جلسة 4 من يوليه سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / أحمد أمين حسان
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ بخيت محمد إسماعيل، ولبيب حليم لبيب،
ومحمود محمد صبحى العطار، وبلال أحمد محمد نصار
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / أسامة فخرى الوردانى
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد رمضان عشماوى
أمين السر
الطعن رقم 10175 لسنة 47 قضائية . عليا:
الحكم فى الدعوى ــ الطعن فى الأحكام ــ ميعاد الطعن ــ عدم حضور المحكوم عليه الجلسات المحددة لنظر الدعوى ومباشرة إجراءاتها ــ أثر ذلك.
جعل المشرع سريان مواعيد الطعن فى الأحكام من تاريخ صدورها كأصل عام، إلا أنه استثنى من هذا الأصل الأحكام التى افترض المشرع عدم علم المحكوم عليه بصدورها، فجعل مواعيد الطعن فيها لا تسرى إلا من تاريخ إعلانها له وليس من تاريخ النطق بالحكم ــ تطبيق.
عاملون مدنيون بالدولة ــ معاش ــ عدم سريان الأحكام الخاصة بتقرير المزايا المالية للعاملين على العامل بعد انتهاء خدمته لإحالته للمعاش.
الأحكام الخاصة بتقرير بعض المزايا المالية للعاملين الخاضعين للقانون رقم 47 لسنة 1978 المرتبطة بتقلد العامل لإحدى الوظائف المعينة بالقانون، لا تسرى إلا بشأن هؤلاء العاملين الخاضعين للقانون، وتنحسر عن العامل بمجرد إحالته للمعاش وإنهاء خدمته لأىّ سبب من الأسباب، ويصير تطبيقها عليه بمثابة الأعمال المعدومة الأثر ــ تطبيق.
فى يوم الإثنين 30/7/2001 أودع الأستاذ/ فاخر بسطورس ــ المحامى ــ المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا ــ بصفته وكيلاً عن الطاعنين، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية (الدائرة الأولى) فى الدعوى رقم 4479 لسنة 46ق. بجلسة 29/3/2001، والقاضى بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا للمدعى مبلغ 7440.145 جنيهًا (سبعة آلاف وأربعمائة وأربعين جنيهاً ومائة وخمسة وأربعين مليماً) وفوائده القانونية على النحو المبين بالأسباب والمصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وتم إعلان الطعن قانوناً للمطعون ضده.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
وتدوول الطعن أمام الدائرة الثانية لفحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وقد قررت بجلسة 26/4/2004 إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 29/5/2004، حيث نُظر الطعن وتدوول. وبجلسة 5/7/2004 قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 9/10/2004. وبهذه الجلسة تقرر إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم 30/10/2004 لإتمام المداولة، وبجلسة اليوم 4/7/2005 صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإن المادة (213) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن: «يبدأ ميعاد الطعن فى الحكم من تاريخ صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك، ويبدأ هذا الميعاد من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه فى الأحوال التى يكون فيها قد تخلف عن الحضور فى جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه، وكذلك إذا تخلف المحكوم عليه عن الحضور وعن تقديم مذكرة، وفى جميع الجلسات التالية لتعجيل الدعوى بعد وقف السير فيها لأىّ سبب من الأسباب.
كما يبدأ الميعاد من تاريخ إعلان الحكم إذا حدث سبب من أسباب انقطاع الحضور، وصدر الحكم دون اختصام من يقوم مقام الخصم الذى توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته».
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع جعل سريان مواعيد الطعن فى الأحكام من تاريخ صدورها كأصل عام، إلا أنه استثنى من هذا الأصل الأحكام التى افترض المشرع عدم علم المحكوم عليه بصدورها فجعل مواعيد الطعن فيها لا تسرى إلا من تاريخ إعلانها له، وليس من تاريخ النطق بالحكم وإلا بقى ميعاد الطعن فيه للاستئناف مفتوحاً.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وقد خلت أوراق الدعوى المطعون على حكمها مما يفيد على وجه القطع إعلان ورثة المدعى عليه ــ الطاعنين ــ بصحيفة تعجيل الدعوى على الوجه القانونى السليم كما لم يحضروا أمام المحكمة ولم يبدوا أى دفع أو دفاع وتخلفوا عن حضور جميع الجلسات ولم يقدموا أية مذكرات بالدفاع حتى صدور الحكم المطعون عليه، وبالتالى ووفقاً لأحكام قانون المرافعات سالفة الإشارة، فلا يبدأ ميعاد الطعن بالنسبة لهم إلا من تاريخ إعلانهم بالحكم المطعون عليه وهو 3/6/2001 … ثم وإذ أقاموا طعنهم بتاريخ 30/7/2001 فإنه يكون قد أقيم فى الميعاد القانونى مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع هذا الطعن تتحصل ــ حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق ــ فى أن الهيئة المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 4931 لسنة 1986 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة فى 10/8/1986 لطلب الحكم بإلزام مورث الطاعنين برد مبلغ 7440.145 جنيهًا «سبعة آلاف وأربعمائة وأربعين جنيهاً ومائة وخمسة وأربعين مليمًا» قيمة المكافآت وحوافز الإنتاج وكافة المزايا التى تحصل عليها بدون وجه حق أو سند قانونى والفوائد القانونية حتى تاريخ المطالبة الرسمية والمصروفات.
وذكر الحاضر عن الهيئة ــ شرحاً لدعواه ــ أن مورث المدعى عليهم كان يشغل وظيفة مدير عام بالهيئة وعضو بمجلس إدارتها، وفى 27/12/1979 أحيل إلى المعاش لبلوغه سن الستين. وقد أصدر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية القرار رقم 1003 لسنة 1979 بتعيينه مستشاراً للهيئة المدعية لمدة سنة اعتباراً من 28/12/1979، ثم صدرت عدة قرارات متتالية من الوزير ببقائه فى عمله حتى عام 1984. ونصت المادة الأولى من القرار سالفة الإشارة على أن يتقاضى الفرق بين المعاش والمرتب ومخصصاته. ولما كان يتقاضى مرتباً أساسياً ومخصصاته وقدره 265 جنيهًا، ومعاشه 147.25 جنيهًا فيصبح الفرق المستحق تنفيذاً لهذا القرار مبلغ 117.875 جنيهًا شهرياً. وقد اعترض الجهاز المركزى للمحاسبات على صرف هذا المبلغ بدون وجه حق، ثم عرض الموضوع على اللجنة الثالثة بقسم الفتوى بمجلس الدولة فانتهت إلى عدم أحقيته فى صرف قيمة الحوافز والمكافآت التشجيعية وغيرها من المزايا المالية ووجوب استرداد المبالغ سالفة الإشارة، الأمر الذى دفع المدعى ــ بصفته ــ إلى إقامة دعواه بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 17/1/1989 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية وأبقت الفصل فى المصروفات، حيث أحيلت الدعوى وقيدت بجدولها تحت رقمها المشار إليه بعاليه 4479 لسنة 46ق، ثم ضم ملف الدعوى رقم 1243 لسنة 40ق المقامة من مورث المدعين ضد الهيئة أمام محكمة القضاء الإدارى والتى يطلب فيها إلزام الهيئة بصرف مستحقاته المالية عن عامى 1983، 1984.
وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة أمام محكمة القضاء الإدارى تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها.
وتدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى على النحو الثابت فى محاضر جلساتها، حيث قرر الحاضر عن الهيئة أن المدعى عليه ــ مورث المدعى عليهم ــ قد توفى إلى رحمة الله فى 26/10/1995، وطلبت أجلاً لتصحيح شكل الدعوى بإدخال ورثته وإعلانهم بها.
وبجلسة 5/3/1996 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة.
وبتاريخ 6/5/1996 أودعت الهيئة المدعية قلم كتاب المحكمة عريضة بتعجيل الدعوى وقررت أنها تختصم فيها المدعى عليهم ورثة المرحوم/ عدلى تادرس قريص وهم: ثريا كيرلس، واسحق عدلى تادرس، وحنان عدلى تادرس، ومنال عدلى تادرس.
وقد قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوع الدعوى والتى قدمت تقريرها ارتأت فيه الحكم:
أصلياً : بعدم جواز نظر الدعوى السابقة والفصل فيها مع إلزام الهيئة المدعية المصروفات.
واحتياطياً : بقبول الدعوى شكلاً وبإلزام المدعى عليهم برد مبلغ 7440.145 جنيه قيمة مكافآت وحوافز مادية وغيرها تحصّل عليها مورثهم دون وجه حق على الوجه المبين بالأسباب والفوائد القانونية عن المبلغ المحكوم به بواقع 4% اعتباراً من 10/8/1986 وحتى تمام السداد مع إلزام المدعى عليهم المصروفات.
وبجلسة 29/3/2001 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية حكمها المطعون عليه والقاضى بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا للمدعى مبلغ 7740.145 جنيه “سبعة آلاف وأربعمائة وأربعين جنيهًا ومائة وخمسة وأربعين مليمًا” وفوائده القانونية والمصروفات.
وأسست المحكمة قضاءها على أنه بتاريخ 28/12/1979 صدر القرار بتعيين مورث المدعى عليهم مستشارًا بالهيئة لمدة سنة على أن يتقاضى الفرق بين المعاش والمرتب ومخصصاته. وإنه لما كان إجمالى المرتب والمخصصات قبل إحالته للمعاش هو مبلغ 265 جنيهاً، وأن معاشه 147.125 جنيهًا، فمن ثَمَّ يكون الفرق المستحق له فى مبلغ 117.875 جنيهًا. وإذ قرر مجلس إدارة الهيئة فى 12/11/1980 معاملته معاملة العاملين بالهيئة فيما يتعلق بالحوافز والمكافآت وغيرها من المزايا المالية، فإنه يكون بذلك قد خالف القرار الوزارى المشار إليه وأسس التوظف.
وإذ بلغت جملة ما تقاضاه نتيجة لذلك مبلغ 7440.145 جنيهًا ، فمن ثَمَّ يلتزم المدعى عليهم ــ الورثة ــ برد هذا المبلغ وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله تأسيساً على أن أوراق الدعوى المطعون على حكمها لم يصل إلى الطاعنين أى علم بها ….. ولذا لم يحضروا أية جلسة من جلسات المحكمة، وبالتالى ووفقاً لأحكام قانون المرافعات فلا يبدأ ميعاد الطعن إلا من تاريخ إعلانهم بالحكم المطعون فيه وهو 3/6/2001، وإلا فإن ميعاد الطعن بالاستئناف يبقى مفتوحاً، ولا يغنى عن ذلك ثبوت العلم بأية طرق أخرى ولو كانت قاطعة.
ومن جهة أخرى فقد خالف الحكم الطعين أحكام المادة (187) من القانون المدنى والتى تنص على سقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات فى اليوم الذى يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه فى الاسترداد … والثابت فى الدعوى رقم 1243 لسنة 40ق السابق رفعها من مورث الطاعنين فى انقطاع الهيئة المطعون ضدها اعتباراً من 30/6/1982 عن صرف أية مستحقات إضافية لمورث الطاعنين والتى كان يتقاضاها بناءً على القرار رقم 9 بتاريخ 12/11/1980، إلا أن الهيئة لم تقم دعوى لاسترداد ما دفع بغير حق أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية إلا بتاريخ 19/8/1986 أى بعد أربع سنوات، وكان يجب على الهيئة أن تقيم دعواها قبل 30/6/1985.
وأضاف الحاضر عن الورثة أنه وعلى الفرض الجدلى أن قرار الهيئة الصادر بتاريخ 12/11/1980 قد صدر بالمخالفة للقانون فإنه يتحصن بمرور ستين يوماً من تاريخ نشره أو إعلانه.
وأضاف الحاضر عن الورثة أن المحكمة حكمت بجلسة 5/3/1996 بانقطاع سير الخصومة فى الدعوى لوفاة مورث الطاعنين. وإنه لما كانت الدعوى لم تعلن للمدعى عليهم ــ الورثة ــ اعتباراً من تاريخ وفاة مورثهم فى 26/10/1995 وحتى صدور الحكم المعلن لهم فى 3/6/2001 فإن الطاعنين ينعون بسقوط الخصومة وانقضائها طبقاً لأحكام المواد (134)، (135)، (140) من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى عن الحاضر عن الورثة بسقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى يعلم فيه عن دفع غير المستحق بحقه فى الاسترداد ــ طبقاً لأحكام المادة (187) مدنى ــ فإن الثابت من الأوراق أن مورث الطاعنين أحيل إلى المعاش فى 27/11/1979، ثم صدر قرار وزير الاقتصاد رقم 1003 لسنة 1979 متضمناً تعيينه مستشاراً للهيئة لمدة عام اعتباراً من 28/12/1979، على أن يتقاضى الفرق بين المعاش والمرتب. وبتاريخ 12/11/1980 قرر مجلس إدارة الهيئة منحه الفرق بين مرتبه ومخصصاته السابقة ــ ومعاشه المستحق ــ كما قرر المجلس اعتباره من عداد العاملين بالهيئة بالنسبة لصرف الحوافز ورسم القيد بنقابة المحامين وكافة ما يُصرف للعاملين بالهيئة. واعتمد السيد الوزير قرار مجلس إدارة الهيئة فى 14/6/1981، ثم تم تجديد تعيينه خلال أعوام 81/82/83 وحتى 28/12/1984. ثم، وبمناسبة بحث مدى أحقيته فى صرف المكافآت التشجيعية أسوة بالأعوام السابقة اعترض مندوب وزارة المالية على الصرف فتم استطلاع رأى إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة التى انتهت فى فتواها الصادرة بتاريخ 3/6/1984 إلى عدم أحقية السيد المذكور فى صرف قيمة الحوافز والمكافآت التشجيعية وغيرها من المزايا المقررة للعاملين بالهيئة ووجوب استرداد ما صُرف بالزيادة. وعليه فإنه اعتباراً من تاريخ صدور فتوى مجلس الدولة فى 3/6/1984 تكون الجهة الإدارية قد علمت بحقها فى الاسترداد . وهذا هو التاريخ الذى يعول عليه فى حساب مواعيد السقوط وليس من تاريخ انقطاع الهيئة فى هذا التاريخ كان إلى حين دراسة اعتراض مندوب وزارة المالية وحتى يتبين لها العلم القانونى السليم وهو ما يتحقق لها فعلاً بصدور فتوى مجلس الدولة فى 3/6/1984، ولو كان العلم القانونى السليم قد تحقق لها فعلاً بمجرد اعتراض مندوب وزارة المالية لما كانت قد لجأت إلى إدارة الفتوى المختصة لبيان مدى حق المذكور فى المبالغ الإضافية، ومدى حقها فى الاسترداد.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن الهيئة المطعون ضدها أقامت دعواها لاسترداد ما دفع بغير حق أمام محكمة إسكندرية الابتدائية بتاريخ 19/8/1986 فإن هذه الدعوى تكون قد أقيمت قبل انقضاء ثلاث سنوات فى اليوم الذى علمت فيه الهيئة بدفعها لغير المستحق فى 3/6/1984.
ويكون الدفع المقدم من ورثة الطاعن فى هذا الشأن قد قام على غير سند من القانون حرياً بالرفض.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى هذا الطعن يدور حول مدى أحقية مورث الطاعنين فى المبالغ التى صُرفت له كحوافز إنتاج ومجهودات غير عادية ومكافآت تشجيعية ومقابل اشتراكه فى نقابة المحامين وغيرها من مخصصات وقدرها (7440.145 جنيهًا).
ومن حيث إن المادة (122) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر سنة 1971 تنص على أن “يعين القانون قواعد منح المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات من المكافآت التى تتقرر على خزانة الدولة …”.
وتنص المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1978 على أنه “يعمل فى المسائل المتعلقة بنظام العاملين المدنيين بالدولة بالأحكام الواردة بهذا القانون، وتسرى أحكامه على
(1) ………… (2) العاملين بالهيئات العامة فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة بهم …
ويعتبر عاملها فى تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين فى إحدى الوظائف المبينة بموازنة كل وحدة”.
وتنص المادة (36) من القانون رقم 47 لسنة 1978ــ وهو يسرى على العاملين بالهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن كلائحة خاصة بهم ــ على أن “تحدد بداية ونهاية أجور الوظائف بكل درجة وفقاً لما ورد فى الجدول رقم (1) المرافق”.
وتنص المادة (44) من هذا القانون على أن “يستحق العامل مقابلاً عن الجهود غير العادية والأعمال الإضافية التى يكلف بها من الرئيس المختص وذلك طبقاً للقواعد والضوابط التى يضعها مجلس الإدارة فى هذا الشأن”.
وتنص المادة (48) من ذات القانون على أن “يضع مجلس الإدارة نظاماً للحوافز المادية والأدبية على اختلاف أنواعها بما يكفل تحقيق أهداف الشىء ويحقق زيادة الإنتاج وجودته وذلك على أساس معدلات قياس للأداء والإنتاج”.
وتنص المادة (49) من القانون المشار إليه على أنه “يجوز لرئيس مجلس الإدارة تقدير مكافآت تشجيعية للعامل الذى يقدم خدمات ممتازة أو أعمالاً أو بحوثًا أو اقتراحات تساعد على تحسين طرق العمل أو رفع كفاءة الأداء أو توفير فى النفقات …”.
ومفاد ما تقدم أن جميع الأحكام الواردة بقانون العاملين بالقطاع العام المشار إليه إنما تسرى على العاملين الذين يشغلون الوظائف الواردة بموازنة الهيئة ذات درجات بميزانيتها وفقاً لجدول الدرجات والوظائف المرفق بهذا القانون باعتبارهم المخاطبين بهذه الأحكام. وقد جاء ذلك صريحاً فى المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1978 التى بينت صفة العامل فى نطاق تطبيق أحكام القانون المشار إليه، فإنه كل من يعين فى إحدى الوظائف المبينة بموازنة كل وحدة من وحدات الجهات المنصوص عليها بهذه المادة التى يسرى حكمها على الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن باعتباره حكماً لم تنص عليه لائحتها الخاصة.
ومؤدى ذلك أن تكون الأحكام المنصوص عليها بالمواد (44)، (48)، (59) المشار إليها والخاصة بتقرير بعض المزايا المالية للعاملين الخاضعين للقانون 47 لسنة 1978، المرتبطة بتقلد العامل لإحدى الوظائف المعينة بالقانون، وذلك كالأجور الإضافية والحوافز المادية والمكافآت التشجيعية ورسوم الاشتراك فى نقابة المحامين المقررة فى القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية كغيرها من أحكام المرتبات والعلاوات والترقيات وسائر أحكام القانون المشار إليه والقرارات واللوائح الصادرة تنفيذًا له أو تطبيقاً لأحكامه لا تسرى إلا بشأن هؤلاء العاملين الخاضعين لهذا القانون والمخاطبين بأحكامه أو القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، وتنحسر هذه الأحكام عن العامل بمجرد إحالته إلى المعاش وإنهاء خدمته لأىّ سبب من الأسباب، ويصير تطبيقها عليه بمثابة الأعمال المعدومة الأثر التى لا يترتب عليها أثر قانونى يعتد به.
ومن حيث إنه وفقاً لحكم المادة (122) من الدستور لا يجوز منح أي مرتبات أو معاشات أو ما فى حكم ذلك من المكافآت وغيرها مما تتحمل به خزانة الدولة إلا طبقاً للقواعد التى يحددها القانون. وإنه إذا خول المشرع سلطة ما وضع قرارات تنفيذية أو لوائح داخلية لشئون العاملين المالية، فإن ذلك لا يعنى عدم تقيد هذه السلطة التى نيط بها ذلك عند وضعها تلك القرارات واللوائح بالمبادئ والأسس العامة فى التوظف سواء ما ورد منها بالدستور أو قوانين نظم العاملين أو القوانين والقرارات المحكمة … وبالتالى فإن مجلس إدارة الهيئة العامة أو غيرها من السلطات لا يملك تقدير مزايا مالية كالحوافز أو المكافآت التشجيعية أو غيرها إلا طبقاً لما تقضى به القواعد القانونية،على أن يكون تقريرها متميزاً بطابع الدورية وبالعمومية والانتظام ويرتبط بصورة ما بالوصف الذى يعينه القانون وما يؤديه بالفعل من عمل بهذه الصيغة باعتباره من عداد العاملين الخاضعين لهذه القواعد. فإذا ما قررت السلطة المختصة أن منح مبالغ مالية يرهق الخزانة العامة للدولة ويفتقر إلى السند القانونى الذى يجيزه، فإن تقريرها فى هذا الشأن يكون عديم الأثر بانعدام السند القانونى ومخالفته الدستور ويتعين إهداره.
ومن حيث إن قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 1003 لسنة 1979 الصادر فى 28/12/1979 قد نص فى مادته الأولى على أن يعين مورث الطاعنين مستشاراً بالهيئة لمدة سنة، على أن يتقاضى الفرق بين المعاش والمرتب ومخصصاته، ولما كان إجمالى المرتب ومخصصاته قبل إحالته للمعاش هو مبلغ 265 جنيهاً، وأن معاشه هو 147.125 جنيهًا، فمن ثَمَّ يكون الفرق المستحق له هو مبلغ 117.875 جنيه، وإذ قرر مجلس إدارة الهيئة فى 12/11/1980 معاملته معاملة العاملين بالهيئة فيما يتعلق بالحوافز والمكافآت وغيرها من المزايا المالية، فإنه يكون بذلك قد خالف الأسس العامة للتوظف الواردة بالدستور والقواعد القانونية الصادرة فى هذا الصدد والمنوط تطبيقها بالعاملين الشاغلين لوظائف ذات درجات مالية بميزانية الهيئة، ويخرج ذلك عن الإطار القانونى الذى يحدد وينظم قرارات مجلس الإدارة الصادرة فى الشئون المالية للعاملين ويحمّل بالتالى خزانة الدولة أعباءً مالية دون سند قانونى سليم .. ومن ثَمَّ تكون كل الإجراءات التى تمت فى شأن صرف أي مبالغ لمورث الطاعنين زيادة عن الفرق بين مرتبه وملحقاته ومعاشه قد دُفعت بالمخالفة للقواعد الدستورية والقانونية وتفتقر إلى السند القانونى مما يصمها بالانعدام، فلا تتحصن باعتبارها أعمالاً مادية عديمة الأثر، الأمر الذى يترتب عليه وجوب استرداد ما تم صرفه من مبالغ على هذا الوجه دون وجه حق أو أساس سليم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ذات النتيجة، فإنه يكون قد جاء متفقاً وأحكام القانون مما يتعين معه رفض طلب الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعنين المصروفات.