جلسة 26 من مارس سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 1087 لسنة 46 القضائية عليا.
– جامعة الأزهر– السلطة التقديرية للجامعة في قبول الحاصلين على الليسانس أو البكالوريوس من الجامعات المصرية الأخرى طلابا ببعض الكليات بها.
المادة (199/2) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم (103) لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم (250) لسنة 1975، والمعدلة بقراره رقم (407) لسنة 1992.
أجاز نص المادة المذكورة قبول الطلاب الحاصلين على درجة الليسانس أو البكالوريوس من إحدى الجامعات المصرية طلابا في أقسام الإجازة العالية ببعض كليات جامعة الأزهر– سلطة الجامعة في قبولهم جوازية، فإذا قررت عدم قبولهم وفقا لأساس موضوعي اقتضته المصلحة العامة، وهو تضاعف أعداد الحاصلين على الثانوية الأزهرية، ومنح الأولوية لهؤلاء، فإنها لا تكون قد أساءت استعمال سلطتها، أو خالفت مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص– أساس ذلك: عدم تماثل المراكز القانونية بين الحاصلين على الثانوية الأزهرية وغيرهم– تطبيق.
في يوم الأربعاء الموافق 24/11/1999 أودع الأستاذ/ … المحامي بصفته وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 417 لسنة 51 ق بجلسة 25/9/1999 الذي قضي في منطوقه برفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء رفض قبولهم بالكليات المشار إليها بالقرار رقم 58 بالجلسة رقم 370 لسنة 1996، مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقا للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره، ونفاذا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم ، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 20/10/1996 أودع الطاعنون قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 417 لسنة 51 ق وطلبوا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس جامعة الأزهر رقم (58) الصادر بالجلسة رقم (370) لسنة 1996 والمؤيد مضمونه بجلسة (376) لسنة 1996.
وذكروا شرحا لدعواهم أنهم حاصلون على مؤهلات جامعية عليا (بكالوريوس وليسانس) ويرغبون في الالتحاق بإحدى كليات جامعة الأزهر المنصوص عليها في المادة (199) من اللائحة التنفيذية لقانون إعادة تنظيم الأزهر، غير أن إدارة الكليات الأزهرية رفضت قبولهم إعمالا للقرار المطعون فيه، فأقاموا دعواهم.
واختتم المدعون صحيفة الدعوى بطلب الحكم بطلباتهم.
وبجلسة 28/1/1997 حكمت المحكمة في الشق العاجل من الدعوى بقبولها شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع، حيث أودعت الهيئة تقريرها الذي ارتأت فيه الحكم برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه.
وبجلسة 25/9/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الدعوى استنادا إلى أن القرار المطعون فيه صدر عن مجلس جامعة الأزهر بجلسته رقم 370 لسنة 1996 الذي يملك ولاية إصداره بعدم الموافقة على قبول طلاب جدد من خريجي الجامعات المصرية بالكليات المشار إليها نظرا لتضاعف أعداد طلبة الثانوية الأزهرية.
لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعنين الذين نعوا عليه البطلان للقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون؛ لإخلال القرار المطعون فيه بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، حيث ميز الحاصلين على الإجازة العالية من جامعة الأزهر وطلاب الثانوي الأزهري عن الحاصلين على درجة الليسانس أو البكالوريوس من الجامعات المصرية دون أسباب قانونية صحيحة. كما جاء الحكم مخالفا لنص المادة (199) من اللائحة التنفيذية لقانون الأزهر، حيث صدر القرار الطعين مشوبا بعيب اغتصاب السلطة إذ لا تملك جهة الإدارة وحدها تعديل أو تعطيل العمل بالنص المشار إليه. كما أنه مشوب بعيب الانحراف بالسلطة إذ انطوى على تمييز تحكمي بين فئة وأخرى مفتقرا لركن السبب، والقول بتضاعف الأعداد هو سبب هزيل لا يجوز بموجبه الحرمان من الحقوق الدستورية، حيث إن الجهة الإدارية ملزمة بتوفير الأماكن اللازمة لجميع الطلاب المتقدمين وفقا للاشتراطات القانونية المحددة دون تمييز بين فئة وأخرى.
واختتم الطاعنون تقرير الطعن بطلب الحكم بطلباتهم.
ومن حيث إن المادة (199/2) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها المعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم (407) لسنة 1992 تنص على أن: ” كما يجوز قبول الطلاب الحاصلين على درجة الليسانس أو البكالوريوس من إحدى الجامعات المصرية الأخرى بأقسام الإجازة العالية بكليات الشريعة وأصول الدين واللغة العربية والدعوة والدراسات الإسلامية والعربية وفقا للشروط التي تنص عليها اللوائح الداخلية لهذه الكليات…”.
ومن حيث إن أحكام المحكمة الدستورية العليا قد استقرت على أن قوام التمييز الذي يناقض مبدأ المساواة أمام القانون كلُّ تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون، ومن ناحية أخرى فإن المساواة المنصوص عليها في المادة (40) من الدستور ليست مساواة حسابية، إذ يملك المشرع بسلطته التقديرية ولمقتضيات المصلحة العامة وضع شروط موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية التي يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث إذا توافرت هذه الشروط في طائفة من الأفراد وجب إعمال المساواة بينهم لتماثل مراكزهم القانونية ، فإذا انتفى مناط التسوية بينهم بأن توافرت الشروط في بعضهم دون البعض الآخر كان لمن توافرت فيهم الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التي كفلها القانون لهم. أما مبدأ تكافؤ الفرص الذي تكفله الدولة للمواطنين كافة وفقا لنص المادة (8) من الدستور فإنه يتصل في مضمونه بالفرص التي تتعهد الدولة بتقديمها، فلا يثار إعماله إلا عند التزاحم عليها،كما أن الحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية في مجال الانتفاع بها لبعض المتزاحمين على بعض، وهي أولوية تتحدد وفقا لأسس موضوعية تقتضيها المصلحة العامة”.
( الطعن رقم 109 لسنة 27 ق دستورية جلسة 10/6/2007 والطعن رقم 131 لسنة 31ق دستورية بجلسة 2/7/2007)
ومن حيث إنه هديا بما تقدم فإن نص المادة (199/2) جاء جوازيا لقبول الطلاب الحاصلين على درجة الليسانس أو البكالوريوس من إحدى الجامعات المصرية الأخرى في أقسام الإجازة العالية في بعض كليات جامعة الأزهر المشار إليها في هذا النص، فإذا أعملت جامعة الأزهر سلطتها الجوازية المقررة لها بالنص وأصدرت بمقتضى سلطتها التقديرية قرارها المطعون فيه بعدم قبول الطاعنين في تلك الكليات، وذلك وفقا لأساس موضوعي اقتضته المصلحة العامة وهو تضاعف أعداد الحاصلين على الثانوية الأزهرية، ومنحت هذه الفئة الأخيرة الأولوية في شغل مقاعد تلك الكليات حسب الأعداد المقرر قبولها، وإزاء عدم تماثل المراكز القانونية بين المطعون ضدهم وبين الحاصلين على الثانوية الأزهرية، فإنه ينتفي مناط التسوية بين الفئتين. ولا مساس هنا بمبدأي المساواة أو تكافؤ الفرص حيث صدر القرار المطعون فيه عاما ومجردا في حدود سلطة جهة الإدارة التقديرية التي أجاز لها المشرع استخدامها، وخلت الأوراق مما يشير إلى إساءتها استعمال سلطتها أو الانحراف بها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر صحيحا مبرأً من عيوب الإلغاء، ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه مفتقرا لسنده جديرا بالرفض، وإلزام الطاعنين المصروفات عملا بالمادة (184) من قانون المرافعات .
ولا محاجة هنا للقول بأن القرار المطعون فيه يمس حق الطاعنين الدستوري في التعليم؛ ذلك لأن هذا القرار لم يمس هذا الحق من قريب أو بعيد، حيث إن كلا منهم حاصل على الدرجة الجامعية الأولى (بكالوريوس أو ليسانس) ولم يحرمهم هذا القرار من استكمال الدراسات العليا إذا توافرت بشأنهم شروط القيد بها، إنما قصد القرار المطعون فيه إتاحة الفرصة للأعداد المتزايدة من الحاصلين على الثانوية الأزهرية لاستكمال دراساتهم الجامعية الأولى للحصول على الإجازة العالية (الدرجة الجامعية الأولى) من الكليات المذكورة بهذا القرار.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعنين المصروفات.