جلسة 6 من يوليو سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى عبد المجيد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، وعطية عماد الدين نجم، و أحمد محمد حامد، ود. محمد كمال الدين منير
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين عبد الحميد حسين ريش
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد سيف محمد حسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 10149 لسنة 46 قضائية عليا
ـ أعضاء هيئة التدريس ـ تأديبهم ـ الأستاذ المتفرغ.
الأستاذ المتفرغ بالجامعة تربطه بها علاقة وظيفية تنظيمية يخضع فيها لجميع أحكام قانون تنظيم الجامعات فى غير ما يخص وظيفة الأستاذ المتفرغ من أحكام فى هذا القانون تتعلق من جهة بعدم جواز تقلده لبعض المراكز الإدارية ومن جهة ثانية بحساب المكافأة التى تصرف له وذلك على اعتبار أن عمل الأستاذ المتفرغ بالكلية بمثابة امتداد لوضعه الوظيفى السابق كعضو هيئة التدريس دون النظر إلى أنه أصبح أستاذاً متفرغاً إذ إنها محض تسمية يجرى بها التعبير مجرى الغالب، وعلى ذلك فإنه فى غير ما يخصه من أحكام يبقى الأستاذ المتفرغ شأنه شأن الأستاذ العادى من حيث طبيعة الوظيفة العامة التى يتقلدها، ومن حيث الخضوع لما تفرضه عليه أحكام القانون واللوائح والأعراف الجامعية من واجبات طوال مدة شغله وظيفة الأستاذ المتفرغ، ومن ثَمَّ يخضع بالتالى لأحكام المسئولية التأديبية والمحاكمة التأديبية التى كان يخضع لها قبل أن يصبح أستاذًا متفرغًا ـ تطبيق.
بتاريخ 9/8/2000 أودع وكيل الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه فى القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة الزقازيق والقاضى فى منطوقه :
أولاً: رفض الدفع بعدم اختصاص المجلس بنظر الدعوى واختصاصه.
ثانياً: رفض الدفع ببطلان التحقيقات ورفض الدفع بسقوط الدعوى التأديبية بمضى المدة.
ثالثاً: بمجازاة …………. (الطاعنة) بعقوبة اللوم وذلك عن المخالفات التى نسبت إليها.
وطلبت الطاعنة ـ للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم لها بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن والقضاء مجدداً:
1ـ أصلياً : بعدم اختصاص المجلس بنظر الدعوى.
2 ـ احتياطياً : أـ ببطلان التحقيقات. ب ـ بسقوط الدعوى التأديبية.
3 ـ ومن باب الاحتياط الكلى : ببراءتها مما هو منسوب إليها.
وقد تم إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وذلك على النحو الوارد بالأسباب.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الخامسة) وبجلسة 12/3/2002م.
قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة / موضوع) وحددت لنظره جلسة 26/5/2002، وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة والجلسات التالية لها وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات؛ حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثَمَّ يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 19/10/1999 أصدر رئيس جامعة الزقازيق قراره رقم 1253 لسنة 1999 بإحالة الطاعنة والأستاذ المتفرغ بكلية التربية الرياضية للبنات إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لأنها بوصفها السالف أخلت بواجباتها الوظيفية وخرجت على مقتضيات عملها ولم تحافظ على القيم والمبادئ والتقاليد الجامعية بأن :-
1ـ دفعت إلى صحيفة الأهرام إقراراً موقعاً من أ.د/ ………………………………… ـ وكيل كلية التربية الرياضية بنات بتاريخ 4/5/1989 أكرهتها فيه على الاعتراف بأنها ارتكبت خطأ وأنها قامت بالاطلاع على امتحان ثانية ماجستير عام 1989 ونقلت إجاباته، إثر حادثة اختلقتها.
2ـ احتفظت بهذا الإقرار فترة جاوزت العشر سنوات وكانت وراء نشره فى الصحافة للحيلولة دون حصول أ.د/ …………………… ـ على عمادة كلية التربية الرياضية للبنات.
3ـ هددت ـ عندما كانت العميدة ـ معقباً من أعضاء هيئة التدريس بكلية التربية الرياضية للبنات، وأرغمت بعضهن على كتابة استقالاتهن من عملهن بالكلية عقب أحداث وواقعات تفتعلها، وتحتفظ بهذه الإشكالات لابتزازهن والسيطرة عليهن وذلك على النحو الآتى تفصيلاً بملف الدعوى التأديبية رقم 58 لسنة 1999.
وتدوولت الدعوى التأديبية أمام مجلس التأديب على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 19/7/2000 أصدر المجلس قراره المطعون فيه، وشيَّد المجلس قراره على أن الدفع بعدم اختصاص المجلس بمحاكمة المحالة تأديبياً بوصفها أستاذاً متفرغاً جاء على غير سند صحيح من القانون كما أن الدفع ببطلان التحقيق الذى أجرى معها تأسيساً على أن الذى باشره أستاذ متفرغ، فإن هذا الدفع مردود عليه بأن المادة (105) من قانون تنظيم الجامعات جاءت عامة مطلقة بخصوص الأستاذ الذى يتولى التحقيق واشترطت أن يكون من درجة المحقق معه وهو ما تحقق فى شأن التحقيق الذى أجرى مع المحالة مما يتعين معه رفض هذا الدفع وبالنسبة للدفع بسقوط الدعوى التأديبية مردود عليه بأن ما نسب إلى المحالة ليس إكراه الدكتورة ………………. على التوقيع على الإقرار وإنما نشر هذا الإقرار بجريدة الأهرام وبذات التحقيقات والمحاكمة عقب نشر هذا الإقرار ومن ثَمَّ لم تكتمل مدة سقوط المخالفة فى بيان الأسباب التى بنى عليها المجلس قراره بتوقيع عقوبة اللوم على الطاعن، بين المجلس أن المخالفات التى نسبت للمحالة ثابتة فى حقها مما هو ثابت بالمستندات والأوراق المشار إليها بالحكم ومن إجماع شهود الواقعة الذين سئلوا بالتحقيقات الإدارية أو أمام مجلس التأديب أنه أياً ما كان الأمر بخصوص ما نسب إلى الدكتورة/ …………………….. فإن هذا الذى حدث منها بخصوص نقل إجابات امتحانات الماجستير وأن المحالة تسترت عليها ورغم أنها تشكل جريمة ثم استكتبتها إقراراً اتخذت منه سلاحاً مشهراً فى وجهها ثم ادخرت هذا السلاح لاستخدامه ضدها عندما تبدى لها لاستخدامه فى صالحها الشخصى وليس للصالح العام منذ كان يتعين على المحالة اتخاذ الإجراءات التى يحددها قانون الجامعة ولائحته بالحالة المذكورة إلى التحقيق فى حينه وذلك بوصفها عميدة للكلية ومنوطاً بها تقويم عضوات هيئة التدريس اللاتى يعملن تحت رئاستها وعليه خلص المجلس إلى إصدار القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة القرار المطعون فيه للقانون والخطأ فى الاستدلال للأسباب الآتية:
1ـ عدم اختصاص مجلس التأديب بنظر الدعوى التأديبية استناداً إلى عدم خضوع الأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين لقواعد التأديب المنصوص عليها فى المواد 105 حتى 112 من قانون تنظيم الجامعات التى تسرى على أعضاء هيئة التدريس فقط المنصوص عليهم فى المادة (64) من القانون سالف الذكر.
2ـ بطلان التحقيقات التى أجريت مع الطاعنة حيث إن التحقيق معها أجرى بواسطة أستاذ متفرغ، ومن ناحية أخرى فلكونها أستاذاً متفرغاً فيجب ألاَّ يتم التحقيق معها طبقاً للمادة (105) من قانون تنظيم الجامعات وإنما وفقا للقواعد التى تسرى على العاملين المدنيين بالدولة، وأخيراً لأن الاستماع إلى أقوالها فى التحقيق الإدارى تم بصفتها شاهدة الأمر الذى يترتب عليه البطلان لعدم تمكينها من الدفاع عن نفسها.
3ـ سقوط الدعوى التأديبية بمضى المدة.
4ـ الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، وخلصت الطاعنة إلى طلب الحكم بطلباتها سالفة البيان.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بمحاكمة الطاعنة استناداً إلى كونها أستاذا متفرغاً، فذلك مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة وإفتاء الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع من أن الأستاذ المتفرغ بالجامعة تربطه بها علاقة وظيفية تنظيمية يخضع فيها لجميع أحكام قانون تنظيم الجامعات فى غير ما يخص وظيفة الأستاذ المتفرغ من أحكام فى هذا القانون تتعلق من جهة بعدم جواز تقلده لبعض المراكز الإدارية ومن جهة ثانية بحساب المكافأة التى تصرف له، وذلك على اعتبار أن عمل الأستاذ المتفرغ بالكلية بمثابة امتداد لوضعه الوظيفى السابق كعضو هيئة التدريس دون النظر إلى أنه أصبح أستاذاً متفرغاً إذ إنها محض تسمية يجرى بها التعبير مجرى الغالب وعلى ذلك فإنه فى غير ما يخصه من أحكام يبقى الأستاذ المتفرغ شأنه شأن الأستاذ العادى من حيث طبيعة الوظيفة العامة التى يتقلدها. ومن حيث الخضوع لما تفرضه عليه أحكام القانون واللوائح والأعراف الجامعية من واجبات ـ طوال مدة شغله وظيفة الأستاذ المتفرغ، ومن ثَمَّ يخضع بالتالى لأحكام المسئولية التأديبية والمحاكمة التأديبية التى كان يخضع لها قبل أن يصبح أستاذًا متفرغاً.
(فى هذا الاتجاه الطعن رقم 10150 لسنة 46ق. عليا جلسة 31/5/2003، والطعن رقم 2653 لسنة 31ق جلسة 23/9/1989، والطعن رقم 1510/35ق. جلسة 17/2/1990، وفتوى رقم 335 بتاريخ 2/5/1995 ملف رقم 86/6/484، ورقم 925 بتاريخ 13/11/1996 ملف رقم 86/2/264، ورقم 928 بتاريخ 3/9/1997 ملف رقم 86/4/1343) .
وهدياً على ما تقدم يكون مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس هو الجهة ذات الولاية فى محاكمة الأساتذة المتفرغين تأديبيًا عَمَّ ينسب إليهم من إخلال بواجبات الوظيفة، وهم فى ذلك يستصحبون وضعهم الوظيفى السابق بما فى ذلك النظام التأديبى ما دام المشرع لم يضع لهم أحكاماً فى هذا الخصوص على غرار ما فعل بالنسبة لحظر تقلدهم لبعض المراكز الإدارية وحساب المكافأة التى يتقاضونها طوال مدة شغلهم لوظيفة أستاذ متفرغ، وبالبناء على ما تقدم يكون الدفع بعدم اختصاص مجلس التأديب غير قائم على سند صحيح من القانون مما يتعين الالتفات عنه وعدم الاعتداد به.
ومن حيث إنه من حيث الموضوع فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه من مقتضى الأساس الدستورى لقاعدة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته أنه يلزم حتماً إجراء تحقيق قانونى صحيح سواء من حيث الإجراءات أو المحل أو الغاية لكى يمكن أن يستند على نتيجة قرار الاتهام شاملاً الأركان السابقة، وأن تلك القاعدة العامة التى يستند إليها تدعمه للجزاء هى الواجبة الاتباع سواء تم توقيع الجزاء إدارياً من السلطة التأديبية الرئاسية بواسطة الرئيس الإدارى أو تم توقيعه بواسطة مجلس التأديب المختص أو تم توقيعه قضائياً بحكم من المحكمة التأديبية لأن التحقيق هو وسيلة استبانة الحقيقة ووجه الحق فيما نسب إلى العامل من اتهام وبغير أن يكون تحت يد الجهة التى تملك توقيع الجزاء التأديبى تحقيق مستكمل الأركان
لا يكون فى مكنتها الفصل على وجه شرعى وقانونى فى الاتهام المنسوب للعامل سواء بالبراءة أو الإدانة وعليه فإن أى قرار أو حكم بالجزاء يصدر غير مستند إلى تحقيق أو استجواب سابق أو يصدر استناداً إلى تحقيق ناقص أو غير مستكمل الأركان يكون قراراً أو حكماً غير مشروع إذ إن التحقيق لا يكون مستكمل الأركان إلا إذا تناول الواقعة محل الاتهام بالفحص أو التمحيص ولابد من تحديد عناصرها بوضوح ويقين من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت، فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة وجوداً أو عدماً وأدلة وقوعها أو نسبتها إلى المتهم كان تحقيقا معيباً، وكذلك يلزم لصحة التحقيق مواجهة العامل بالمخالفة المنسوبة إليه على وجه يستشعر معه العامل أن الإدارة فى سبيل مؤاخذته إذا ما ترجحت له بها أدلة إدانته.
(فى هذا الاتجاه الطعن رقم 1636/34ق. بجلسة 17/6/1989، والطعن رقم 8837/45ق. بجلسة 18/1/2003).
وأخذاً بهذا الفكر القانونى وإعمالاً له ذهبت هذه المحكمة الى أنه من المقرر أن التحقيق بمعناه الاصطلاحى الفنى يفترض أن يكون ثمة استجواب وأسئلة محددة موجهة إلى العامل بنسبة اتهام محدد فى عبارات صريحة وبطريقة تمكنه من إبداء دفاعه والرد على ما وجه إليه من اتهامات ويكون من شأنها إحاطته علماً بكل جوانب المخالفة المنسوبة إليه، ومن ثَمَّ لا يكون التحقيق مكتمل الأركان من حيث محله أو غايته إلا إذا تناول الواقعة محل الاتهام بالتشخيص ولابد أن يحدد عناصرها بوضوح ويقين من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت فإذا قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة وجوداً وعدماً أو نسبتها إلى المتهم كان تحقيقاً معيباً ويكون قرار الجزاء المستند إليه معيباً وكذلك إذا شاب التحقيق الذى ينبنى عليه قرار الجزاء الصادر من مجلس التأديب القصور الشديد عن الإحاطة بجوانب الواقعة محل الاتهام وتحديد أدلة وقوعها ونسبتها إلى المتهم على نحو يقينى ومن ثَمَّ فإنه يكون وقعاً معيباً على نحو يرتب بطلان الجزاء الذى يبنى على هذا التحقيق الباطل، وإن إلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه لإثباته على تحقيق معيب أو لأنه صدر دون تثبيت لا يحول دون جهة الإدارة واتخاذ ما تراه فى شأن متابعة المسئولية للطاعن فيما نسب إليه من اتهام.
(فى هذا الاتجاه الطعن رقم 3726/47ق. جلسة 17/3/2002) ومن ناحية أخرى فقد أكدت المحكمة الإدارية العليا على مبدأ وجوب تطبيق القواعد والضمانات التى يجب توافرها فى شأن صلاحية القاضى على المحقق لأن الجزاء فى المجال العقابى أو التأديبى إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقلاله ونزاهته (الطعن رقم 4116/35 ق. جلسة 27/8/1994) وهدياً على ذلك قضى بأن التحقيق بصفة عامة يعنى الفحص والبحث والتفحص الموضوعى المحايد والتنزيه لاستجلاء الحقيقة فيما يتعلق بصحة وقائع محددة ونسبتها إلى أشخاص محددين وذلك لوجه الحق والصدق والعدالة، ولا يتأتى ذلك إلاَّ إذا تجرد المحقق من رأيه وميوله الشخصية إزاء من يجرى التحقيق معهم سواء كانت هذه الميول لجانبهم أو فى مواجهتهم ولا ينبغى أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها فى المحقق عن القدر المتطلب فى القاضى ومرد ذلك أن الحكم فى المجال العقابى جنائياً كان أو تأديبياً إنما يستند إلى أمانة المحقق واستقلاله ونزاهته وحيدته، كما يستند إلى أمانة القاضى ونزاهته وحيدته سواء. وعليه يجب تطبيق القواعد والضمانات الواجب توافرها فى شأن صلاحية القاضى على المحقق (الطعن رقم 285/33ق. جلسة 13/5/1989) وفى تطبيق هام لمبدأ حيدة المحقق بينت المحكمة الإدارية العليا مسلك المحقق فى تحقيق إحدى الوقائع من ناحية إغفاله ذكر تاريخ التحقيق مع المخالف ثم إلحاق أقوال مضافة للشاكى لم تحدث إلا فى تاريخ لاحق على بدء التحقيق على أنها حدثت فى ذات يوم التحقيق مع المخالف، وذهبت المحكمة إلى أنه، بغض النظر عما يشى به مسلك الإدارة القانونية فيما تقدم، وما يشى به مسلكها فى التحقيق فى وقائع لم ترد فى الشكوى المحالة إليها لتحقيقها، وإفساحها المجال لتلقى شكايات من النائب الإدارى للمستشفى ضد الطاعن، وقيامها بالتحقيق فيها بغير أنه من السلطة المختصة بالإحالة إلى التحقيق، مما يكشف يقيناً عن عدم حيدتها وفساد تحقيقها وبطلانه، ومن ناحية أخرى فإنه بفرض سلامة التحقيق فإن ما نسب إلى الطاعن لا يكشف عن تحريض للعاملين بالمستشفى على عدم التعاون مع إدارة المستشفى أو رئاستها بقدر ما يكشف عن عدم الرضا عن أسلوب إدارتها …. ومن حيث انه لما تقدم فإن الواقعة المنسوبة للطاعن التى استند إليها لمجازاته …. تغدو منزوعة من أوراق تحقيق غير سليم، بما من شأنه أن يصم القرار بالبطلان لمخالفة القانون (الطعن رقم 2215 لسنة 36ق. جلسة 11/2/1995) كما قضت المحكمة الإدارية العليا بتخلف ضمانة الحيدة فى التحقيق الذى قام به مقدم الشكوى مع المشكو فى حقه الأمر الذى يبطل التحقيق والقرار الذى قام عليه ولا ينال من ذلك استكمال التحقيق بعد ذلك بمعرفة موظف آخر ذلك إن هذا التحقيق اعتمد فى إتمامه على تحقيق مقدم الشكوى الباطل الذى كان حريصاً على إعداد دليل مسبق بأخذ إقرارات من العاملين يقرون فيها بصحة الواقعة وأثبت ذلك فى طلب التحقيق الذى بدأه ومن شأن ذلك أن يثير الشكوك فى صحة ما انتهى إليه هذا التحقيق (الطعن رقم 1341 لسنة 31 ق جلسة 16/12/1986).
وحيث إنه بتطبيق ما تقدم من مبادئ وضوابط على وقائع الطعن الماثل يبين من الأوراق أن أ.د/ رئيس جامعة الزقازيق قد أحال للتحقيق بتاريخ 17/5/1999 الفاكس الوارد له من أ.د/ وزير التعليم العالى والبحث العلمى الذى طوى على طلب من أ.د/ ………………… مفاده أنها تتقدم إلى أ.د/ …………………. (الطاعنة) باعتذارها عما بدر منها ولقد دفعها الشيطان الى ارتكاب هذا الخطأ وقامت بالاطلاع على امتحان ثانية ماجستير 1989 ونقلت إجاباته دون وعى وأنها تتعهد للمذكورة أن هذه أول وآخر مرة تقوم بهذا العمل وأنها نقلت من ذلك الكثير وأنه إذا تسربت أى أسئلة أو إجابات تحولها لمجلس التأديب، وقد أرفق بذلك الفاكس قصاصة ورق من صحيفة الأهرام تحت عنوان (مصيبة) وقد طويت هذه القصاصة على خبر صحفى عن واقعة سرقة أسئلة امتحان وإجابات فى كلية التربية الرياضية بإحدى الجامعات الإقليمية الكبرى وأن القصة بأكملها أمام وزير التعليم العالى ورئيس الجامعة المعنية وقد قام المحقق فى أول جلسة من جلسات التحقيق المنعقدة بتاريخ 22/5/1999 بسؤال الدكتورة/ ……………….. عن الوقائع المشار إليها، وبجلسة التحقيق الثانية يوم 23/5/1999 قام المحقق بسؤال الطاعنة عن رأيها فى الواقعة التى حدثت فى يوم 19/5/1989 وعن واقعة النشر فى الأهرام، مما كان منها إلى أن قامت بالاستفسار من المحقق عن الصفة التى استدعيت بها للإدلاء بأقوالها فى التحقيق فأجابها المحقق بأن ذلك يتم بصفتها شاهدة على الواقعتين السابقتين، وقد انهى المحقق سؤال الطاعنة وبجلسة التحقيق المذكورة دون أن يوجه لها أى اتهام أو مخالفة ولم تخرج أسئلته عن إطار الاستفسار منها عن معلوماتها عما سبق، ثم استكمل المحقق جلسات التحقيق للاستماع الى أقوال عدد من أعضاء هيئة التدريس بالكلية وغيرهم أشارت إليهم د./ …………………………. ذلك فى جلسات التحقيق فى 24/5، 9/6، 15/6، 17/6، 19، 22/6، 4/7، 6/7/1999م حيث أثاروا العديد من المخالفات التى نسبوها للطاعنة والبادى من مطالعة مسلك ذلك التحقيق أن المحقق لم يول عناية للكشف عن عناصر المخالفة الأولى التى نسبتها الجامعة للطاعنة فى قرار الإحالة وقوامها أنها دفعت إلى صحيفة الأهرام الإقرار الموقع م د/ …………………….. المشار إليه وهى الواقعة التى كانت سبباً فى فتح التحقيق فى الواقعة وسماع أقوال د/ …………………….. والطاعنة وغيرهم، فلم يحرص المحقق على استظهار صلة الطاعنة بواقعة النشر، ولم يعرض لبحث من كان وراء ذلك النشر، وإنما بنى نسبة تلك المخالفة للطاعنة على استنتاج ظنى ودليل ظرفى من كونها الوحيدة التى احتفظت بأصل الإقرار المنشور مضمونه بالصحيفة المذكورة، ومن ناحية أخرى انصرف التحقيق إلى تمحيص ما ورد فى جانب من أقوال د/ …………………….. وغيرها ممن استشهدت بهم على مخالفات أخرى نسبوها للطاعنة، وانشغل المحقق بالبحث فيها منقاداً فى ذلك وراء ما صوره عنها المذكورون فانقطع به السبيل عن المخالفة الأصلية موضوع التحقيق ولذلك جاءت الأسئلة والإجابات منبتة الصلة بمسألة النشر كلية، وقد نجم عن انشغال المحقق بما سبق إلى عدم التدقيق فى الشهادة التى أدلت بها كل من فكرية عبد العظيم على دسوقى العاملة بالكلية والتى عاصرت الواقعة المنشور عنها ـ كذلك فى أقوال الشاهدة/ ……………………..، فلم يتم تفنيدها وتمحيصها بالعناية الواجبة مما جعل الادعاء بأن الحادثة المنسوبة للدكتورة/ …………………….. مختلقة ومستخلصة من غير أصول تنتجها, هذا ولم يكتف المحقق بما سبق بل إنه سلك مسلكاً متبايناً يحمل التناقض غير المبرر فى مذكرة ذلك التحقيق حينما فحص مسألة سقوط المخالفة التأديبية بالنسبة للدكتورة/ …………………….. عن الواقعة محل الإقرار المنوه عنه، وهو الأمر الذى كان يتعين معه وقد أضحت مسألة السقوط مثارة أمامه وقائمة فى ذهنه وسطرها قلمه أن يستكشف كذلك مدى سقوط المخالفة الثالثة التى نسبها للطاعنة والمتمثلة فى إرغامها بعض عضوات هيئة التدريس بالكلية على كتابة استقالاتهن من عملهن بالكلية فى ضوء أن الثابت من تلك الاستقالات أنها قدمت فى غضون عام 1991م واستقالة مقدمة من …………………. فى 16/7/1991، واستقالة مقدمة من …………………. فى 3/11/1991 واستقالة مقدمة من …………………… فى 30/7/1991 أى أن هذه الوقائع جميعها مضى على حدوثها أكثر من ثمانى سنوات من تاريخ التحقيق ، ومع ذلك انصرف اهتمام المحقق وتوجه ذهنه وتفكيره إلى بحث سقوط المخالفة التأديبية للدكتورة / ………………….. دون أن يعير أدنى اهتمام لبحث سقوط المخالفة التأديبية الثالثة بالنسبة للطاعنة، وكذلك الحال أيضاً بالنسبة للمخالفة الثانية المنسوبة للطاعنة والمتمثلة بحسب وصفها الصحيح فى عدم قيام الطاعنة بالإبلاغ عن تلك الواقعة المنسوبة للدكتورة/ ………………….. منذ حدوثها فى عام 1989 والاكتفاء بقولها أنها أطلعت رئيس الجامعة على الواقعة فى حينه دون أى بحث أو تمحيص لتأكيد أو نفى صحة ذلك القول ومدى أثره على وجود ذلك الاتهام من عدمه.
ومن حيث إن عدم تساوى كفتى ميزان العدالة فى يد المحقق وعدم تناوله المسألة القانونية الواحدة المثارة بالنسبة لأطراف التحقيق بنفس الاهتمام يكشف عن عدم اتسام ذلك التحقيق بالحيدة الواجبة وهو ما ترك أثره فى أمرين غير عاديين.
أولهما: أن المحقق لم ينته فى مذكرة التحقيق إلى بيان المخالفات المنسوبة للطاعنة على وجه التحديد، وإنما خلص إلى الاقتراح بإحالتها إلى مجلس التأديب بصفة عاجلة ليتخذ شئونه فى الوقائع المستجدة مناط التحقيقات، وهى عبارة تكشف عن أن المحقق يرى إحالة الطاعنة لمجلس التأديب عن الوقائع التى استجدت أثناء التحقيق وسلف بيانها فقط دون الواقعة المحالة إليه أصلاً للتحقيق فيها والمتعلقة بواقعة النشر.
وثانيهما: أن المحقق بمسلكه المتقدم ترك للسلطة المختصة بالإحالة مهمة استخلاص المخالفات التى نسبتها للطاعنة على النحو الوارد بقرار الإحالة رقم 1253 لسنة 1999 وهو أمر غير مناط بتلك السلطة ويكشف عن أن التحقيق الذى أجرى على النحو السالف قد افتقد مقوماته القانونية لعدم تحديد عناصر الاتهام بوضوح ويقين من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت بالنسبة لكل مخالفة وتحديد مدى سقوطها من عدمه.
ومن حيث إنه لما تقدم، فإن المخالفات المنسوبة للطاعنة تعدو منزوعة من أوراق تحقيق غير سليم وباطل قانوناً بما من شأنه أن يصم كلاً من قرار الإحالة وكذا قرار مجلس التأديب المبنى عليه بالبطلان لمخالفة القانون، وغنى عن البيان أن للجامعة أن تتخذ ما تراه فى شأن المخالفات التى كانت محلاً لذلك التحقيق الباطل بعد اتخاذ الإجراءات الصحيحة على النحو المبين بالأسباب.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء كل من قرار الإحالة وقرار مجلس التأديب المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب.