جلسة 20 من يناير سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / كمال زكى عبدالرحمن اللمعى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطاالله، ومنير صدقى يوسف خليل، ومصطفى سعيد مصطفى حنفى، وحسن سلامه أحمد محمود.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ محمود ميزار خليفة
مفوض الدولة
وحضور السيد / محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 2795 لسنة 45 قضائية. عليا:
ـ ما يدخل فى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ـ الفصل فى الطلبات الفرعية المستعجلة التى تعرض على قاضى العقد.
المنازعات المتعلقة بما تصدره الجهات الإدارية بصفتها متعاقدة من تصرفات أو إجراءات قبل المتعاقد معها إنما تندرج تحت ولاية القضاء الكامل لمحاكم مجلس الدولة حتى لو انصب النزاع على طلب المتعاقد إلغاء قرار إداري اتخذته الإدارة قبله، ذلك لأن ما تصدره الإدارة من قرارات تنفيذاً للعقد كالقرارات الخاصة بتوقيع جزاء من الجزاءات التعاقدية أو بفسخ العقد
أو إنهائه أو إلغائه إنما يدخل في منطقة العقد وينشأ عنه ـ المنازعات التي تتولد عن تلك القرارات هي منازعات حقوقية وتكون محلاً للطعن على أساس ولاية القضاء الكامل الذي يخول للقاضي تصفية النزاع كلية فيلغى القرارات المخالفة للقانون إن وجدت ثم يترتب على ذلك نتائجه كاملة من الناحية الإيجابية أو السلبية ـ يفصل القضاء الإداري في الوجه المستعجل من المنازعة المستندة إلى العقد الإداري ليس بوصفه من طلبات وقف التنفيذ المتفرعة عن طلبات الإلغاء وإنما على اعتبار أنه من الطلبات الفرعية المستعجلة التي تعرض على قاضي العقد لاتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية لا تتحمل التأخير وتدعو إليها الضرورة لدفع خطر
أو نتائج يتعذر تداركها ـ تطبيق.
فى يوم الإثنين 22/2/1999 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه، في حكم محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية ـ الدائرة الأولى ـ الصادر بجلسة 28/12/1998 في الدعوى رقم 2407 لسنة 2ق والذي قضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والتصدي لموضوع الدعوى والحكم فيها على هدى طلبات الطاعن بعريضة الدعوى رقم 2407 لسنة 2ق.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجمعية الطاعنة المصروفات وإعادة الشق الموضوعي إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل فيه مجدداً بهيئة مغايرة.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة الثالثة فحص طعون جلسة 20/2/2002 وتأجل إلى جلسة 5/6/2002 وبجلسة 10/12/2002 وتدوول أمامها إلى أن قررت بجلسة 11/11/2003 إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، و المداولة قانونًا .
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ في أنه بتاريخ 30/6/1997 أقام الطاعن بصفته الدعوى رقم 2407 لسنة 2ق ضد المطعون ضدهما أمام محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية، طلب فيها الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من مديرية الشئون الصحية ببورسعيد بفسخ عقد التوريد المبرم معها بتاريخ 29/9/1996 وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه إن الجمعية التعاونية الإنتاجية لذبح وتجهيز جميع أنواع اللحوم والتوريدات قد تعاقدت مع مديرية الشئون الصحية ببورسعيد بتاريخ 29/9/1996 على توريد وجبات أغذية مطهوة إلى المستشفيات التابعة لمديرية الشئون الصحية والسكان ببورسعيد بناءً على قوائم الطعام المطلوبة للصرف والموضح بها عدد الوجبات اللازمة لنزلاء تلك المستشفيات وذلك خلال مدة سريان العقد الذي يبدأ من 16/10/1996 وحتى 15/10/1997، واستمرت الجمعية في التنفيذ إلا أنه بتاريخ 3/2/1997استلمت الجمعية كتاب مديرية الشئون الصحية برقم صادر 372 ويتضمن أن المديرية قد فسخت العقد تطبيقاً للمادة 27 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن المناقصات والمزايدات وذلك دون إبداء الأسباب، وبالاستفسار تبين أن هناك كتابًا صادرًا من الاتحاد التعاوني الإنتاجي المركزي بالقاهرة موجهًا إلى مديرية الشئون الصحية ببورسعيد بقبول الاتحاد وموافقته على تعاقد الجمعية مع المديرية بينما حقيقة هذا الكتاب أنه موجه إلى مديرية الشئون الصحية بالمنيا وليس ببورسعيد، وتنعي الجمعية على قرار الفسخ انعدام السبب الذي قام عليه إذ حددت المادة 27 سالفة الذكر أسبابًا ثلاثة لفسخ العقد وكان متعيناً على الجهة الإدارية وقد استندت إلى هذه المادة أن تبين السبب في الفسخ، وأن واقعة صدور خطاب من الاتحاد التعاوني الإنتاجى يفيد قبول التعامل مع الجمعية موجه إلى مديرية الصحة بالمنيا وتم شطب كلمة المنيا بطريقة ظاهرة وكتبت أعلاها الشئون الصحية ببورسعيد لا تصلح تلك الواقعة بذاتها كسبب للفسخ ذلك أن المقصود من الغش والتلاعب المنصوص عليه في هذه المادة ذلك الذى يقع فى المواصفات القياسية للمتعاقد عليه، فضلاً عن أن تلك الواقعة سابقة على تحرير العقد الذي أبرم فى 16/10/1996وهو ما يُفهم منه أن الجهة الإدارية قد غضت الطرف عن تلك الواقعة وقبلت العرض ومن ثَمَّ فليس لها بعد نفاد أكثر من 50% من قيمة العقد أن تلجأ إلى الفسخ لأن ذلك يتنافى مع مبدأ حسن النية في التعامل.
وبجلسة 28/12/1998 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرارالإداري وإلزام المدعي المصروفات وشيدت قضاءها على أن إجراء الفسخ الذي اتخذته الجهة الإدارية لا يعدو أن يكون إجراءً تتخذه الإدارة كمتعاقدة وليس كسلطة عامة ولا يكتسب وصف القرار الإداري الذي يتعين وجوده كشرط لقبول دعوى الإلغاء مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها: أنه خالف نص المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة والتى بموجبها يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالفصل في المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية وهو اختصاص شامل ومطلق لأصل تلك المنازعات وما يتفرع منها من طلبات مستعجلة، كما خالف الحكم المطعون فيه أحكام قانون مجلس الدولة فيما يتعلق بتحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة ذلك أنه يمتنع على المحكمة أن تتعرض للطلب الموضوعي بإلغاء القرار قبل تحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها بمعرفة هيئة مفوضي الدولة والإخلال بهذا الإجراء الجوهري يترتب عليه بطلان الحكم.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنازعات المتعلقة بما تصدره الجهات الإدارية بصفتها متعاقدة من تصرفات أو إجراءات قِبل المتعاقد معها إنما تندرج تحت ولاية القضاء الكامل لمحاكم القسم القضائي بمجلس الدولة حتى ولو انصب النزاع على طلب المتعاقد إلغاء قرار إداري اتخذته الإدارة قبله ذلك لأن ما تصدره الإدارة من قرارات تنفيذاً للعقد كالقرارات الخاصة بتوقيع جزاء من الجزاءات التعاقدية أو بفسخ العقد أو إنهائه أو إلغائه إنما يدخل في منطقة العقد وينشأ عنه، وبالتالي فإن المنازعات التى تتولد عن تلك القرارات هي منازعات حقوقية وتكون محلاً للطعن عليها على أساس ولاية القضاء الكامل الذي يخول للقاضي تصفية النزاع كلية فيلغى القرارات المخالفة للقانون إن وجدت ثم يرتب على ذلك نتائجه كاملة من الناحية الإيجابية أو السلبية، ويفصل القضاء الإداري في الوجه المستعجل من المنازعة المستندة إلى العقد الإداري ليس بوصفه من طلبات وقف التنفيذ المتفرعة عن طلبات الإلغاء وإنما على اعتبار أنه من الطلبات الفرعية المستعجلة التي تعرض على قاضي العقد لاتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية لا تتحمل التأخير وتدعو لها الضرورة لدفع خطر أو نتائج يتعذر تداركها، ومن حيث إنه إعمالاً لما تقدم وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى عدم قبول طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرارفسخ عقد التوريد المبرم مع الجمعية التعاونية الإنتاجية لذبح وتجهيز اللحوم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله بما يستتبع الحكم بإلغائه، وإذ أضحت الدعوى مهيأة للفصل فيها وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا تقريراً بالرأي القانوني في موضوعها، فإن المحكمة تتصدى للفصل فيها اقتضابًا للإجراءات وعلى نحو ما استقر عليه قضاؤها في هذا الشأن.
ومن حيث إن المادة 27 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم9 لسنة 1983 تنص على أن يفسخ العقد ويصادر التأمين النهائي في الحالات الآتية:
1ـ إذا استعمل المتعاقد الغش أو التلاعب في معاملته مع الجهة المتعاقدة.
2ـ ……. ويشطب اسم المتعاقد في الحالتين (1) و (2) من سجل المتعهدين أو المقاولين وتخطر وزارة المالية بذلك لنشر قرار الشطب بطريق النشرات المصلحية ولا يخل فسخ العقد ومصادرة التأمين بحق الجهة الإدارية في الرجوع على المتعاقد بالتعويضات اللازمة.
ومفاد هذا النص أنه يحق للجهة الإدارية فسخ العقد الإداري متى تبين لها أن المتعاقد معها قد استعمل في معاملته مع الجهة الإدارية الغش والتلاعب ذلك أن الغش يفسد كل شيء فإذا قامت الجمعية المتعاقدة بتزوير أحد المستندات المرفقة بالعرض المقدم منها فلا خلاف فى هذا المستند وما تضمنه من تزوير منسوب إليها وهي تتحمل الآثار القانونية التى تترتب على ذلك، وإذ اشترطت الجهة الإدارية على الجمعيات التعاونية التى ترغب فى الدخول في مناقصة توريد وجبات أغذية جاهزة للمستشفيات تقديم ما يفيد موافقة الاتحاد التعاوني المركزي بالقاهرة والهدف من ذلك تأكد الجهة الإدارية من جدية وملاءة الجمعية وقدرتها على تنفيذ الأعمال لا سيما وأنها معفاة من التأمين الابتدائي والنهائي، وإذ تبين بعد رسو العملية على الجمعية المذكورة وإبرام العقد مع “……………….” بناءً على التفويض الممنوح له من الجمعية أن الموافقة المقدمة من الطاعن والمنسوب صدورها للاتحاد التعاوني هى عبارة عن صور ضوئية وليس لها أصل في الأوراق فقامت الجهة الإدارية بمخاطبة الاتحاد التعاوني الذي أفاد بأن الموافقة خاصة بدخول الجمعية مناقصة مديرية الشئون الصحية بالمنيا وتم تعديلها وكتبت بدلاً منها بورسعيد بخط اليد بما مفاده تزوير واضح في الموافقة وأن الجمعية كانت تعلم قبل موعد جلسة فض المظاريف بأن الاتحاد التعاوني رفض إعطاءها التصريح المطلوب، وقامت الجهة الإدارية في 25/1/1997 بإحالة الموضوع إلى النيابة العامة للتحقيق، وأفادت الجمعية بكتابها المؤرخ 30/6/1997 أنها ألغت عضوية “……………….” المتعاقد مع الجهة الإدارية مع اعتبار جميع التفويضات السابقة له لاغية ولا يعتد بها، ويتضح من الأوراق التي لم تجحدها الجمعية أن عدم قيام الاتحاد التعاوني بمنحها الموافقة، له مبرراته، إذ قام مدير المستشفى العام ببورسعيد بمخاطبة مفتش التغذية لمعاينة الفراخ المطهية بمطبخ مستشفى الحميات فأفاد مكتب التغذية بعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي ورفضها وعدم قبولها وذلك بتاريخ 27/1/1997 كما تكرر النقص في توريد الأغذية للمستشفيات في الأيام من 12/1/1997 إلى 20/1/1997، فضلاً عن ضبط مباحث التموين بمديرية أمن بورسعيد لكمية 500 كيلوجرام من الدواجن الفاسدة بمطابخ مستشفى النصر العام بمدينة بورسعيد، كل ذلك ينبئ عن عدم مقدرة الجمعية على تنفيذ العقد، وإذ استندت الجهة الإدارية إلى تزوير الجمعية في التعامل معها بتقديم موافقة لها بدخول المناقصة من الاتحاد التعاوني المركزي في حين أن الاتحاد لم يصدر لها هذه الموافقة فإنه يكون قد توافرت حالة الغش والتلاعب المنصوص عليها في المادة 27 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات بما يحق معه للجهة الإدارية فسخ العقد المبرم معها ومن ثَمَّ يكون قرار الفسخ قد صدر مطابقاً لحكم القانون مبرءًا من كل عيب ويضحى الطعن عليه بالإلغاء غير قائم على سند صحيح في القانون بما يستتبع الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى رقم 2407 لسنة 2ق شكلاً ورفضها موضوعًا، وألزمت الطاعن بصفته (المدعى بصفته) المصروفات.