جلسة 22 من يونيه سنة 2013
الطعن رقم 10564 لسنة 50 القضائية (عليا)
(الدائرة الثانية)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد عبد الحميد مسعود
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد إبراهيم السيد الزغبي وصلاح شندي عزيز تركي وأحمد محفوظ محمد القاضي وكامل سليمان محمد سليمان.
نواب رئيس مجلس الدولة
الحكم في الدعوى- الطعن في الأحكام- الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- أثر إلغاء حكم محكمة أول درجة لعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى- إذا قضت محكمة القضاء الإداري في موضوع الدعوى بالرغم من عدم اختصاصها نوعيا بنظر النزاع، فإنه يجوز للمحكمة الإدارية العليا لدى نظر الطعن في هذا الحكم أن تتصدى للفصل في الموضوع متى كان صالحا للفصل فيه؛ تطبيقا لمبدأ الاقتصاد في إجراءات الخصومة، والذي يَرْجُح على مبدأ تعدد درجات التقاضي([1]).
ندب- أجاز المشرع ندب العامل للقيام مؤقتًا بعمل بوظيفة أخرى بدرجة وظيفته نفسها- يتعيَّن أن يكون الندبُ لمدة سنة قابلة للتجديد حتى أربع سنوات، ولا يجوزُ مدُّها إلا لضرورةٍ تقتضيها حاجة العمل- يتعيَّن لصحة ندب أو تكليف العامل للقيام بعمل وظيفةٍ أخرى أن تُحدَّد مدتُه، وإلا فَقَدَ أحدَ شروطِ صحته.
– المادة (56) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، (الملغى لاحقًا بموجب القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية).
– المادة (45) من اللائحة التنفيذية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه، الصادرة بقرار لجنة شئون الخدمة المدنية رقم 2 لسنة 1978، والمعدَّلة بالقرار رقم 3 لسنة 1982.
في يوم السبت الموافق 22/5/2004 أودع الأستاذ/… المحامي وكيلا عن الهيئة الطاعنة قلمَ كتاب المحكمة تقريرًا بالطعن في حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية- الدائرة الثانية/ بحيرة، في الدعوى رقم 7615 لسنة 54ق. بجلسة 24/3/2004، القاضي بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة -استنادًا إلى ما أوردته من أسباب- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وتم إعلان صحيفة الطعن على الوجه المقرَّر قانونًا. وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مُسبَّبًا بالرأي القانوني.
وجرى تداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت بجلسة 17/3/2010 إحالته إلى هذه المحكمة، حيث تدوول أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت بجلسة 18/12/2012 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى جميع أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 7615 لسنة 54ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية- الدائرة الثانية/ بحيرة بتاريخ 5/8/2000، طالبةً الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار مدير عام مستشفى دمنهور التعليمي الصادر بتاريخ20/5/2000 بنقلها من قسم شئون المرضى إلى قسم المطبخ بذات المستشفى، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على سندٍ من أنها تعمل رئيسة قسم شئون المرضى بالمستشفى المشار إليه، وبتاريخ 20/5/2000 صدر القرار المطعون فيه بنقلها إلى قسم المطبخ، الذي لا يدخل في اختصاصها، وذلك بقصد الانتقام منها، لإبلاغها النيابة العامة بواقعة دخول مريض بقسم الأسنان رغم أنه يُعالَج خارج المستشفى، الأمر الذي يخالف صحيح أحكام القانون.
……………………………………………………………..
وبجلسة 24/3/2004 أصدرت المحكمة حكمها المتقدم ذكرُه، وشيَّدت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن مدير عام مستشفى دمنهور التعليمي أصدر القرار المطعون فيه بتاريخ 20/5/2000، بنقل المدعية من العمل كرئيسة قسم شئون المرضى إلى العمل بقسم المطبخ، دون تحديد مسمى الوظيفة المنقولة إليها، فضلا عن نقلها من مجموعة نوعية وهي مجموعة شئون المرضى إلى مجموعة الخدمات المعاونة- قسم المطبخ-، وذلك بالمخالفة لصحيح أحكام المادة (54) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، مما يصم قراره بإساءة استعمال السلطة، فضلا عن الإضرار بالمدعية، مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
……………………………………………………………..
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ ذلك لأن الهيئة الطاعنة لم تُختصَم في الدعوى، وأن المدعى عليه الأول (وزير الصحة) لا يمثلها، كما أن مستشفى دمنهور التعليمي (المدعى عليه الثاني) لا يعد من الأشخاص الاعتبارية العامة، بل تمثله الهيئة الطاعنة المنشأة بالقرار الجمهوري رقم 1002 لسنة 1975، ويمثلها رئيس مجلس الإدارة أمام القضاء.
كما أن المطعون ضدها تشغل الدرجة الخامسة (خدمات معاونة)، ومن ثم تختص المحكمة الإدارية دون غيرها بنظر المنازعة، طبقًا لأحكام قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
كما أن المطعون ضدها تشغل إحدى وظائف الخدمات المعاونة، ومن ثم فإن نقلها فضلا عن أنه من إطلاقات سلطة جهة الإدارة في توزيع العمل وتنظيمه، فإن هذا النقل لم يتم من مجموعة إلى مجموعة مغايرة.
……………………………………………………………..
وحيث إنه ولئن كانت المطعون ضدها وقت رفع الدعوى رقم 7615 لسنة 54ق. أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 5/8/2000 تشغل الدرجة الخامسة “خدمات معاونة”، ومن ثم فإن منازعتها في صحة قرار نقلها أو ندبها تخرج عن نطاق الاختصاص النوعي المعقود لهذه المحكمة، إذ ينعقد الاختصاص بنظر هذه المنازعة للمحاكم الإدارية؛ بحسبان أن المطعون ضدها تشغل بهذه المثابة إحدى درجات المستوى الثالث (بالجدول المرافق لنظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 58 لسنة 1971، والذي صدر قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 في ظله)، ومن ثم فإنه إعمالا لأحكام المواد (10) و( 13) و(14) من هذا القانون فإن الحكم المطعون فيه إذ تصدى لموضوع الدعوى، دون أن يقضي بعدم اختصاص المحكمة نوعيا، وإحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة- المحكمة الإدارية بالإسكندرية (دائرة البحيرة)، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، مما يتعين الحكم بإلغائه، لئن كان ذلك، إلا أنه في ظل اتجاه المشرع في قانون المرافعات وما أدخل من تعديلات إلى ترجيح مبدأ الاقتصاد في إجراءات الخصومة على مبدأ تعدد درجات التقاضي، متى كان موضوع الدعوى صالحًا للفصل فيه؛ منعًا لإطالة أمد النـزاع والعودة بالإجراءات مرةً أخرى لمحكمة الموضوع، مع احتمال التعرض لإلغائه مرةً أخرى، لما كان ذلك فإنه في ضوء هذه الاعتبارات، وإذ كانت الدعوى قد أقيمت بتاريخ 5/8/2000، وأضحت بعد ما يزيد على 12 عامًا مهيأةً للفصل في موضوعها، فإن المحكمة تتصدى للفصل في الموضوع.
وحيث إن المادة (56) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه: “يجوزُ بقرارٍ من السلطة المختصة ندبُ العامل للقيام مؤقتًا بعمل وظيفةٍ أخرى من نفس درجة وظيفته، أو وظيفة تعلوها مباشرة، في نفس الوحدة التي يعمل بها، أو في وحدة أخرى، إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك. وتنظم اللائحة التنفيذية القواعد الخاصة بالندب”.
وتنص المادة (45) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بقرار لجنة شئون الخدمة المدنية رقم 2 لسنة 1978([2]) على أن: “يكون ندبُ العامل كل أو بعض الوقت لمدة سنة قابلة للتجديد حتى أربع سنوات، ولا يجوز التجديد بعدها إلا في حالة الضرورة، وبشرط عدم توافر درجات الوظائف التي يجوز شغلها عن طريق النقل…”.
ومفاد النصوص المتقدمة أن المشرع أجاز للسلطة المختصة ندب العامل للقيام مؤقتًا بعمل وظيفةٍ أخرى من نفس درجة وظيفته؛ سدًا لحاجة المرفق وتلبية لدواعي استقراره وانتظامه، على أن يكون هذا الندب لمدة سنة تُجدَّد لمدة أربع سنوات، ولا يجوز مدُّها إلا لضرورة تقتضيها هذه الحاجة، وكذلك لعدم توفر درجات بالوظيفة التي تم الندب إليها يمكن شغلها بطريق النقل، ومؤدى ذلك ولازمه أن ندب أو تكليف العامل للقيام بعمل وظيفة أخرى يتعيَّن لصحته أن تُحدَّد مدتُه على النحو المتقدم، بحيث إذا خلا من هذا التحديد فَقَدَ أحدَ شروطِ صحته، إذ يستحيل نقلا التفافًا على قواعد الندب، وذلك بغير الطريق المقرَّر قانونًا.
وحيث إنه إعمالا لِما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 2/5/2000 صدر قرار مدير مستشفى دمنهور التعليمي بتكليف المطعون ضدها التي كانت تعمل رئيس قسم شئون المرضى بالمستشفى للقيام بالعمل بقسم المطبخ، وجاء القرار خلوًا من تحديد مدةِ الندب أو التكليف، هذا إلى جانب خلوه من الوظيفة المسنَدة إليها بقسم المطبخ والمبتغى سد حاجتها، ومن ثم يكون القرار قد جاء مخالفًا صحيح أحكام القانون، مما يذره خليقًا بالإلغاء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة -لأسباب مغايرة-، فإنه يكون قد أصاب وجه الحق، ويكون الطعن الماثل غير مصادف محله جديرًا برفضه.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
([1]) يراجع كذلك حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 14/5/1988 في الطعن رقم 1352 لسنة 33 القضائية عليا، منشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها في 30 عاما، الجزء الأول، مبدأ رقم 12/ب ص151.
([2]) مُعدلَّة بموجب قرار رئيس لجنة شئون الخدمة المدنية رقم 3 لسنة 1982.