جلسة 24 من أغسطس سنة 2013
الطعن رقم 10680 لسنة 56 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن عبد الحميد البرعى
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ طارق محمد لطيف عبد العزيز وعبد الفتاح أمين عوض الله الجزار وسعيد عبد الستار محمد سليمان ومصطفى محمد أحمد محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
تأديب- العقوبة التأديبية- لا يجوزُ توقيعُ عقوبةٍ تأديبية على الموظف ما لم تكن مقرَّرةً ونافذة وقتَ وقوع الفعل التأديبي الذي يُجَازَى من أجله، إلا إذا كان العقابُ التأديبي قد تَعَدَّل بصورةٍ أصلح للمتهم، ولو كان ذلك أثناء مرحلة الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
تأديب- العقوبة التأديبية- يجبُ أن يكون الجزاءُ المقضي به من قبل المحكمة التأديبية مُتفِقًا والحالة الوظيفية للمُحَال، وإلا استَحال تنفيذُه- إذا تغيرت الحالةُ الوظيفية للموظف بإحالتِه إلى التقاعد أثناء محاكمته تأديبيا، أو أثناء نظر الطعن في حكم المحكمة التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا، وُقِّعَت عليه العقوبةُ الجائز توقيعها على من ترك الخدمة.
– المادة (88) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، معدلا بموجب القانون رقم 115 لسنة 1983 (الملغى لاحقًا بموجب القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية).
في يوم 21/2/2010 أودعت هيئة النيابة الإدارية قلمَ كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرَ طعنٍ قُيِّدَ بجدولها برقم 10680 لسنة 56ق. عليا في الحكم الصادر عن المحكمة التأديبية للصحة والمالية بجلسة 27/12/2009 في الدعوى رقم 166 لسنة 51ق، القاضي بمعاقبة/… بخصم عشرة أيام من راتبه… . وطلبت النيابة الإدارية -للأسباب الموضحة بتقرير الطعن- قبول الطعن شكلا، وإلغاءَ الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة المطعون ضده بخصم عشرة أيام من راتبه، وبمعاقبته بالعقوبة المناسبة.
وبعد الإعلان قانونًا، أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي، ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا. وجرى نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 22/5/2013 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة (عليا- موضوع) لنظره بجلسة 22/6/2013، وفيها نظر الطعن على النحو الثابت بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 8/7/2013، وفيها قررت المحكمة مدَّ أجل النطق بالحكم لجلسة 24/8/2013 لإتمام المداولة، وبالجلسة المذكورة أعيد الطعن للمرافعة بذات الجلسة لتغيير التشكيل، وقررت المحكمة إصدار الحكم آخر الجلسة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن استوفى جميع أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تتحصل -حسبما يبين من الأوراق- في أنه بتاريخ 23/12/2008 أقامت النيابة الإدارية أمام المحكمة التأديبية للصحة الدعوى رقم 166 لسنة 51ق. متضمِّنةً تقريرَ اتهامٍ ضد/… الطبيب بعيادة التأمين الصحي بمدينة نصر وآخرين، لِما نُسِبَ إليه وآخر من قيامهما بمنح المحال الأول إجازة مرضية عن الفترة من 29 حتى 31/10/2006 بموجب نموذج 105 مُؤرَّخ في 20/11/2006 دون مناظرة الحالة، بالمخالفة للوائح المنظِّمة لذلك.
وبجلسة 27/12/2009 قضت المحكمة المذكورة بمجازاته بخصم أجر عشرة أيام من راتبه، مُشَيِّدَةً قضاءها على ثبوت ارتكاب المتهم ما نُسِبَ إليه من مخالفاتٍ.
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفًا للقانون، وأخطأ في تطبيقه، ذلك أن المطعون ضده قد انتهت خدمته اعتبارًا من 14/2/2009، قبل صدور الحكم المطعون فيه، وكان على المحكمة توقيع إحدى العقوبات المقرَّرة لمن أنهيت خدمتهم.
……………………………………………………………..
وحيث إن المادة (88) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، المعدَّل بالقانون رقم 115 لسنة 1983، تنص على أن: “لا يمنعُ انتهاءُ خدمة العامل لأيِّ سببٍ من الأسباب عدا الوفاة من محاكمته تأديبيا إذا كان قد بُدِئَ في التحقيق قبل انتهاء خدمته… ويجوزُ أن يُوقَّع على من انتهت خدمته غرامةٌ لا تقلُّ عن خمسة وعشرين جنيهًا ولا تجاوزُ خمسةَ أضعاف الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند انتهاء الخدمة”.
وحيث إنه من المقرَّر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوزُ توقيعُ عقوبةٍ تأديبية ما لم تكن مقرَّرةً ونافذة وقتَ وقوع الفعل التأديـبي الذي يُجَازى من أجله، ما لم يكن العقابُ التأديـبي قد تَعَدَّل بصورةٍ أصلح، إعمالا للمبدأ المقرَّر في مجال العقاب الجنائي وما تُحتِّمه وحدةُ الأسس العامة للعقاب، التي تجمع بينه وبين العقاب التأديـبي، رغم تميُّز كلٍّ منهما في الإجراءات والنطاق وتكييف الأفعال ونوعية العقاب, ما لم يكن قد استحال ذلك نتيجة تغير الحالة الوظيفية بالتقاعد، فتُوقَّع على العامل العقوبةُ المقرَّرة عند ترك الخدمة، وتُطبَّق القاعدة السابقة نفسها في حالة ما إذا حصل التعديلُ إلى الأصلح للعامل من ناحيةِ العقاب التأديـبي في مرحلةِ الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن النيابة الإدارية قد أقامت ضد المطعون ضده الدعوى رقم 166 لسنة 51ق، لِما نُسِبَ إليه بتقرير الاتهام، وقضى الحكم المطعون فيه بمجازاته بخصم أجر عشرة أيام من راتبه، لِما ثبت في حقه من إثم، بيد أن الثابت أن المطعون ضده قد أنهيت خدمتُه اعتبارًا من 14/2/2009، قبل صدور الحكم الطعين، -وكان ذلك ثابتًا أمام محكمة أول درجة قبل الفصل في الدعوى المشار إليها-، وعلى ذلك يكون الجزاءُ المقضي به من قِبل محكمة أول درجة لا يتفقُ والحالةُ الوظيفية للمطعون ضده، ويستحيل تنفيذُه، مما يتعيَّن معه تعديلُ الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة المطعون ضده بخصم أجر عشرة أيام من راتبه، وبِمُجازاتِه بعقوبةِ الغرامة بما يُعادِل الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمته.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبتعديل الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة/… بخصم أجر عشرة أيام من راتبه، وبِمُجازاتِه بعقوبةِ الغرامة بما يُعادِل الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته.