جلسة 11 من أبريل سنة 2009
(الدائرة الأولى)
الطعن رقم 11725 لسنة 47 القضائية عليا.
تقادم ثلاثي- أثر صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص على تقادم الحق المطالب به- لا يسري التقادم إلا على المبالغ التي سددت بعد صدور الحكم([1]).
المادة (377) من القانون المدني.
قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية.
حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 36 لسنة 18 القضائية دستورية.
المبالغ التي قامت جهة الإدارة بتحصيلها تنفيذا لتشريعات حكم فيما بعد بعدم دستوريتها يحق للطاعنين استردادها، أما المبالغ التي سددت لجهة الإدارة بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا فإن الحق في المطالبة باستردادها يتقادم بمرور ثلاث سنوات من تاريخ اليوم التالي لصدور الحكم– تطبيق.
إنه بتاريخ 13/9/2001 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قُيد بجدولها برقم 11725 لسنة 47 ق. عليا فى الحكم المشار إليه والقاضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 190 لسنة 1989 المطعون فيه وتعديلاته فيما تضمنه من فرض رسم محلي على كل جوال دقيق لمخابز المدعين مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقيتهم فى استرداد ما سبق تحصيله منهم من مبالغ تحت حساب هذا الرسم وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– قبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم الطعين والقضاء مجدداً: أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً: برفض الدعوى، ومن باب الاحتياط الكلي: سقوط الحق فى الاسترداد بالتقادم الثلاثي، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن الدرجتين.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) حيث تدوول أمامها وبجلسة 25/9/2005 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى).
وقد نظر الطعن أمام المحكمة بجلسة 21/3/2009 وبهذه الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم وبهذه الجلسة صدر الحكم مشتملاً على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعات وبعد المداولة قانوناً.
وحيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص –حسبما يبين من الأوراق– فى أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 1672 لسنة 10ق أمام محكمة القضاء الإداري –الدائرة الأولى– بأسيوط بتاريخ 23/5/1999 بطلب قبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر عن محافظ المنيا رقم 190 لسنة 1989 وتعديلاته فيما تضمنه من فرض رسم محلى على كل جوال دقيق يصرف لمخابزهم لحساب صندوق الخدمات بالمحافظة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر الطاعنون شرحا لدعواهم أن كلا منهم يمتلك مخبزاً بلدياً بدائرة مركز سمالوط محافظة المنيا، وقد قامت الجهة الإدارية بتحصيل مبالغ منهم قدرها 4 جنيهات و250 مليما عن كل جوال دقيق بلدى يصرف لمخابزهم، وفى البداية كانوا يعتقدون أن هذه المبالغ تمثل زيادة فى سعر الدقيق، إلا أنهم علموا أخيرا أنها عبارة عن رسوم محلية يتم تحصيلها استنادا إلى قرار محافظ المنيا رقم 190/1989 لمصلحة مشروع منافذ توزيع الخبز، ونعى المدعون على هذا القرار صدوره بالمخالفة لأحكام القانون؛ حيث إنه صدر بدون موافقة مجلس الوزراء وبالمخالفة لأحكام المادة الرابعة من القانون رقم 43 لسنة 1989 بنظام الإدارة المحلية، وأن هذا القرار يعتبر مجرد عمل مادي لايتمتع بأية حصانة.
وبجلسة 18/7/2001 قضت المحكمة فى الدعوى المشار إليها بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 190 لسنة 1989 المطعون فيه وتعديلاته فيما تضمنه من فرض رسم محلى على كل جوال دقيق لمخابز المدعين، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقيتهم فى استرداد ماسبق تحصيله منهم من مبالغ تحت حساب هذا الرسم، وألزمت جهة الإدارة المصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على أنه صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 3/1/1998 فى الدعوى رقم 36 لسنة 18 ق. دستورية بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية، وسقوط الأحكام التي تضمنتها المادة الرابعة من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979، وكذلك تلك التى احتواها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 870 لسنة 1990، ومن ثم فإنه بصدور هذا الحكم أضحت القرارات الصادرة بفرض رسم محلي أيا كان نوعه أو الوعاء المفروض عليه استناداً إلى التشريعات المتقدمة التي قضي بعدم دستوريتها منعدمة، وعلى ذلك قضت المحكمة بإلغاء القرار رقم 190 لسنة 1989 والقرارات المعدلة له مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها وقف تحصيل هذا الرسم مستقبلا، وأحقية المدعين فى استرداد ما سبق تحصيله منهم من رسوم تحت حساب هذا الرسم.
وحيث إن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه قائم على:
1- عدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد؛ ذلك أن القرار المطعون عليه رقم 190 صدر بتاريخ 6/9/1989، وقد أقر المطعون ضدهم بسداد المبالغ التى حددها القرار منذ صدوره مما يعد قرينة قاطعة على علمهم بهذا القرار، إلا أنهم لم يطعنوا عليه إلا بعد مرور قرابة عشر سنوات على صدوره.
2- لم يفرض القرار المطعون عليه أية رسوم أيا كان نوعها؛ ذلك أن القرار المطعون فيه صدر بإنشاء مشروع لمنافذ توزيع الخبز فى نطاق كل وحدة محلية بالمحافظة وذلك بهدف فصل عملية الإنتاج عن عملية التوزيع، وبناء على تعليمات وزارة التموين تم تنفيذه بجميع محافظات الجمهورية، وأصبحت تلك المشروعات شريكا فى عملية إنتاج وتوزيع الخبز مقابل الحصول على جزء يسير من حصيلة البيع، وعلى ذلك لا يكون القرار المطعون فيه قد فرض أية رسوم أيا كان نوعها، ولا علاقة له بقرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية وما ورد بالمادة الخامسة من اللائحة المرفقة بالقرار.
3 – سقوط الحق فى الاسترداد بالتقادم الثلاثى؛ ذلك أن الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها بالطعن الماثل قد أقيمت بتاريخ 23/5/1999 وقبل صدور الحكم بعدم دستورية القرار الوزارى رقم 239 لسنة 1971 الذى صدر بجلسة 3/1/1998 فى الدعوى رقم 36 لسنة 18 ق. دستورية، وكانت المبالغ المطالب باستردادها قد تم تحصيلها منذ 1/1/1990 وحتى تاريخ رفع الدعوى، فإن ما تم تحصيله قبل رفع الدعوى بثلاث سنوات يكون قد تحصن من الرد لسقوط الحق فى المطالبة بالتقادم الثلاثى المشار إليه.
وخلص الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات آنفة الذكر.
وحيث إنه وعما دفع به الطاعنون من عدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، فإن القرار المطعون عليه صدر استنادا لنصوص تشريعية قضي بعدم دستوريتها على النحو الذى سوف يفصل بيانه لاحقا، الأمر الذى يضحى معه هذا القرار منعدما، مما يجوز معه الطعن عليه دون التقيد بالمواعيد المقررة لرفع دعوى الإلغاء، ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن هذا الدفع.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن واقعاً قانونياً قد تكشف، منشؤه وقوامه الحكم الذى أصدرته المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 36 لسنة 18 ق. دستورية بجلسة 3/1/1998 والمنشور بالجريدة الرسمية فى 15/1/1998، ويقضي بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية رقم 239 لسنة 1971 بشأن الرسوم الموحدة للمجالس المحلية، وسقوط الأحكام التى تضمنتها المادة الرابعة من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979، وكذلك تلك التى احتواها قرار مجلس الوزراء رقم 870 لسنة 1990، ومتى كان ذلك، وكان الأصل فى الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة؛ إذ هي لا تستحدث جديداً ولا تنشئ مراكز أو أوضاعا لم تكن موجودة من قبل، بل إنها تكشف عن حكم الدستور أو القانون، الأمر الذى يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعي كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة، فضلاً عن أن نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا قضى بعدم جواز تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم بعدم الدستورية فى الجريدة الرسمية، ومن ثم بات متعيناً على قاضي الموضوع إعمالاً لهذا النص ألا ينزل حكم القانون المقضي بعدم دستوريته على المنازعة المطروحة عليه.
وترتيبا على ما تقدم وعلى ما نشأ من واقع قانونى كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه يكون القرار المطعون فيه بفرض رسم محلي على كل جوال دقيق يصرف للمخابز قد افتقد سنده القانونى؛ لصدوره بناء على تشريعات قضي بعدم دستوريتها، ومن ثم يكون واجب الإلغاء، دون أن ينال من ذلك ما أبدته جهة الإدارة الطاعنة من أن القرار المطعون عليه لم يفرض أية رسوم أيا كان نوعها؛ ذلك أن حقيقة ما انطوى عليه هذا القرار هو فرض رسم محلي على كل جوال دقيق يصرف للمخابز.
(يراجع فى هذا الخصوص حكم المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الأولى – موضوع – فى الطعن رقم 754 لسنة 48 ق. عليا بجلسة 17/6/2006).
وحيث إنه وعن سقوط الحق فى استرداد ما سبق ودفعه المطعون ضدهم من مبالغ تندرج تحت هذا الرسم الثلاثى فإن المادة (377) من القانون المدنى تنص على أن: “1- … 2- ويتقادم بثلاث سنوات أيضا الحق فى المطالبة برد الضرائب والرسوم التى دفعت بغير حق. ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها…”.
ومفاد ما تقدم أن المشرع قرر تقادم الحق فى المطالبة برد الضرائب والرسوم التى دفعت بغير حق بثلاث سنوات على أن يبدأ سريان التقادم من يوم دفعها.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن جهة الإدارة الطاعنة قد تمسكت بهذا التقادم على النحو الثابت بالأوراق.
وحيث إن المادة (377) السالف بيانها لا تجد لها صدى للتطبيق على النزاع الماثل بالنسبة إلى المبالغ التى تندرج تحت الرسم محل النزاع، وقام المطعون ضدهم بسدادها قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا السالف بيانه، حيث إن تحصيل جهة الإدارة لهذه المبالغ لم يكن بغير وجه حق، وإنما كان تنفيذا لتشريعات سارية لم يحكم بعد بعدم دستوريتها، ومن ثم فإنه يحق للمطعون ضدهم استرداد هذه المبالغ، حيث إنه تم سدادها بناء على تشريعات حكم بعدم دستوريتها فيما بعد على نحو ما سلف بيانه، ومن ثم فإن الحق فى المطالبة باستردادها يتقادم بمرور ثلاث سنوات من تاريخ اليوم التالي لصدور الحكم، وذلك طبقاً لنص المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979، التي قضت بعدم جواز تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم بعدم الدستورية فى الجريدة الرسمية، وهو ما خالفه الحكم المطعون فيه، مع إصابته الحق فيما عدا ذلك، مما يستوجب تعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلغاء القرار رقم 190 لسنة 1989 وتعديلاته، فيما تضمنه من فرض رسم محلي على كل جوال دقيق لمخابز المطعون ضدهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقيتهم فى استرداد ما سبق تحصيله منهم من مبالغ تحت حساب هذا الرسم قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وحيث إن الطاعنين أصابوا فى بعض طلباتهم وأخفقوا فى البعض الآخر فإنهم يلزمون المصروفات عملاً بحكم المادة (186) مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلغاء القرار رقم 190 لسنة 1989 وتعديلاته، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقية المطعون ضدهم فى استرداد ما سبق تحصيله منهم من مبالغ تحت حساب هذا الرسم قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 36 لسنة 18 ق دستورية بجلسة 3/1/1998، وتلك التي تم تحصيلها قبل مرور ثلاث سنوات من تاريخ اليوم التالي لصدور هذا الحكم، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الطاعنين المصروفات.
([1]) قارن بالمبدأ رقم (50/ب) بهذه المجموعة، حيث انتهت المحكمة إلى أن التقادم يسري في هذه الحالة على المبالغ التي سددت قبل أو بعد صدور الحكم.