جلسة 21 من يونيو سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى عبدالحميد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبدالملاك، وأحمد محمد حامد،
ود. محمد كمال الدين منير، وسيد عبدالله سلطان.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حسين عبدالحميد حسين ريش
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد حسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 10081 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ التفرقة بين القرار السلبى والقرار الضمنى.
المادة (10) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
يتعين التفرقة بين القرار الإدارى السلبى والقرار الضمنى، فالقرار السلبى هو تعبير عن موقف سلبى ترفض أو تمتنع به الإدارة عن اتخاذ موقف معين فى موضوع يلزمها القانون باتخاذ موقف بشأنه، أما القرار الضمنى فهو ذلك الموقف الذى تكشف ظروف الحال دون إفصاح عن أن الإدارة تتخذه حيال أمر معين، ولاشك يظهر القرار الضمنى فى أجلى صوره فى حالة التظلم الوجوبى أو التقدم بطلب إلى الجهة الإدارية فتحجم عن الإجابة عليه، فى حين اعتبر المشرع ـ بنص خاص ـ السكوت رفضاً أو موافقة إذا مضت فترة معينة من الوقت ـ أثر ذلك: القرار السلبى قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً، وفى الحالتين يجوز الطعن فيه فى أى وقت مادامت حالة الامتناع قائمة إلاَّ إذا نص القانون على خلاف ذلك كما هو الشأن فى حالة الرفض الضمنى للتظلم المستفاد من مضى ستين يوماً على تقديمه دون رد، إذ أوجب القانون على المتظلم فى هذه الحالة اللجوء إلى المحكمة خلال الستين يوماً التالية لقيام تلك القرينة ـ تطبيق.
ـ الترخيص بالتعلية ـ المقصود بعبارة البدء فى الإنشاء الذى يترتب عليه حظر الترخيص.
المادتان (7)، (13) من القانون رقم 106 لسنة1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996.
مادة (1) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3085 لسنة 1996 بشأن حدود الترخيص فى تعلية المبانى وقيود الارتفاع بمدينة القاهرة الكبرى.
أحكام قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء ولائحته التنفيذية وقرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه لم تتضمن تعريفًا جامعًا مانعًا يحدد المقصود بعبارة “البدء فى الإنشاء” ـ الأمر الذى يتعين معه تحديد المقصود بتلك العبارة فى ضوء العلة التى تضمنتها أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء المذكور وكذلك فى ضوء أحكام الترخيص بالتعلية الواردة بالقانون المشار إليه ـ العلة من إصدار القرار هى المحافظة على أرواح الناس وسلامتهم وأمنهم ولمواجهة ظاهرة انهيار المبانى وكثرة الضحايا فى مدينة القاهرة الكبرى، وعلاقة التعلية والارتفاعات بهذه الظاهرة، ولمواجهة هذا الخطر فقد تحوط المشرع فى الموافقة على تعلية المبانى عموماً فقرر عدم الموافقة على تراخيص التعلية صراحة أو ضمناً حتى ولو كانت قواعد الارتفاع تسمح بالتعلية إلا إذا كان الهيكل الإنشائى للمبنى وأساساته تسمح بأحمال الأعمال المطلوب الترخيص بها وذلك على النحو الذى يؤيده تقرير فنى من مهندس استشارى إنشائى، أخذًا فى الاعتبار أن تنفيذ الهيكل الإنشائى للمبنى يكون لاحقاً على إتمام تنفيذ أساساته ـ مؤدى ذلك: أن المبانى التى لم يتم تنفيذ أساساتها لا تعد من قبيل المبانى التى بدئ فى إنشائها باعتبار أن تلك المبانى ما زالت فى المرحلة التمهيدية التى تسمح بتنفيذ الأساسات المطلوبة ومن ثَمَّ الهيكل الإنشائى بالصورة التى تجعله من الناحية الفنية والهندسية قادراً على تحمُّل أحمال الارتفاع المطلوب، وهذا الاستخلاص هو الذى يتفق مع العلة من إصدار قرار رئيس مجلس الوزراء سالف الذكر ـ تطبيق.
فى يوم الثلاثاء الموافق20/8/2000 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامى بصفته وكيلاً عن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل فى الحكم المشار إليه والقاضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
وطلب الطاعن ـ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وبوقف القرار السلبى بالامتناع عن الترخيص للمدعى بتعلية عقاره دورين وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن منح الطاعن ترخيصاً بتعلية البناء فى حدود الارتفاعات المقررة بالقانون رقم 101/1996.
وقد عين لنظر الطعن أمام الدائرة الخامسة فحص طعون بهذه المحكمة جلسة 10/4/2001 وما تلاها من جلسات، حيث قدم الحاضر عن الدولة مذكرة بالدفاع، وبجلسة 26/9/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة/موضوع) لنظره بجلسة 18/11/2001 وقد نظرت المحكمة الطعن بتلك الجلسة والجلسات التالية له، حيث قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة بالدفاع، وبجلسة 12/4/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/5/2003 وتم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد تم تقديمه خلال الميعاد المقرر قانونًا واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثَمَّ فهو مقبول شكلاً.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الحكم المطعون فيه والأوراق المرفقة به ـ فى أنه بتاريخ 24/9/1998 أقام الطاعن الدعوى رقم 10236/52ق. بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن الترخيص للمدعى بتعلية عقاره دورين (العاشر والحادى عشر) مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه بتاريخ 30/5/1996 إنه حصل على الترخيص رقم 50 لسنة 1995 من حى جنوب الجيزة لبناء بدروم (جراج) وأرضى وتسعة أدوار متكررة على الموقع 94 شارع البحر الأعظم وكان الارتفاع المسموح به هو مرة وربع من عرض الطريق، ولدى صدور القانون رقم 101 لسنة 1996 بتعديل الارتفاع المسموح به إلى مرة ونصف من عرض الطريق تقدم بطلب التعلية رقم 80/1996 لتعلية الدورين العاشر والحادى عشر، وبتاريخ 22/10/1996 ردت عليه الجهة الإدارية برفض طلب التعلية على سند أن العقار صادر له ترخيص بناء طبقاً للقانون رقم 25/1992 مرة وربع عرض الطريق وأنه لا تنطبق أحكام القانون رقم 101 لسنة 1996 على العقار بأثر رجعى طبقاً للتعليمات، وقد نعى المدعى على هذا القرار مخالفته للقانون نظرًا لتوافر شروط الترخيص بالتعلية فى جانبه كما أن الحظر المنصوص عليه بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3085/1996 لا يسرى فى شأنه حيث إن البناء لم يبدأ إلا بعد نفاذ القانون رقم 101/1996 …… وبجلسة 20/6/2000 صدر الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وقد شيَّدت المحكمة قضاءها على أساس أن القدر المتيقن منه أن المدعى علم بالقرار المطعون فيه بتاريخ 24/3/1997 ولم يُقِمْ دعواه إلاَّ بتاريخ 24/9/1998 مما تكون معه غير مرفوعة فى الميعاد القانونى …. وعليه خلص الحكم المطعون فيه إلى قضائه المتقدم.
من حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً:إن الحكم المطعون فيه خالف القانون لخطئه فى تكييف القرار الطعين إذ افترض الحكم أنه قرار إيجابى يتقيد الطعن فيه بميعاد الطعن بالإلغاء فى حين أنه قرار سلبى بالامتناع عن إصدار ترخيص بالتعلية لأن الإدارة ارتأت إيقاف طلب التعلية والإيقاف معناه الإرجاء وأن استمرار هذا الإرجاء يشكل قرارًا سلبيًا مخالفًا للقانون يجوز الطعن فيه فى أى وقت مادام الامتناع قائمًا.
ثانياً: إن جهة الإدارة أشرت على طلب الترخيص بالتعلية “يقبل التعديل وتوقف إجراءات التعلية حالياً” مما يدل على إمكانية صدور الترخيص بالتعلية، ولما استطالت مدة الإيقاف قام الطاعن بإنذار الإدارة ثم رفع دعوى الطعن خلال الميعاد.
ثالثا: إن القرار المطعون فيه غير مشروع لأنه لم يبدأ فى أعمال البناء للعقار إلاَّ بعد العمل بالقانون رقم 101/1996 وبالتالى لا ينطبق عليه قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3085/1996 كما أن هذا القرار تم إلغاؤه بالقرار رقم925/2000 ……. وعليه خلص الطعن إلى التماس الحكم بما سلف من طلبات.
ومن حيث إن الدستور المصرى قد نص فى المادة (172) منه على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة وتختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
وقد صدر قانون مجلس الدولة رقم47/1972 ونص فى المادة (10) على أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية: ………………………………………
رابع عشر: سائر المنازعات الإدارية ويعتبر فى حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح.
ومن حيث إن المستقر فى قضاء هذه المحكمة أن القرار الإدارى السلبى يتحقق عندما ترفض الجهة الإدارية أو تمتنع عن اتخاذ إجراء كان من الواجب عليها اتخاذه بحكم القانون ويعتبر هذا المسلك السلبى من الجهة الإدارية حالة مستمرة ومتجددة ويمتد الطعن عليه ما بقيت الإدارة على موقفها ( الطعن رقم 3688/36ق. جلسة 24/11/1992، الطعن رقم 789/36ق. جلسة 27/4/1993). وأخذًا بهذا الفكر القانونى ذهبت المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 6/9/2001 فى الطعن رقم 2876/44ق. إلا أن المشرع اعتبر فى حكم القرارات الإدارية المسلك السلبى للجهة الإدارية بالرفض أو الامتناع عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح وعلى ذلك فإن مناط قيام القرار السلبى الجائز الطعن فيه أن تكون هناك قاعدة قانونية عامة تقرر حقاً أو مركزاً قانونياً لاكتساب هذا الحق بحيث يكون تدخل الإدارة لتقريره أمراً واجباً عليها متى طلب منها ذلك ويتمثل ذلك المسلك السلبى إما برفض الجهة الإدارية صراحة أو ضمناً أو بالامتناع عن اتخاذ الإجراء أو القرار الملزمة بإصداره ويتفرع عن ذلك أنه إذا لم يكن ثمة التزام على الجهة الإدارية بأن تتخذ موقفًا إيجابياً ولم تقم باتخاذه فإن رفضها أو سكوتها لا يشكل حينئذ الامتناع المقصود من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة وبالتالى لا يوجد فى هذه الحالة قرار إدارى سلبى مما يجوز الطعن فيه أمام محاكم مجلس الدولة.
ومن حيث إنه فى هذا الخصوص تضيف هذه المحكمة أنه يتعين التفرقة بين القرار الإدارى السلبى والقرار الضمنى، فالقرار السلبى هو تعبير عن موقف سلبى ترفض أو تمتنع به عن اتخاذ موقف معين فى موضوع يلزمها القانون باتخاذ موقف بشأنه وذلك وفقًا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة المشار إليه، فى حين أن القرار الضمنى هو ذلك الموقف الذى تكشف ظروف الحال دون إفصاح ـ عن أن الإدارة تتخذه حيال أمر معين، ولاشك يظهر القرار الضمنى فى أجلى صوره فى حالة التظلم الوجوبى أو التقدم بطلب إلى جهة الإدارة فتحجم عن الإجابة عليه فى حين اعتبر المشرع ـ بنص خاص ـ السكوت رفضًا أو موافقة إذا مضت فترة معينة من الوقت، وبناءً على ما تقدم فإن القرار السلبى قد يكون صريحًا وقد يكون ضمنيًا وفى الحالتين يجوز الطعن فيه فى أى وقت ما دامت حالة الامتناع قائمة إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك كما هو الشأن فى حالة الرفض الضمنى للتظلم المستفادة من مضى ستين يوماً على تقديمه دون رد إذ أوجب القانون على المتظلم فى هذه الحالة اللجوء إلى المحكمة خلال الستين يوما التالية لقيام تلك القرينة.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن محل الدعوى التى صدر بشأنها الحكم المطعون فيه يتحدد فى طلب إلغاء قرار الهيئة الإدارية السلبى بالامتناع عن الترخيص للطاعن بتعلية العقار للدورين العاشر والحادى عشر مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن المادة (6) من القانون رقم 106/1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 101/1996 تنص على أنه “تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم الطلب وإذا ثبت للجهة المذكورة أن الأعمال المطلوب الترخيص بها مطابقة لأحكام القانون ولائحته التنفيذية قامت بإصدار الترخيص …….. إما إذا رأت تلك الجهة وجوب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو إدخال تعديلات أو تصحيحات فى الرسومات طبقًا لما يحدده القانون ولائحته التنفيذية أعلنت المالك أو من يمثله قانوناً بذلك ….. ويتم البت فى طلب الترخيص فى مدة لا تجاوز أربعة أسابيع من تاريخ استيفاء البيانات أو المستندات المطلوبة أو تقديم الرسومات المعدلة….”. وتنص المادة (7) من ذات القانون على أنه “يعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص انقضاء المدة المحددة للبت فيه دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات اللازمة أو إدخال تعديلات وتصحيحات على الرسومات ……. ولا يجوز الموافقة صراحة أو ضمناً على طلبات الترخيص فى التعلية ولو كانت قواعد الارتفاع تسمح بالتعلية المطلوبة إلا إذا كان الهيكل الإنشائى للمبنى وأساساته تسمح بأحمال الأعمال المطلوب الترخيص بها على النحو الذى يؤيده تقرير فنى من مهندس استشارى إنشائى مع الالتزام فى هذا الشأن بالرسومات الإنشائية السابق تقديمها مع الترخيص الأول”.
وتنص المادة (13) من القانون المشار إليه على أنه”….. ولا يجوز زيادة الارتفاع الكلى للبناء على مرة ونصف عرض الشارع بحد أقصى 36 متراً ولرئيس مجلس الوزراء فى حالة الضرورة القصوى تحقيقاً لغرض قومى أو مصلحة اقتصادية أو مراعاة لظروف العمران تقييد أو إعفاء مدينة أو منطقة أو جزء منها أو مبنى بذاته من الحد الأقصى للارتفاع”.
وتطبيقاً للنص الأخير صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3085/1996 بشأن حدود الترخيص فى تعلية المبانى وقيود الارتفاع بمدينة القاهرة الكبرى، ونص فى مادته الأولى على أن يحظر الموافقة على طلب الترخيص فى التعلية بمدينة القاهرة الكبرى صراحة أو ضمناً بالنسبة للمبانى التى بدئ فى إنشائها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 106/1976 المشار إليه إلاَّ فى الحدود التى كان مسموحاً بها قبل هذا التاريخ، وقد صدر هذا القرار فى 3/11/1996 وبتاريخ20/4/2000 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 925 لسنة 2000 متضمناً إلغاء القرار رقم 3085 لسنة 1996 اكتفاءً بما تضمنته اللائحة التنفيذية المعدلة للقانون رقم 106 لسنة 1976؛ حيث رددت تلك اللائحة فى المادة 11 مكرراً سادساً مضمون قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه.
ومن حيث إن البيّن من مطالعة أحكام كل من القانون رقم 106/1976 ولائحته التنفيذية وقرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه أنهما لم يتضمنا تعريفاً جامعاً مانعاً يحدد المقصود بعبارة “البدء “فى الإنشاء المشار إليها” الأمر الذى يتعين معه تحديد المقصود بتلك العبارة فى ضوء العلة التى تضمنتها أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء المذكور وذلك فى ضوء أحكام الترخيص بالتعلية الواردة فى المادة (7) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه، ولما كان الثابت من مطالعة ديباجة قرار رئيس الوزراء سالف الذكر أن العلة من إصداره هى المحافظة على أرواح الناس وسلامتهم وأمنهم، ولمواجهة ظاهرة انهيار المبانى وكثرة الضحايا فى مدينة القاهرة الكبرى وعلاقة التعلية والارتفاعات بهذه الظاهرة ولمواجهة هذا الخطر فقد تحوّط المشرع فى الموافقة على تعلية المبانى عمومًا، فقرر فى المادة (7) من القانون سالف الذكر عدم الموافقة على تراخيص التعلية صراحة أو ضمناً حتى ولو كانت قواعد الارتفاع تسمح بالتعلية إلاَّ إذا كان الهيكل الإنشائى للمبنى وأساساته تسمح بأحمال الأعمال المطلوب الترخيص بها وذلك على النحو الذى يؤيده تقرير فنى من مهندس استشارى إنشائى، وأخذًا فى الاعتبار أن تنفيذ الهيكل الإنشائى للمبنى يكون لاحقًا على إتمام تنفيذ أساساته وعليه يمكن القول بأن المبانى التى لم يتم تنفيذ أساساتها لا تعد من قبيل المبانى التى بدئ فى إنشائها باعتبار أن تلك المبانى ما زالت فى المرحلة التمهيدية التى تسمح بتنفيذ الأساسات المطلوبة ومن ثَمَّ الهيكل الإنشائى بالصورة التى تجعله من الناحية الفنية والهندسية قادرا على تحمل أحمال الارتفاع المطلوب، وهذا الاستخلاص هو الذى يتفق مع العلة من إصدار قرار رئيس مجلس الوزراء سالفة الذكر إذ إنه يمكن تجنب انهيار المبانى بسبب أعمال التعلية إذا تم تنفيذ الأساسات ثم بالتعلية الواردة بالمادة (7) سالفة الذكر وبين الحظر الوارد بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3085/96 واللائحة التنفيذية بعدم السماح بتعلية المبانى فى مدينة القاهرة الكبرى التى أقيمت فعلاً أو بدئ فى إنشائها قبل العمل بالقانون رقم 101/1996 بما يسمح بتطبيق أحكامهما معًا وعدم إهدار أيهما.
ومن حيث إنه بالتطبيق لما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن بصفته مأمور اتحاد ملاك برج النيل قد حصل بتاريخ 30/5/1996 على الترخيص رقم 50 لسنة 1995 ببناء بدروم (جراج) وأرضى وتسعة أدوار متكررة بالعقار ملك الاتحاد والكائن 94 شارع البحر الأعظم جيزة وأنه بتاريخ 22/10/1996 تقدم بطلب التعديل رقم 80/1996 ضمنه تعلية العقار الدورين العاشر والحادى عشر فوق الأرضى، وبتاريخ 22/10/1996 تأشر على الطلب بوقف إجراءات الترخيص بالتعلية حالياً وذلك على سند أن العقار صادر له ترخيص بناء طبقاً للقانون رقم 25 لسنة 1992 مرة وربع عرض الشارع ولا يطبق القانون رقم 101 لسنة 1996 على العقار بأثر رجعى، ولاشك أن هذا المسلك من جانب الجهة الإدارية لا ينم عن قبول طلب الترخيص بالتعلية المذكور أو رفضه، ولما كان الثابت أن الطاعن لم يشرع فى تنفيذ الأعمال محل الترخيص رقم 50 لسنة 1995 قبل 1/7/1996 باعتبار أنه استلم هذا الترخيص فى30/5/1996، كما استلم الترخيص رقم 80 لسنة 96 لتعديل الترخيص السابق بالنسبة للبدروم والدور الأرضى محلات بتاريخ 24/3/1997 ولم تدحض جهة الإدارة ذلك سواء أمام الإدارة العامة للشئون القانونية وهى بصدد بحث التظلم المقدم من ملاك العقار فى هذا الخصوص حسبما ورد بكتابها رقم 184 المؤرخ 15/5/1997 أو أمام هذه المحكمة التى أعادت الطعن للمرافعة وكلفت الجهة الإدارية بذلك وتكرر التأجيل لذات السبب دون جدوى ـ ومؤدى ذلك ولازمه ـ أن أساسات العقار محل التداعى لم يتم تنفيذها قبل العمل بأحكام القانون رقم 101/1996 الحاصل فى 1/7/1996 ويمكن بالتالى تنفيذها بحيث تسمح بتحمل أحمال أعمال التعلية المطلوبة فنياً وهندسياً وذلك على النحو الذى يؤيده تقرير فنى من مهندس استشارى، وفى ضوء ذلك لا يمكن اعتبار العقار محل التداعى من العقارات التى بدئ فى إنشائها قبل العمل بالقانون رقم 101/1996الأمر الذى يخرجه من نطاق الحظر الوارد بقرار رئيس مجلس الوزراء واللائحة التنفيذية المشار إليهما، ويحق له بالتالى الإفادة من الارتفاع المقرر فى الفقرة الأخيرة من المادة 13 سالفة الذكر وهو مرة ونصف عرض الشارع بحد أقصى (36) مترًا وبمراعاة القواعد والإجراءات المقررة بالمادة (7) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه خاصة وأنه قد تبين للمحكمة من مطالعة الترخيص رقم 50 لسنة 1995 وتعديله بالترخيص رقم 80 لسنة 1996 أن التقرير الفنى عن أبحـاث التربــة والأساسات المقدم ابتداءً ضمن مستندات الترخيص رقم 50 لسنة 95 قد تم إعداده على أساس أن تتحمل الأساسات لعدد 12دورًا، ولا يغير من ذلك القول بأن تقرير المهندس الاستشـــارى المؤرخ 10/8/1996الـــذى تضمن أن الهيكل الإنشائى للمبنى وأساســــاته تسمح بأحمــال التعليـــة المطلــــوب الترخيص بها يعنى أن العقار مثار النزاع قد بدئ فى إنشائه فعلاً قبل 1/7/1996 وعليه لا يستفيد من الحد الأقصى للارتفاع الوارد بالقانون رقم 101/96 ـ لأن هذا القول فضلاً عن أنه يقوم على الاستنتاج والتخمين وبالتالى لا يصلح مسوغاً لحرمان الطاعن من ميزة قررها له القانون فإن ظروف الواقعة وملابساتها تقطع بأن شهادة الصلاحية لمقاومة الكوارث الطبيعية المعدة بمعرفة المهندس الاستشارى فى 10/8/1996 فإنه استقاها من واقع الرسومات الهندسية وتقرير أبحاث التربة المرفقين بها وبالتالى فإن ما ورد بتلك الشهادة لا ينهض بحال من الأحوال دليلاً على البدء فى الإنشاء بالمفهوم الذى عنته المحكمة حسبما سلف بيانه بحيث يمنع من الاستفادة بالحد الأقصى للارتفاع الوارد بالقانون رقم 101/1996.
ومن حيث إنه لما كانت سلطة جهة الإدارة فى الترخيص بالتعلية هى سلطة مقيدة إذا توافرت فى طلب الترخيص الشروط المتطلبة قانوناً حسبما سلف بيانه وعلى هذا المقتضى فإن مسلك جهة الإدارة فى هذا الشأن إنما يشكل قراراً سلبياً يتصف بالاستمرار مما يجوز الطعن فيه فى أى وقت مادامت حالة الامتناع قائمة.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم جميعه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر مخالفاً لأحكام القانون جديراً بالإلغاء والقضاء مجدداً بقبول الدعوى رقم 10236/52ق. شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن الترخيص للطاعن بتعلية الدورين العاشر والحادى عشر فوق الأرضى مع إلزام جهة الإدارة المصروفات تطبيقاً لحكم المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بقبول الدعوى رقم10236/52ق. شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن الترخيص للطاعن بتعلية الدورين العاشر والحادى عشر فوق الأرضى، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.