جلسة 7 من ديسمبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطا الله، ويحيى خضرى نوبى محمد، ومنير صدقى يوسف خليل، وعبد المجيد أحمد حسن المقنن
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حسين محمد صابر
مفوض الدولة
وحضور السيد / محمد عويس عوض الله
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 10394 لسنة 47 قضائية . عليا:
الإخلال بتنفيذ العقد – الطبيعة القانونية لغرامة التأخير – شروط توقيعها.
غرامة التأخير فى العقود الإدارية مقررة ضمانًا لتنفيذ هذه العقود فى المواعيد المتفق عليها حرصًا على حسن سير المرافق العامة بانتظام وباطراد ــ التكييف القانونى لهذه الغرامة أنها صورة من صور التعويض الاتفاقى إلا أنها تتميز عن التعويض الاتفاقى فى مجالات القانون الخاص بأن لها أحكامًا خاصة أهمها أن أحد أركانها وهو الضرر مفترض بمجرد حصول التأخير إلا أنه يجوز للطرف الآخر أن يثبت انتفاء ركن الخطأ – أساس ذلك – تطبيق.
فى يوم الثلاثاء السابع من سبتمبر سنة 2001 أودع الأستاذ/ عدلى حسن المحامى نيابة عن الأستاذ/ شريف أحمد خشية المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل عن الحكم المطعون فيه الذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بأحقية المدعى فى استرداد مبلغ 1458 جنيهًا والفوائد القانونية على هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم الطعين فيما قضى به من رفض ما عدا ذلك من طلبات والحكم مجددًا بأحقية المدعى بصفته فى استرداد مبلغ 2و8281 جنيهًا وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تاريخ الوفاء مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب الطاعن بصفته استرداد مبلغ 2و6823 جنيهًا قامت الجهة الإدارية بخصمه من مستحقاته عن عملية إنشاء صالة الأنشطة بمركز شباب البدارى كغرامة تأخير بواقع 5% من قيمة ختامى العملية، والقضاء بأحقيته فى استرداد هذا المبلغ وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها؛ حيث قررت بجلسة 15/11/2003 إحالة الطعن للدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 16/3/2004 وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات؛ حيث قررت بجلسة 5/10/2004 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة إضافة ميعاد مسافة طبقًا للمادة (16) من قانون المرافعات لأن الطاعن من المقيمين بأسيوط التى تبعد عن مدينة القاهرة حوالى 400 كيلو متر.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ــ حسبما يبين من الأوراق ــ فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 45 لسنة 9ق أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بصحيفة أودعت بتاريخ 7/10/1997 طلب فى ختامها بأحقيته فى استرداد مبلغ 8281.1 جنيه وفوائده التجارية من تاريخ المطالبة الرسمية، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال شرحًا لدعواه إنه تعاقد مع المدعى عليه الثانى المطعون ضده الثانى بعقد مقاولة مؤرخ 9/3/1994 على تنفيذ عملية توريد وتركيب بردورات وحاجز رصيف بالمناطق العشوائية بالبدارى، وقام بتنفيذ الأعمال المطلوبة وتسليمها لجهة الإدارة فى 20/6/1994 وانتهت العلاقة التعاقدية بينهما عن هذه العملية. وأضاف قائلا إنه بموجب عقد مقاولة مؤرخ 5/7/1994، تعاقد مع ذات الجهة على تنفيذ عملية إنشاء صالة أنشطة بمركز شباب البدارى بقيمة 25000جنيه، وبعد شروعه فى تنفيذ الأعمال ظهرت معوقات فى العمل ترتب عليها وقف العمل لحين دراسة طبيعة التربة وأسلوب معالجتها، وبعد تلك الدراسة صدر ملحق لأمر التشغيل فى 12/10/1994 وقد قام بتنفيذ أعمال معالجة التربة إلا أنه فوجئ بكارثة السيول التى حدثت يوم 2/11/1994 بأسيوط والتى اكتسحت جميع الأعمال التى تمت، ومواد البناء الموجودة بالموقع واستحال تنفيذ الأعمال الباقية، وتبودلت المكاتبات وتعددت الشكاوى وتشكلت اللجان حتى صدر ملحق لأمر التشغيل فى 21/5/1995، وتحدد يوم 24/6/1995موعدًا لنهو الأعمال، وقد اشترطت الإدارة ألا يتم العمل إلا بمباشرة الخبير الاستشارى وإصدار تقريره بشأن ما تم من معالجة التربة، وقد قام الأخير بالمعاينة والدراسة وأخطرت الإدارة المدعى برأى الخبير فى 11/9/1995 وهو مطابقة الأعمال للمواصفات وتم استكمال أعمال صب الخرسانة ويعتبر ميعاد الإخطار هو ميعاد بدء مدة تنفيذ الأعمال والمحدد لها 35 يومًا.
وقد قام بتنفيذ الأعمال المطلوبة كاملة وطبقًا لشروط ومواصفات جهة الإدارة وتسليمها ابتدائيًا بموجب محضر الاستلام المؤرخ 25/7/1995 أى قبل الموعد المحدد بمدة عشرين يومًا وتم عمل ختامى للأعمال فى 16/12/1995 وفى هذا الختامى فوجئ بخصم مبلغ 6823.2 جنيه غرامة تأخير بواقع 5% من إجمالى الأعمال عن العملية موضوع الختامي، وقد تظلم من هذه الخصومات فشكلت النيابة الإدارية لجنة من مديرية الإسكان والمرافق بأسيوط انتهت إلى عدم أحقية الإدارة فى خصم غرامة التأخير وطالبتها بصرف مستحقاته المشار إليها وهى 1458 + 6823 جنيهًا.
وبجلسة 6/6/2001 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها بعدم أحقية الجهة الإدارية فى خصم مبلغ 1458 جنيهًا غرامه تأخير عن عملية تركيب بردورات بالمناطق العشوائية بالبدارى من مستحقات المقاول استنادًا إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير الذى تطمئن إليها المحكمة، وأحقية الإدارة فى خصم مبلغ 6823.2 جنيه كغرامة تأخير بواقع 15% من ختامى عملية إنشاء صالة أنشطة بمركز شباب البدارى لتسبب المدعى فى توقف العمل وتأخره لمدة تزيد على سبعة أشهر مما يحق للإدارة خصم هذا المبلغ من مستحقاته وهو الشق مثار الطعن الماثل.
من حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون للقانون وصدوره مشوبًا بالفساد فى الاستدلال وذلك لأنه اعتمد على تقرير الخبير بالرغم مما شَابَه من عيوب وأخطاء رد عليها الطاعن بمذكرة ولكن المحكمة لم تلتفت إليها، فضلاً عن أنه لم يلتفت أيضًا إلى مذكرة مديرية الإسكان والمرافق بأسيوط المقدمة بناءً على تحقيق النيابة الإدارية والتى انتهت إلى عدم أحقية الجهة الإدارية فى خصم غرامة التأخير عن عملية إنشاء صالة الأنشطة بواقع 6823.2جنيه وذلك لعدم تسبب الطاعن فى تأخير تنفيذ العملية وإنما كان لأسباب خارجة عن إرادته.
ومن حيث إنه جرى قضاء هذه المحكمة أن غرامة التأخير فى العقود الإدارية مقررة ضمانًا لتنفيذ هذه العقود فى المواعيد المتفق عليها حرصًا على حسن سير المرافق العامة بانتظام وباطراد، وأن التكييف القانونى لهذه الغرامة أنها صورة من صور التعويض الاتفاقى إلا أنها تتميز عن التعويض الاتفاقى فى مجالات القانون الخاص بأنها أحكام خاصة أهمها أن أحد أركانها وهو الضرر مفترض بمجرد حصول التأخير، إلا أنه يجوز للطرف الآخر أن يثبت انتفاء ركن الخطأ، ومتى انتفى أحد أركان المسئولية الموجبة للتعويض فلا مجال عندئذ لاستعمال الحق المخول للإدارة فى اقتضائه لانعدام الأساس القانونى الذى يقوم عليه.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم فإن مقطع النزاع فى الطعن الماثل ينحصر فيما إذا كان التأخير فى تسليم العملية مثار النزاع عن موعدها المحدد بداءة يرجع إلى إهمال المقاول وخطئه أوكان بسبب خارج عن إرادته.
ومن حيث إن الثابت من مذكرة مديرية الإسكان والمرافق بأسيوط التى أعدت بناء على تكليف النيابة الإدارية أنها انتهت إلى أن العمل فى عملية إنشاء صالة الأنشطة بمركز شباب البدارى توقف مرتين: الأولى من 2/11/1994حتى 15/4/1995وذلك بسبب كارثة السيول التى اكتسحت جميع الأعمال التى تمت وأتلفت جميع مواد البناء الموجودة بالموقع مما استحال معه تنفيذ الأعمال الباقية، وأن مدة التوقف الثانية كانت من 17/5/1995 وحتى 16/9/1995 بسبب عدم ورود موافقة الاستشارى الذى حددته الجهة الإدارية لمتابعة الأعمال ومطابقتها للمواصفات، لأن هيئة الإشراف رفضت التقرير الذى قدمه المقاول بنفسه، وبعد ذلك قام المقاول بتسليم الأعمال ابتدائيًا فى 25/9/1995 وهو تاريخ سابق لميعاد نهو الأعمال بحوالى 25 يومًا، الأمر الذى يقطع بأن التوقف فى تنفيذ العملية والتأخر فى تنفيذها يرجع إلى سبب خارج عن إرادة المقاول، مما يتنافى معه ركن الإهمال والتقصير فى حقه ويكون توقيع غرامة التأخير عن هذه العملية بمقدار 6823.2 جنيهًا وخصمها من مستحقاته قد تم بالمخالفة للقانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد جانبه الصواب مما تقضى معه المحكمة بتعديله بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للطاعن بصفته مبلغًا مقداره 6823.2 جنيه بالإضافة لما قضى به الحكم المطعون فيه وهو مبلغ 1458 جنيهًا، مع إلزامها بأن تؤدى الفوائد القانونية عن إجمالى المبلغ بواقع 4% سنويًا ــ حسبما طلب الطاعن ــ من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد؛ تطبيقًا لحكم المادة (226) من القانون المدنى مع إلزامها المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للطاعن بصفته مبلغًا مقداره 8281.2 جنيه “ثمانية آلاف ومائتان وواحد وثمانون جنيهًا وعشرون قرشًا ” والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 7/10/1997 وحتى تمام السداد، وألزمتها المصروفات.