جلسة 15 من مارس سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح، ويحيى خضرى نوبى محمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود، ومحمد أحمد محمود محمد
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 3946 لسنة 43 قضائية عليا:
ـ إعفاء العقارات المملوكة للدولة ـ مدى إفادة مؤسسة الأهرام الصحفية من الإعفاء.
المادة 21 من القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبنية.
والمادة 22 من القانون رقم 148 لسنة 1980 فى شأن سلطة الصحافة.
قرر المشرع إعفاء بعض العقارات والأبنية من أداء الضريبة المذكورة وحدد على سبيل الحصر العقارات التى تتمتع بهذا الإعفاء ومن بينها العقارات المملوكة للدولة؛ بيد أن المشرع لم يحدد على وجه قاطع المقصود بمفهوم الدولة فى هذا المجال أو بطبيعة ملكيتها للعقار وذلك حتى يتسنى القول بأن عقاراً ما يدخل فى مفهوم العقارات المملوكة للدولة ويسرى عليه الإعفاء من أداء الضريبة من عدمه مما يقتضى اللجوء إلى القواعد العامة لتحديد ضوابط إعمال هذا النص ـ الإعفاء الذى قرره المشرع إنما استهدف به تحقيق غايات خاصة بالنظر إلى أن العقارات محل الإعفاء تستغل فى أغراض ذات نفع عام أو أغراض إنسانية أو اجتماعية أو خيرية أو سياسية ولهذا اشترط المشرع صراحة للإعفاء فى بعض هذه الحالات ألا يكون العقار منشأ بغرض الاستثمار مما يفيد أن العبرة فى الإعفاء من الضريبة ليست بالجهة المالكة للعقار فحسب ولكن أيضًا بالغرض من استخدامه ـ مؤدى ذلك: أن المقصود بالعقارات المملوكة للدولة هى تلك المملوكة للأشخاص الاعتبارية العامة ملكية مباشرة وتستغل فى تحقيق النفع العام ـ أثر ذلك ـ مؤسسة الأهرام الصحفية لا تستفيد من الإعفاء ـ تطبيق.
فى يوم الخميس الموافق 22/5/1997 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن ـ قيد برقم 3946 لسنة 43ق.عليا ـ فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 9893 لسنة 1ق. بجلسة 25/3/1997 والقاضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتقضى بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن
إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المؤسسة المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
وعُين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/12/1999، وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 1/1/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) لنظره بجلسة 10/3/2001، ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 5/1/2002 قررت إصدار الحكم بجلسة 18/5/2002 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر، وإبان هذا الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع طلبت فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً أصلياً: بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، واحتياطياً: برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بمصروفاتها، وبجلسة 18/5/2002 قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 22/6/2002 بناءً على طلب الجهة الإدارية لتقديم مستندات، وتدوول الطعن مجدداً بجلسات المرافعة، وبجلسة 28/12/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 1/3/2003 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر، ومضى هذا الأجل دون أن يقدم أى من الطرفين شيئاً، وبجلسة 1/3/2003 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 23/12/1991 أقامت المؤسسة المطعون ضدها الدعوى رقم 2184 لسنة 46ق. أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ضد الطاعنين طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وقالت شرحاً لدعواها: إن مأمورية الضرائب العقارية بقليوب وجهت مطالبات إلى كل من: وكالة الأهرام للإعلان، ومخازن الأهرام بقليوب، وشركة الأهرام للاستثمار، وذلك لسداد مبلغ 401365.44 جنيهًا بمقولة إنه يمثل ضريبة عقارية مفروضة على العقارات المملوكة لمؤسسة الأهرام الصحفية بقليوب تطبيقاً لأحكام القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبنية، وردَّت المؤسسة على ذلك بأن تلك المبانى معفاة من الضرائب العقارية باعتبارها مملوكة للدولة طبقاً لقانون الصحافة، كما تظلمت المؤسسة من ربط هذه الضريبة أمام مجلس المراجعة إلا أن المأمورية طالبت المؤسسة بكتابها رقم 179 المؤرخ في 13/8/1991 بمبلغ 541367.76 جنيهاً قيمة الضرائب والمتأخرات منها حتى ديسمبر 1990 وربط عام 1991 وملحقات تلك الضريبة، فردّت المؤسسة على الكتاب المشار إليه بأنه لا يجوز مطالبتها بتلك الضرائب لأن مجلس المراجعة لم يفصل فى التظلم المقدم منها، وأضافت المؤسسة أنها أعلنت بتاريخ 20/11/1991 بقرار مجلس المراجعة الذى تضمن إبقاء القيمة الإيجارية السنوية المقدرة بمعرفة المأمورية وكذا الربط الضريبى المقدر على ما هو عليه، ونعت على قرار مجلس المراجعة أنه صدر مشوباً بالانعدام لأن اجتماع المجلس الذى عقد لنظر التظلم لم يحضره سوى عضوين فقط لم يصدر بتعيينهما قرار من السلطة المختصة، كما أن العقارات محل الدعوى مملوكة للدولة وبالتالى فهى معفاة بصريح نص المادة 21 فقرة (أ) من الضريبة العقارية، إلى جانب أن القرار المطعون صدر على خلاف أحكام قضائية نهائية بعدم خضوع عقارات المؤسسة لتلك الضريبة، وخلصت المؤسسة فى ختام صحيفة دعواها إلى طلباتها سالفة البيان .
وبجلسة 30/2/1993 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بطنطا للاختصاص، فوردت الدعوى إلى المحكمة المذكورة وقيدت بجدولها العام برقم 9893 لسنة ١ق. وبجلسة 25/3/1997 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بطنطا حكمها المطعون فيه بإلغاء قرار مجلس المراجعة الصادر في 17/11/1991 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيَّدت المحكمة قضاءها على أن المشرع نص فى قانون الصحافة رقم 148 لسنة 1980 على أن المؤسسات الصحفية مملوكة للدولة، وأجاز لها فى سبيل مباشرة نشاطها وتحقيق أغراضها فى مجال النشر والإعلان والطباعة والتوزيع تأسيس الشركات ومزاولة التصدير والاستيراد والقيام بأنشطة الوكالات التجارية، وقد أعفى القانون رقم 56لسنة 1954 العقارات المملوكة للدولة من ضريبة العقارات المبنية، وبالتالى يسرى هذا الحكم على العقارات المملوكة للمؤسسة الصحفية وما تملكه من شركات وملحقات وأنشطة مكملة أم متممة، إذ إن من ملك الكل ملك الجزء، ومادامت الدولة تملك المؤسسة الصحفية فإنها تكون ـ لا مراء ـ مالكة لجميع مقوماتها المعنوية والمادية ومنها العقارات المملوكة لهذه المؤسسة وتوابعها، وأضافت المحكمة أنه مما يؤكد هذا النظر ما قضت به محكمة النقض فى الطعن رقم 459 لسنة ٤٤ق. بجلسة 20/11/1979 من أن الحكم الصادر فى الاستئناف بالخضوع أو عدم الخضوع للضريبة يحوز قوة الأمر المقضى ويكون حجة فى هذا الخصوص ومانعاً للخصوم فى الدعوى التى صدر فيها من العودة إلى مناقشة هذه المسألة فى أية دعوى تالية، وقد صدر حكم محكمة الاستئناف بإعفاء العقار المملوك لمؤسسة الأهرام بحى المناخ ببورسعيد من ضريبة العقارات المبنية، وهو ما يمنع من الخوض فى خضوعه أو عدم خضوعه ثانية لهذه الضريبة، لما يؤدى إليه ذلك من تفرقة فى المعاملة بين العقارات المملوكة لهذه المؤسسة واستطردت المحكمة أنه لا يقدح فى ذلك أن يكون العقار محل الدعوى مملوكاً لشركة الأهرام للاستثمار وهى شركة استثمارية لها شخصية معنوية مستقلة عن مؤسسة الأهرام، ذلك أن قانون الصحافة أباح للمؤسسات الصحفية أن تباشر أعمالاً تجارية استثمارية تتحصل منها على أرباح تدعم بها رسالتها دون أن يكون الربح هدفها الأصيل كما أن الشركة المذكورة مملوكة للمؤسسة المدعية وبالتالى تعد من توابعها وتتمتع بالإعفاء من الضريبة العقارية، إذ إن مناط هذا الإعفاء هو ملكية المؤسسة الصحفية للعقار بصرف النظر عن المسئول عن إدارته.
بيد أن الجهة الإدارية المدعى عليها لم يرق لها الحكم المذكور فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على هذا الحكم مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله،وذلك على سند من القول بأن المشرع أعفى فى المادة 21 من القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبنية بعض العقارات المبنية من تلك الضريبة، وذكر هذه العقارات المعفاة على سبيل الحصر ومن ثَمَّ لا يجوز التوسع فيها والقياس عليها، كما أن النص فى البند (أ) من المادة المذكورة على إعفاء العقارات المملوكة للدولة من الضريبة يقصد به العقارات المملوكة للدولة ملكية عامة فقط وليست المملوكة ملكية خاصة. حيث إن الأولى ينتفع بها العامة ولا تدر أى ريع من استغلالها على خلاف العقارات الثانية والتى تدار بقصد الاستثمار، يؤكد ذلك أن المشرع قد نص فى الفقرة (ب) من المادة ذاتها على إعفاء العقارات المملوكة لمجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية المخصصة لمكاتب إدارتها أو للخدمات العامة من الضريبة، ولو أن هذه العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة داخلة فى مفهوم العقارات المعفاة وفقاً لنص الفقرة (أ) لما كان المشرع بحاجة لإفرادها ببند خاص هو البند (ب)، كذلك فإنه لم يرد فى أى من فقرات المادة 21 المشار إليها ذكر لأى شركات معفاة، وأضافت الجهة الإدارية الطاعنة أن العقار المربوط عليه الضريبة مملوك لشركة الأهرام للاستثمار وهى شركة استثمارية لها شخصية معنوية مستقلة عن مؤسسة الأهرام الصحفية وغرضها هو استثمار أموالها فى جميع الأنشطة الواردة بقانون الاستثمار رقم 43 لسنة 1974، وبالتالى فإنها لا تعفى من الضريبة لأنها تحصل على عائد استثمارى من استغلال عقاراتها.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الجهة الإدارية الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الكلية برفض الدعوى رقم 19276 لسنة 1991 المقامة من مؤسسة الأهرام الصحفية ضد نفس الخصوم وبذات الطلبات ـ والمؤيد بالحكم الصادر فى الاستئناف رقم 6400 لسنة 110ق بجلسة 30/8/1994 فإنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد اطرد على اختصاص القضاء الإدارى بنظر المنازعات المتعلقة بالضريبة على العقارات المبنية طبقاً لأحكام القانون رقم 56 لسنة 1954 بوصفها منازعة إدارية تدخل فى عموم ولايته بنظر هذه المنازعات، كما استقر أيضاً على أن صدور حكم من جهة قضائية لا ولاية لها بنظر النزاع ـ كما هو الشأن فى الحكم محل الدفع ـ لا يحوز حجية أمام القضاء الإدارى يمتنع عليه معها إعادة النظر فى النزاع، وذلك لانتفاء الحكمة التى تغياها المشرع من تقرير الحجية فى هذه الحالة وهى وضع حد للنزاع ومنع تضارب الأحكام، ومن ثم فإن هذا الدفع لا يقوم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك الالتفات عنه.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى الطعن الماثل يدور حول ما إذا كانت العقارات المملوكة لمؤسسة الأهرام بقليوب تدخل فى مفهوم العقارات المملوكة للدولة والمعفاة من الضريبة العقارية وفقاً لأحكام القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبنية والقانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة أم لا.
ومن حيث إن المادة 21 من القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبنية،تنص على أن تُعفى من أداء الضريبة:
(أ) العقارات المملوكة للدولة.
(ب) العقارات المملوكة لمجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية والمحلية المخصصة لمكاتب إدارتها أو للخدمات العامة سواء كانت هذه الخدمات تؤدى بالمجان أو بمقابل كمبانى عمليات الكهرباء والغاز والمياه والمجارى والإسعاف وإطفاء الحرائق والمذابح والحمامات والمغاسل العامة وما شابهها.
(ج) الأبنية المخصصة لإقامة الشعائر الدينية كالمساجد والكنائس والأديرة والمعابد والمدارس التى تختص بتعليم الدين أو المملوكة للطوائف الدينية أو الجهات أو الجمعيات الخيرية أو الاجتماعية أو العلمية وذلك سواء كانت مجانية أم بمصروفات، وكذلك الأبنية المملوكة للجهات والجمعيات الخيرية أو الاجتماعية وأبنية النوادى الرياضية المسجلة وفقاً للقانون، وذلك إذا كانت الأبنية المذكورة معدة لمزاولة النشاط الخيرى أو الاجتماعى أو الرياضى أو العلمى على حسب الأحوال ولم تكن منشأة بغرض الاستثمار.
(د) المستشفيات والمستوصفات والملاجئ والمبرات المملوكة للجمعيات الخيرية والاجتماعية المعدة لقبول جميع المرضى واللاجئين بصرف النظر عن الدين أو الجنس ولا تكون منشأة لغرض الاستثمار…
(هـ) دور السفارات والمفوضيّات والقنصليات المملوكة للدول الأجنبية والدور المملوكة للجهات الحكومية الأجنبية وذلك بشرط المعاملة بالمثل.
(و) العقارات التى لا يزيد صافى قيمتها الإيجارية السنوية على ثمانية عشر جنيهاً بشرط ألا تزيد القيمة الإيجارية لجملة العقارات التى يملكها الممول أو له حق انتفاع عليها على هذا المبلغ.
(ز) العقارات المخصصة لمنفعة الأراضى الزراعية المحيطة بها كآلات الرى المعدة لرى تلك الأراضى بدون أجر..
(ح) مبانى العزب المقامة فى الأراضى الزراعية والتى يسكنها مزارعو وعمال مالكى الأرض بغير أجر..
(ط) الأحواش والمبانى الواقعة فى منطقة الجبانات بشرط عدم استعمالها للسكن المستمر.
كما تنص المادة 22 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة على أن يُقصد بالصحف القومية في تطبيق أحكام هذا القانون، الصحف التى تصدر حالياً أو مستقبلاً عن المؤسسات الصحفية التى كان يملكها الاتحاد الاشتراكى العربى أو يسهم فيها وكذلك وكالة أنباء الشرق الأوسط والشركة القومية للتوزيع ومجلة أكتوبر والصحف التى تصدرها المؤسسات الصحفية التى ينشئها مجلس الشورى وتعتبر المؤسسات الصحفية القومية والصحف القومية مملوكة ملكية خاصة للدولة ويمارس حقوق الملكية عليها مجلس الشورى.
ومن حيث إنه يبين من هذه النصوص أن المشرع قرر بموجب المادة 21 من قانون الضريبة على العقارات المبنية رقم 56 لسنة 1954 إعفاء بعض العقارات والأبنية من أداء الضريبة المذكورة، وحدد ـ على سبيل الحصر ـ العقارات التى تتمتع بهذا الإعفاء ومن بينها العقارات المملوكة للدولة طبقاً لما نصت عليه الفقرة (أ) من تلك المادة، بيد أن المشرع لم يحدد على وجه قاطع المقصود بمفهوم الدولة فى هذا المجال أو بطبيعة ملكيتها للعقار، وذلك حتى يتسنى القول بأن عقاراً ما يدخل فى مفهوم العقارات المملوكة للدولة ويسرى عليه الإعفاء من أداء الضريبة من عدمه، ومن ثم فإنه لامناص والحالة هذه من اللجوء إلى القواعد العامة لتحديد ضوابط إعمال هذا النص، فالمادة (1) من القانون المذكور تنص على أن “تفرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية أيا كانت مادة بنائها وأيا كان الغرض الذى تستخدم فيه دائمة أو غير دائمة مقامــــــة على الأرض أو تحتها أو على الماء مشغولة بعوض أو بغير عوض ومؤدى هذا النص أن الأصل العام هو خضوع كافة العقارات المبنية للضريبة أياً كانت الجهة التى تمتلكها وأيا كان الغرض الذى تستخدم فيه والاستثناء هو الإعفاء من تلك الضريبة طبقاً للحالات وبالشروط المنصوص عليها فى القانون ، ومعلوم أن الاستثناء يفسر تفسيراً ضيقاً فلا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه، ومن جهة أخرى فإن المشرع عندما قرر هذا الإعفاء إنما استهدف به تحقيق غايات خاصة بالنظر إلى أن العقارات محل الإعفاء تستغل فى أغراض ذات نفع عام أو أغراض إنسانية أو اجتماعية أو خيرية أو سياسية حسبما يتضح جلياً من الحالات التى عددها نص المادة 21 من القانون فى فقراته المختلفة، ولهذا اشترط المشرع صراحة للإعفاء فى بعض هذه الحالات ألا يكون العقار منشأً بغرض الاستثمار، مما يفيد أن العبرة فى الإعفاء من الضريبة ليس بالجهة المالكة للعقار فحسب ولكن أيضاً بالغرض من استخدامه، وبناءً عليه ـ واستهداء بالمبادئ العامة فى القانون الإدارى ـ يمكن القول بأن المقصود بالعقارات المملوكة للدولة فى تطبيق حكم الفقرة (أ) من المادة 21 المشار إليها، هى تلك المملوكة للأشخاص الاعتبارية العامة ملكية مباشرة وتستغل فى تحقيق النفع العام.
ومن حيث إنه بالبناء على ما سبق، ولما كانت مؤسسة الأهرام الصحفية (المطعون ضدها)
لا تندرج ضمن الأشخاص الاعتبارية العامة وذلك لكونها من أشخاص القانون الخاص حسبما يُستفاد من نص المادة 23 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة والذى يقضى بأن تنظم علاقة العاملين بها من صحفيين وإداريين وعمال أحكام عقد العمل الفردى، كما أن العقارات المملوكة لها بناحية قليوب ـ والتى تبغى إعفاءها من الضريبة العقارية ـ ليست مملوكة لها ملكية مباشرة ولكن بالتبعية لملكية شركة الأهرام الاستثمارية التى تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن المؤسسة وتســــتخدم هذا العقارات فى أغراض ذات عائد استثمارى، ومن ثَمَّ فإن المؤســسة لا تستفيد من الإعفاء المنصوص عليه فى المادة (21) من قانون الضريبة على العقارات المبنية، وذلك لتخلف مناط هذا الإعفاء فى حقها على النحو المتقدم.
لا يغير من هذا النظر ما تقضى به المادة (22) من القانون رقم 148 لسنة1980 بشأن سلطة الصحافة، من أن المؤسسات الصحفية القومية تعتبر مملوكة للدولة ملكية خاصة وأن مجلس الشورى ـ وهو شخص اعتبارى عام ـ يمارس حقوق الملكية عليها ذلك أن المقصود بالملكية فى هذا المجال ملكية الكيان القانونى للمؤسسة الصحفية وليس ملكية الكيان المادى، يؤكد ذلك ويدعمه أن المشرع فى هذه المادة استخدم تعبير ملكية المؤسسة الصحفية دون تعبير ملكية أموال المؤسسة، كما أن المادة 209 من الدستور نصت على أن تخضع الصحف فى ملكيتها وتمويلها والأموال المملوكة لها لرقابة الشعب على الوجه المبين فى الدستور ومن هذا النص يتضح أن الدستور فرق بين ملكية الصحيفة أو المؤسسة الصحفية فى ذاتها وملكية أموالها، وبالتالى لا يسوغ فى مجال تطبيق الإعفاء من الضريبة العقارية اعتبار العقارات المملوكة للمؤسسة المطعون ضدها من قبيل العقارات المملوكة للدولة ما دام لم يصدق عليها هذا الوصف.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه تأسيسًا على أن العقار محل النزاع معفى من الضريبة العقارية لكونه مملوكاً للدولة، فإنه بذلك يكون قد تنكب وجه الصواب وخالف صحيح حكم القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً برفض الدعوى .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المؤسسة المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.