جلسة 22 من مايو سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أحمد الحسينى عبدالمجيد مسلم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبدالملاك، وعلى محمد الششتاوى إبراهيم، وأحمد محمد حامد،و د. محمد كمال الدين منير.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / على رضا عبدالرحمن
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد سيف محمد حسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3568 لسنة 49 قضائية. عليا:
ـ الجهة المختصة بالتأديب ـ أحكام تأديب المأذونين ـ لزوم إجراء تحقيق.
المواد (2) و(3) و(17) و(44) و(46) من لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل المؤرخ 4/1/1955 المعدلة بالقرار رقم 1727 لسنة 2000.
المشرع قد عهد إلى دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية اختصاص تأديب المأذونين، وحدد الإجراءات المتعلقة بالمحاكمة التأديبية إذ أوجب على تلك الدائرة إخطار المأذون المحال للحضور أمامها وسماع أقواله والاطلاع على التحقيقات والملف الذى يتم إعداده بالمحكمة الجزئية لكل مأذون ويحتوى على قرارات الإحالة المؤقتة وقرارات الوقف والقرارات التأديبية الصادرة فى شأن المأذون وأجاز لتلك الدائرة إجراء تحقيق عند الاقتضاء ـ كما ناط برئيس المحكمة الابتدائية الاختصاص فى إحالة المأذون إلى الدائرة المذكورة لمحاكمته تأديبياً ـ الأمر الذى يتطلب إجراء تحقيق قانونى على النحو الصحيح فى الواقعة محل الشكوى قبل إحالتها إلى دائرة المأذونين، ذلك أن اللائحة خولت رئيس المحكمة حق توقيع عقوبة الإنذار على المأذون المخالف وهو ما لا يتأتى إلا بإجراء تحقيق مسبق مع المأذون المشكو فى حقه فيما نسب إليه أيا كانت وسيلة التحقيق ـ مفاد ذلك ـ ضرورة وجود تحقيق مسبق مع المأذون قبل العرض على رئيس المحكمة هو إجراء جوهرى تطلبه القانون حتى تتمكن السلطة المختصة (رئيس المحكمة الابتدائية) من تقدير مدى جسامة المخالفة والعقوبة المقررة لها وبالتالى إعمال سلطتها إما بالاكتفاء بتوقيع عقوبة الإنذار على المأذون المخالف أو أن تقرر إحالته إلى الدائرة المذكورة لمحاكمته تأديبياً لجسامة المخالفة ـ لا جدال فى أن عدم إجراء هذا التحقيق يغل يد السلطة المختصة عن إعمال هذا التقدير الذى ناطه بها المشرع، ويوصم قرار الإحالة وقرار الجزاء بالبطلان ـ تطبيق .
فى يوم الخميس الموافق 23/1/2003 أودع الأستاذ/ عبد اللاه مصطفى السيد المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن المقيد برقم 3568 لسنة 49ق. عليا فى القرار الصادر من دائرة المأذونين بمحكمة طنطا الكلية للأحوال الشخصية للولاية على النفس فى المادة (68) لسنة 2002 مأذونين طنطا بجلسة 25/11/2002 والقاضى فى منطوقه بوقف المشكو فى حقه “………….” لمدة شهر لما نسب إليه وإخطار المحكمة الجزئية بذلك.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره وكافة الآثار المترتبة عليه كأن لم يكن مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن المطعون ضدهما بصفتيهما.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرها بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل بجلسة 30/9/2003 وما تلاها من جلسات، وبجلسة 12/1/2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة/موضوع) لنظره بجلسة 20/3/2004 حيث نظرته المحكمة بالجلسة المذكورة وفيها تقرر التأجيل لجلسة 24/4/2004 مع تكليف هيئة قضايا الدولة بالتعقيب صراحة على تقرير هيئة مفوضى الدولة، بيد أنه بالجلسة المشار إليها حضر ممثل هيئة قضايا الدولة وقرر أنه ليس لديه أى تعقيب على تقرير الهيئة ومن ثم قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى
النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات و المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن أقيم فى الميعاد المقرر قانونا واستوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق فى تقدم مأذون ناحية شبرا فياص مركز قطور غربية بشكوى إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس محكمة قطور للأحوال الشخصية ضمنها قيام المشكو فى حقه مأذون كفر أبو جندى(الطاعن) بالتعدى على مأذونيته بعقد قران من تدعى “…………….” على “……………….” بتاريخ 16/9/1999 بمنشأة العبارى وهى من دائرة اختصاصه وقد تأشر على الشكوى فى 1/8/2002 بعرضها على دائرة المأذونين الشرعيين حيث أحيلت الأوراق إلى دائرة المأذونين بمحكمة طنطا الكلية للأحوال الشخصية ولاية على النفس وقيدت برقم 68 لسنة 2002 مأذونية طنطا ونظرتها الدائرة المذكورة بجلسة 4/11/2002 وإزاء عدم حضور المشكو فى حقه أصدرت قرارها بجلسة 25/11/2002 بمجازاة المشكو فى حقه بالوقف لمدة شهر لما نسب إليه وشيدت قضاءها على أن الثابت أن المشكو فى حقه خالف لائحة المأذونين ورغم إعلانه إلا أنه لم يحضر ولم يدفع المادة بأى دفاع ينال من ثبوت المخالفة فى ضوء وجود جزاءات كثيرة موقعة على المشكو فى حقه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة القرار المطعون فيه للقانون والخطأ فى التطبيق والتأويل لصدور القرار دون إجراء تحقيق معه وسماع أقواله ودفاعه وأسباب أخرى وردت بتقرير الطعن. ومن حيث إنه عن الموضوع فإنه بالرجوع إلى لائحة المأذونين الصادرة بقرار وزير العدل المؤرخ فى 4/1/1955 والمعدلة بالقرار رقم 1727 لسنة 2000 فقد نصت المادة الثانية منها على أن ” تختص دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية بالنظر فى المسائل الآتية: ………. هـ ـ تأديب المأذونين”.
وتنص المادة (3) منها على أن “العقوبات التأديبية التى يجوز توقيعها على المأذونين لمخالفتهم واجبات وظيفتهم هى(1) الإنذار (2) الوقف عن العمل لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ستة أشهر (3) العزل”.
وتنص المادة (44) من ذات اللائحة على أن ” لرئيس المحكمة أن ينذر المأذون بسبب
ما يقع منه من مخالفات، فإذا رأى أن ما يقع منه يستوجب عقوبة أشد، أحال الأمر إلى الدائرة المنصوص عليها فى المادة الثانية، وعلى الدائرة إخطار المأذون بالحضور أمامها لسماع أقواله والاطلاع على التحقيقات والملف المشار إليه فى المادة (17)، ولها أن تأمر بإجراء أى تحقيق عند الاقتضاء، كما أن لها أن تقرر وقف المأذون عن عمله حتى تنتهى محاكمته تأديبيًا، وللدائرة أن توقع على المأذون أية عقوبة من العقوبات المنصوص عليها فى المادة السابقة، ولا يجوز توقيع عقوبة الإنذار لأكثر من ثلاث مرات، ولا تقبل استقالة المأذون أثناء التحقيق معه أو محاكمته”.
وأخيراً نصت المادة (46) منها على أن “القرارات الصادرة بغير العزل نهائية…..”.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه ولئن كان المشرع قد عهد إلى دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية اختصاص تأديب المأذونين، وحدد الإجراءات المتعلقة بالمحاكمة التأديبية إذ أوجب على تلك الدائرة إخطار المأذون المحال للحضور أمامها وسماع أقواله والاطلاع على التحقيقات والملف المشار إليه فى المادة (17) من اللائحة المذكورة والذى يتم إعداده بالمحكمة الجزئية لكل مأذون ويحتوى على قرارات الإحالة المؤقتة ….. وقرارات الوقف والقرارات التأديبية الصادرة فى شأن المأذون، وأجاز لتلك الدائرة إجراء تحقيق عند الاقتضاء، كما ناط برئيس المحكمة الابتدائية الاختصاص فى إحالة المأذون إلى الدائرة المذكورة لمحاكمته تأديبيًا، وأنه ولئن كان ذلك إلا أن المستفاد من صراحة نص المادة (44) المشار إليها أن الأمر يتطلب إجراء تحقيق قانونى على النحو الصحيح فى الواقعة محل الشكوى قبل إحالتها إلى دائرة المأذونين ذلك أن مقدمة المادة المذكورة خولت السيد المستشار رئيس المحكمة حق توقيع عقوبة الإنذار على المأذون المخالف وهو ما لا يتأتى إلا بإجراء تحقيق مسبق مع المأذون المشكو فى حقه فيما نسب إليه سواء أكان هذا التحقيق شفهيًا أم كتابيًا ـ أيا كانت وسيلة التحقيق ـ تأكيداً لما أشارت إليه المادة من عبارة (الاطلاع على التحقيقات) الأمر الذى مفاده ضرورة وجود تحقيق مسبق مع المأذون قبل العرض على السيد المستشار رئيس المحكمة وأن ذلك إجراء جوهرى تتطلبه المادة (44) حتى تتمكن السلطة المختصة (رئيس المحكمة الابتدائية) من تقدير مدى جسامة المخالفة والعقوبة المقررة لها وبالتالى إعمال سلطتها أما بالاكتفاء بتوقيع عقوبة الإنذار على المأذون المخالف أو أن تقرر إحالته إلى الدائرة المذكورة لمحاكمته تأديبياً لجسامة المخالفة، ومن ثم فإنه لا يكون فى مُكنة السلطة المختصة مباشرة اختصاصها سالف الذكر إلا فى وجود تحقيق مع المأذون المخالف مستوف أركانه يتبين منه مدى صحة الواقعة والظروف والملابسات المحيطة بها ولا جدال فى أن عدم إجراء هذا التحقيق يغل يد السلطة المختصة عن إعمال هذا التقدير الذى ناطه بها المشرع ويوصم قرار الإحالة وقرار الجزاء بالبطلان (الطعن رقم 7889 لسنة 47ق عليه جلسة 15/11/2003).
كما جرى قضاء هذه المحكمة أيضًا على أن السلطة المختصة بإحالة المأذون إلى الدائرة المنصوص عليها فى المادة (2) من لائحة المأذونين لمحاكمته تأديبياً هى رئيس المحكمة الابتدائية طبقاً للمادة (44) وأنه يترتب على محالفة ذلك عدم انعقاد الخصومة وعدم اتصال الدعوى التأديبية بما يترتب عليه بطلان ما يصدر من المحكمة من قرارات تأديبية فى هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة ملف مادة المأذونية رقم 68 لسنة 2002 المودع بالكتاب 927 بتاريخ 16/2/2003 من نيابة طنطا الكلية أحوال/ نفس أن الملف المشار إليه قد خلا من إجراء أى تحقيق فى المخالفة المنسوبة للطاعن، وأنه رغم انتهاء هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها إلى اقتراح إلغاء القرار المطعون فيه لهذا السبب وتكليف المحكمة لهيئة قضايا الدولة بالتعقيب صراحة على ذلك إلا أن الحاضر عن الهيئة المذكورة قرر بجلسة 24/4/2004 بأنه ليس لديه أى تعقيب فى هذا الشأن مما يؤكد عدم إجراء أى تحقيق فى الشكوى المنسوبة للطاعن، وفضلاً عن ذلك فقد استبان لهذه المحكمة أن القرار المطعون فيه ـ إعمالا لسلطتها فى التصدى لكافة أوجه البطلان التى تشوب القرار المطعون فيه ـ مشوب بعوار قانونى آخر يتمثل فى تصدى دائرة المأذونين بالمحكمة الكلية لنظر المادة إعمالا لتأشيرة السيد المستشار/ رئيس محكمة قطور الجزئية للأحوال الشخصية ودون أن يبين أن الأمر قد عرض على السيد المستشار رئيس المحكمة الكلية بحسبانه السلطة المختصة بالإحالة ـ الأمر الذى يشير أيضًا ـ إضافة إلى عدم إجراء تحقيق ـ إلى أن الدائرة المذكورة قد اتصلت بالدعوى التأديبية محل الطعن بغير الطريق الذى رسمه القانون مما يترتب عليه بطلان كافة الإجراءات التى اتخذتها الدائرة المذكورة بما فيها القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة شهر لما نُسب إليه بما يستوجب القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.