جلسة 24 من مايو سنة 2008
(الدائرة الخامسة)
الطعن رقم 10798 لسنة 48 القضائية عليا.
– حق الملكية- القيود التي ترد عليه- تحويل أو تعديل الوحدات المبنية لغرض السكنى إلى أغراض أخرى.
المادتان الثانية والرابعة من القانون 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة- المادتان (11) و (12) مكررا من القانون 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء- المادة 27 من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1979، معدلا بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981 و 145 لسنة 1985- المادة (53) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، الصادرة بقرار وزير الإسكان رقم 237 لسنة 1977 معدلة بقرار وزير الإسكان رقم 78 لسنة 1993- قرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992.
لا يجوز مطلقاً تحويل أو تعديل الوحدات المبنية لغرض السكنى الواقعة في نطاق محافظة القاهرة لشغلها بأغراض أخرى- الغرض من هذا الحظر هو توفير الوحدات السكنية حلا لأزمة الإسكان المتفاقمة التي يعانى منها جمهور المواطنين، وارتفاع قيمة الإيجارات وأسعار الوحدات السكنية- لا يجوز تفسير هذا القرار على غير معناه ومبناه والعلة من استصداره، كما أنه لا يجوز مخالفة القرار الفردي بشأن حالة معينة القرار التنظيمي الذي استهدف الحد من تحويل الوحدات المبنية لغرض السكنى وفقاً لترخيص البناء إلى غير الغرض المنشأة من أجله ابتداء- لا يتنافى ذلك مع حرية المالك في استغلال ملكه؛ إذ إنه فضلا عن أن حق الملكية مصون ولا يجوز حرمان المالك من ملكه أو تقييد حريته في استعماله إلا وفقاً للقانون، إلا أنه من المسلم به أن للملكية وظيفة اجتماعية إلى جانب ذلك، فيتعين تقييدها حماية لوظيفتها الاجتماعية وتحقيقا للمصلحة العامة– تطبيق.
بتاريخ 6/7/2002 أودعت هيئة قضايا الدولة- نيابة عن الطاعنين بصفتيهما ـ قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة- الدائرة الرابعة في الدعوى رقم 20025 لسنة 55 ق بجلسة 7/5/2002 الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها.
وطلب الطاعنان بصفتيهما -للأسباب الواردة في تقرير الطعن- الأمر وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه بعد إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة السادسة “فحص” بجلسة 27/9/2006 وفيها قررت إحالته إلى الدائرة الخامسة “فحص” للاختصاص، ونظر الطعن أمام هذه الدائرة الأخيرة بجلسة 12/3/2007، وبجلسة 23/4/2007 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة “موضوع” وحددت لنظره جلسة 16/6/2007 وفيها نظر وبالجلسات التالية لها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن الدولة إعلانا للمطعون ضدهما (المقصود المطعون ضده) في مواجهة النيابة العامة لعدم الاستدلال، كما قدم أيضا مذكرة بدفاع الطاعنين بصفتيهما اختتمت بالتصميم على طلباتهما الواردة بتقرير الطعن، وبجلسة 5/4/2008 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 10/5/2008 وصرحت بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوع ولم تودع أية مذكرات، وبهذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
وحيث إن الفصل في موضوع الطعن يغني عن التصدي للشق المستعجل فيه.
وحيث إن عناصر الطعن تخلص -حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه- في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 20025 لسنة 55 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 29/7/2001 طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض منحه ترخيصا لإدارة المحل الكائن بالدور الأرضي بالعقار المبين بعريضة الدعوى كمشروع تجاري (معرض أجهزة منزلية) مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفي الموضوع: أصلياً بإلغاء القرار المطعون فيه، واحتياطياً: قبول الدفع بعدم دستورية قرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 فيما تضمنه من الحظر المطلق لتحويل أو تعديل الوحدات المبنية المخصصة للسكن والواقعة بنطاق محافظة القاهرة، لشغلها بأغراض أخرى، ووقف الدعوى مع التصريح للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية.
وذكر المدعي سنداً لدعواه أنه يمتلك وآخرون العقار الكائن بالقطعة رقم 15 بلوك 62 بالمنطقة الثامنة بمدينة نصر، وصدر له ترخيص البناء رقم 117 لسنة 1998 عن حي شرق مدينة نصر، وتم بناء العقار طبقا للترخيص، وتقدم بتاريخ 3/7/2001 بطلب لحي شرق مدينة نصر، وأرفق به المستندات المطلوبة للحصول على ترخيص المحل الكائن بالدور الأرضي بالعقار المشار إليه لاستغلاله في نشاط معرض أجهزة منزلية، إلا أن جهة الإدارة أخطرته بتاريخ 24/7/2001 برفض منحه الترخيص بحجة أن محافظ القاهرة أصدر قراره رقم 724 لسنة 1992 يحظر فيه تحويل الوحدات المبنية والمعدة للسكنى إلى نشاط تجاري. وينعى المدعي (المطعون ضده) على قرار رفض منحه الترخيص مخالفة القانون؛ وذلك لصدوره استناداً إلى قرار تنظيمي منعدم -وهو قرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 المشار إليه- لاغتصابه سلطة وزير الإسكان والمرافق، حيث خلت القوانين المتعلقة بالبناء وكذا تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والإدارة المحلية من نص يجيز للمحافظ إصدار قرار تنظيمي في هذا الشأن، وزوال الأثر القانوني لقرار محافظ القاهرة المشار إليه، وذلك بصدور القانون رقم 4 لسنة 1996، وعدم دستورية قرار المحافظ المشار إليه أيضا لمخالفته نص المادة 144 من الدستور؛ إذ لا يجوز تقييد حق استغلال المالك لملكه إلا بقانون، وليس بقرار تنظيمي احتراما لحق الملكية،كما صدر القرار الطعين مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة وإساءة استعمالها لخروجه عن قاعدة تخصيص الأهداف، وقد أفصحت عن قرار محافظ القاهرة المشار إليه المذكرة الصادرة عن مكتب محافظ القاهرة في 1/1/1994 الموجه لرئيس حي مصر الجديدة رداً على الاستفسار عن حق أحد المواطنين في تحويل استغلال أحد أدوار العقار المملوك له من غرض سكني كما أُعد له إلى نشاط تجاري، فكان رد مكتب المحافظ أن قرارنا المشار إليه هدفه عدم تحويل الوحدات السكنية المشغولة بسكان ثم يتم إخلاؤها وبيعها لتحويلها إلى نشاط تجاري، فإذا لم يكن هذا الدور قد تم تسكينه فعلا فلا مانع من تحويله إلى تجاري بعد اتخاذ الإجراءات القانونية، وعليه يكون القرار الفردي المطعون فيه الذي التزم بقرار محافظ القاهرة المشار إليه قد انحرف به مُصدِره عن الغاية التي قصد القرار الأخير إلى تحقيقها، فضلا عن عدم المساواة بين الأفراد المتساوين في المراكز القانونية. وخلص المدعي إلى طلب الحكم بطلباته السابق بيانها.
وبجلسة 7/5/2002 قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الرابعة) بقبول الدعوى شكلا، وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها. وشيدت المحكمة قضاءها على سند من توافر ركني الجدية والاستعجال في طلب وقف التنفيذ، فبالنسبة لركن الجدية ذهبت المحكمة إلى توافره على سند من نص المادة (11) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، وقام القرار المطعون فيه على سند من قرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 بحظر تحويل الوحدات المبنية المخصصة للسكنى إلى وحدات مخصصة لمباشرة أنشطة إدارية أو تجارية، وخلت أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه من تفويض المحافظين هذا الاختصاص؛ بل إن القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ورد به النص على جواز هذا التحويل سواء كليا أو جزئيا مقابل زيادة الأجرة القانونية بنسب مختلفة بحسب تاريخ إنشاء المبنى، وما إذا كان تغيير الاستعمال كليا أو جزئيا، ولم يشترط لذلك موافقة الجهة الإدارية، بحسبان أن الأصل جواز استغلال المالك لملكه على الوجه الذي لا يخالف النظام العام أو الآداب، وفيما لا يلحق ضرراً بالمبنى أو شاغليه، باستثناء الحظر المفروض على تغيير استعمال الأماكن المخصصة لإيواء السيارات نزولاً على حكم المادة 17 مكررا (1) من قانون تنظيم وتوجيه أعمال البناء المشار إليه، فمن ثم يكون القرار المطعون فيه مخالفا للواقع والقانون لعدم مشروعية سببه، لاسيما وأن الملكية الخاصة مصونة بنص الدستور، فيجب ألا ترهِق القيود التي يفرضها المشرع- ومن باب أولى جهة الإدارة- جوهرَ مقوماتها، ولذلك تنص المادة 802 من القانون المدني على أن لمالك الشئ وحده -في حدود القانون- حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، وهو الأمر الذي حدا المحكمة الدستورية على القضاء بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه فيما تضمنته من عدم اشتراط موافقة مالك المبنى- وليس جهة الإدارة- عند تغيير المستأجر استعمال العين المؤجرة إلى غير غرض المسكن (القضية رقم 144 لسنة 20 القضائية دستورية جلسة 4/3/2000).كما أقامت المحكمة بحكمها المطعون فيه توافر ركن الاستعجال على سند مما يمثله القرار المطعون فيه من حرمان المدعي من مزاولة نشاط بيع الأجهزة المنزلية وبالتبعية حرمانه من مصدر رزقه، وهي نتائج يتعذر تداركها حتى يتم الفصل في موضوع الدعوى. وخلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه.
وحيث إن مبنى الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك على سند من أن العقار موضوع التداعي صدر له ترخيص البناء رقم 117 لسنة 1998 من حي شرق مدينة نصر متضمناً إنشاء عمارة سكنية من بدروم (جراج) ودور أرضي به غرفة محولات وغرفة حارس وشقتان وتسعة أدوار متكررة بكل دور شقتان، ومن ثم فإن هذا الترخيص لم يتضمن التصريح بمحلات في هذا العقار، وبالتالي فإن أي تعديل على هذا الترخيص من جانب المطعون ضده بتحويل الدور الأرضي إلى محلات هو أمر مخالف لحكم المادة 11 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته التي أوجبت أن يتم تنفيذ البناء أو الأعمال وفقا للأصول الفنية وطبقا للرسومات والبيانات والمستندات التي منح الترخيص على أساسها، ولا يجوز إدخال أي تعديل أو تغيير جوهري في الرسومات المعتمدة إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، ومن ثم يكون قيام المطعون ضده بتحويل الدور الأرضي إلى محلات بدون ترخيص إنما هو أمر يخالف صحيح حكم القانون، ولا يجوز بالتالي لجهة الإدارة الموافقة على ترخيص بهذا المحل لعدم قانونيته ولمخالفته أيضا لقرار المحافظ رقم 724 لسنة 1992 بحظر تحويل الوحدات المرخص بها مساكنَ لأي نشاط آخر غير السكني، وقد صدر قرار محافظ القاهرة المشار إليه للحد من تفاقم مشكلة الإسكان، مما يتضح معه مشروعية القرار المطعون فيه وقيامه على سند صحيح من الواقع والقانون، وخلص الطاعنان بصفتيهما إلى طلب الحكم بطلباتهما السالف بيانها.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإنه وفقا لنص المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وما جرى به قضاء هذه المحكمة يشترط للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين أساسيين مجتمعين:
أولهما- ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب قائما -بحسب الظاهر- على أسباب قانونية مرجحا معها إلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل في موضوع الدعوى.
وثانيهما- ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار الإداري أو الاستمرار في تنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه. والمقصود بهذه النتائج تلك التي يمتنع إصلاحها بإعادة الحال إلى ما كانت عليه أو يتعذر إصلاحها بالتعويض عنها ماديا أو تلك التي يستحيل إصلاحها قانوناً.
وحيث إنه عن ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن المادة الثانية من القانون 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة تنص على أنه “لا يجوز إقامة أي محل تسري عليه أحكام هذا القانون أو إدارته إلا بترخيص، وكل محل يقام أو يدار بدون ترخيص يغلق بالطريق الإداري أو يضبط إذا كان الإغلاق متعذراً به”.
وتنص المادة الرابعة من القانون المشار إليه على أن “يعلن الطالب بالموافقة على موقع المحل أو رفضه في ميعاد لا يجاوز ستين يوما من تاريخ دفع رسوم المعاينة…”. ووردت المعارض بجدول القسم الثالث من المحال التي يسري عليها هذا القانون.
وحيث إن مقتضى نص المادة 27 من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 – معدلا بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981 و 145 لسنة 1985- تولي المحافظ بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاص وحدات الإدارة المحلية وفقا لأحكام هذا القانون جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح، ويكون المحافظ في دائرة اختصاصه رئيسا لجميع الأجهزة والمرافق المحلية. كما حددت المادة السابعة من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 ما تتولاه المحافظة وما تباشره الوحدات المحلية في دائرة اختصاصها فيما يتعلق بشئون الإسكان والشئون العمرانية والمرافق البلدية، ومن بينها تطبيق القوانين والأحكام واللوائح المتعلقة بأعمال التنظيم وتقسيم الأراضي والمباني، وخاصة فيما يتعلق بمطابقة المباني للمواصفات والاشتراطات اللازمة وإصدار التراخيص الخاصة بذلك، وتطبيق وتنفيذ القوانين واللوائح المتعلقة بتراخيص الملاهي والمحال العامة والصناعية والتجارية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة والباعة الجائلين.
ومن حيث إن الاختصاصات التي كانت منوطة بوزير الشئون البلدية والقروية الذي حل محله وزير الإسكان بالنسبة للاختصاصات المتعلقة بالمحال العامة قد انتقلت إلى وحدات الإدارة المحلية بموجب القرار الجمهوري رقم 272 لسنة 1982 في شأن نقل اختصاصات وزارة الإسكان المقررة وفقاً للقوانين واللوائح في عدة مجالات إلى وحدات الإدارة المحلية.
وحيث إنه يبين من مطالعة أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته ولائحته التنفيذية أن المشرع في المادة (11) منه أوجب تنفيذ البناء أو الأعمال وفقاً للأصول الفنية وطبقا للرسومات والبيانات والمستندات التي منح الترخيص على أساسها، كما أوجب في المادة 12 مكرراً منه عند الشروع في البناء أو التعلية أو الاستكمال أن توضع في مكان ظاهر من موقع البناء لافتة يبين فيها البيانات المتعلقة بالمبنى، منها رقم الترخيص ونوع المبنى ومستوى البناء. وأوجبت المادة (53) من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه الصادرة بقرار وزير الإسكان رقم 237 لسنة 1977 معدلة بقرار وزير الإسكان رقم 78 لسنة 1993 أن يقدم طلب الترخيص في إدخال التعديل أو التغيير الجوهري في الرسومات المعتمدة، والذي يمس الناحية المعمارية أو الإنشائية أو يؤثر في جوهر التصميم أو يغير من أوجه الاستعمال، موقعا عليه من الطالب ومرفقا به رسم من ثلاث صور لتفاصيل الأجزاء المطلوب تعديلها… أما التعديلات البسيطة التي تقتضيها ظروف التنفيذ مثل انحراف مواضع الفتحات، واختلاف أبعاد بعض مرافق البناء، وترحيل بعض الحوائط فيكتفى في شأنها بتقديم أصول الرسومات المعتمدة إلى الجهة المختصة بشئون التنظيم لإثبات التعديل عليها.
وحيث إنه قد صدر قرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 وأشار في ديباجته إلى قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته، والقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والقوانين المعدلة له ولائحته التنفيذية والقانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، ونص في المادة الأولى منه على أن “يحظر نهائيا تحويل أو تعديل الوحدات المبنية المخصصة للسكنى والواقعة بنطاق محافظة القاهرة لشغلها بأغراض أخرى، ويشمل ذلك الوحدات السكنية التي تقيمها شركات قطاع الأعمال العام في نطاق المحافظة”، ومن ثم فإن مؤدى ذلك أنه لا يجوز مطلقا تحويل أو تعديل الوحدات المبنية لغرض السكنى والواقعة في نطاق محافظة القاهرة لشغلها بأغراض أخرى، وأن الغرض من هذا الحظر هو توفير الوحدات السكنية حلا لأزمة الإسكان المتفاقمة التي يعاني منها جمهور المواطنين، وارتفاع قيمة الإيجارات وأسعار الوحدات السكنية، ولا يجوز تفسير هذا القرار على غير معناه ومبناه والعلة من استصداره، كما أنه لا يجوز مخالفة القرار الفردي بشأن حالة معينة للقرار التنظيمي الذي استهدف الحد من تحويل الوحدات المبنية لغرض السكنى وفقا لترخيص البناء إلى غير الغرض المنشأة من أجله ابتداء. ولا يتنافى ذلك مع حرية المالك في استغلال ملكه؛ إذ إنه فضلا عن أن حق الملكية مصون ولا يجوز حرمان المالك من ملكه إلا وفقا للقانون أو تقييد حريته في استعماله، إلا أنه من المسلم به أن للملكية وظيفة اجتماعية إلى جانب ذلك، فيتعين تقييدها حماية لوظيفتها الاجتماعية وتحقيقاً للمصلحة العامة، ومن ثم وإذ صدر قرار محافظ القاهرة المشار إليه بحظر تحويل الوحدات المبنية بغرض السكنى لشغلها بأغراض أخرى، فإنه يكون قد صدر مستهدفا المصلحة العامة، وإعمالاً للوظيفة الاجتماعية للملكية بعيداً عن الانحراف بالسلطة أو إساءة استخدامها، وصدر ممن يملك سلطة إصداره؛ باعتبار أن المحافظ رئيس لجميع الأجهزة والمرافق الواقعة في نطاق المحافظة على النحو المتقدم بيانه، وإن الدفع بعدم دستوريته غير جدي وواجب الالتفات عنه.
وحيث إنه على هدي ما تقدم ولما كان البادي – بحسب الظاهر من الأوراق- أنه قد صدر ترخيص البناء رقم 117 لسنة 1998 للقطعة رقم 15 بلوك 6 بالمنطقة الثالثة بمدينة نصر وذلك من حي مدينة نصر، ورخص بمقتضاه للمطعون ضده بإنشاء عمارة سكنية بدروم + أرضي + تسعة أدوار متكررة مكون من بدروم جراج ودور أرضي به غرفة محولات وغرفة حارس وشقتان وتسعة أدوار متكررة بكل دور شقتان، ومن ثم فإنه قد تحدد الغرض من البناء ولم يشتمل على محلات تجارية أو إدارية بالبدروم أو الدور الأرضي أو ما يعلوه.
ولما كان البادي من صحيفة دعوى المدعي (المطعون ضده) أنه تقدم لحي شرق مدينة نصر بطلب بتاريخ 3/7/2001 للترخيص بالمحل الكائن بالدور الأرضي بالعقار المشار إليه لاستغلاله في نشاط معرض أجهزة منزلية، ومرفقا به المستندات المطلوبة، وأضاف بصحيفة دعواه أنه أتم كافة التجهيزات اللازمة لإدارة المحل، ومن ثم فإن المدعي (المطعون ضده) يكون قد قام بتغيير الغرض المحدد لاستعمال الدور الأرضي بالعقار المشار إليه بالمخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 ولائحته التنفيذية السابق الإشارة إليهما، وقرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992، بما لا يجوز معه قبول طلب الترخيص بنشاط محل تجاري (معرض أجهزة منزلية) لمخالفة الموقع لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه وقرار محافظ القاهرة المشار إليه، الأمر الذي يكون معه القرار الصادر برفض الترخيص للمطعون ضده بهذا المحل لمباشرة نشاط تجاري بمكان مخصص للسكنى -وبحسب الظاهر ودون المساس بأصل طلب الإلغاء- قد قام على سنده الصحيح من الواقع وأحكام القانون، مما يرجح عدم إلغائه عند الفصل في موضوع الدعوى، الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، مما تقضي معه هذه المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، دون حاجة إلى التصدي لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك وقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإنه يكون قد جانبه الصواب في قضائه مما تقضي معه هذه المحكمة بإلغائه، والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات.