جلسة 4 من يونيو سنة 2008
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 11728 لسنة 48 القضائية عليا.
– مدارس خاصة– قرار تحصيل رسوم لمصلحة المدارس الرسمية- انعدامه.
المادة (119) من دستور 1971- قانون التعليم الصادر بالقانون رقم (139) لسنة 1981– القانون رقم (1) لسنة 1990 بشأن الجمعيات التعاونية التعليمية- قرار وزير التربية والتعليم رقم (526) لسنة 1998.
لا يجوز فرض رسوم إلا في حدود القانون– لم يجز قانون التعليم أو قانون الجمعيات التعاونية التعليمية لوزير التربية والتعليم تكليف المدارس الخاصة بتوريد نسبة من إيرادات رسوم التعليم بها لمصلحة إنشاء مراكز المعرفة والمعلومات بالمدارس الرسمية– لا محاجة للقول إن توريد هذه النسبة يكون على سبيل التبرع؛ لأن التبرع لا يكون إجباريا وبنسب محددة تسدد سنويا خلال مواعيد محددة- صدور قرار وزير التربية والتعليم رقم (526) لسنة 1998 على خلاف ذلك يجعله معدوما– تطبيق([1]).
في يوم السبت الموافق 27/7/2002 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 1635 لسنة 56 ق بجلسة 28/5/2002، الذي قضى في منطوقه بالآتي: “حكمت المحكمة: أولا- برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد، وبقبول الدعوى شكلا. ثانيا- وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات”.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا -أصليا- بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد، واحتياطيا: برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقا للثابت بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات، ثم قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره.
ونفاذا لذلك ورد الطعن إلى هذه المحكمة، ونظرته بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 3/11/2001 أودع المطعون ضده قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة صحيفة الدعوى رقم 1635 لسنة 56 ق، طالبا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزير التربية والتعليم رقم 526 لسنة 1998، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات لمخالفة هذا القرار للدستور والقانون.
وبجلسة 5/2/2002 كلفت المحكمة هيئة مفوضي الدولة بإعداد تقرير بالرأي القانوني في الدعوى بشقيها، حيث أودعت الهيئة تقريرها ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وبجلسة 28/5/2002 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالرد على الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد؛ على اعتبار أن القرار المطعون فيه قد لحقه عيب عدم الاختصاص الجسيم الذي يهوي به إلى درك الانعدام، ولا يتقيد الطعن عليه بميعاد الستين يوما. وعن الموضوع فإن هذا القرار خالف أحكام قانون التعليم وقرار وزير التعليم رقم 306 لسنة 1993 بشأن التعليم الخاص، اللذين لم يخولا الوزير فرض مثل هذا الرسم، كما خلت مواد النظام الأساسي لجمعية أصحاب المدارس الخاصة من نص يبيح التبرع للغير أو يمنح الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة سلطة فرض هذا التبرع، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه مخالفا لصحيح حكم القانون.
وانتهت المحكمة إلى قضائها المتقدم.
لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الجهة الإدارية الطاعنة، فأقامت طعنها ناعية عليه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين: الأول- قبول الدعوى شكلا رغم رفعها بعد الميعاد، حيث أقيمت الدعوى بعد ثلاث سنوات من صدور القرار المطعون فيه، وثبوت العلم اليقيني للمدعي به، وذلك بتنفيذه للقرار وسداد المبالغ الواردة به، وهو ما يزعزع المراكز القانونية التي استقرت. ولا يصح القول بأن هذا القرار منعدم لصدوره متفقا وأحكام القانون، وبناء على موافقة الجمعية العمومية لأصحاب المدارس الخاصة. أما الوجه الثاني الخاص بالإلغاء فإن وزارة التربية والتعليم تشرف على المدارس الخاصة، وهذه المساهمة طبقا للقرار المطعون فيه ليست رسما، وإنما هي مقابل خدمة فعلية تقدمها وزارة التربية والتعليم من أجل التطوير التكنولوجي في جميع المدارس العامة والخاصة.
واختتمت الجهة الإدارية تقرير طعنها بطلب الحكم بطلباتها.
ومن حيث إن المحكمة ترجئ الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد لما بعد النظر في موضوع الطعن.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول ما إذا كانت نسبة 1% التي فرضها القرار المطعون فيه من إيرادات مصاريف التعليم بجميع المدارس الخاصة بمصروفات بالجمهورية، التي تدفع لإنشاء مراكز المعرفة والمعلومات بالمدارس الرسمية، هي من قبيل التبرع الاختياري المحض من جانب جمعية أصحاب المدارس خاصة، وهل يتفق ونظامها الأساسي والقانون، أم أنها من قبيل الرسوم بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون.
ومن حيث إن المادة 119 من دستور جمهورية مصر العربية تنص على أن “إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون… ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون”.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه رقم 526 لسنة 1998 الصادر عن وزير التربية والتعليم نص في المادة الأولى منه على أن: “يتم تحصيل 1% من إيرادات رسوم التعليم بجميع المدارس الخاصة بمصروفات بالجمهورية لإنشاء مراكز المعرفة والمعلومات بالمدارس الرسمية دون تحميل أولياء الأمور أي أعباء إضافية”.
وتنص المادة الثانية منه على أن “تورد الحصيلة بنسبة 100% إلى الحساب المفتوح ببنك مصر … في موعد أقصاه 31 من ديسمبر من كل عام”.
وتنص المادة الرابعة منه على أن “… ويخضع هذا الحساب للتفتيش المالي والإداري”.
وحيث إن عبارات هذا القرار الصريحة وقصد مصدره تعني تكليف المدارس الخاصة بسداد 1% من إيرادات المصروفات لإنشاء مراكز المعرفة والمعلومات في المدارس الرسمية، على أن تورد هذه النسبة بالكامل في موعد أقصاه نهاية شهر ديسمبر من كل عام، وتلتزم الجهات المعنية بمتابعة السداد في الحساب المحدد للبنك، والذي يخضع للتفتيش المالي والإداري بالوزارة، ويكون القرار المطعون فيه بصريح عباراته هو استئداء هذه النسبة خلال المواعيد المحددة كل عام، مما يخرجه من إطار مجرد قبول تبرع من المدارس الخاصة إلى إلزام لها بأداء هذه المبالغ وخلال مواعيد حددها.
ومن حيث إن هذا القرار قد استند في ديباجته إلى قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 وإلى قانون الجمعيات التعاونية التعليمية رقم (1) لسنة 1990 اللذين خلا كلاهما من أي نص يخول وزير التربية والتعليم سلطة تكليف المدارس الخاصة وإلزامها أداء هذه المبالغ بتلك النسبة، فمن ثم يكون هذا القرار قد صدر خارج حدود القانون بالمخالفة لصريح نص المادة (119) من الدستور المذكورة، باعتبار هذه النسبة من قبيل الرسوم التي فرضها وزير التربية والتعليم بلا سند من القانون وفي غير حالاته مما ينحدر به إلى درك الانعدام.
ولا ينال من ذلك ما ساقته الجهة الإدارية الطاعنة من أن هذه النسبة 1% هي تبرع من مجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة، حيث ثبت فيما تقدم أنها ليست تبرعا اختياريا، وإنما هي مفروضة جبرا بموجب القرار المطعون فيه بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون، فلا حاجة للبحث في موضوع التبرع، ما دام قد ثبتت عدم مشروعية هذا القرار، فضلا عن أن التبرع لا يكون إجباريا أو بنسب محددة تسدد سنويا وخلال مواعيد محددة، كما أنه لو كان تبرعا فهو يخرج عن اختصاص الجمعية العمومية لأصحاب المدارس الخاصة ومجلس إدارتها أو رئيس هذا المجلس؛ لخروجه ومخالفته لنصوص النظام الأساسي لهذه الجمعية وقانونها اللذين لم يخولا أحدا التبرع لأية جهة بنسبة من أموال الجمعية، وهو ما انتهى إليه الحكم الطعين.
ومن حيث ثبت فيما تقدم انعدام القرار المطعون فيه فإنه بالتالي لا يتحصن ولا يتقيد الطعن عليه بمواعيد الطعن بالإلغاء، ويجوز إقامة الدعوى بطلب إلغائه في أي وقت، وبالتالي يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتائج لذا يتعين تأييده ورفض الطعن الماثل لافتقاره إلى سند صحيح من الواقع والقانون.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصاريفه عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
([1]) قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 10/6/2007 في القضية الدستورية رقم 109 لسنة 27 ق -وهي بصدد نظر مدى دستورية ما تضمنه نص المادة 58/د/8 من القانون رقم 79 لسنة 1969 في = = شأن نقابة المهن التعليمية، من أن من موارد النقابة 2% من إجمالي مصروفات التعليم ومقابل الخدمات لمدارس التعليم الخاص بمصروفات– قضت بعدم دستورية هذه الفقرة، مشيدة قضاءها على أن هذا التمييز بين المدارس الخاصة بمصروفات وغيرها من المدارس يعد إخلالا بالتضامن الاجتماعي وبالحق في التعليم؛ لأن افتراض ملاءة القائمين على التعليم الخاص حتى إن صح، وإلزامهم أعباء مالية تزيد على غيرهم من نظرائهم لا يعدو أن يكون تمييزا على أساس من الثروة في مجال مباشرتهم للحقوق الأساسية التي كفلها الدستور للمواطنين جميعا، بما يوقع النص في حمأة المخالفة الدستورية بمخالفة المواد 7 و 18 و 40 من دستور 1971.