جلسة 13 من سبتمبر سنة 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح.
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبدالحميد حسن عبود، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حتة محمود حتة.
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 11091 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ نظام التأمين الجماعى عليهم ـ مدى التزام جهة الإدارة بتطبيقه.
نظام التأمين الجماعى على الحياة للعاملين المدنيين بالدولة لدى شركات التأمين ليس من أنظمة الخدمة المدنية المقررة قانوناً ـ امتناع الجهة الإدارية عن الأخذ به أو إصدار قرار ملزم به لا يشكل قراراً سلبياً بالامتناع لأنه لا إلزام قانوناً على جهة الإدارة بتطبيقه على العاملين لديها، بل هو نظام تكافل اجتماعى يتم فى إطار الخدمات الاجتماعية وصناديق العاملين بالجهات الحكومية الذى تجريه النقابات وما شابهها وليس نظاماً حكومياً ملزماً فليس ثمة سلطة لجهة الإدارة فى تطبيقه على العاملين وليس عليها إلزام بفرضه على العاملين أو بقبول العاملين له فهو يدخل فى مجال حرية الاختيار للدخول فى نظام تأمينى خاص ـ دور الجهة الإدارية يكون فقط لضمان أداء الأقساط المطلوبة لشركة التأمين وتجميع العاملين لتحقيق نظام تأمينى أفضل يتسم بالجماعية ـ أثر ذلك ـ قيام إحدى الوزارات بإبرام عقد تأمينى لأحد القطاعات وامتناعها عن إبرامه لقطاعات أخرى لا يشكل قراراً سلبياً بالامتناع ـ تطبيق.
بتاريخ 24/8/2000 أودع وكيل الطاعن تقريراً بالطعن أودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا وقيد بالرقم عاليه طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى المشار إليه والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعًا وألزمت المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن ـ للأسباب المبينة بتقرير طعنه ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بأحقية الطاعن فى تعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء تقاعس الجهة الإدارية فى تطبيق عقد التأمين الجماعى عليه مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن طبقًا للمبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بما تراه المحكمة مناسباً من التعويض وإلزامها المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6/2/02 20 وبجلسة 18/11/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ـ الدائرة الأولى موضوع ـ لنظره بجلسة 21/12/2002 وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية وبجلسة 19/4/2003 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم وتقديم مذكرات فى شهر، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن قد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بأداء ما يوازى قيمة التأمين المقرر بعقد التأمين الجماعي المؤرخ فى 3/7/1991 والسارى اعتباراً من 1/10/1991 وما طرأ عليه من تعديل لاحق مع تعويضه عن مجموع الأضرار التى لحقت به شخصياً من جراء عدم تطبيق نصوص هذا العقد على حالته والذى يتركه لتقدير المحكمة مع تحميل المدعى عليه بصفته المصروفات ومقابل الأتعاب.
وقد سند المدعى (الطاعن) دعواه بأنه كان يشغل وظيفة مدير الشئون القانونية بالدرجة الأولى لمجموعة القانون بالإدارة العامة لحماية النيل بالقاهرة الكبرى التابعة لوزارة الأشغال ومصلحة الرى حتى أحيل للتقاعد ببلوغه السن المقررة، وبتاريخ 1/7/ 1991 أبرم ديوان عام وزارة الرى وكذلك مصلحة الرى عقد تأمين جماعى على حياة الإداريين لمدة عشر سنوات تتجدد لمدد أخرى مع شركة مصر للتأمين، وبموجب هذا العقد تلتزم شركة مصر للتأمين بأن تدفع للمتعاقد وفقاً للمرتب مبلغ التأمين عند تحقق إحدى حالات الوفاة أو العجز الكامل، أو بلوغ سن المعاش، وأن هذا العقد كان يجب أن يشمل كافة المشتغلين بديوان وزارة الأشغال بمحافظة الجيزة والإدارة العامة لرى الجيزة والإدارة العامة لحماية النيل بالقاهرة الكبرى والذين يتبعون رئاسيًا مصلحة الرى، إلا أنهم فوجئوا بعدم تطبيق عقد التأمين الجماعي عليهم أسوة بزملائهم دون سبب أو مبرر وقد بذلوا المساعي الإدارية الودية حتى أبدت مصلحة الرى موافقتها على نشر مظلة التأمين الجماعى بالعقد سالف الذكر وطلبت موافاتها بكشوف بأسماء جميع الراغبين وتواريخ ميلادهم ومرتباتهم مشفوعة بالموافقة على الخصم بقيمة التأمين إلا أنها سرعان ما تنصلت من موافقتها بكتابها المؤرخ فى 18/5/1993 الذي انتهت فيه إلى طلب التعاقد مع أى شركة تأمين وخصم قيمة التأمين من المرتبات دون مراعاة لمشاعر العاملين إزاء هذه التفرقة بينهم دون سند قانونى، وأنه قد أحيل للمعاش عام 1993 وقد أعيته المساعى مما حدا به لإقامة دعواه بطلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 25/6/2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند أن نظام التأمين الجماعى على حياة العاملين بالدولة ليس من أنظمة خدمة العاملين ولا إلزام على جهة الإدارة بتطبيقه على العاملين لديها، ولا إلزام على العاملين بالدولة بالاشتراك فيه، بل يتم بناءً على إرادة العامل الحرة فى اختيار هذا النظام فى ضوء ظروفه بقبوله خصم الأقساط من راتبه وليس ثمة سلطة لجهة الإدارة فى تطبيقه على العاملين لديها بمقتضى قانون أو لائحة تتدخل بموجبها لفرض هذا النظام وإنما هو تنظيم جماعي للعاملين لا تلتزم فيه جهة الإدارة بأي التزام سوى الوفاء لشركة التأمين بقيمة القسط بالخصم من مستحقات العاملين لديها، ومن ثَمَّ فقد تشترك فى هذا النظام إدارة من الإدارات دون الأخرى حسب ما يتم الاتفاق مع شركة التأمين عليه وهو ما قد ترفض شركة التأمين فى شأنه الاتفاق.
وحيث إن العاملين بديوان عام وزارة الأشغال ومصلحة الري قد رغبوا فى التأمين على حياتهم وعرضوا ذلك على شركة مصر للتأمين وأبرموا عقدًا فى 1/7/1991 معها وكان العقد بين رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والتنمية الإدارية بديوان عام وزارة الأشغال ورئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية بمصلحة الري بحسبانها المنوط بها توريد قيمة الأقساط التى تخصم من العاملين بديوان عام الوزارة بحسبانها المنوط بها توريد قيمة الأقساط التى تخصم من العاملين بإداراتها ومن ثَمَّ فإن آثار هذا العقد لا تنصرف إلى المدعي بحسبانه لا يتبع الديوان العام لوزارة الأشغال ومصلحة الرى, بل يتبع قطاع الأشغال للوجه القبلى ـ الإدارة المركزية لري الجيزة ـ إدارة حماية النيل، كما أنه ليس ثمة إلزام على الوزارة بما فيها من إدارات داخل الديوان العام التعاقد على وثيقة تأمين للإدارات خارج نطاق الديوان العام للوزارة، وأن العاملين خارج ذلك يمكنهم إبرام عقود تأمين خاصة بهم بحسبانه ليس من أنظمة الخدمة الواجب الالتزام بها قانوناً، ومن ثَمَّ يكون قد انتفى القرار السلبى بامتناع وزارة الأشغال العامة ومصلحة الرى وفقًا لمفهوم القرار السلبى المستقر عليه فى قانون مجلس الدولة ويكون طلب المدعى التعويض عن امتناع الوزارة ومصلحة الرى على تطبيق وشمول نظام التأمين على الحياة عليه غير قائم على سند صحيح من القانون، وانتهت المحكمة إلى حكمها سالف الذكر.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالأوراق والفساد فى الاستدلال، حيث إن المحكمة سايرت الجهة الإدارية فيما ادعته من أن عقد التأمين اختيارى، كما أن الحكم لم يشر إلى التفرقة التى تمت بين العاملين فى المكان الواحد، كما لم تقم الجهة الإدارية بالخصم من مرتباتهم وانتهى إلى طلباته سالفة الذكر.
ومن حيث إن طلبات الطاعن تخلص فى طلب التعويض عن الأضرار التى أصابته من جراء عدم شمول عقد التأمين الجماعى المبرم بين ديوان عام وزارة الأشغال ومصلحة الرى وشركة مصر للتأمين بتاريخ 1/7/ 1991 على حالته باعتباره من العاملين بمصلحة الرى.
ومن حيث إن المستقر عليه أن مسئولية الإدارة عن التعويض عن القرارات الإدارية رهينة بوجود خطأ فى جانبها سبب ضرراً وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ، فإن طعن الطاعن تناول قرار الإدارة السلبى بالامتناع عن تطبيق نظام التأمين الجماعى مع شركة مصر للتأمين والذى تم بين ديوان عام وزارة الأشغال ومصلحة الرى وشركة التأمين.
ومن حيث إن المستقر عليه فى شأن القرار السلبى بالامتناع هو وجود إلزام على جهة الإدارة بإصدار قرار على نحو معين وامتناعها عن إصدار مثل هذا القرار يشكل قراراً إدارياً سلبيًا بالامتناع عن إصدار مثل هذا القرار، فإذا لم يكن هناك إلزام على الجهة الإدارية بإصدار قرارها فلا وجود للقرار السلبى بالامتناع .
ومن حيث إنه بإنزال ما سبق على واقعات الطعن الماثل يبين أن نظام التأمين الجماعي على الحياة للعاملين المدنيين بالدولة لدى شركات التأمين ليس من أنظمة الخدمة المدنية المقررة قانونًا بحيث إن امتناع الجهة الإدارية عن الأخذ به أو إصدار قرار ملزم به يشكل قراراً سلبياً بالامتناع لأنه لا إلزام قانوناً على جهة الإدارة بتطبيقه على العاملين لديها، بل هو نظام تكافل اجتماعى يتم فى إطار الخدمات الاجتماعية وصناديق العاملين بالجهات الحكومية الذى تجريه النقابات وما شابهها وليس نظاماً حكومياً ملزماً فليس ثمة سلطة لجهة الإدارة فى تطبيقه على العاملين وليس عليها إلزام بفرضه على العاملين أو بقبول العاملين له فهو يدخل فى مجال حرية الاختيار للدخول فى نظام تأمينى خاص ودور الجهة الإدارية يكون فقط لضمان أداء الأقساط المطلوبة لشركة التأمين وتجميع العاملين لتحقيق نظام تأمينى أفضل يتسم بالجماعية، ومن ثَمَّ فإنه إذا كانت جهة الإدارة لديوان عام وزارة الأشغال وديوان عام مصلحة الري قد أبرما مثل هذا التأمين مع شركة تأمين وحددته بالعاملين فى ديوان عام الوزارة أو ديوان مصلحة الري دون مده إلى جهات أخرى، فإنه لا يشكل قراراً إدارياً سلبياً بالامتناع وأنه يجوز للعاملين فى أى وحدة إدارية إبرام مثل هذا العقد ، ومن ثَمَّ وقد انتفى وجود قرار إدارى سلبى بالامتناع فقد انتفى ركن الخطأ فى دعوى التعويض مما يتعين معه الحكم برفض الطعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد نحا ذات المنحى فإنه يكون قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون ويكون النعى عليه فى غير محله واجب الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته إعمالاً لحكم المادة (184) مرافعات .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.