جلسة 1 من فبراير سنة ٢٠٠٥م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / محمود إبراهيم محمود على عطا الله، ويحيى خضرى نوبى محمد، ومنير صدقى يوسف خليل، وعبد المجيد أحمد حسن المقنن
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وحضور السيد / محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة
الطعن رقم ٢٣٣٠ لسنة ٤٦ قضائية . عليا:
العقد شريعة المتعاقدين ــ التعويض عن التأخير فى صرف المبالغ المستحقة.
طبقاً للمادة (٢٢٦) من القانون المدنى الصادر بالقانون رقم ١٣١ لسنة ١٩٤٨ فإنه إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين فى الوفاء به، كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد مقدارها ٤% فى المسائل المدنية و٥% فى المسائل التجارية، وتسرى هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجارى تاريخاً آخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره ــ حق المتعاقد مع الإدارة فى التعويض عن التأخير فى صرف ما يكون مستحقاً له طبقاً لأحكام العقد يقتصر على حقه فى المطالبة بالتعويض طبقاً لنص المادة سالفة الذكر وأنه لاوجه لإلزام الإدارة بالتعويض عن التأخير فى صرف تلك المستحقات على نحو مغاير لما نصت عليه مادام لم يتم الاتفاق على ذلك ــ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق 26/1/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ــ الدائرة العاشرة ــ بجلسة ٢٨/١١/١٩٩٩ فى الدعوى رقم ٢١٦٣ لسنة ٤٨ق . القاضى:
أولاً ــ بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول بصفته (محافظ القاهرة) لرفعها على غير ذى صفة.
ثانيًا: أــ بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الثانى ــ الطاعن بصفته ــ وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه الثانى بأن يؤدى للمدعى ــ المطعون ضده ــ مبلغاً مقداره ٩١١٢.٩٤٠ جنيه قيمة ما تم خصمه من مستحقاته. ب ــ بإلزام المدعى عليه الثانى بصفته بأن يؤدى للمدعى مبلغاً مقداره سبعة آلاف جنيه على سبيل التعويض عما أصابه من أضرار مادية، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته ــ للأسباب المبينة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تعويض للمطعون ضده بمبلغ سبعة آلاف جنيه عن الضرر المادى الذى أصابه، والقضاء مجددًا بتحديد قيمة التعويض وفقاً لما تقضى به المادة (٢٢٦) مدنى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .
وقد نُظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، حيث قررت بجلسة ١/١/٢٠٠٣ إحالته إلى الدائرة الثالثة عليا ــ موضوع ــ لنظره بجلسة ٢٢/٧/٢٠٠٣ ومن ثَمَّ أحيل إلى هذه المحكمة ونظرته بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وقررت بجلسة ٩/١١/٢٠٠٤ إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع فى هذا الطعن تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3708 لسنة1993 مدنى بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة ــ الدائرة 33 ــ اختصم فيها محافظ القاهرة ورئيس حى مصر القديمة وطلب فيها الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ ٩١١٢.٩٤٥ جنيه التى خصمت من مستحقاته والمصروفات مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل، وذكر ــ شرحاً للدعوى ــ أنه تعاقد مع حى مصر القديمة بتاريخ ٢٤/٨/١٩٨٣، على أن يقوم بإنشاء استقبال مستشفى دار السلام بالحى المذكور وفقاً للشروط والمواصفات المتفق عليها وذلك خلال ثمانية شهور من تاريخ استلام الموقع ونظير مبلغ مقداره ٦٤٠٢١.٦٧٥ جنيه وقد نفذ الأعمال المتعاقد عليها خلال المدة المحددة طبقاً للأصول الفنية المقررة، وتم تسليم المبنى إلى لجنة من الجهة الإدارية لم تعترض على شىء فيه إلا أنه فوجئ بالحى يخصم مبلغ 9112.945 جنيه من مستحقاته دون وجه حق، ولما سأل عن سبب الخصم أبلغ بأنه قيمة 10% علاوة على فاتورة صادرة عنه فى عملية مستشفى دار السلام العام ــ هرمل ــ بمبلغ 8300 جنيه ومبلغ ألف جنيه قيمة 10% علاوة على فاتورة أخرى صادرة عنه أيضاً عن عملية مركز شباب أبو السعود بمصر القديمة، وقد صرفت إليه هذه المبالغ دون حق طبقاً لما ورد بمناقصة الجهاز المركزى للمحاسبات، وأنه لما اطلع على مناقصة هذا الجهاز تبين له عدم انطباقها على الأعمال التى قام بها، حيث إنه لم يقم بشراء الأصناف من السوق لكى يحصل على فواتير عنها من التاجر الذى باعها، وأنه رغم شكواه للجهة الإدارية لم ترد له هذا المبلغ وإنما أبلغت النيابة الإدارية لمحافظة القاهرة التى باشرت فيها تحقيقاً بالقضية رقم ٤٩٢ لسنة ١٩٩١، وخلصت منه إلى أن مدير الحسابات بالحى هو الذى أمر بخصم هذا المبلغ، وأضاف المطعون ضده أن ذلك لم يحسم النزاع، وقامت إدارة الحسابات بالحى بتعلية المبلغ المخصوم منذ عام ١٩٨٥ رغم أنه يعمل مقاولاً ويحتاج إليه.
وبجلسة ٣٠/١١/١٩٩٣ قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة لنظرها، ومن ثَمَّ أحيلت وقيدت برقم ٢١٦٣ لسنة ٤٨ق. وتدوولت بالجلسات أمام محكمة القضاء الإدارى ــ الدائرة العاشرة ــ حيث أضاف المدعى ــ المطعون ضده ــ طلب التعويض أمامها بمبلغ ثلاثين ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من تصرف الجهة الإدارية وقيامها بخصم المبلغ المشار إليه بالمخالفة للقانون والامتناع عن صرفه لمدة تزيد على خمسة عشر عاماً.
وبجلسة ٢٨/١١/١٩٩٩ أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه وشيدته على أسباب حاصلها أن خصم هذا المبلغ لا أساس له من القانون أو الاتفاق الذى تم بين الطرفين، ومن ثَمَّ يتعين رده إليه، أما عن التعويض فإن خصم المبلغ المشار إليه من مستحقات المدعى قد ألحق به أضرارًا مادية تمثلت فى حرمانه من الانتفاع واستغلاله فى عمله مدة تقارب تسع سنوات ومن ثَمَّ تقدر له تعويضاً عن هذا الضرر قيمته سبعة آلاف جنيه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم ترتضِ ما قضى به الحكم المطعون فيه من إلزامها بأن تؤدى للمطعون ضده مبلغ التعويض سالف الذكر فطعنت عليه فى هذا الشق استناداً إلى أسباب حاصلها أنه أخطأ فى تطبيق القانون وخالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن التعويض عن التأخير فى صرف المبالغ المستحقة فى هذه الحالة يكون طبقاً لحكم المادة (226) من القانون المدنى.
ومن حيث إن النعى سديد؛ ذلك أنه لما كانت المادة المذكورة تنص على أنه إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين فى الوفاء به كان ملزمًا بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة فى المائة فى المسائل المدنية، وخمسة فى المائة فى المسائل التجارية. وتسرى هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجارى تاريخاً آخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن حق المتعاقد مع الإدارة فى التعويض عن التأخير فى صرف ما يكون مستحقًا له طبقاً لأحكام العقد يقتصر على حقه فى المطالبة بالتعويض طبقاً لنص المادة (٢٢٦) من القانون المدنى سالفة الذكر، وأنه لا وجه لإلزام الإدارة بالتعويض عن التأخير فى صرف تلك المستحقات على نحو مغاير لما نصت عليه ما دام لم يتم الاتفاق على ذلك، وترتيبًا على ما تقدم فإن التعويض الذى يستحقه المطعون ضده من عدم صرف الإدارة له مبلغ ٩١١٢.٩٤٠ جنيه يكون فى صورة الفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% باعتباره مبلغًا ناشئًا عن عقد مقاولة وهو من المسائل التجارية اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى ٢٠/٧/١٩٩٩ ــ تاريخ إيداع المدعى بقلم كتاب محكمة القضاء الإدارى ــ صحيفة إضافية طلب التعويض ــ وحتى تمام السداد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى غير ما تقدم فيما قضى به من تعويض للمطعون ضده على نحو يخالف نص المادة (٢٢٦) مدنى فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون وأخطأ فى تطبيقه، ويتعين لذلك تعديله وفقاً لما تقدم بيانه بالأسباب وعلى النحو الذى سيرد بمنطوق الحكم.
وحيث إنه عن المصروفات فإنه من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (١٨٤) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المدعى عليه الثانى ــ الطاعن بصفته ــ بأن يؤدى للمدعى ــ المطعون ضده ــ مبلغاً مقداره ٩١١٢.٩٤٠ جنيه (تسعة آلاف ومائة واثنى عشر جنيهاً وتسعمائة وأربعون مليمًا) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع ٥% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى ٢٠/٧/١٩٩٩ وحتى تمام السداد والمصروفات.