جلسة 26 من ديسمبر سنة 2009
الطعن رقم 11869 لسنة 48 القضائية عليا
(الدائرة الأولى)
طلبات في الدعوى– سلطة المحكمة في تكييف الطلبات– تتكامل أجزاء صحيفة الدعوى مع الطلبات التى اختتمت بها الصحيفة.
ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة– الطعن على القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية ممثلة في وزير الداخلية عن رفع اسم من قوائم الممنوعين من السفر بعد انقضاء المدة المقررة قانونا، دون أن تطلب الجهة طالبة الإدراج تجديده([1]).
المواد (1) و (6) و (8) من قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994 بشأن تنظيم قوائم الممنوعين من السفر.
بتاريخ 30/7/2002 أودعت هيئة قضايا الدولة – نيابة عن الطاعنين بصفاتهم– قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا في الدعوى رقم 3437 لسنة 8 ق، القاضي منطوقه بقبول الدعوى شكلا, وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب, مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون بصفاتهم –للأسباب الواردة بتقرير الطعن– الحكم بقبوله شكلا, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا: (أصليا): بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى المطعون في حكمها، و(احتياطيًا): برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي في الحالة الثانية.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانونى في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائيًا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة استئناف طنطا, وإبقاء الفصل في المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرتي الفحص والموضوع على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية, ومن ثم فإنه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن المنازعة الماثلة تتحصل وقائعها حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 20/6/2001 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 3437 لسنة 8 ق أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا، طالبين في ختام عريضتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار السيد النائب العام بمنعهم من السفر خارج البلاد في المحضر رقم 4029 لسنة 96 إداري مركز طنطا/ 361 لسنة 1996 تحقيق أموال عامة طنطا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع تحميل الجهة الإدارية المصروفات.
ونعى المدعون على القرار المطعون فيه مخالفته لصحيح حكم القانون؛ لعدم وجود ضرورة تستلزمها التحقيقات لصدور مثل هذا الأمر؛ إذ لا يمكن لهم الهروب من البلاد، ولعدم وجود دلائل على جدية الاتهام، ولتأثير ذلك القرار في طبيعة عمل المدعين، وعليه خلصوا في ختام عريضة الدعوى إلى طلباتهم المذكورة آنفا.
……………………………………………………………………..
وتدوولت الدعوى في شقها العاجل أمام المحكمة المذكورة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, وبجلسة 2/6/2006 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه, وشيدت قضاءها على أن التكييف القانوني الصحيح لما تستهدفه الدعوى أنها تنطوي على طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر عن وزارة الداخلية باستمرار إدراج أسماء المدعين على قوائم الممنوعين من السفر، مع ما يترتب على ذلك من آثار , وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب, وأنه فيما يخص ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ هذا القرار فإنه وقد صدر عن وزير الداخلية دون طلب من الجهة المنوط بها طلب الاستمرار في إدراج أسماء المدعين على قوائم الممنوعين من السفر وهي النائب العام، وأنه لما كان الإدراج يرفع تلقائيًا بعد مرور ثلاث سنوات على وفق نص المادة (6) من قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994، وكان البادي من الأوراق أن النائب العام لم يطلب استمرار الإدراج، فإنه يكون من المتعين على جهة الإدارة رفع أسماء المدعين تلقائيًا من تلك القوائم بعد انقضاء الميعاد المشار إليه، وعلى ذلك فإن القرار المطعون فيه وقد زال مبرره يكون غير متفق وأحكام القانون، الأمر الذي يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، فضلا عن ركن الاستعجال المتمثل في حرمان المدعين من حريتهم في السفر والتنقل، وعليه خلصت المحكمة إلى حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن على هذا الحكم هو مخالفته القـــانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ وذلك للخطأ في تكييف الطلبات في الدعوى, باعتبار أنها صريحة في الطعن على قرار المستشار النائب العام بمنع المدعين من السفر خارج البلاد في المحضر رقم 4029 لسنة 1996 إداري مركز طنطا، وأن هذا القرار هو الذي كان ينبغي أن تتصدى له المحكمة وتبسط عليه رقابتها، لكنها بسطت رقابتها على قرار آخر لم يطعن عليه ولم تتضمنه صحيفة الدعوى ولم تشر إليه أوراق الدعوى، وبذلك تكون المحكمة قد قضت بما لم يطلبه الخصوم.
وفيما يخص قرار المستشار النائب العام بمنع المدعين من السفر فقد اقتضته ضرورة التحقيق في القضية رقم 4 لسنة 1996 حصر تحقيق أموال عامة استئناف، وهو بهذه المثابة قرار قضائي يخرج عن نطاق الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة ويصدر عن النيابة العامة باعتبارها السلطة القائمة بالتحقيق والاتهام والمهيمنة على الدعوى العمومية، وتختص بنظره المحكمة التى تنظر الدعوى الجنائية.
وفيما يخص الموضوع فقد بني الطعن على أنه ما زالت التحقيقات مستمرة في القضية المشار إليها وباقية على ورود تقارير مكتب خبراء وزارة العدل, ومن ثم فإن مبررات ودواعي منع المطعون ضدهم من السفر خارج البلاد على وَفق ما قدرته النيابة العامة ما زالت قائمة, والقول بسقوط القرار المطعون فيه تلقائيًا بمجرد مرور ثلاث سنوات من تاريخ الإدراج بقوائم الممنوع من السفر أمر يخالف صحيح حكم القانون، وينطوي على الافتئات على سلطة النيابة العامة في تقدير مبررات ودواعي منع المتهم من السفر، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه خليقا بالإلغاء.
……………………………………………………………………..
-ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى فإنه مردود؛ لأنه فيما يخص تكييف طلبات المطعون ضدهم بصحيفة افتتاح الدعوى فقد أشاروا في هذه الصحيفة إلى قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994 والمادة السادسة منه التي تقضي برفع الإدراج تلقائيا بعد انقضاء ثلاث سنوات, وهو الأمر الذي يسوغ معه للمحكمة أن تنزل التكييف القانوني الصحيح على الطلبات في الدعوى على وفق ما استقر عليه الفقه والقضاء من أن هذه السلطة تقديرية للمحكمة مادامت قد استندت إلى ما تضمنته صحيفة الدعوى التى تتكامل أجزاؤها مع الطلبات التى اختتمت بها الصحيفة.
وفي مجال التكييف القانونى للطلبات المشار إليها وعلى وفق ما أشار إليه المطعون ضدهم في صحيفة دعواهم فإن المادة الأولى من قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994 بشأن تنظيم قوائم الممنوعين ينص على أن: “يكون الإدراج على قوائم الممنوعين بالنسبة إلى الأشخاص الطبيعيين وبناءً على طلب الجهات الآتية دون غيرها: المحاكم في أحكامها وأوامرها واجبة النفاذ– المدعي العام الاشتراكي– النائب العام…”.
وتنص المادة (6) منه على أن: “تظل الأسماء المستوفية للبيانات مدرجة على القوائم من تاريخ الإدراج، ويرفع الإدراج تلقائيًا بعد انقضاء ثلاث سنوات تبدأ من أول يناير التالي لتاريخ الإدراج إذا لم يرفع قبل انقضائها بناءً على طلب الجهة الطالبة، ويستمر الإدراج بعد انقضائها إذا طلبت الجهة ذلك.
وعلى الجهات التى لها طلب الإدراج إعداد سجل خاص لديها بالأسماء التى سبق لها طلب إدراجها بالقوائم لمراجعتها وتصنيفها في المواعيد المشار إليها في المادة السابقة مع إخطار مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بالأسماء التى ترى استمرار إدراجها بالقوائم في موعد غايته شهر نوفمبر من كل عام”.
وتنص المادة (8) من ذلك القرار على أن: “تقوم إدارة القوائم بالتصفية المستمرة للأسماء بعد انقضاء المدد المنصوص عليها في هذا القرار”.
وحيث إنه يبين من النصوص المتقدمة أن الإدراج على قوائم الممنوعين يكون بناء على طلب الجهات المحددة حصرًا بالمــــادة الأولى من القرار رقم 2214 لســـــنة 1994، ومن بينها النائب العام، وأن هذا الإدراج يرفع تلقائيًا بعد انقضاء ثلاث سنوات تبدأ من أول يناير التالي لتاريخ الإدراج، ولا يستمر بعد انقضائها إلا إذا طلبت الجهة ذلك,
وقد أكدت المادة (8) من القرار المذكور ذلك بإلزام إدارة القوائم بالتصفية المستمرة للأسماء بعد انقضاء المدد المنصوص عليها في هذا القرار.
ومن حيث إنه لما كان النزاع غير متعلق في حقيقته بأصل إدراج أسماء المدعين بقوائم الممنوعين بقدر ما هو متعلق بمدى مشروعية استمراره على ضوء خلو الأوراق مما يفيد أن الجهة التى طلبته –وهي النائب العام– طلبت استمراره بعد انقضاء مدة الثلاث السنوات المشار إليها, والأمر بالتالي يتعلق بسقوط قيد أسماء المدعين بالقوائم المشار إليها اعتبارًا من أول يناير لانقضاء المدة المذكورة، ومن ثم لم يعد ثمة مجال للقول بالطعن على قرار صادر عن النائب العام في هذا الشأن، خصوصا وقد ضمت الأوراق كتاب المكتب الفني للنائب العام الموجه إلى المحامي العام لنيابة استئناف طنطا، الصادر بتاريخ 12/6/2000 الذي ينفي فيه صدور قرار أو طلب من النائب العام بشأن استمرار الإدراج، وبالتالي ثبت أنه لم تتخذ أي إجراءات بشأن تجديد الإدراج بعد مرور الثلاث السنوات عليه، وعلى ذلك يكون القرار محل الطعن على وفق التكييف القانونى الصحيح الذي تنزله المحكمة على الطلبات في الدعوى قرارا سلبيا بامتناع الجهة الإدارية ممثلة في وزير الداخلية (إدارة القوائم) عن رفع أسماء المدعين من القوائم بعد انقضاء المدة المقررة قانونا؛ إذ إن ذلك كان واجبًا على جهة الإدارة أن تقوم به على وَفق أحكام المادتين 6 و8 من قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994.
ومن حيث إن النزاع بهذا التحديد موضوعه طعن على قرار سلبي منسوب إلى جهة إدارية وهي بصدد ممارستها لسلطة عامة مخولة لها بموجب القوانين واللوائح، ومن ثم فإنها منازعة إدارية تندرج في الولاية العامة لمحاكم مجلس الدولة، القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية على وَفق أحكام المادة (172) من الدستور, والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم (47) لسنة 1972 (معدلا)، وذلك على وفق ما استقرت عليه أحكام هذه المحكمة والمحكمة الدستورية العليا التى أكدت على الولاية العامة لمحاكم مجلس الدولة باعتباره القاضي الطبيعى لكافة المنازعات الإدارية (من ذلك حكمها في الدعوى رقم 101 لسنة 26 ق دستورية بجلسة الأول من فبراير سنة 2009)؛ ويضحى الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى على غير سند صحيح من الواقع أو القانون حريًا بالرفض.
-ومن حيث إنه عن الموضوع وفيما يخص الشق العاجل من النزاع فقد توافر ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ؛ باعتبار أن الظاهر من الأوراق ودون التعرض للشق الموضوعى من الدعوى أن إدراج أسماء المدعين بقوائم الممنوعين قد تم بتاريخ 23/6/1996 بناءً على طلب النائب العام، وأنه لم يُطلب تجديد هذا الإدراج من النائب العام أو أية جهة من الجهات المخولة في ذلك المحددة بالمادة الأولى من قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994 سالف الذكر, وقد أثبت كتاب المكتب الفني للنائب العام المشار إليه أنه لم تتخذ أي إجراءات من المكتب بشأن تجديد إدراج أسماء المطعون ضدهم بالقوائم, حيث صدر هذا الكتاب بتاريخ 12/6/2000 أي لاحقًا على أول يناير سنة 2000 التالي لانقضاء مدة الثلاث السنوات المقررة اعتبارًا من 23/6/1996, فمن ثم يكون امتناع الجهة الإدارية عن رفع أسماء المطعون ضدهم من قوائم الممنوعين اعتبارًا من أول يناير سنة 2000 –وبحسب الظاهر من الأوراق– مشكلا قرارًا سلبيًا مخالفًا لأحكام المادتين 6 و 8 من قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994, وبالتالي فقد توافر في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركن الجدية، فضلا عن توافر ركن الاستعجال في طلب وقف التنفيذ؛ لانطواء القرار المطعون فيه على قيد لحرية التنقل والسفر وهي من الحريات العامة المكفولة دستوريًا.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم فقد استقام طلب وقف التنفيذ على ركنيه من الجدية والاستعجال, مما يقضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة, فمن ثم يكون موافقا لصحيح القانون, ويضحى الطعن عليه حريًا بالرفض مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًا بنظر الدعوى، وبقبول الطعن شكلا, ورفضه موضوعا, وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
([1]) في حكمها في الطعن رقم 12251 لسنة 57 القضائية عليا بجلسة 6/4/2013 قضت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا باختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل فى الدعاوى التى تقام طعنا فى القرارات التى تصدر عن النيابة العامة بالمنع من السفر، سواء فى ظل الدستور السابق (1971)، مرورا بالإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011، أو فى ظل دستور 2012؛ باعتبار أن هذه القرارات بمنأى عن تلك القرارات التى تتسم بالصفة القضائية.
وراجع في هذا الصدد حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4 من نوفمبر سنة 2000 في القضية رقم 243 لسنة 21 القضائية دستورية بعدم دستورية نصي المادتين (8) و (11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 فى شأن جوازات السفر، وسقوط نص المادة (3) من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996.