جلسة 9 من مايو سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عادل محمود زكى فرغلى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد الشيخ على ابوزيد، عبدالمنعم أحمد عامر، محمد لطفى عبدالباقى جوده، احمد منصور محمد على.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / طارق رضوان
مفوض الدولة
وحضور السيد / خالد عثمان محمد حسن
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 167 لسنة 49 قضائية. عليا:
ـ شئون الأعضاء ـ أثر الحكم بعدم دستورية إسناد الفصل فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء الهيئة للجنة التأديب والتظلمات.
المادة (25) من قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 المعدلة بالقانون رقم 88 لسنة 1998.
قضت المحكمة الدستورية العليا فى الدعويين رقمى193 لسنة 19ق. دستورية و5 لسنة 22 ق. دستورية بعدم دستورية المادة 25 من قانون هيئة قضايا الدولة فيما تضمنه من إسناد الفصل فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء الهيئة وطلبات التعويض المترتبة عليها للجنة التأديب والتظلمات استنادا إلى أن المشرع قدر بعد ذلك أن المحاكم وحدها هى الأقدر على الفصل فى هذا النوع من المنازعات بالنظر إلى طبيعتها وعلى ضوء مختلف العناصر التى تلابسها عادة لكى ينال أعضاء هذه الهيئات الترضية القضائية.
وهذا ما اتضح من مسلك المشرع إزاء تحديد الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية المتعلقة بأعضاء الهيئات القضائية الأخرى ـ هيئة النيابة الإدارية مجلس الدولة واختصاص الدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض بالنسبة لرجال القضاء والنيابة العامة ـ رد هذا الاختصاص إلى المحاكم يمثل ضمانة لازمة لأعضاء تلك الهيئات عند نظر طلبات الإلغاء والتعويض المتعلقة بشئونهم ـ لم يتضمن حكما المحكمة الدستورية العليا المشار إليهما تحديد تاريخ معين يبدأ منه سريان أثر الحكم ـ مؤدى ذلك أن يكون الحكم بعدم دستورية المادة 25 سالفة الذكر له أثر رجعى يمتد إلى الماضى برجعية تحكم الروابط السابقة على صدور الحكم إلا أنه لما كانت المحكمة العليا الدستورية سبق وأن قضت برفض الدعوى رقم 21 لسنة 6 القضائية بجلسة 4/3/1978 والخاصة بطلب الحكم بعدم دستورية المادة (25) ثم عادت وقضت المحكمة الدستورية العليا فى الدعويين رقمى 193 لسنة 19 القضائية و5 لسنة 22 القضائية دستورية بعدم دستورية تلك المادة قبل وبعد تعديلها بالقانون رقم 88 لسنة 1998 إذ ترتب على هذه المادة الإخلال بالمساواة فى مجال حق التقاضى وقد ظهر هذا الإخلال بصورة جلية ومقطوعة بصدور القانون رقم 12 لسنة 1989 فى شأن هيئة النيابة الإدارية والذى عمل بأحكامه اعتباراً من 20/4/1989 فقد غدا من المنطقى قصر الأثر الرجعى لحكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة (25) فى النطاق سالف البيان إلى هذا التاريخ بحسبانه التاريخ الذى تحقق فيه الإخلال بمبدأ المساواة بالمخالفة لنصوص الدستور ـ أثر ذلك لا يرتد الأثر الرجعى إلى تاريخ صدور القانون رقم75 لسنة 1963 وإلا كان متعارضاً مع حكم المحكمة العليا بجلسة 4/3/1978 برفض الدفع بعدم دستورية النص ذاته ـ تطبيق .
فى يوم الخميس الموافق 23/4/1998 أودع الأستاذ/ “…………” المحامى، عن الأستاذ / “…………….” المحامى بصفته وكيلاً عن السيد/ “……………” قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا صحيفة الطلب الماثل المقيد برقم 4571 لسنة 44 القضائية عليا بطلب الحكم بإلغاء قرار وزير العدل رقم 1345 لسنة 1985 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطالب مع ما يترتب على ذلك من آثار واحتياطياً: إلزام المدعى عليهما بصفتيهما على سبيل التضامن فيما بينهما بأن يؤديا للطالب مبلغ مليون جنيه مصرى تعويضاً عما لحقه من أضرار نتيجة القرار المطعون عليه مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد تم إعلان صحيفة الطلب الماثل على الوجه المقرر قانوناً .
ويعد تحضير الطلب قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن.
وبجلسة 19/11/2000 قضت المحكمة الإدارية العليا ـ الدائرة الخامسة فى الطلب رقم 4571 لسنة 44 القضائية عليا بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن وأمرت بإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (الدائرة التاسعة) للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات.
وتنفيذًا لحكم إلا حالة قيد الطلب برقم 3725 لسنة 55 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى وجرى تحضيره بهيئة مفوضى الدولة التى ارتأت فى تقريرها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار وزير العدل رقم 1345/1985 فيما تضمنه من اعتبار المدعى مستقيلا من وظيفته اعتباراً من 29/12/1984 تاريخ انقطاعه عن العمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وبجلسة 3/8/2002 صدر حكم محكمة القضاء الإدارى فى الطلب رقم 3725 لسنة ٥٥ ق بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات.
استنادا لصدور القانون رقم ٢ لسنة 2002 بتعديل بعض أحكام قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 الذى أسند الاختصاص بالفصل فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية لأعضاء هيئة قضايا الدولة إلى إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا وإحالة الطلبات والمنازعات التى لم يفصل فيها إلى هذه المحكمة.
وتنفيذاً لهذا الحكم قيد الطلب برقم 167 لسنة 49 القضائية عليا أمام المحكمة الإدارية العليا وجرى تحضير الطلب بهيئة مفوضى الدولة وبصحيفة معلنة بتاريخ 20/1/2003 اختصم الطالب السيد / رئيس الجمهورية بصفته وطلب الحكم أولا: بقبول الدعوى شكلاً ثانياً: الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير العدل المطعون فيه ، ثالثًا: وفى الموضوع بإلغاء قرار وزير العدل رقم 1345 لسنة 1985 فيما تضمنه من اعتبار خدمة الطالب منتهية مع ما يترتب على ذلك من آثار والحكم بتسليمه وظيفته فى الدرجة التى يستحقها حسب الأقدمية طبقا لقرارات التعيين والترقى مع الأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان، رابعاً: إلزام المدعى عليهم بصفاتهم على سبيل التضامن فيما بينهم بأن يؤدوا للطالب مبلغ مليون جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار نتيجة القرار الطعين مع إلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة فى أبريل 2003 تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً.
وقد نظر الطلب الماثل أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها أصدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات و بعد المداولة.
ومن حيث إن واقعات الطلب الماثل تخلص حسبما يبين من الطلب وسائر الأوراق وملف خدمة الطالب فى أن الطالب كان معيناً بهيئة قضايا الدولة فى وظيفة مندوب مساعد بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم513 لسنة 1975 الصادر بتاريخ 28/5/1975وتدرج فى الوظائف إلى أن عين فى وظيفة نائب اعتباراً من 24/5/1982 ثم صدر قرار وزير العدل رقم 1345 لسنة 1985 بتاريخ 13/3/1985 باعتبار الطالب مستقيلا من وظيفته اعتباراً من 29/12/1984 تاريخ انقطاعه عن العمل ورفع اسمه من سجل قيد أعضاء الإدارة من هذا التاريخ.
وبتاريخ 6/4/1985 تقدم الطالب بتظلم قيد برقم 15 لسنة 1985 أمام لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلغاء كافة الآثار المترتبة عليه وإعادته إلى عمله وصرف مرتبه عن شهر يناير 1985 وما بعده لحين الفصل فى طلب إلغاء القرار المطعون فيه.
وبجلسة 4/11/1985 قررت لجنة التأديب والتظلمات قبول التظلم شكلا، ورفضه موضوعاً وأقامت قرارها على اطمئنان وجدانها إلى سلامة التحقيقات التى أجرتها إدارة التفتيش الفنى من أنه بتاريخ 29/12/1984 انتقل إلى قسم جزئيات جنوب القاهرة المستشاران عبد الجليل عبدالدايم، ومحمد بخيت الحادى المفتشان بإدارة التفتيش الفنى لمتابعة ما تم فى شأن حضور المتظلم وطلب من المستشار وكيل الإدارة ورئيس قسم جزئيات جنوب القاهرة تشكيل لجنة من القسم لفتح دولاب المتظلم وحصر قضاياه وسرعة تسليم المتداول منها لمن أسند إليه الاختصاص…… ومن ناحية أخرى فقد تابع مستشار إدارة التفتيش الفنى غياب المتظلم منذ يوم 29/12/1984 وذلك بالانتقال إلى قسم جزئيات جنوب القاهرة مرتين فى كل يوم الأولى فى التاسعة صباحاً والثانية فى الواحدة ظهراً وتحرير محضر يسأل فيه كل مرة سكرتير القسم الذى يفيد فى كل مرة بأن المتظلم لم يحضر إلى مقر عمله وقد ظل تحرير هذه المحاضر اليومية منذ 29/12/1984 حتى 17/1/1985 وقد ترتب على ذلك رفع مذكرة إلى السيد وزير العدل باعتبار المتظلم مستقيلاً من عمله تطبيقاً لنص المادة 32/1 من قانون تنظيم إدارة قضايا الحكومة رقم 75 لسنة 1963 ، وليس منتجاً فى هذا الصدد ما تعلل به المتظلم من أنه حضر بجلسة 31/12/1984 فى الدعوى رقم 82 لسنة 1982 مدنى عابدين والدعوى رقم 447 لسنة 1982 مدنى عابدين إذ أن انقطاعه بعد هذا التاريخ قد تجاوز مدة الخمسة عشر يوماً اللازمة لاعتباره مستقيلاً من وظيفته….
وبتاريخ 29/11/1998 تظلم الطالب مرة ثانية إلى لجنة التأديب والتظلمات بطلب قبول الالتماس شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر من لجنة التأديب والتظلمات بجلسة 4/11/1985 فى التظلم رقم 15 لسنة 1985 والأمر بإعادة التظلم إلى اللجنة المختصة للفصل فيه مجدداً على سند من أن تلك اللجنة كان يرأسها المستشار/ “……………..” رئيس الهيئة وهو نفسه الذى كان رئيساً لإدارة التفتيش الفنى الذى حرر المذكرة المحالة لوزير العدل باعتباره مستقيلاً وأن المحكمة الدستورية قضت بجلسة 7/3/1998 فى القضية رقم 162/19 القضائية بعدم دستورية نص المادة (25) من قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 فيما تضمنه من أن يرأس لجنة التأديب والتظلمات رئيس الهيئة وبذلك فإن المستشار المذكور قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية ويكون قرار اللجنة قد صدر باطلاً ويستوجب الإلغاء. وبجلسة 3/5/1999 قررت اللجنة عدم قبول التظلم وأقامت قرارها على أن حجية حكم المحكمة الدستورية العيا المشار إليه يقتصر على تشكيل لجنة التأديب والتظلمات عند فصلها فى الدعاوى التأديبية دون سواها ولا يتعداها إلى تشكيل اللجنة عند نظرها لطلب من الطلبات التى تدخل فى ولايتها وأن قرار اللجنة فى التظلم 15لسنة 1985 قد صدر فى غير دعوى تأديبية فلا تمتد إليه آثار حكم المحكمة الدستورية العليا سالفة الذكر، كما أن قرارات لجنة التأديب والتظلمات بالفصل فيما يدخل فى ولايتها نهائية ولا تقبل الطعن بأى وجه من أوجه الطعن سواء فى ذلك ما صدر منها فى ظل المادة 25 من قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 قبل تعديلها بالقانون رقم 88 لسنة 1998 أو بعد التعديل مما يجعل التظلم غير مقبول شكلاً.
وأقام الطالب الطلب رقم 4571 لسنة 44 القضائية عليا أمام هذه المحكمة الذى أعيد قيده برقم 3725 لسنة 55 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى ثم أعيد قيده برقم 167 لسنة 49 القضائية على النحو السالف بيانه وخلص فيه فى طلباته الختامية إلى طلباته سالفة البيان وشرحاً لطلبه قال إن البادى من مطالعة كتاب رئيس هيئة قضايا الدولة الذى استند إليه قرار وزير العدل الطعين ما ذكره رئيس الهيئة صراحة من أن العضو المذكور كان يعمل نائباً بقسم الجزئيات منذ 27/2/1984 وحتى 23/12/1984 وأنه يحتفظ بعدد كبير من الملفات وبعد صدور قرار رئيس الإدارة بنقله من قسم الجزئيات إلى قسم الاستئناف فإنه ورغم إخطاره فى 10/12، 15/12، 25/12/1984 لم يحضر لتسليم الملفات اختصاصه مما اضطرت معه الإدارة إلى تشكيل لجنة لفتح الدولاب واستلام الملفات يوم 29/12/1984 وإزاء ما تكشف للهيئة من سوء سلوك العضو من الناحيتين الفنية والشكلية فقد أصدرت القرار رقم 108 لسنة 1984 فى 10/12/1984 بنقله إلى قسم الاستئناف وهذا القرار أسند للطاعن أمورا لو صحت لوجب إحالته إلى التحقيق ومحاكمته عنها تأديبيًا، مما يعنى أن قرار الإقالة الصادر من وزير العدل هو قرار بتوقيع عقوبة بغير اتباع الإجراءات المقررة…. وبالنسبة للانقطاع عن العمل أضاف الطالب أنه ادعاء عارٍ من الحقيقة فلا يوجد سجل حضور وانصراف يثبت فيه الحضور من عدمه وليس من المتبع فى الهيئة تحرير يومية حضور للأعضاء عن طريق سؤال سكرتير القسم عليهم، وأنه طبقاً للمادة (20) في حالة الانقطاع يجب إرسال تنبيه كتابى للعضو وفى حالة الاستمرار فى الانقطاع وجب إحالته إلى مجلس التأديب وهو ما اتبع مع بعض أقرانه كما سبق اتهامه بالانقطاع عن العمل ابتداء من فبراير 1984 إلى أكتوبر 1984 وانتهى الأمر إلى عدم صحة الاتهام وحفظ التحقيق، وأن الطالب لم ينقطع عن عمله بدليل أنه كان موجوداً وقت صدور قرار تسليم مفتاح الدولاب بالهيئة، وحضوره فى قضيتين عن الدولة أمام محكمة عابدين كما قام بتسليم إعلانات باسم الحكومة فى القضية رقم333 ضد شركة المهندس للتأمين وشهادة رئيس المحكمة ناجى عبد اللطيف حسين أنه حضر للهيئة وقابل الطالب بها يوم 16/1/1985 أحد أيام الانقطاع المزعومة.. فضلاً عن وجود رصيد إجازات مقداره (322) يوماً مما ينفى حاجته للانقطاع دون إذن وأن القرار صدر مشوبا بالانحراف بالسلطة كما أن سؤال سكرتير القسم هو من قبيل الإجراءات التى تتسم بالشك والاصطناع وأنه إعمالا للأثر الرجعى للحكم بعدم دستورية المادة (25) فيما تضمنه من إسناد الفصل فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئون أعضاء هيئة قضايا الدولة وطلبات التعويض عنها للجنة التأديب والتظلمات يصبح قرار اللجنة فى التظلم رقم 15
لسنة 1985 منعدما. كما طالب بالتعويض عن حرمانه من عمله منذ عام 1985 لمدة بلغت ثمانية عشر عامًا تركت أثارًا أليمة وهو يقدر التعويض بمبلغ مليون جنيه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها اختتمتها بطلب إحالة الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة بالمحكمة الإدارية العليا الدائرة السابعة ـ لتحضيره وإعداد تقرير بالرأى القانونى فيه كما طلبت الحكم أولا: أصلياً بعدم جواز الإحالة من محكمة القضاء الإدارى إلى المحكمة الإدارية العليا واحتياطياً بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم سابقة التظلم ولرفعه بعد الميعاد المقرر قانونا. ثانياً: أصلياً بعدم جواز نظر الطعن لسبق الفصل فيه بقرار نهائى من لجنة التأديب والتظلمات لا يجوز الطعن فيه بأى وجه من أوجه الطعن وأمام أى جهة وأنه لا ينفتح بحكم الدستورية العليا ميعاد جديد لرفع دعوى الإلغاء نظراً لاستقرار المركز القانونى للطاعن بموجب قرار تلك اللجنة، ولا ينسحب على هذا القرار رجعية أثر الحكم.
ومن حيث إنه بتاريخ // أقيمت الدعوى رقم 192 لسنة 19 القضائية دستورية والتى دفع فيها مرة أخرى بعد دستورية نص المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 بشأن هيئة قضايا الدولة فيما تضمنه من إسناد الفصل فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء الهيئة وطلبات التعويض المترتبة عليها للجنة التأديب والتظلمات، فقضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/5/2000 بعدم دستورية تلك المادة فى هذا الشأن على سند من أن القانون وإن عهد قبل بطلبات الإلغاء والتعويض إلى لجنة التأديب والتظلمات بحسبانها هيئة ذات اختصاص قضائى إلا أن مسيرة التشريع لم تتوقف عند هذا الحد، فقد قدر المشرع بعد أن المحاكم وحدها هى الأقدر على الفصل فى هذا النوع من المنازعات بالنظر إلى طبيعتها وعلى ضوء مختلف العناصر التى تلابسها عادة لكى ينال أعضاء هذه الهيئات الترضية القضائية، وهذا ما اتضح من مسلك المشرع إزاء تحديد الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية المتعلقة بأعضاء الهيئات القضائية الأخرى، فقد صدر القانون رقم 50 لسنة 1973 الذى ـ تناول بالتعديل نص المادة (104) من قانون مجلس الدولة بحيث أصبحت تقضى بأن تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التى يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم وفى طلبات التعويض عنها وبمثل هذا جرى نص المادة 40 مكررا ـ 1ـ من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية بعد تعديله بالقانون رقم 12 لسنة 1989، أما قانون السلطة القضائية فقد عهدت المادة 83 منه ـ معدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 بهذا الاختصاص فى شأن رجال القضاء والنيابة العامة إلى دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض، فقد دلت هذه القوانين جميعها على أن رد هذا الاختصاص إلى المحاكم يمثل ضمانة لازمة لأعضاء تلك الهيئات عند نظر طلبات الإلغاء والتعويض المتعلقة بشئونهم وأن إفراد أعضاء هيئة قضايا الدولة وحدهم بالإبقاء على اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بنظر المنازعات الإدارية يعد إخلالا بمبدأ المساواة فى مجال حق التقاضى رغم توافر مناط إعماله مكرساً بذلك تمييزًا غير مبرر بينهم وبين أعضاء الهيئات القضائية الأخرى فى هذا المجال ويكون بذلك مخالفاً لأحكام المواد 40، 65، 68، 165، 172 من الدستور.
ومن حيث إنه إذا كان المشرع قد عدل المادة (25) من قانون هيئة قضايا الدولة بالقانون رقم 88 لسنة 1998 فإنه قد استبقى اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالفصل فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئون أعضائها وطلبات التعويض عنها وقد تصدت المحكمة الدستورية العليا فى حكمها الصادر فى القضية رقم ٥ لسنة 22 ق بجلسة 4/8/2001 لهذا التعديل وقضت بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (25) من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقرار بالقانون رقم 75 لسنة 1963 معدلا بالقانون رقم 88 لسنة 1998 فيما تضمنه من اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالهيئة بالفصل فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئون أعضاء الهيئة وطلبات التعويض عنها.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن الدستور قد عهد إلى المشرع بتحديد آثار الحكم بعدم دستورية أى نص تشريعى وأن المشرع عند بيانه للآثار التى تترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعى فى شأن مجال تطبيقه قد أعمل فى المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 الأثر الفورى للحكم ونص على عدم جواز تطبيق النص المحكوم بعدم دستوريته من اليوم التالى لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية إلا أن ذلك لا يعنى أن يقتصر عدم تطبيق النص على المستقبل فحسب وإنما ينسحب بأثر رجعى إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم لأن القضاء بعدم دستورية نص تشريعى يكشف عما به من عوار دستورى مما يعنى زواله منذ بدء العمل به وأن المشرع عندما أراد الحد من الأثر الرجعى بموجب القانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل الفقرة الثالثة من المادة 49 سالفة الذكر نص صراحة على حالتين: الأولى عندما تحدد المحكمة تاريخا آخر لسريانه والثانية عندما يتعلق الحكم بعدم دستورية نص ضريبى مما يؤكد بقاء قاعدة الأثر الرجعى للأحكام الصادرة بعدم الدستورية فى غير هاتين الحالتين .
ومن حيث إنه ولئن خلا حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 193 لسنة 19 ق دستورية بجلسة 6/5/2000 وحكمها فى القضية رقم ٥ لسنة ٢٢ ق (منازعة تنفيذ) الصادر بجلسة 4/8/2001 من تحديد تاريخ معين يبدأ منه سريان أثر الحكم وكان مؤدى ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص المادة (25) يكون له أثر يمتد إلى الماضى برجعية تحكم الروابط السابقة على صدور الحكم إلا أنه لما كان البين من استعراض قضاء المحكمة العليا ثم المحكمة الدستورية العليا أن الأولى قضت برفض الدعوى رقم 21 لسنة 6 ق بجلسة 4/3/1978 بعدم دستورية المادة (25) المشار إليها ثم قضت بجلستى 6/5/2000، 4/8/2001 بعدم دستوريتها قبل وبعد تعديلها بالقانون رقم ٨٨ لسنة 1998 وردت أسباب عدم الدستورية إلى التحول الحاد فى مسلك المشرع بإدخاله تعديلات على قوانين الهيئات القضائية والذى كان من شأنه أن أضحت هيئة قضايا الدولة وحدها هى الجهة الوحيدة التى تختص بالفصل فى المنازعات المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بأعضاء هذه الهيئة والتعويض عنها بينما يتولى هذه المنازعات فى باقى الهيئات القضائية إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بالنسبة لأعضاء مجلس الدولة والنيابة الإدارية ودوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض بالنسبة لرجال القضاء وأعضاء النيابة العامة مما ترتب عليه الإخلال بالمساواة فى مجال حق التقاضى، وإذ تحقق هذا الإخلال بصورة جلية ومقطوعة بصدور القانون رقم 12 لسنة 1989 فى شأن النيابة الإدارية والذى عمل بأحكامه اعتباراً من 20/4/1989 فقد غدا من المنطقى قصر الأثر الرجعى لحكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة 25 فى النطاق سالف البيان إلى هذا التاريخ بحسبانه التاريخ الذى تحقق فيه الإخلال بمبدأ المساواة بالمخالفة لنصوص الدستور فلا يرتد الأثر الرجعى إلى تاريخ صدور القانون رقم 75 لسنة 1963 وإلا كان ذلك متعارضاً مع حكم المحكمة العليا بجلسة 4/3/1978برفض الدفع بعدم دستورية النص ذاته.
ومن حيث إن مؤدى حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة (25) سالفة الذكر فى الحدود سالفة البيان يكون قد سلب لجنة التأديب والتظلمات اختصاصها بنظر المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية بأعضائها والتعويض عنها اعتباراً من 20/4/1989 بحيث يسترد مجلس الدولة اختصاصه بالفصل فى هذه المنازعات وتكون القرارات الصادرة من تلك اللجنة قبل التاريخ المذكور صادرة من هيئة ذات اختصاص قضائى ومن القاضى الطبيعى للمنازعة وتكون قراراتها نهائية وغير قابلة للطعن أمام أى جهة.
ومن حيث إنه قد صدر قرار وزير العدل رقم 1345 لسنة 1985 بتاريخ 13/3/1985 باعتبار الطالب مستقيلاً من وظيفته اعتبارًا من 29/12/1984 تاريخ انقطاعه عن العمل وتظلم من هذا القرار بالتظلم رقم 15 لسنة 1985 أمام لجنة التأديب والتظلمات فأصدرت قرارها بجلسة 4/11/1985 فى حدود اختصاصها الدستورى والقانونى بقبول التظلم شكلاً وبرفضه موضوعاً وكانت قراراتها فى هذا الشأن بمثابة أحكام نهائية لا تقبل الطعن فيها بأى وجه من الوجوه ولا تملك المحكمة التعقيب عليها لصدورها فى حدود الولاية المقررة للجنة التأديب والتظلمات، وإذ كان الطعن فى قرار وزير العدل المشار إليه هو فى حقيقته طعناً فى قرار تلك اللجنة وهو مالا يجوز قانوناً الأمر الذي يستوجب الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة ولائياً بنظره.
ومن حيث إنه فيما يختص بطلب التعويض فإنه من المقرر أن مسئولية جهة الإدارة عن قراراتها تتطلب توافر عناصرها من خطأ وضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر، ويتحقق الخطأ إذا ثبت أن قرار جهة الإدارة المطعون فيه مشوبٌ بعدم المشروعية ولعيوب لا تتصل بالشكل أو الاختصاص، وإذ قررت لجنة التأديب والتظلمات فى التظلم المقدم من الطالب رقم 15 لسنة 1985 رفض التظلم وكان قرارها نهائياً يحوز حجية مانعة من إعادة النظر فى قرار إنهاء خدمته الذى أصبح محمولاً على قرينة الصحة، بل قضت هذه اللجنة بصدوره مبرءًا من العيوب وهو ما ينفى ركن الخطأ فى حق جهة الإدارة ويستوجب رفض طلب التعويض .
حكمت المحكمة
بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الطعن فى قرار إنهاء الخدمة وفى طلب التعويض بقبوله شكلاً ورفضه موضوعًا.