جلسة 15 من يناير سنة 2005م
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، وحسن سلامة أحمد محمود، وأحمد عبد الحميد حسن عبود.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / رضا محمد عثمان
مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 11199 لسنة 46 قضائية عليا:
ما يدخل فى اختصاص مجلس الدولة ــ المنازعة بين المؤمن عليه والهيئة العامة للتأمين الصحى حول كيفية تقديم العلاج والرعاية الطبية تدخل فى مفهوم المنازعات الإدارية ــ مؤدى ذلك: اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع.
الهيئة العامة للتأمين الصحى ــ المنازعة فى سبيل تقديم العلاج وطريقته لا تدخل فى المنازعات التى يتعين عرضها على اللجان المشكلة طبقًا للمادة (157) من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975.
استقلالها بتشخيص المرض وتحديد طبيعته ودرجة شدته وتحديد العلاج المناسب والجرعات وأوقات تقديمها- أثر ذلك.
الهيئة العامة للتأمين الصحى تستقل بداءة بتشخيص المرض وتحديد المرض وتحديد طبيعته ودرجة شدته وما يستتبع ذلك من تحديد للعلاج المناسب وفقًا لحالة كل مريض والجرعات اللازمة وأوقات تقديمها ــ مؤدى ذلك:لا يجوز إلزامها بتقديم دواء معين لحالة مرضية معينة لمجافاة ذلك لمنطق الأمور وطبائع الأشياء ــ تطبيق.
فى يوم الإثنين الموافق 30/7/03 20 أودع الأستاذ/عبد الوهاب حسنين المحامى نائبا عن الأستاذ / حامد إبراهيم أحمد الشريف المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 11199 لسنة 49 ق .ع فى الحكم المشار إليه والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعية مصروفات هذا الطلب.
وطلبت الطاعنة ــ للأسباب الواردة بتقرير الطعن ــ قبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار السلبى المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها صرف دواء الأبيركس اللازم جدًا لعلاج المدعية وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات . وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام الدائرة السادسة فحص جلسة 16/3/2004والتى أحالته إلى الدائرة الأولى فحص؛ حيث نظرته بجلسة 21/6/2003، وبجلسة 25/9/2004 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 6/11/2004 وفيها قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن الطاعنة أقامت الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنوفية بتاريخ 6/3/2003 طلبت فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها صرف دواء الأبركس اللازم لعلاجها مع إلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات، وقالت شرحًا للدعوى إنها مصابة بالفشل الكلوى المزمن وكان يصرف إليها الدواء المشار إليه ثم فوجئت بامتناع الهيئة عن صرفه لارتفاع ثمنه والاستغناء عنه بنقل الدم وهو ما يصيبها بحساسية شديدة وأخطار جسيمة قد تودى بحياتها، وقد حاولت مرارًا صرف الدواء دون فائدة، وأضافت أن الهيئة قررت بتاريخ 30/4/2002 منع صرف الدواء.
وبجلسة 6/5/2003 صدر الحكم المطعون فيه، وشيدت المحكمة قضاءها على أن العقار المشار إليه لا يصرف إلا فى حالات زرع الأعضاء وزرع الكلى فقط ولا يصرف لمرضى الفشل الكلوى ومن المستقر عليه أن الجهة المعالجة هى التى تتولى تحديد العلاج المناسب لكل حالة إعمالاً لحكم القانون ومن ثَمَّ فمن غير الممكن إلزامها بصرف الدواء المشار إليه والذى
لا يصرف لعلاج الفشل الكلوى المزمن فمن ثَمَّ يتعين الحكم برفض طلب وقف التنفيذ لانهيار ركن الجدية دون حاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والإخلال بحق الدفاع مع القصور فى التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يتعرض للمستندات المقدمة من الطاعنة والتى تشمل التقرير الطبى الصادر من مستشفى بركة السبع بحالة الطاعنة الصحية ، وصورة القرار رقم 51 لسنة 2003 صادر من فرع وسط الدلتا بالهيئة المطعون ضدها بصرف ذات الدواء لحالة مماثلة لحالة الطاعنة الصحية، وصورة الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى حالة مماثلة، كما أن مقتضى نصوص الدستور وقانون التأمين الاجتماعى يوجبان على الهيئة المطعون ضدها رعاية المؤمن عليهم رعاية صحية كاملة بما فيها صرف الدواء اللازم لدرء ما يحيق بهم من أمراض نظير اشتراكات شهرية تخصم من رواتبهم، كذلك فإن ما انتهى إليه الحكم الطعين يتنافى مع روح القانون وما استقر عليه العرف من أن مريض الفشل الكلوى يحتاج لزرع كلية خاصة إذا كان الفشل يشمل الكليتين وهو بذلك يحتاج إلى زرع كلية لا تستطيع الحصول عليها لذلك فهى تلجأ إلى الحصول على العلاج إلى أن يقضى الله أمرًا كان مفعولاً.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى تأسيساً على أنه ليس ثمة قرار إدارى يمكن الطعن عليه، ولما كانت حقيقة المنازعة الماثلة أنها منازعة إدارية بين الطاعنة والهيئة المطعون ضدها حول كيفية تقديم العلاج والرعاية الطبية للطاعنة بتقديم الدواء المشار إليه بصحيفة الطعن أو بأية وسيلة أخرى تقررها الجهات الفنية فى الهيئة المطعون ضدها ومن ثَمَّ فإن النزاع الماثل يدخل فى مفهوم المنازعات الإدارية الواردة فى البند الرابع عشر من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، ومن ثَمَّ يتعين رفض الدفع المشار إليه واختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النز اع.
وعن الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم تقدم الطاعنة إلى اللجان المشكلة طبقًا للمادة (157) من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 والتى توجب فى حالات المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون المشار إليه اللجوء لفحص المنازعة أمام اللجان المشكلة لهذا الغرض قبل إقامة الدعوى، ولما كانت حقيقة المنازعة الماثلة كما سلف البيان فإنها ليست منازعة فى تطبيق القانون المشار إليه من عدمه حيث إن كلاً من الطاعنة والهيئة المطعون ضدها متفقتان على تطبيق النص الخاص بتقديم العلاج الطبى ولكن الخطأ يكمن فى سبل تقديم هذا العلاج وطريقته ومن ثَمَّ فهى لا تدخل فى المنازعات التى يتعين عرضها على اللجان المشار إليها ويتعين بالتالى رفض هذا الدفع .
ومن حيث إن المادة (47) من القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعى تنص على أن “يقصد بالعلاج والرعاية الطبية ما يأتى 1-…………….. 7ــ صرف الأدوية اللازمة فى جميع الحالات المشار إليها فيما تقدم”.
وتنص المادة (85) من ذات القانون على ان “تتولى الهيئة العامة للتأمين الصحى علاج المصاب او المريض ورعايته طبيًا إلى أن يشفى أو يثبت عجزه، وللهيئة المختصة الحق فى ملاحظة المصاب أو المريض حيثما يجرى علاجه، ويقصد بالعلاج والرعاية الطبية ما هو منصوص عليه بالمادة (47) …………”.
ومن حيث إن القانون المشار إليه حين نظم العلاج والرعاية الطبية وفق نظام التأمين الصحى الذى يفرض على كل منتفع به سداد مبالغ محددة وفى المقابل التزام الدولة ممثلة فى الهيئة العامة للتأمين الصحى بتأمين العلاج والرعاية الطبية للمستفيدين ومن ثَمَّ تستقل الهيئة المشار إليها بداءة بتشخيص المرض وتحديد طبيعته ودرجة شدته ثم يستتبع ذلك تحديد العلاج المناسب لهذا المرض وحالة كل مريض والجرعات اللازمة وأوقات تقديمها وعليه فليس بلازم تقديم صنف معين من الدواء مثلاً أو بذات القدر من الجرعة لكل المرضى بمرض واحد بل قد يختلف العلاج بين مريض وآخر من المصابين بذات المرض وهو ما يقيم فى المقابل مسئولية الهيئة المشار إليها عن تشخيص المرض أو تقديم العلاج وجرعاته وأوقاته بحيث إذا ما ترتب على ذلك ثمة ضرر للمريض تقوم مسئولية الهيئة عن الخطأ حسب القواعد المقررة فى هذا الشأن.
ومن حيث إنه إزاء اختصاص الهيئة السالف بيانه ومسئولياتها عن تقديم العلاج وجرعاته وأوقاته تستقل الهيئة المذكورة دون غيرها من الجهات الطبية الأخرى فى تحديد طبيعة المرض وطريقة علاجه وجرعات الدواء المطلوبة ولا يجوز بالتالى إلزامها بتقديم دواء معين لحالة مرضية معينة لمجافاته لمنطق الأمور وطبائع الأشياء.
وإلا فما الحال إذا ما تغيرت حالة المريض الصحية أو تم إنتاج دواء جديد ذى فاعلية فى علاج المريض فلن تستطيع الهيئة التخلى عن إلزامها بتقديم دواء معين خاصة ما صدرت به أحكام من القضاء وفى الحالة الماثلة وإذ عدلت هيئة التأمين الصحى عن تقديم دواء “الأيبركس” للطاعنة بتقديم طريقة علاج أخرى متمثلة فى نقل الدم فإن ذلك من اختصاص الهيئة المشار إليها خاصة وأن الطاعنة لم تقم الدليل على أن طريقة العلاج الأخيرة قد أصابتها بالحساسية الشديدة أو الخطر الجسيم، كما أنها لم تقم الدليل على أن سبب العدول هو ارتفاع ثمن الدواء لأن كل ما ورد فى اجتماع مجلس مديرى الشئون الطبية بالهيئة ( والذى لم يعتمد من رئيس مجلس الإدارة ) لم يذكر هذا السبب صراحة وإنما حدد الحالات التى يصرف فيها ومن ثَمَّ فإن النعى على ما انتهت إليه الهيئة من تقرير العلاج المناسب لحالة الطاعنة يغدو غير سديد ويغدو الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى ذات النتيجة متفقًا وأحكام القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنة المصروفات.