جلسة 17 من مايو سنة 2003م
برئاسة الأستاذ المستشار/ فاروق عبدالبر السيد إبراهيم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد أمين حسان، وبخيت محمد إسماعيل، ولبيب حليم لبيب، ومحمد عبدالحميد أبوالفتوح.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار م/ إيهاب إبراهيم السعدنى
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 11348 لسنة 46 قضائية عليا:
ـ إنهاء خدمة ـ الحكم على العامل فى جريمة مخلة بالشرف والأمانة ـ تحديد مفهوم الجريمة المخلة بالشرف والأمانة.
المادة (94) من القانون رقم 47 لسنة 1978 فى شأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.
العامل تنتهى خدمته إذا حُكم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ـ إذا كان الحكم على العامل قد صدر لأول مرة فإنه لا يؤدى إلى إنهاء خدمته إلا إذا رأت لجنة شئون العاملين بالجهة الإدارية التى يعمل بها بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن استمرار العامل فى وظيفته يتعارض مع طبيعة العمل أو مقتضيات الوظيفة ـ المشرع فى قانون العقوبات وإن كان قد حدد الجنايات على سبيل الحصر فإنه لم يحدد الجرائم المخلة بالشرف قاصداً من ذلك أن يكون هناك مجال للتقدير وأن تكون النظرة إليها من المرونة بحيث تساير تطورات المجتمع؛ فالجريمة المخلة بالشرف أو الأمانة هى تلك التى ينظر إليها المجتمع على أنها كذلك وينظر إلى فاعلها بعين الازدراء؛ فالشرف والأمانة ليس لهما مقياس ثابت محدد بل هما صفتان متلازمتان لمجموعة المبادئ السامية والمثل العليا ـ جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب لا تعتبر فى أحيان كثيرة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة لا سيما إذا كان مرتكبها ممن يزاول أبسط الأعمال، إلا أنه يمكن اعتبار هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة إذا اعتاد العامل ارتكاب مثل هذه الجريمة ـ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 18/12/1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن السيد وزير العدل والسيد/ مساعد وزير العدل لشئون الديوان العام ورئيس محكمة المنيا الابتدائية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بجلسة 20/10/1999 فى الدعوى رقم 31 لسنة 10ق والقاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلبت هيئة قضايا الدولة ـ للأسباب التى أشارت إليها فى تقرير الطعن ـ أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف التنفيذ.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف التنفيذ.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت بجلستها المعقودة بتاريخ27/1/2003 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ـ الدائرة الثانية موضوع ـ وحددت لنظره أمامها جلسة 1/3/2003 وبجلسة 15/3/2003 قررت المحكمة حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة 5/4/2003 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 26/4/2003 لاستمرار المداولة ثم لجلسة 17/5/2003 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى كافة أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ
7/10/1998 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 31 لسنة 10ق أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط يطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 4639 لسنة 1998 الصادر بإنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار. وذكر شرحاً لدعواه أنه يعمل بوظيفة من وظائف الخدمات المعاونة بمحكمة المنيا الابتدائية وقد صدر قرار برقم 4639 لسنة 1998 برفع اسمه من عداد العاملين بالمحاكم اعتباراً من 6/9/1998 لما نسب إليه من إصدار شيكات بدون رصيد وتم حبسه على ذمة القضايا أرقام: 1413، 2359، 2644، 2646، 2647، 3733 لسنة 1991 جنح ملوى المدة من 28/4/1991 حتى تاريخ الإفراج عنه فى 24/10/1995.
ونعى المدعى على القرار المطعون عليه عيب مخالفة القانون وخلص إلى ما تقدم من طلبات.
وبجلسة20/10/1999 قضت المحكمة المذكورة بحكمها المتقدم وأقامته بعد أن استعرضت حكم المادة 94 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على أن المشرع حدد أسباب إنهاء خدمة العامل ومن بينها إذا حكم عليه بعقوبة سالبة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة والتى ترجع إلى ضعف فى النفس البشرية وانحراف فى الطبع فإذا كان الحكم على العامل قد صدر لأول مرة فلا يؤدى إلى إنهاء خدمته إلا إذا رأت لجنة شئون العاملين بالجهة التى يعمل بها بقرار مسبب أن استمرار العامل فى وظيفته يتعارض مع طبيعة العمل الذى يباشره.
وأضافت المحكمة أن المدعى يشغل وظيفة عامل خدمات معاونة وأن الجريمة التى ارتكبها لا تتعارض مع طبيعة العمل الذى يباشره ومن ثم فإن القرار الصادر بإنهاء خدمته يكون رجَّح الإلغاء موضوعاً وإذ كان تنفيذ هذا القرار يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها فإنه يتعين القضاء بوقف تنفيذه.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن الجرائم التى ارتكبها المطعون ضده من الجرائم المخلة بالشرف ومن ثم فإن القرار الصادر بإنهاء خدمته يكون قائماً على سند من الجدية متفقاً وحكم القانون.
ومن حيث إن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها مردّها إلى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الإدارى على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية الذى يوجب على القضاء الإدارى ألا يوقف قرارًا إدارياً إلا إذا تبين له على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين:
الأول:قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
الثانى:أن يكون ادعاء الطالب فى هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية وكلا الركنين من الحدود القانونية التى تحد سلطة القضاء الإدارى وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فى القرار موضوع الطعن فإن المادة 94 من القانون رقم 47 لسنة 1978 فى شأن نظام العاملين المدنيين بالدولة وتنص على أن: تنتهى خدمة العامل لأحد الأسباب الآتية:
7 ـ الحكم عليه بعقوبة جناية فى إحدى الجرائم المنصوص عليها فى القوانين الخاصة أو بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن الحكم مع وقف التنفيذ ومع ذلك فإذا كان الحكم قد صدر عليه لأول مرة فلا يؤدى إلى إنهاء الخدمة إلا إذا قدرت لجنة شئون العاملين بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن بقاء العامل يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل.
ومفاد ما تقدم أن العامل تنتهى خدمته إذا حكم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أما إذا كان الحكم على العامل قد صدر لأول مرة فإنه لا يؤدى إلى إنهاء خدمته إلا إذا رأت لجنة شئون العاملين بالجهة الإدارية التى يعمل بها بقرار مسبب من واقع أسباب الحكم وظروف الواقعة أن استمرار العامل فى وظيفته يتعارض مع طبيعة العمل أو مقتضيات الوظيفة.
ومن حيث إن المشرع فى قانون العقوبات وإن كان قد حدد الجنايات على سبيل الحصر فإنه لم يحدد الجرائم المخلة بالشرف قاصداً من ذلك أن يكون هناك مجال للتقدير وأن تكون النظرة إليها من المرونة بحيث تساير تطورات المجتمع ـ فالجريمة المخلة بالشرف أو الأمانة هى تلك التى ينظر إليها المجتمع على أنها كذلك وينظر إلى فاعلها بعين الازدراء ويعتبره ضعيف الخلق منحرف الطبع دنىء النفس ساقط المروءة، فالشرف والأمانة ليس لهما مقياس ثابت محدد بل هما صفتان متلازمتان لمجموعة المبادئ السامية والمثل العليا التى تواضع الناس على إجلالها وإعزازها فى ضوء ما تفرضه قواعد الدين ومبادئ الأخلاق ونصوص القانون، فهذه القواعد والمبادئ تتداخل جميعاً وتتألف كلها لينشأ من مجموعها المفهوم العام لمعنى الشرف والأمانة فى المجتمع ويتكون على أساس ميزان اجتماعى يزن الحسن والقبيح ويميز بين الخير والشر ويفرق بين الفضيلة والرذيلة.
ومن حيث إن جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب لا تعتبر فى أحيان كثيرة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة لاسيما إذا كان مرتكبها ممن يزاول أبسط الأعمال، إلا أنه يمكن اعتبار هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة إذا اعتاد العامل ارتكاب مثل هذه الجريمة ومن ثم فإن الاعتياد على ارتكاب هذا الجرم أمر يخل بالشرف والأمانة.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده اعتاد ارتكاب جرائم إصدار شيكات لا يقابلها رصيد قائم وقابل للسحب وأحيل إلى المحاكمة الجنائية فى القضايا أرقام 1413 و 2359 و 2644 و2646 و2647 و3733 لسنة 1991 جنح ملوى وتم حبسه على ذمة هذه القضايا من 28/4/1991 وأفرج عنه فى 24/10/1995 بعد قضاء فترة الحبس وعرض أمره على لجنة شئون العاملين فأصدرت قراراً مسبباً بالموافقة على إنهاء خدمته لتعارض ما ارتكبه من جرائم مع طبيعة عمله ومقتضياته واستناداً إلى ذلك صدر القرار المطعون فيه بإنهاء خدمته إعمالاً لحكم المادة 94/7 من القانون رقم 47 لسنة 1972 ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد بنى على ما يبرره من ظاهر الأوراق ويتخلف معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه.
وإذ ذهب الحكم الطعين إلى غير هذا المذهب فإنه يكون قد صدر مخالفاً للقانون واجب الإلغاء.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.