جلسة 26 من يناير سنة 2008
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 10617 لسنة 51 القضائية عليا.
– رسوم جمركية – استردادها.
الفقرتان الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963– حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 175 لسنة 22 القضائية دستورية بجلسة 5/9/2004.
الدعاوى الدستورية بطبيعتها دعاوى عينية، توجه فيها الخصومة إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري– مقتضى ذلك: أن الأحكام الصادرة في هذه الدعاوى تكون لها حجية مطلقة, بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم في الدعوى التي صدرت فيها, وإنما ينصرف هذا الأثر إلى جميع سلطات الدولة- الحكم بعدم دستورية نص ما مؤداه عدم تطبيق هذا النص ليس بالنسبة للمستقبل فحسب وإنما بالنسبة للوقائع والعلاقات السابقة على صدور هذا الحكم- يستثنى من ذلك الأثر الرجعي الحقوق والمراكز القانونية التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم– ترتيبا على ذلك: أنه يتعين على الجهة الإدارية رد الرسوم التي تم تحصيلها استناداً إلى الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك اللتين قضى بعدم دستوريتهما– تطبيق.
في يوم الثلاثاء الموافق 12/4/2005 أودع الأستاذ/… المحامي بالنقض والإدارية العليا, بصفته وكيلاً عن الشركة الطاعنة, قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم عاليه في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 924 لسنة 58 ق بجلسة 22/2/2005 القاضي في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً, ورفضها موضوعاً وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلبت الشركة الطاعنة – للأسباب الواردة في تقرير طعنها -الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده بصفته برد مبلغ 234286.43 جنيها للشركة الطاعنة, مع إلزامه بالفوائد القانونية من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد, مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبأحقية الشركة في استرداد المبالغ التي سددتها بدون وجه حق لمصلحة الجمارك, وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعينت جلسة 16/10/2006 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبجلسة 16/4/2007 أحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 1/7/2007 حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها, إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم, حيث صدر الحكم, وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات, والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– في أن الشركة الطاعنة كانت قد أقامت الدعوى رقم 924 لسنة 58 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 12/10/2003 بطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يرد لها مبلغ 234286,43 جنيها قيمة ما حصلته مصلحة الجمارك كرسوم خدمات عن مشمول الشهادات الجمركية محل التداعي بدون وجه حق مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد على سند من القول بأن الشركة استوردت رسائل لأغراض الشركة بموجب الشهادات الجمركية المبينة تفصيلاً بصحيفة الدعوى وعند تقدير الرسوم الجمركية قام الجمرك بتحصيل رسوم خدمات تحدد مقدارها في المبلغ المطالب به بواقع 3% من قيمة البضائع استناداً إلى القرارات الوزارية المطعون فيها والتي سبق إلغاؤها في الدعوى رقم 3445 لسنة 48 ق المرفوعة من آخرين.
وبجلسة 22/2/2005 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيساً على أن عبء إثبات الحق المدعى به يقع على عاتق المدعي, ولا ينقلب هذا العبء على عاتق الجهة الإدارية إلا إذا كان المدعي لا يملك إمكانية الحصول على المستندات المثبتة لحقه, فإذا تقاعس المدعي عن تقديم الأدلة التي تثبت الحق المدعى به كانت الدعوى فاقدة السند القانوني ويتعين رفضها… لما كان ذلك وكانت الشركة المدعية لم تقدم أي مستندات تثبت الواقعة المنشئة لاستحقاق هذا الرسم وهو استيرادها للبضائع التي استحقت عليها, ولم تقدم أي مستندات تثبت تحصيل المبلغ المطالب به سواء في أثناء تحضير الدعوى لدى هيئة مفوضي الدولة, أو أمام المحكمة… ومن ثم تكون الدعوى فاقدة السند القانوني الذي يثبت وجود الحق المدعى به وهو ما يتعين معه رفضها.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال حيث سبق لمحكمة القضاء الإداري أن قضت في الدعوى رقم 3445 لسنة 48 ق والمرفوعة من آخرين بإلغاء القرارين رقمي 255 لسنة 1993 و 193 لسنة 1994 بتحصيل مقابل خدمات المواني والمنافذ الجمركية التي لم يصدر بشأنها نص خاص بالفئات الواردة في كل منهما, ثم صدر القراران رقما 1208 لسنة 1996 و 752 لسنة 1997 بتعديل مقابل الخدمات سالف الذكر إلى نسبة 3% من قيمة الرسالة حيث قامت الشركة الطاعنة بسداد تلك النسبة (3%) لمصلحة الجمارك مع كل رسالة ترد إليها من الخارج وهو حكم له حجيته على الكافة؛ إعمالاً لحكم المادة (52) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه مجحفا بحقوق الطاعنين ومخالفا للحقيقة, هذا فضلاً عن أن الشركة الطاعنة كانت قد أودعت حافظة مستندات طويت على صور إيصالات سداد الرسوم محل الدعوى والمسددة لمصلحة الجمارك عن كل رسالة وردت للشركة من الخارج وذلك بتاريخ 24/4/2004، بيد أن تلك الحافظة لم تودع بملف الدعوى أمام الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، حيث إن الشركة لم تعلن بالجلسة المحددة لنظر الدعوى بعد ورود التقرير.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلستها المنعقدة في 5/9/2004 في القضية رقم 175 لسنة 22 ق دستورية بـ : أولا- عدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة 111 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 66 لسنة 1963. ثانيا- سقوط الفقرة الثانية من المادة 111 من قانون الجمارك سالف البيان. ثالثا- سقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمي 100 لسنة 1965 و 255 لسنة 1993 وكذلك قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقراران المعدلان له رقما 1208 لسنة 1996 و 752 لسنة 1997… .
ومن حيث إنه من المستقر عليه في قضاء المحكمتين الإدارية العليا والدستورية العليا أن الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية –وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه فيها الخصومة إلى النصوص التشريعية المطعون عليها بعيب دستوري– تكون لها حجية مطلقة, بحيث لا يقتصر أثرها على الخصوم في الدعوى التي صدرت فيها, وإنما ينصرف هذا الأثر إلى جميع سلطات الدولة. كما استقر قضاء هذه المحكمة على أن الحكم بعدم دستورية نص ما مؤداه عدم تطبيق هذا النص ليس بالنسبة للمستقبل فحسب وإنما بالنسبة للوقائع والعلاقات السابقة على صدور هذا الحكم, على أن يستثنى من ذلك الأثر الرجعي الحقوق والمراكز القانونية التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم.
لما كان ذلك وكان الثابت من مستندات الشركة الطاعنة أن الرسوم المطالب باستردادها جرى تحصيلها بمستند من قرارات وزير المالية المقضي بسقوطها بحكم المحكمة الدستورية العليا لصدورها استناداً إلى الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك اللتين قضى بعدم دستوريتهما في ذات الحكم, المشار إليه, ومن ثم يغدو ما تم تحصيله غير مستند على أساس سليم قانوناً, متعينا لذلك القضاء بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها برد هذه الرسوم إلى الشركة الطاعنة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى نتيجة مغايرة يكون قد جانبه الصواب وأضحى متعينا القضاء بإلغائه وبأحقية الشركة الطاعنة في استرداد ما سبق تحصيله من مبالغ كرسوم خدمات استناداً إلى قراري وزير المالية رقمي 255 لسنة 1993 و4 123 لسنة 1994 والبالغة قيمتها 234286,43 جنيها وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الشركة المدعية في استرداد مبلغ 234286,43 جنيها كرسوم خدمات سددتها لمصلحة الجمارك بدون وجه حق, وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.