جلسة 20 من أكتوبر سنة 2007
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 10647 لسنة 47 القضائية عليا
– ترخيص بناء على نهر النيل– حماية المركز القانوني المكتسب.
العلاقة بين المواطنين وجهات الإدارة يجب أن تقوم على الثقة واحترام ما يصدر عن الإدارة من قرارات وما تتخذه من إجراءات– مؤدى ذلك: أنه لا يجوز لجهة الإدارة النكول عما اتخذته من إجراءات، خاصةً إذا لم يكن لصاحب الشأن يد في ذلك أو لم يساهم في إيصال معلومات غير حقيقية كانت سببا في إصدار القرار أو الإجراء، ويبرز التزام جهة الإدارة بما اتخذته من إجراءات إذا كان يترتب عليها نفقات مالية أو تمس قطاعا من المواطنين- مقتضى صدور قرار الترخيص عن الجهة المختصة قانونا بإصداره والبدء في إجراءات البناء أنه لا يجوز لجهة الإدارة النكول عن هذه الإجراءات دون اعتبار للمركز القانوني الذي اكتسبه المرخص له بناء على الموافقات السابقة– تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 15/8/2001 أقام الطاعن الطعن الماثل بإيداع تقريره قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعنا في حكم محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة الصادر بجلسة 18/6/2001 في الدعويين رقمى 3404 و 3509 لسنة 21 ق، القاضي في منطوقه برفض الدعويين.
وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بطلباته الموضحة بصحيفة دعواه.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرارين المطعون فيهما، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وجرى تداول الطعن بالدائرتين السادسة والخامسة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن أحيل إلى هذه الدائرة، حيث نظرته بجلسة 7/4/2007، وبجلسة 23/6/2007 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية لذلك فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن بصفته أقام بتاريخ 1/7/1999 أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة الدعوى رقم 3404 لسنة 21 ق بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرارات تفتيش النيل بالمنصورة بوقف أعمال البناء في مشروع عمارة الجمعية رئاسته وفقاً للترخيص الصادر عن الحي بإنشاء عمارات جمعية إسكان مهندسي وزارة الأشغال العامة والموارد المائية.
وقال المدعي (الطاعن) شرحا لدعواه: إن وزير الأشغال العامة والموارد المائية أصدر القرار رقم 304 لسنة 1995 بتخصيص قطعة أرض لبناء مساكن عليها لجمعية إسكان مهندسى وزارة الأشغال والموارد المائية، وتم استخراج ترخيص البناء من حي شرق المنصورة برقم 312 لسنة 1997/1998 لبناء بدروم وتسعة أدوار عليا، وتم طرح عملية البناء على المكاتب الاستشارية إلا أنه فوجئ بخطاب من تفتيش النيل بالمنصورة بصدور قرار وزير الأشغال رقم 117 لسنة 1999 الصادر نفاذا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1394 لسنة 1999 بشأن الحفاظ على رونق النيل، ناعيا على هذا القرار سريانه بأثر رجعي.
وبتاريخ 21/7/1999 أقام الطاعن الدعوى رقم 3509 لسنة 21 ق بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار حي شرق المنصورة رقم 497 الصادر بتاريخ 12/7/1999 بسحب الترخيص رقم 312 لسنة 1997 ناعيا على هذا القرار مخالفته للقانون والخلط بين الملكية العامة والملكية الخاصة.
وبجلسة 18/6/2001 قضت المحكمة برفض الدعويين، مؤسسة قضاءها على أنه طبقا لأحكام المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 12 لسنة 1984 بشأن الري والصرف لا يجوز إصدار تراخيص للبناء على نهر النيل إلا بموافقة رئيس مصلحة الري في كل حالة على حدة، الأمر الذي لم يتحقق في الحالة المعروضة، دون أن يؤثر في ذلك إشارة قرار وزير الأشغال الطاعن بتخصيص الأرض لبناء المشروع إلى موافقة رئيس الإدارة المركزية للري أو موافقات تفتيش النيل بالمنصورة؛ لأن ذلك لا يعني موافقة رئيس مصلحة الري.
وبالنسبة لقرار حي شرق المنصورة سحب ترخيص البناء فإنه قام على أساس من القانون لعدم معرفة حي شرق بضرورة الحصول على موافقة رئيس مصلحة الري على البناء لأنها ليست المخاطبة بأحكام المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية المشار إليها، فمتى علمت بذلك الإجراء فلها سحب الترخيص.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون لأن الجمعية قبل البدء في أعمال البناء حصلت على جميع الموافقات اللازمة والتي صدر على أساسها قرار وزير الأشغال العامة والموارد المائية بتخصيص قطعة الأرض المملوكة للوزارة لبناء مساكن عليها، وأن مدير عام ري غرب الدقهلية خاطب رئيس حي شرق المنصورة بالموافقة على عمل المظلات والبروز بالمشروع, كما أن وزير الأشغال العامة وافق بتاريخ 27/11/2000 على استئناف الجمعية لأعمال البناء.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أنه صدر قرار وزير الأشغال العامة والموارد المائية رقم 304 لسنة 1995 بتاريخ 21/9/1995 بتخصيص قطعة الأرض الموضحة المعالم بالقرار للجمعية التعاونية للبناء والإسكان لمهندسي وزارة الأشغال العامة والموارد المائية بالدقهلية لإنشاء مجمعات سكنية عليها، وقام رئيس الإدارة المركزية لوزارة الأشغال العامة بالدقهلية بمخاطبة رئيس حي شرق المنصورة أشار فيه إلى قرار التخصيص باعتبار الأرض مملوكة للوزارة، وأفاد بعدم وجود ما يمنع قانونا من الموافقة على ترخيص البناء، وعليه صدر ترخيص حي شرق المنصورة رقم 12 لسنة 1997/1998 لبناء بدروم وأرضي وتسعة أدوار عليا، وسارت الجمعية في الإجراءات اللازمة لذلك إلى أن صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1394 لسنة 1999 بحظر إنشاء مبان أو إنشاءات على النيل إلا بموافقة مجلس الوزراء، ثم تلت ذلك إجراءات عديدة من قبل وزارة الري انتهت بصدور قرار الإزالة رقم 155 لسنة 1999بإزالة الأعمال التي قامت بها الجمعية وصدور قرار حي شرق المنصورة رقم 497 لسنة 1999 بتاريخ 22/7/1999 بسحب ترخيص البناء رقم 312 لسنة 1998/ 1999.
وبتاريخ 27/11/2000 أرسل وزير الأشغال والموارد المائية لمحافظ الدقهلية كتاباً أشار فيه إلى قرار التخصيص رقم 304 لسنة 1995 والترخيص رقم 312 لسنة 97/1998 وصدور القرار رقم 925 لسنة 2000 بعودة الاختصاصات إلى وزارة الأشغال العامة، طالبا في ختام كتابه استئناف الجمعية للعمل، وكان قد سبق هذا الكتاب كتاب مدير عام تطوير وحماية النيل إلى رئيس حي شرق المنصورة بموافقة رئيس قطاع النيل بفرعيه ورئيس الإدارة المركزية لحماية النيل فرع دمياط لقيام الجمعية باستئناف العمل بالعمارة السكنية.
ومن حيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن العلاقة بين المواطنين وجهات الإدارة يجب أن تقوم على الثقة واحترام ما يصدر عن الإدارة من قرارات وما تتخذه من إجراءات؛ إذ يكون من حق المواطن الذي صدر في شأنه قرار أو إجراء إداري أن يرتب ما يتخذه مستقبلا على أساس هذا الإجراء، ومن ثم لا يجوز لجهة الإدارة النكول عما اتخذته من إجراءات، خاصةً إذا لم يكن لصاحب الشأن يد في ذلك أو لم يساهم في إيصال معلومات غير حقيقية كانت سببا في إصدار القرار أو الإجراء، ويبرز التزام جهة الإدارة بما اتخذته من إجراءات إذا كان يترتب عليها نفقات مالية أو تمس قطاعا من المواطنين.
ومن حيث إنه باستعراض الإجراءات المشار إليها فيما يتعلق بصدور قرار تخصيص الأرض لبناء مجمع سكني عليها وصدور قرار الترخيص عن الجهة المختصة قانونا بإصداره وبدء الجمعية الطاعنة في إجراءات البناء، فما كان يجوز لجهة الإدارة النكول عن كل هذه الإجراءات دون اعتبار للمركز القانوني الذي اكتسبته الجمعية بناء على الموافقات السابقة، لاسيما إذا ما تبين أن مسلك جهة الإدارة لا يقوم على سبب يبرره لتعود مرة أخرى من تلقاء نفسها إلى الصواب الذي تمثل في مكاتبات الجهة المختصة بوزارة الأشغال العامة وبمحافظة الدقهلية وكتاب وزير الأشغال الموجه إلى محافظ الدقهلية، وبذلك فإن القرارات التي صدرت عن وزارة الأشغال العامة وفروعها بمحافظة الدقهلية المطعون عليها بوقف الأعمال أو إزالتها لا تقوم على سبب قانوني أو واقعي يبررها.
ولما كان حي شرق المنصورة أصدر قراره المطعون فيه رقم 497 لسنة 1999 بسحب الترخيص رقم 312 لسنة 1998/1999 مستندا إلى قرارات وزارة الأشغال العامة التي عدلت عنها وثبت عدم سلامتها فإن زوال السبب الذي ارتكن إليه القرار يجعله فاقدا سببه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب غير هذا المذهب فإنه يتعين القضاء بإلغائه والقضاء مجددا بإلغاء القرارات المطعون فيها وعلى الأخص قرار حي شرق المنصورة رقم 497 لسنة 1999 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم الطعين والقرارات المطعون فيها وعلى الأخص قرار حي شرق المنصورة رقم 497 لسنة 1999، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.