جلسة 3 من يوليو سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / جوده عبدالمقصود فرحات
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سامى أحمد محمد الصباغ، وعبدالله عامر إبراهيم، وأحمد عبدالعزيز أبوالعزم، وحسن عبدالحميد البرعى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / سعيد عبدالستار محمد
مفوض الدولة
وحضور السيد / عصام سعد ياسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 9771 لسنة 47 قضائية. عليا:
ـ الفصل من الدراسة لاستنفاد مدة الغياب القانونية ـ وجوب إنذار الطالب أو ولى أمره بمعدل غيابه قبل الفصل ـ أساس ذلك.
المادة (25) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981.
أجاز المشرع فصل الطالب من المدرسة إذا تغيب بغير عذر تقبله إدارة المدرسة خلال السنة الدراسية للمدة المحددة بالقانون ولم يستوجب إنذار الطالب قبل فصله، غير أنه لما كان الإنذار فى مثل هذه الحالة يعد من قبيل الضمانة الجوهرية للطالب المهدد مستقبله بالضياع والفصل من المدرسة وهو إجراء لازم وضرورى حتى تستبين المدرسة موقف الطالب وما إذا كان تغيُّبه عزوفاً عن الاستمرار فى الدراسة وهو فرض غير واقعى أو أن لديه عذراً يمكن بمجرد توجيه الإنذار إليه أن يسارع بإبدائه لإيقاف إعمال الأثر الخطير الذى يترتب على الغياب وهو الفصل ـ فضلاً عن أنه إجراء يتطلبه حسن إدارة العملية التعليمية وحرص المدارس على مستقبل طلابها ـ فضلاً عن أنه من غير المتصور عقلاً أن يترك للطالب فى مراحل التعليم المختلفة وهو الذى لم يبلغ خلالها سن الرشد بعد أن يقرر بإرادته المنفردة وبدون علم ولى أمره فى الغالب الأعم أنه عازف عن الدراسة أو أنه كاره لها وأنه قرر التغيب لمدة خمسة عشر يوماً متصلة أو ثلاثين يوماً منفصلة خلال العام الدراسى حتى يتم فصله ـ مؤدى ذلك أنه يتعين على جهة الإدارة فى مختلف المدارس إخطار ولى أمر الطالب فورًا بمجرد غيابه والوقوف على الأعذار لهذا الغياب بدلاً من الإخطار بقرار الفصل فى حينه ـ يترتب على إغفال هذا الإخطار إهدار هذه الضمانة الجوهرية وضياع مستقبل العديد من طلبة المدارس ـ صدور قرار بحرمان الطالب من دخول الامتحان بحجة فصله لاستنفاد مدة الغياب القانونية بدون إنذاره يجعل هذا القرار موصومًا بعدم المشروعية ـ تطبيق.
فى يوم الثلاثاء الموافق 7/7/2001 أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا (دائرة الغربية) برقم1680 لسنة 8ق والذى قضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وألزمت جهة الإدارة المصروفات ، وأقرت بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب الواردة بتقرير الطعن بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وفقًا للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظرت الدائرة السابعة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات، وبجلسة 6/2/2002 قررت بإحالته إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 7/4/2004 ونفاذًا لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة ونظرته بالجلسة المذكورة وبجلسة 19/5/2004 قررت حجزه للحكم بجلسة اليوم.
وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 4/1/2001 أودع المطعون ضده قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بطنطا (دائرة الغربية) صحيفة الدعوى رقم 1680 لسنة 8ق طالباً فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار مدرسة المحلة الكبرى الميكانيكية قسم الجرارات فيما تضمنه من عدم تسليم رقم جلوسه لأداء امتحان النصف الأول من العام الدراسى 2000/2001 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه إنه فُصل قرب نهاية امتحان نهاية العام الدراسى 1999/2000 وتقدم لإعادة قيده واستمر فى الدراسة خلال العام الدراسى 2000/2001 وعند تقدمه لامتحان نصف العام فى بداية يناير عام 2001 فوجئ بعدم تمكينه من ذلك بحجة عدم إعادة قيده ولأنه انقطع عن الدراسة العام الماضى فأقام دعواه ناعياً على هذا القرار مخالفة القانون، حيث إنه لم ينقطع عن الدراسة ولم يصله أى إنذار من المدرسة التي رفضت تسليمه رقم جلوسه لامتحان الصف الثانى خلال امتحان منتصف العام الدراسى 2000 / 2001 ، وخلص فى صحيفة دعواه إلى طلب الحكم بطلباته.
وبجلسة 20/5/2001 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسًا على أن إنذار الطالب قبل فصله هو إجراء جوهرى وضرورى وجرى عليه العرف الإدارى حتى تتبين جهة الإدارة إصرار الطالب على عزوفه عن الدراسة، وحتى يتمكن الطالب من إبداء عذره وليكون على بيّنة من أنه سيتخذ ضده قرار بالفصل وهو إجراء شديد الخطورة وإذ صدر القرار المطعون فيه بفصل الطالب قبل إنذاره فإنه يكون قراراً غير مشروع لمخالفة القانون.
وانتهى الحكم المطعون فيه إلى قضائه المتقدم، ولم يحز هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فأقاموا طعنهم الماثل ناعين عليه مخالفة القانون فى تطبيقه وتأويله والفساد فى الاستدلال على سند من القول بأنه لا يجوز الاعتذار بالجهل بالنص الذى يجيز فصل الطالب فى حالة غيابه (15) يوماً متصلة أو (30) يوماً منفصلة طالما لم يقدم عذراً ولا يجوز للحكم المطعون فيه استحداث إجراء قانونى لم ينص عليه المشرع وهو ضرورة إنذار الطالب قبل فصله إذ لو أراد المشرع لنص على هذا الإجراء صراحة كما فعل فى قانون العاملين المدنيين بالدولة، فضلاً عن أن المدرسة أنذرت ولى أمر الطالب على عنوانه فى تواريخ 30/11/1999، 12/12/1999، 21/1/2000 غير أن المحكمة التفتت عن هذه الإنذارات كما أنه لا يجوز إعادة قيد الطالب المفصول أكثر من مرة خلال السنة الدراسية ، واختتم الطاعنون تقرير طعنهم بطلباتهم.
ومن حيث إن المادة (25) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة81 تنص على أنه “يجوز فصل الطالب من المدرسة إذا تغيب بغير عذر تقبله لجنة إدارة المدرسة خلال السنة الدراسية مدة تزيد على خمسة عشر يومًا متصلة أو ثلاثين يوماً منفصلة، …… ويجوز إعادة قيد الطالب المفصول طبقاً لحكم الفقرة السابقة وذلك بقرار من لجنة إدارة المدرسة بعد سداد رسم إعادة قيد …. ولا يجوز إعادة القيد أكثر من مرة واحدة فى ذات السنة الدراسية وأكثر من مرتين فى المرحلة كلها ….”.
ومن حيث إن هذا النص يجيز فصل الطالب من المدرسة إذا تغيب بغير عذر تقبله لجنة إدارة المدرسة خلال السنة الدراسية المدة المشار إليها فيه ولم يستوجب النص إنذار الطالب قبل فصل الطالب، غير أنه لما كان الإنذار فى مثل هذه الحالة يعد من قبيل الضمانة الجوهرية للطالب المهدد مستقبله بالضياع والفصل من المدرسة ، وهو إجراء لازم وضرورى حتى تستبين المدرسة موقف الطالب وما إذا كان تغيبه عزوفاً عن الاستمرار فى الدراسة ـ وهو فرض غير واقعى ـ أو أن لديه عذراً يمكن بمجرد توجيه الإنذار إليه أن يسارع بإبدائه لإيقاف إعمال أثر الغياب الخطير الذى يترتب عليه وهو الفصل ، فضلاً عن أنه إجراء يتطلبه حسن إدارة العملية التعليمية وحرص المدارس على مستقبل طلابها، فضلاً عن أنه من غير المتصور عقلاً أن يترك للطالب فى مراحل التعليم المختلفة وهو الذى لم يبلغ خلالها سن الرشد بعد أن يقرر بإرادته المنفردة وبدون علم ولى أمره فى الغالب الأعم أنه عازف عن الدراسة أو أنه كاره لها وأنه قرر التغيب لمدة خمسة عشر يوماً متصلة أو ثلاثين يوماً منفصلة خلال العام الدراسى حتى يتم فصله، فالدولة حريصة على التعليم واستمرار الطالب فى مراحل التعليم،ومؤدى ذلك أنه يتعين على جهة الإدارة فى مختلف المدارس إخطار ولى أمر الطالب فوراً بمجرد غيابه والوقوف على الأعذار لهذا الغياب بدلاً من الإخطار بقرار الفصل فى حينه، لكل ما تقدم فإن توجيه الإنذار قبل فصل الطالب لغيابه المتكرر يعد ضرورة ملحة وإجراءً لازمًا يترتب على إغفاله إهدار هذه الضمانة الجوهرية وضياع مستقبل العديد من طلبة المدارس بينما الدولة أحوج ما تكون إلى تربيتهم وتعليمهم وتخريج أجيال قادرة على خوض معترك الحياة العلمية الحديثة بعلومها المتطورة والمتسارعة لنلحق بركب الأمم المتقدمة ونحد من مشكلة الأمية والبطالة، وما يترتب عليهما من مساوئ عديدة، وعليه فإن صدور القرار المطعون فيه بحرمان الطالب (المطعون ضده) من دخول الامتحان بحجة فصله لاستنفاده مدة الغياب القانونية بدون إنذاره يجعل هذا القرار موصوماً بعدم المشروعية ويتعين الاستجابة لطلب وقف تنفيذه.
ولا ينال مما تقدم قول جهة الإدارة إن المطعون ضده استنفد مدة الغياب القانونية، حيث لم تقدم ما يفيد بيانًا بأيام الغياب وعددها حتى تبسط المحكمة رقابتها على قرارها بالفصل بسبب هذا الغياب.
كما لا ينال منه القول بتوجيه إنذارات ثلاثة للمطعون ضده، نظراً لغيابه المتكرر التفتت عنها محكمة القضاء الإدارى فإن هذا القول قد جاء مرسلاً وخلت الأوراق من صور هذه الإنذارات أو ما يفيد تسلم ولى أمر الطالب لها، فضلاً عن أن تواريخ هذه الإنذارات حسبما قررت الجهة الإدارية هى30/11/1999 ، 12/12/1999، 21/1/2000 مما يعنى أنها كانت تخص أيام الغياب عن العام الدراسى السابق 1999/2000 الذى تم فصل المطعون ضده فيه ولا تخص العام الدراسى 2000/2001 الذى أعيد فيه قيده وحرم من دخول امتحان منتصف العام فيه فى يناير 2001، كما لاينال منه أخيراً القول بأنه لا يجوز إعادة قيد الطالب أكثر من مرة واحدة فى ذات السنة الدراسية، حيث لم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد إعادة قيد الطالب أكثر من مرة واحدة فى السنة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى ذات النتيجة فإنه يكون حسب الظاهر من الأوراق قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه مفتقداً لسنده من الواقع أو القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا ، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.