جلسة 4 من سبتمبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / كمال زكى عبدالرحمن اللمعى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطاالله، ومنير صدقى يوسف خليل، وحسن سلامه أحمد محمود، وعبدالمجيد أحمد حسن المقنن.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / م. محمود ميزار خليفة
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / محمد عويس عوض الله
أميــــن الســـر
الطعن رقم 4151 لسنة 38 قضائية. عليا:
ـ العناصر الأساسية لتكوينه ـ الشروط الاستثنائية.
العقد الإدارى ـ شأنه شأن العقد المدنى من حيث العناصر الأساسية لتكوينه ـ لايعدو أن يكون توافق إرادتى إيجاب وقبول لإنشاء التزامات تعاقدية تقوم على التراضى بين طرفين أحدهما هو الدولة أو أحد الأشخاص الإدارية، بيد أنه متميز بأن الإدارة بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات لا يتمتع بمثلها المتعاقد معها وذلك بقصد تحقيق نفع عام أو مصلحة مرفق من المرافق العامة، كما أنه يفترق عن العقد المدنى فى كون الشخص المعنوى العام يعتمد فى إبرامه أو تنفيذه على أساليب القانون العام ووسائله إما بتضمينه شروطًا استثنائية غير مألوفة فى عقود القانون الخاص سواء كانت هذه الشروط واردة فى ذات العقد أو مقررة بمقتضى القوانين واللوائح، أو بمنح المتعاقد مع الإدارة حقوقاً لا مقابل لها فى روابط القانون الخاص بسبب كونه لا يعمل لمصلحة فردية بل يعاون السلطة الإدارية ويشترك معها فى إدارة المرفق العام أو تسييره أو استغلاله تحقيقاً للنفع العام، وتكون مصالح المتعاقدين غير متكافئة تغليباً للمصلحة العامة على المصلحة الفردية مما يجعل للإدارة سلطة مراقبة تنفيذ شروط العقد وتوجيه أعمال التنفيذ واختيار طريقته وحق تعديل شروطه المتعلقة بسير المرفق وتنظيمه والخدمة التى يؤديها وذلك بإرادتها المنفردة حسبما تقتضيه المصلحة العامة دون أن يتحدى الطرف الآخر بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين ولها حق توقيع الجزاءات على المتعاقد وحق فسخ العقد وإنهائه بإجراء إدارى دون رضا هذا المتعاقد ودون تدخل القضاء ـ ممارسة الجهة الإدارية لاختصاصاتها المقررة قانوناً أو بموجب العقود الإدارية التى تبرمها هى مقررة لمصلحة المرفق العام فيترتب على تراخى موظفيها فى ممارسة اختصاصاتهم تعرضهم للمسئولية الإدارية وتوقيع الجزاءات عليهم ـ تطبيق.
فى يوم الأربعاء 30/9/1992 أودع وكيل الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت الرقم المشار إليه، فى حكم محكمة القضاء الإدارى ـ دائرة العقود الإدارية والتعويضات ـ الصادر بجلسة 2/8/1992 فى الدعوى رقم 5085 لسنة 45ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار السلبى بامتناع الجهة الإدارية عن مد عقد الإيجار وبيع الأرض للمدعين وإلزامهم المصروفات وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها.
وطلب الطاعنون ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بصفة أصلية: بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية، واحتياطيًا: بوقف تنفيذ القرار السلبى الصادر من المطعون ضده بصفته بالامتناع عن إبرام عقد البيع النهائي للطاعنين للأرض محل النزاع وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وإلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة الأولى فحص الطعون فى جلسة 21/5/2001 وتدوول نظره أمامها إلى أن قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 2/2/2002 وبجلسة 22/6/2002 قررت المحكمة مد اجل النطق بالحكم لجلسة 29/9/2002 وفيها قررت فتح باب المرافعة وإحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة موضوع للاختصاص، وتدوول نظره أمام المحكمة إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة 23/12/2003 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 17/2/2004 ثم إلى جلسة اليوم لاستمرار المداولة، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا .
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 7/5/1991 أقامت الطاعنة (المدعية) سيدة محمد على حلمى عن نفسها وبصفتها وكيلة عن أولادها ورثة المرحوم/ محمد على الأعصر، وهم: أحمد وهبه الله وهالة وحاتم وهناء وعلى أولاد المرحوم المستأجر محمد على الأعصر الدعوى رقم 5085 لسنة 45ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المطعون ضده بصفته (المدعى عليه بصفته) طلبت فيها بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن مد عقد الإيجار وبيع الأرض للمدعية وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبأحقية المدعين فى مد عقد الإيجار للمصنع وفى شراء الأرض طبقاً لشروط العقد.
وقالت المدعية شرحًا لدعواها إنه بتاريخ 12/6/1973 استأجر مورثهم المرحوم/ محمد على الأعصر قطعة أرض من محافظة القاهرة بالمنطقة الصناعية بالعباسية مساحتها 20و1412م2 والقطعة رقم 1908 جدول الوايلى بشارع سليم عبده، وكان المستأجر يمتلك مصنعًا للتبريد والميكانيكا والكهرباء ـ ببولاق، ورغبةً منه فى التطوير ألغى ترخيص مصنعه ببولاق ونقل المصنع بكامل تجهيزاته ومعداته إلى المنطقة الصناعية بالعباسية واستخرج ترخيص مبانٍ من حى الوايلى تحت رقم 10/1973 وأقام المصنع وأنفق على المبانى أربعمائة ألف جنيه حسب تقرير إدارة الأملاك فى عام 1973 وأدير المصنع وأصبح له تعاملات مع القطاعين العام والخاص، وقبل وفاة المستأجر تقدم بأكثر من طلب للجهة الادارية لشراء أرض المصنع طبقًا لما تنص عليه بنود العقد من أن للمستأجر الحق طبقاً للمادة الحادية عشرة فى طلب شراء هذه الأرض فى نهاية مدة سنتين من إقامة المصنع، كما تنص المادة الثانية عشرة على أحقية المستأجر فى طلب شراء الأرض عند انتهاء مدة الإجارة الأولى فى المدة المحددة، وكانت مدة العقد عشر سنوات بدأت فى 12/6/1972 حتى 12/6/1982 وجددت لعشر سنوات أخرى تنتهى فى 12/6/1992، ومنذ وفاة المستأجر فى 27/9/1977 يطالب الورثة الجهة الإدارية بشراء الأرض المقام عليها المصنع التى امتنعت بدون مبرر عن البيع وقام الورثة ببناء مرحلة جديدة بالمصنع إلا أنهم فوجئوا بشرطة المرافق تتعرض للمصنع بالهدم والتكسير مما أدى إلى إتلاف المرحلة الجديدة، وسبب أضرارًا كبيرة بالمصنع فى حين أنه يحق للورثة تجديد العقد إلى عشر سنوات أخرى حتى 11/6/2002 طبقاً للعقد الذى ينص البند الثالث منه على قابلية المدة للتجديد مدتين وقد وافق وكيل أول وزارة الإسكان ومدير عام الأملاك فى 12/6/1991 على مد عقد الإيجار. كما وافق المستشار القانونى للمحافظة فى 15/12/1991 إلا أن الجهة الإدارية امتنعت دون مبرر قانونى، كما امتنعت عن بيع قطعة الأرض رغم أن نصوص العقد تبيح ذلك.
وبجلسة 2/8/1992 قضت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار السلبى بامتناع جهة الإدارة عن مد عقد الإيجار وبين الأرض للمدعين وأسست المحكمة قضاءها على أن البادى من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم لاستظهار ركن الجدية اللازم للفصل فى طلب وقف التنفيذ أنه طبقاً للشرط التعاقدى المنصوص عليه فى البند الخامس من العقد يقع على عاتق المستأجر الالتزام بالبناء الكامل للمصنع وتركيب الآلات وبدء الإنتاج خلال سنتين من تاريخ التوقيع على محضر استلام الأرض وفى حالة عدم الالتزام بذلك يحق للجهة الإدارية فسخ العقد واسترداد الأرض بدون أى تعويض، ولما كان مورث المدعين قد تسلم الأرض بالمحضر المؤرخ 12/6/1972، ولم يقم ببناء المصنع وتشغيله خلال المدة المتفق عليها وحتى وفاته سنة 1977 ولم يستدرك الورثة الموقف بعد ذلك، وأن البادى من المعاينات المرفقة بملف العقد وظاهر الإنذارات والطلبات والتظلمات العديدة المقدمة من الورثة اعتبارا من سنة 1983 أن البناء لم يكتمل والمصنع لم يصبح جاهزًا للعمل الأمر الذى حدا بالجهة الإدارية أن تقرر سنة 1987 فسخ العقد واسترداد الأرض من المدعين فيكون هذا القرار قد قام على سببه المبرر له قانونا على ضوء شروط العقد ويتخلف بالتالى ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذ الإجراء الذى اتخذته الجهة الإدارية فى نطاق العقد.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها:
أ) عدم الاختصاص الولائى لمحكمة القضاء الإدارى فى نظر الدعوى حتى ولو رفعت إليها بطريق الخطأ ذلك إن العقود المتعلقة بإدارة واستغلال الدومين الخاص والتى يقصد بها تحقيق مصلحة مالية للشخص الاعتبارى العام القائم على هذا الدومين ولا ترتبط بالمرفق العام تعتبر من عقود القانون الخاص حتى ولو تضمنت شروطاً استثنائية غير مألوفة فى روابط القانون العام، وأساس ذلك أن عقد تأجير قطعة الأرض محل المنازعات تغلب عليه الناحية التجارية التى تستهدف تحقيق ربح أو كسب مالى لصالح الإدارة ومن ثَمَّ يفتقر إلى الطابع الإدارى الذى لا يكتسبه إلا إذا كان مرتبطًا بتحقيق منفعة عامة وتسيير مرفق عام وتطبيقاً لذلك فإن العقد المؤرخ 12/6/1972 والمشهر تحت رقم 6237 لسنة 1974 بمكتب الشهر العقارى بالوايلى المبرم بين المرحوم/ محمد على الأعصر مورث الطاعنين وبين محافظ القاهرة وكل ما اشتمل من إيجار ووعد بالبيع لا يعتبر عقدا إداريا بالمعنى المعروف إذْ لم تتوافر فيه أى من الشروط الاستثنائية المميزة للعقود الإدارية كما أنه لا يتصل بإدارة أو تسيير مرفق عام ولا يستهدف تحقيق مصلحة عامة فهو مجرد عقد إيجار عادى لقطعة أرض فضاء مملوكة للدولة ملكية خاصة ينقلب عقد بيع إذا توافرت الشروط المنصوص عليها فى العقد وهو فى كلتا الحالتين يظل خاضعا للأحكام العامة المنصوص عليها فى التقنين المدنى.
ب) أن البند الثالث من العقد تضمن تحديد مدة الإيجار بواقع ثلاثين سنة كاملة مقسمة الى ثلاث مدد متصلة كل مدة عشر سنوات والمدة الأولى تبدأ من12/6/1972 وتنتهى فى11/6/1982ثم المدة الثانية تبدأ من12/6/1982وتنتهى فى 11/6/1992 ثم تأتى المدة الثالثة وتبدأ من 12/6/1992وتنتهى11/6/2002 فقابلية العقد للتجديد هو أمر متفق عليه من قبل وأن الطرفين المتعاقدين كانا قد قبلا منذ البداية أن يبقى العقد ويستمر قائمًا نافذًا بينهما طوال المدتين التاليتين إذ لا يلزم بحسب الظاهر من عبارات البند الثالث صدور موافقة جديدة على هذا التجديد.
ج) إن حق الفسخ المقرر للجهة الإدارية لم يتمسك به طوال مدة سبع عشرة سنة، وإذ لم تستعمل هذا الحق طوال تلك المدة اعتبارا من12/6/1974 وهو تاريخ انتهاء المهلة الزمنية الممنوحة للمورث، فإن مقتضى ذلك ثبوت تنازل الجهة الإدارية عن هذا الحق، ودليل ذلك قبول الجهة الإدارية تقاضى القيمة الإيجارية عن المدة التالية على تاريخ انتهاء المهلة الزمنية المشار إليها.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائياً بنظر الدعوى والذى أبداه الطاعنون فى طعنهم أمام هذه المحكمة فإنه من الدفوع التى يجوز إثارتها فى أية حالة كانت عليها الدعوى، بل وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تبحث فى مدى ولايتها بالفصل فى النزاع، فإذا تبين لها عدم ولايتها قضت بعدم اختصاصها.
ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن العقد الإدارى شأنه شأن العقد المدنى من حيث العناصر الأساسية لتكوينه لا يعدو أن يكون توافق إرادتين بإيجاب وقبول لإنشاء التزامات تعاقدية تقوم على التراضى بين طرفين أحدهما وهو الدولة أو أحد الأشخاص الإدارية، بيد أنه متميز بأن الإدارة بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات لا يتمتع بمثلها المتعاقد معها وذلك بقصد تحقيق نفع عام أو مصلحة مرفق من المرافق العامة، كما أنه يفترق عن العقد المدنى فى كون الشخص المعنوى العام يعتمد فى إبرامه وتنفيذه على أساليب القانون العام ووسائله إما بتضمينه شروطًا استثنائية غير مألوفة فى عقود القانون الخاص سواء كانت هذه الشروط واردة فى ذات العقد أو مقررة بمقتضى القوانين واللوائح أو بمنح المتعاقد مع الإدارة فيه حقوقًا لا مقابل لها فى روابط القانون الخاص بسبب كونه لا يعمل لمصلحة فردية، بل يعاون السلطة الإدارية ويشترك معها فى إدارة المرفق العام أو تسييره أو استغلاله تحقيقًا للنفع العام فيما يجعل مصالح الطرفين فى العقد المدنى متساوية ومتوازنة إذ إن كفتى المتعاقدين غير متكافئة فى العقد الإدارى تغليبًا للمصلحة العامة على المصلحة الفردية مما يجعل للإدارة سلطة مراقبة تنفيذ شروط العقد وتوجيه أعمال التنفيذ واختيار طريقته وحق تعديل شروطه المتعلقة بسير المرفق وتنظيمه والخدمة التى يؤديها وذلك بإرادتها المنفردة حسبما تقتضيه المصلحة العامة دون أن يتحدى الطرف الآخر بقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين ولها حق توقيع الجزاءات على المتعاقد وحق فسخ العقد وإنهائه بإجراء إدارى دون رضاء هذا المتعاقد ودون تدخل القضاء، وعلى ما تقدم فإن العقد الإدارى هو العقد الذى تكون الإدارة طرفًا فيه ويتعلق بنشاط مرفق عام من حيث تنظيمه وتسييره بغية خدمة أغراضه وتحقيق احتياجاته مراعاة لوحدة المصلحة العامة وتأخذ فيه الإدارة بأسلوب القانون العام بما تضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة فى عقود القانون الخاص، فإذا توافرت تلك العناصر الثلاثة فى العقد أضحى عقدًا إداريًا تختص بنظر المنازعات الناشئة عنه محاكم مجلس الدولة دون غيرها طبقاً لنص البند الحادى عشر من المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47لسنة 1972م.
ومن حيث إن محافظة القاهرة قامت بإنشاء منطقة صناعية جديدة بالعباسية بالسكة البيضاء فصدر قرار المحافظ رقم 389 لسنة 1970 بتاريخ 4/8/1970 بتخصيص أرض تلك المنطقة بهدف نقل المصانع والورش من داخل المدينة المكتظة بالسكان إلى تلك المنطقة التى كانت نائية وبعيدة عن المناطق السكنية وقد انتهجت الجهة الإدارية لتحقيق هذا الهدف أسلوب تأجير قطع الأراضى بتلك المنطقة لمن يقبل نقل مصنعه إليها واشترطت لبيع تلك القطع أن يثبت المستأجرون همتهم فى تعمير تلك المنطقة ببناء مصانعهم وتشغيلها خلال مدة سنتين من تاريخ استلامهم للقطع المقررة لهم.
وبالرجوع إلى عقد الإيجار المبرم بين المحافظة والمرحوم/ “…………….” مورث الطاعنين المؤرخ 2/6/1974 يبين أنه نص فى البند الأول على أن المحافظة أجرت للمذكور قطعة أرض مساحتها 1412.20 مترًا مربعًا بالمنطقة الصناعية بالعباسية، ونص البند الثانى على أن تأجير هذه المساحة هو لغرض إقامة مصنع لمهمات التبريد وتكييف الهواء بشرط عدم استعمالها فى غير الغرض المؤجرة من أجله بأى حال من الأحوال، ونص البند الرابع على أن قيمة التأجير هى جنيه واحد عن المتر المربع سنويًا أى إيجار مجموعه 200و1412 جنيهًا تدفع مقدمًا لخزانة المحافظة فى اليوم الأول من كل سنة من سنوات التأجير، وتضمن البند الخامس أن الغرض من التأجير هو تشجيع إحدى الصناعات المحلية فيتعهد المستأجر بأن يشرع فى إقامة المصنع وتركيب ما يلزم من الآلات والمعدات وملحقاتها فى مدة سنتين من تاريخ التوقيع على محضر التسليم وأن يتم المصنع نهائيًا بحيث يصبح صالحًا للعمل فى مدة لا تتجاوز سنتين من تاريخ التوقيع وإن تأخر المستأجر عن إتمام العمل فى نهاية السنتين فيكون للحكومة الحق المطلق بمجرد التأخير ومخالفة الشروط وبدون لزوم لعمل أى تنبيه أو إنذار فى فسخ العقد واسترداد الأرض فورًا بما عليها من المبانى والآلات وخلافه التى تصبح ملكًا للحكومة بدون أن تُلزم بأى تعويض وتضمن البند التاسع أن الحكومة تحتفظ لنفسها بالحق فى زيادة الإيجار بعد مرور السنوات العشر الأولى من تاريخ التوقيع على محضر الاستلام بما يتفق وحالة المصنع ويتعهد المستأجر من الآن بقبول الزيادة التى تقررها الحكومة، ويقضى البند الحادى عشر أن للمستأجر الحق فى طلب شراء هذه الأرض بالممارسة فى نهاية مدة سنتين من إقامة المصنع وإعداده بالثمن الذى تساويه الأرض وقت بداية التأجير وذلك متى ثبت للحكومة أنه قام بتخصيص الأرض فعلاً للغرض المؤجرة من أجله على أن تستمر الأرض مخصصة لهذا الغرض فإذا تغير استعمالها بعد البيع يكون للحكومة حق فسخ البيع واسترداد الأرض، وتضمن البند الثانى عشر أنه إذا لم يرغب المستأجر فى الشراء كان عليه رد الأرض خالية مما أقامه عليها من منشآت.
ويبين من هذا العقد أنه مبرم بين شخص اعتبارى عام وبين مورث الطاعنين لتأجير قطعة أرض بالمنطقة الصناعية والهدف منه هو تحقيق أغراض المرفق العام بنقل المصانع والورش إلى تلك المنطقة وتشجيع إنشاء المصانع بتلك المنطقة خلال مدة سنتين من تاريخ استلام الأرض ووسيلة التشجيع هى بيع قطعة الأرض للمستأجر متى ثبت للحكومة أنه أقام المصنع وبدأ فى تشغيله بعد مضى المدة المقررة وهى سنتان من تاريخ استلامه للأرض وذلك بالثمن الذى تساويه الأرض فى بداية التأجير على أن تستمر الأرض مخصصة لهذا الغرض المنصوص عليه فى العقد وهو إقامة مصنع لإنتاج مهمات التبريد وتكييف الهواء وذلك بعد أن يتم البيع فإذا ما تغير هذا الغرض بعد البيع حق للحكومة فسخ العقد. وإذ تضمن العقد شروطًا استثنائية تخرج عن الشروط المألوفة فى روابط القانون الخاص على النحو السالف بيانه: فشرط إقامة المصنع وتشغيله في مدة محددة وقدرها سنتان وفى حالة عدم الالتزام يحق للحكومة فسخ العقود واسترداد الأرض بما عليها من مبانٍ وآلات دون تنبيه أو إنذار وتصبح تلك المبانى والآلات ملكًا للحكومة دون أن تلزم بأى تعويض وأن يلتزم المستأجر بقبول الزيادة في قيمة الإيجار التى تقررها الحكومة وفى حالة عدم الرغبة فى الشراء يتعين على المستأجر رد الأرض خالية مما عليها من منشآت، وحق الجهة الادارية فى فسخ عقد البيع واسترداد الأرض بدون مقابل إذا تم تغيير الغرض بعد البيع، فكل ذلك يعد شروطًا استثنائية تنبىء عن أخذ الجهة الإدارية بأسلوب وسلطات القانون العام بما يقطع بتوافر عناصر العقد الإدارى فى عقد البيع مثار البحث وبالتالى تختص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات الناشئة عنه ويضحى الدفع بعدم الاختصاص الولائى غير قائم على سند صحيح من القانون متعينًا الالتفات عنه.
ومن حيث إنه عن التزام الجهة الإدارية بتجديد العقد مدتين متتالتين الأولى تبدأ من 12/6/1982 وتنتهى فى 11/6/1992 والثانية تبدأ من 12/6/1992 وتنتهى فى 12/6/2002 فإنه بالرجوع إلى البند الثالث من العقد يبين أنه نص على أن مدة هذه الإيجارة عشر سنوات تبدأ من 12/6/1972 تاريخ التسليم وتنتهى فى 11/6/1982 قابلة للتجديد مدتين أخريين ومفاد ذلك أن مدة العقد هى عشر سنوات أما تجديده لمدتين أخريين فإن ذلك خاضع لموافقة طرفي العقد وهذا هو مفهوم قابلية العقد للتجديد ومن غير شك فى أن تجديد العقد إنما يرتبط ارتباطًا لازمًا بتنفيذ المستأجر لالتزاماته فإذا أخل المستأجر بالتزامه بإقامة المصنع وتشغيله خلال المدة المقررة فإن العقد يضحى غير قابل للتجديد فلا وجه لإلزام الجهة الإدارية بالتجديد فى الوقت الذى لم يلتزم به مورث الطاعنين بالتزامه بإقامة المصنع وتشغيله خلال المدة المقررة وعلى ذلك فان تجديد العقد يتطلب موافقة الجهة الإدارية ويكون وجه الطعن فى هذا الشأن غير قائم على أساس سليم فى القانون.
وعن الوجه الثالث من أوجه الطعن بتنازل الجهة الإدارية عن حق الفسخ بعدم الاستعمال فان ذلك مردود بأن ممارسة الجهة الإدارية لاختصاصاتها المقررة قانوناً أو بموجب العقود الإدارية التى تبرمها لَهِىَ مقررة لمصلحة المرفق العام فيترتب على تراخى موظفيها فى ممارسة تلك الاختصاصات تعرضهم للمسئولية الإدارية وتوقيع الجزاءات عليهم،حيث لا تملك الجهة الإدارية الامتناع عن ممارسة تلك الاختصاصات ولا يحق لها التنازل عنها فهى ليست حقوقا شخصية كالتى يتمتع بها الأفراد فيملكون التنازل عن حقوقهم وهو أمر غير جائز بالنسبة للسلطات المقررة للجهة الإدارية والتي يستهدف القانون بها تحقيق المصلحة العامة ولقد أرسلت الجهة الإدارية عدة إنذارات للمستأجر لاستيفاء شرط بناء المصنع وتشغيله وإلا سيتم فسخ العقد إلا أنه لم يستجب لذلك بل طلبت وكيلة الورثة زوجة المستأجر ردًا على إنذار الجهة الإدارية المؤرخ 21/7/1984 إعطاء الورثة مهلة بسيطة لإتمام هذا المشروع الحيوى لصناعة التبريد إلا أن ذلك لم يتم فقامت الجهة الإدارية بفسخ العقد بتاريخ 22/10/1987 ويبين من ذلك أن الجهة الإدارية لم تتنازل عن حقها فى فسخ العقد.. ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن وقف تنفيذ القرار الإدارى يقوم على توافر ركنين مجتمعين الأول هو ركن الجدية بأن يكون الطعن فى القرار قائمًا حسب الظاهر على أسباب جدية يرجح معها القضاء بإلغائه، والثانى هو ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ ذلك القرار نتائج يتعذر تداركها.
ولما كان الثابت أن ثمة التزامًا يقع على عاتق المستأجر مورث الطاعنين وعلى الورثة من بعده، مقتضاه طبقاً للبند الخامس من العقد إقامة مصنع لإنتاج مهمات التبريد وتكييف الهواء وتشغيله فى مدة سنتين من تاريخ التوقيع على محضر التسليم، وقد تم تسليم الأرض إلى مورث الطاعنين بموجب محضر التسليم المحرر 12/6/1972 وفيه تعهَّد المستأجر بإقامة المصنع وإدارته خلال سنتين من هذا التاريخ وأنه فى حالة مخالفته لذلك يحق للحكومة فسخ العقد واسترداد الأرض بما عليها دون أى إجراء قضائى مع عدم دفع أى تعويض، ووقع على هذا المحضر من المستأجر، وإذ انقضت تلك المدة دون الوفاء بهذا الالتزام من قبل المستأجر ومن بعده ورثته فإنه يحق للجهة الإدارية بعد أن منحته مهلة من 12/6/1974 تاريخ انتهاء مدة السنتين إلى 22/10/1987 أن تفسخ العقد وإذ تقرر ذلك بتاريخ 22/10/1987 فلا تثريب على جهة الإدارة ويضحى شرط الجدية منتفيًا عن طلب وقف التنفيذ بما يستتبع رفضه.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض طلب وقف تنفيذ القرار الصادر بفسخ العقد فإنه يكون متفقًا وصحيح حكم القانون، ويضحى الطعن عليه غير قائم على سند صحيح فى القانون متعينًا الحكم برفضه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يُلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنين المصروفات.