جلسة 1 من يوليو سنة 2013
الطعن رقم 11627 لسنة 58 القضائية (عليا)
(الدائرة الرابعة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ لبيب حليم لبيب
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حسن عبدالحميد محمد البرعي وطارق محمد لطيف عبدالعزيز وهشام السيد سليمان عزب ومصطفى محمد أحمد محمد.
نواب رئيس مجلس الدولة
أعضاء هيئة التدريس- تأديبهم- مجلس التأديب- التعويض عن القرارات الصادرة عنه- مجالس التأديب تختلف عن المحاكم التأديبية من حيث تشكيلها، فهي تتكون من أغلبيةٍ من غير القضاة ذوي الحصانة القضائية والاستقلال الكامل، ولا يخضع أعضاؤها من غير القضاة لقواعد المساءلة الاستثنائية للقضاة، ومن ثم لا تنطبق عليهم أسبابُ مخاصمة القضاة- لا يجوز القولُ بمساءلة الجهة الإدارية المشكِّلة لمجلس التأديب تنفيذًا لنص قانوني عن أعمال مجلس التأديب الذي يكون مستقلا في أعماله عن الجهة الإدارية، ولا تخضع قراراته لتصديقها- لا يُتصوَّر كذلك انعقادُ مسئولية مجلس التأديب على وفق قواعد المسئولية التقصيرية، أو على نحو مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية، أيا كان حجم الخطأ وقدر الضرر- ليس معنى هذا إعفاء مجلس التأديب من المسئولية عما يصدر عنه من قراراتٍ على وجه الإطلاق- تنعقدُ مسئوليةُ مجلس التأديب عما يصدر عنه من قراراتٍ يشوبُها الخطأُ الجسيم الذي قد يصل إلى درجة الخطأ الشخصي الذي ينطوي على هوى طائش ورغبةٍ جامحة يُتَغيَا بها الكيدُ أو إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها؛ باعتبار أن ذلك من العيوب القصدية التي تشوب القرار وتنحدر به إلى درك الانعدام- الخطأ في عرض الوقائع أو تفسيرها أو إساءة الاستنتاج أو قصور الأسباب لا يُعَدُّ من قبيل الخطأ الجسيم الموجِب للتعويض.
أقام المدعي الدعوى الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 13/3/2012، وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقيته في التعويض عما أصابه من أضرارٍ مادية وأدبية من جراء صدور قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة حلوان الصادر بجلسة 6/4/2011 في الدعوى رقم 9 لسنة 2009 فيما تضمنه من مجازاته بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش، وإلزام الجامعة المطعون ضدها بالمصروفات.
وذكر المدعي شرحًا لدعواه أنه يعمل أستاذًا للشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة حلوان، والتي نَسَبَت إليه ارتكابَه للمخالفات الآتية: 1- إعطاء دروس خصوصية للطالبة/… المقيَّدة بالفرقة الرابعة انتساب، 2- تقاضي مبالغ مالية مقابل الإخلال بواجبات الوظيفة واستغلال النفوذ، 3- التلاعب في الامتحانات والنتائج لمصلحة فئة معينة من أبناء قرية الفقهاء البحرية- مركز سيدي سالم- محافظة كفر الشيخ وهى ذات القرية التى ينتمي إليها، 4- المساهمة في سحب كراسة الطالب/… وطرده من لجنة الامتحان بعد بدايته بفترة قصيرة بدون مبرر مستعينًا بأحد المعيدين، 5- المساهمة بدورٍ رئيسٍ مع كل من/… و/… في الاستيلاء على أموال السيد/… تاجر أسمنت بالإسكندرية، والسيد/… إسباني الجنسية وزوجته بالاحتيال والنصب، وعلى إثر ذلك تمت إحالته إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالدعوى رقم 9 لسنة 2009، وبجلسة 6/4/2011 قرر المجلس مجازاته بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش، فطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 37569 لسنة 55ق. عليا، حيث قضت المحكمة بجلسة 16/4/2011 بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأضاف المدعي أنه أصيب من جراء قرار مجلس التأديب المشار إليه بأضرار مادية وأدبية، تجسدت في حرمانه من عائد بيع الكتب الدراسية والمكافآت والمرتبات التى كان سيتقاضاها من عمله بالكلية، فضلا عن شعوره بالحزن والأسى والآلام التي لحقت به وأسرته، فلجأ إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات، ثم أقام دعواه الماثلة بغية القضاء له بطلباته المبينة سالفًا.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الدعوى، ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا.
ونظرت الدعوى أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حتى قررت الدائرة إحالتها إلى دائرة الموضوع، وتدوول نظرها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 8/6/2013 قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة 1/7/2013 مع التصريح بإيداع مذكرات خلال أسبوع، وفي الأجل أودع المدعي مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته السابقة، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة قانونًا.
وحيث إن المدعي يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقيته في التعويض عما أصابه من أضرارٍ مادية ومعنوية لحقت به من جراء قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة حلوان الصادر بجلسة 6/4/2011 في الدعوى رقم 9 لسنة 2009 بجلسة 27/7/2009، والمقضي بإلغائه بحكم هذه المحكمة بالطعن رقم 37569 لسنة 55ق. عليا بجلسة 16/4/2011.
وحيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية ومن ثم تكون مقبولة شكلا.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة مستقرٌ على أن مجالس التأديب تختلف عن المحاكم التأديبية، من حيث تشكيلها، فهي تتكون من أغلبيةٍ من غير القضاة ذوي الحصانة القضائية والاستقلال الكامل، وتتبع تلك الأغلبية في الغالب من مجالس التأديب للجهة الإدارية المشكَّل بها المجلس، ولا تخضع هذه الأغلبية سواء رئيس المجلس أو الأعضاء المشكَّل منهم المجلس -عدا العنصر القضائي- لقواعد المسألة الاستثنائية للقضاة، ومن ثم لا ينطبق على هذه الأغلبية أسبابُ مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة العامة،كما أنه لا يجوز القولُ بمساءلة الجهة الإدارية المشكِّلة لمجلس التأديب تنفيذًا لنص قانوني عن أعمال مجلس التأديب، الذي يكون مستقلا في أعماله عن الجهة الإدارية، ولا تخضع قراراته لتصديقها، وأنه لا يُتصوَّر أن تكون مسئولية مجلس التأديب عن التعويض عما يقع منه من أخطاءٍ فيما يصدره من قراراتٍ بشأن ما يُحال إليه من دعاوى تأديبية أن تكون على وفق قواعد المسئولية التقصيرية، أو على نحو مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية العادية الصادرة عنها، أيا كان حجم الخطأ وقدر الضرر، إلا أنه ليس معنى ذلك هو إعفاء مجالس التأديب من المسئولية عن التعويض عما يصدر من قراراتٍ على وجه الإطلاق، وإذا كان المشرِّع قد وضع أسبابًا وحالات لمساءلة القضاة استثناءً بما سماه بالمخاصمة، وهي في حقيقتها دعوى تعويض عما يقع منهم من أخطاءٍ جسيمة تضر بالخصوم، فمن باب أولى أن تنعقد مسئولية مجالس التأديب عن التعويض عما يصدر عنها من قراراتٍ يشوبها الخطأ الجسيم، الذي قد يصل إلى درجة الخطأ الشخصي الذي ينطوي على هوى طائش ورغبةٍ جامحة يُتَغيَا بها الكيدُ والنكاية أو إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، واعتبار أن ذلك من العيوب القصدية التى تشوب القرار وتنحدر به إلى درجة الانعدام. (حكم المحكمة في الطعن رقم 27619 لسنة 55ق. عليا جلسة 17/3/2012).
وهديا بما تقدم، ولما كان المدعي يطلب التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراءِ عزلِه من وظيفته أستاذًا بكلية الحقوق جامعة حلوان، بقرارِ مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة حلوان، والذي قُضِيَ بإلغائه بحكم هذه المحكمة بالطعن رقم 37569 لسنة 55ق.ع بجلسة 16/4/2011، ولما كان القرار المطلوب التعويض عنه لم يرقَ إلى الخطأ الجسيم الذي ينم عن رغبةٍ جامحة أو هوى طائش في إصداره، وأن الخطأ في عرض الوقائع أو تفسيرها أو إساءة الاستنتاج أو قصور الأسباب لا تُعَدُّ من قبيل الخطأ الجسيم، الذي يرقى إلى مستوى الخطأ الجسيم الموجِب للتعويض، الأمر الذي يكون معه طلب المدعي بالتعويض عما أصابه من أضرار من جراء صدور القرار المشار إليه سلفًا يكون غيرَ قائمٍ على سندٍ صحيح من حكم القانون، فضلا عن أن الثابت من الأوراق أنه قد تمَّ تنفيذُ حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه سلفًا، وعاد المدعي إلى عمله وباشر إياه، ومن ثم فإن تنفيذ هذا الحكم خير تعويض له، وبالتالي ليس هناك أي خطأ يستوجب التعويض، مما يتعيَّن معه الحكمُ برفض الدعوى.
وحيث إن من يخسر الدعوى يلتزم بمصروفاتها عملا بنص المادة (184) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وألزمت المدعي المصروفات.