى الطعن الأول بخصم أجر خمسة عشر يوما من راتبه ومجازاة الطاعنة فى الطعن الثانى بالوقف عن العمل لمدة شهرين من خصم نصف الأجر.
ومن حيث إن مبنى الطعنين الماثلين أن القرار الطعين قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وران عليه البطلان وذلك لبطلان قرار الإحالة وتشكيل مجلس التأديب، فضلا عن انعدام الأسباب والإخلال بحق الدفاع.
ومن حيث إن الفصل فى موضوع الطعن يغنى عن الفصل فى شقه العاجل.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد استقرت بقضاء متواتر على أن الطعن أمامها بفتح الباب لتزن الحكم الطعين بميزان القانون وزنا وناطه استظهار وجه الحق وفقا لصحيح القانون دون التفات إلى كفة طلبات الطاعن أو الأسباب التى انتصب عليها طعنه.
ومن حيث إن القرارات التى تصدر عن مجالس تأديب العاملين بالمحاكم هى قرارات نافذة بدائرتها دون ثمة اعتماد أو تصديق من جهة إدارية أعلى ومن ثم استقر قضاء هذه المحكمة على أنها أقرب فى طبيعتها وأدنى إلى الأحكام ويجرى فى شأنها ما يجرى على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية فيطعن عليها مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا عملا بنص المادتين 22 و23 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ولذلك وجب أن تحاط بما تحاط به الأحكام من ضمانات وأن يتوافر فى شأنها ما يتوافر فى الأحكام من ضوابط.
ومن حيث إنه من المبادئ المستقرة والأصول العامة للمحاكمات أنه من الضمانات الجوهرية للمتهم هو حيدة الهيئة التى تتولى محاكمته ومن مقتضى هذه الأصل ولازمه فى المحاكمات التأديبية أو الجنائية أن من يبدى رأيه فى الاتهام أو يساهم فى تحضير الدعوى أو يشارك فى أى إجراء من إجراءات التحقيق يمتنع عليه الاشتراك فى نظر الدعوى والحكم فيها وذلك ضمانا لحيدة القاضى أو عضو مجلس التأديب أو من يجلس مجلس القضاء كيما نصفو نفس المتهم من كل ما يمكن أن يستشف منه رأيه فى المتهم بما يكشف لهذا الأخير مصيره فتتزعزع ثقته فيه أو يقصر اطمئنانه إليه فلا يلقى الحكم أو القرار فى نفسه القبول به أو الرضا عنه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق وأخصها مذكرة الرأى المرفوعة من يوسف عاشور سيد على أمين عام محكمة شمال القاهرة الابتدائية إلى رئيس المحكمة والمؤرخة 23/8/2004 أنه قد أبدى رأيه فى الشكوى المقدمة من سانج موك لى التى هى موضوع الاتهام المنسوب إلى الطاعنين وخلص فيها إلى أن الطاعن الأول بوصفه كاتب أول محكمة الأزبكية قد جانبه الصواب وأن ما جاء بالشكوى فى محله، ثم اقتعد المذكور مقعد القضاء فى مجلس التأديب الذى تولى محاكمة الطاعنين الأمر الذى يفتقد ومن صلاحيته لنظر الدعوى محل الطاعنين الماثلين لإخلاله بضمانه جوهرية وهى افتقاده للحيدة الواجب توافرها فى عضو مجلس التأديب وذلك لسبق إبداء رأيه فيها بما يغدو معه تشكيل مجلس التأديب قدران عليه البطلان والذى يستطيل ليلحق بالقرار الطعين.
ومن ناحية أخرى فإن المادة 176 من قانون المرافعات تنص على أنه “يجب أن تشتمل الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها وإلا كانت باطلة”، كما تنص المادة 43 من قانون مجلس الدولة المار ذكره على أن “… تصدر الأحكام مسببة ويوقها الرئيس والأعضاء”.
ومفاد ما تقدم أن تسبيب الأحكام يعد أصل من الأصول الثوابت للمحاكمات التى تحرص عليها التشريعات كافة المنظمة لإجراءات المحاكمة فيجب أن تصدر الأحكام بركيزة من أسباب واضحة جلية تنم عن تحصيل المحكمة لواقعات الدعوى وبيان الأدلة الواقعية والقانونية على ثبوتها وكيفية هذا الثبوت على نحو كاف لتكوين عقيدتها وتشكيل وجدانها كى تكون الحقيقة التى استخلصتها واقتنعت بها قد قام دليلها بسند من الواقع والقانون ومن شأنه أن يثمر النتيجة التى انتهى إليها قضاؤها ووجوب اشتمال الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها ليس استماما لها من حيث الشكل بل لحمل المحكمة على العناية بأحكامها وتوخى العدالة فى قضائها فتأتى ناطقة بعدالتها وموافقتها للقانون فتحمل من ثم الخصوم على الاقتناع بعدالة الأحكام والانصياع لقضائها وتنزل فى نفوسهم منزلة الإجلال والإكبار ومن زاوية أخرى تمكن محكمة الطعن من بسط رقابتها عليها وهى رقابة لا تقوم ولا تستوى إلا إذا جاءت الأحكام مسببة تسبيبا جليا بألا يكتنفها غموض وواضحة بألا يخالطها لبس، ولما فيه بألا يشوبها نقص أو يعثورها قصور.
ومن حيث إن الثابت من القرار الطعين أنه قد وأن الطاعنين استنادا إلى عبارات عامة بأن الثابت من المستندات والأوراق بملف الدعوى والتحقيقات أنهما ارتكبا المخالفة المنسوبة إليهما دون أن يعنى البتة ببيانها وسند ذلك وكيفية استخلاص لمسئوليتهما عما اسند إليهما استخلاصا سليما وسائغا من الأوراق والتحقيقات سيما وأن مسئوليتهما مختلفة ولم يقرا بارتكابهما للمخالفة المسندة إليهما كما جاءت أسباب القرار موجزة على نحو مخل خالية من أدلة ثبوت المخالفة الواردة بقرار الإحالة على نحو واضح جلى محدد بحيث تقطع ثبوت الاتهام فى حق الطاعنين سيما وأن هذه المخالفة تصطبغ بصبغة قانونية بحقه الأمر الذى يغدو معه القرار الطعين قد شابه قصور شديد فى التسبيب وتطأطأت عليه أسباب البطلان مما يتعين معه الحكم بإلغائه وإعادة الدعوى لمجلس التأديب لإعادة محاكمة الطاعنين بهيئة أخرى على وجه يتفق وحكم القانون.
حكمت المحكمة: بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه ما يترتب على ذلك من آثار لبطلانه وأمرت بإعادة الدعوى رقم 66 لسنة 2004 تأديب شمال القاهرة إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية للفصل فيه مجدد بهيئة مغايرة.