جلسة 18 من يناير سنة 2012
الطعن رقم 12017 لسنة 53 القضائية (عليا)
(الدائرة السادسة)
– الاشتراطات الخاصة– شرط المسافة الذي يتطلب في بعض أنواع المحلات بين المحل والكتلة السكنية هو شرط ابتداء واستمرار لترخيص المحل– افتقاد هذا المحل لشرط المسافة أثناء مزاولته النشاط بسبب زحف الكتلة السكنية يترتب عليه إلغاء ترخيصه.
– المواد (1) و(2) و (7) و (12) و (16) من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة وتعديلاته.
– المواد (1) و(2) و(3) من قرار وزير الإسكان رقم 380 لسنة 1975 في شأن الاشتراطات العامة الواجب توفرها في المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة.
– جداول المحال الصناعية والتجارية الخاضعة لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954، الصادرة بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 140 لسنة 1976.
في يوم السبت الموافق 28/4/2007 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 12017 لسنة 53 القضائية (عليا) في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثالثة) في الدعوى رقم 38996 لسنة 60ق بجلسة 27/2/2007، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
وطلبت الجهتان الإداريتان الطاعنتان في تقرير الطعن -ولما أوردتاه به من أسباب- تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتا حتى يتم الفصل في موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة الخامسة (فحص الطعون) بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة حتى قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (فحص الطعون) بالمحكمة الإدارية العليا، حيث تدوول نظره أمامها وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم المطعون ضده بجلسة 4/1/2011 مذكرة بدفاعه طلب في ختامها -ولما أورده بها من أسباب- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات، ثم قررت الدائرة السادسة (فحص الطعون) إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا التي نظرته بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حتى قررت بجلسة 23/11/2011 إصدار الحكم في الطعن بجلسة 18/1/2012، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الجهة الإدارية الطاعنة تطلب الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده كان قد أقام ضد الجهة الإدارية الطاعنة الدعوى رقم 38996 لسنة 60 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طلب في ختام عريضتها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس مركز ومدينة الصف رقم 71 لسنة 2006 برفع ماكينتي التخانة والرابوه من ورشة النجارة الخاصة به، والمرخص في إضافتهما لتلك الورشة بتاريخ 13/7/1996 دون سبب ظاهر، مما حداه على إقامة تلك الدعوى ناعيا على هذا القرار صدوره من غير سبب يبرره قانونا، فضلا عن صدوره متعارضا مع الترخيص المعدل لترخيص تلك الورشة بإضافة هاتين الماكينتين بتاريخ 13/7/1996 والذي قد تحصن بمضي المدة من تاريخ هذا التعديل، مما يجعل هذا القرار مخالفا -بحسب الظاهر من الأوراق للقانون- مما يتوفر معه ركن الجدية، فضلا عن توفر ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ هذا القرار، وهو ما يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
………………………………….
وبجلسة 27/2/2007 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثالثة) حكمها الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
وشيدت المحكمة المذكورة قضاءها على أساس أن المادة 11 من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة تحظر إجراء أي تعديل في المحل المرخص فيه إلا بموافقة الجهة المنصرفة منها الرخصة، وأنه لما كان الظاهر من أوراق الدعوى وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوى أن ورشة النجارة الخاصة بالمدعي مرخص فيها، وبتاريخ 13/7/1996 وافقت الجهة الإدارية المختصة على تعديل هذه الورشة محل التداعي بإضافة ماكينتي التخانة والرابوه، فمن ثم والحال كذلك يكون القرار رقم 71 لسنة 2006 الصادر عن رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة الصف برفع هاتين الماكينتين قد صدر -بحسب الظاهر من الأوراق- مخالفا للقانون المشار إليه، مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب إلغاء القرار، مما يتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، فضلا عن توفر ركن الاستعجال في هذا الطلب متمثلا في الأضرار التي يحدثها هذا القرار من حرمان المدعي والعاملين بتلك الورشة من مصدر رزقهم الذي يعتمدون عليه وأسرهم، وهو ما يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات.
………………………………….
ونظرا إلى أن هذا القضاء لم يلق قبولا من جانب الجهة الإدارية المحكوم ضدها فقد طعنت عليه بالطعن الماثل، ناعية على هذا الحكم مخالفته للقانون؛ لأن الورشة محل النزاع كانت يتوفر فيها شرط المسافة وقدره ثلاثون مترا والمقررة قانونا بين هذه الورشة ومساكن الأهالي من جميع الجهات، وذلك عند الترخيص ابتداء في تلك الورشة، كما أنه كان متوفرا عندما رخصت الجهة الإدارية المختصة بتاريخ 13/7/1996 في تعديل ترخيص تلك الورشة بإضافة ماكينتي الرابوه والتخانة، وفي 30/8/1998 تم تحويل رخصة الورشة من مؤقتة إلى دائمة، إلا أنه نظرا إلى زحف مساكن الأهالي على تلك الورشة من جميع الجوانب، فقد تخلف شرط المسافة بين تلك المساكن وهذه الورشة، وأصبحت هذه المسافة لا تزيد على ثمانية أمتار من جميع الجوانب، ولما كان المقرر على وفق أحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة في المادتين 12 و16 منه أنه يلزم توفر شرط المسافة بين تلك الورشة ومساكن الأهالي ابتداء من تاريخ منح الترخيص وطوال فترة تشغيلها، وذلك كشرط ابتداء واستمرار لهذا الترخيص، وأنه لما كانت تلك الورشة قد فقدت هذا الشرط فإن ذلك يكون مبررا لسحب وإلغاء هذا الترخيص، مما يكون معه القرار المطعون فيه الصادر عن رئيس مركز ومدينة الصف برقم 71 لسنة 2006 برفع ماكينتي الرابوه والتخانة من تلك الورشة قد صدر -بحسب الظاهر من الأوراق- غير مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب إلغاء هذا القرار، مما ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وهو ما يتعين معه الحكم برفض هذا الطلب دونما حاجة لاستظهار ركن الاستعجال لعدم جدواه.
………………………………….
وحيث إنه عن مدى توفر ركني الجدية والاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن المادة الأولى من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة تنص على أنه: “تسرى أحكام هذا القانون على المحال المنصوص عليها في الجدول الملحق بهذا القانون…”.
وتنص المادة (2) من هذا القانون على أنه: “لا يجوز إقامة أي محل تسرى عليه أحكام هذا القانون أو إدارته إلا بترخيص بذلك، وكل محل يقام أو يدار بدون ترخيص يغلق بالطريق الإداري، أو يضبط إذا كان الإغلاق متعذرا”.
وتنص المادة (7) من القانون المذكور سالفا معدلا بالقانون رقم 359 لسنة 1992 على أن: “الاشتراطات الواجب توفرها في المحال الخاضعة لأحكام هذا القانون نوعان:ـ
(أ) اشتراطات عامة: وهي الاشتراطات الواجب توفرها في كل المحال أو في نوع منها وفي مواقعها، ويصدر بهذه الاشتراطات قرار من وزير الشئون البلدية والقروية …”.
(ب) اشتراطات خاصة: وهي التي ترى الجهة المختصة بصرف الرخص وجوب توفرها في المحل المقدم عنه طلب الترخيص، وللمدير العام لإدارة الرخص أو من ينيب عنه -بناء على اقتراح الجهة المختصة- إضافة اشتراطات جديدة يجب توفرها في أي محل مرخص به”.
وتنص المادة (12) من هذا القانون على أنه: “في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام نتيجة لإدارة محل من المحال التي تسرى عليها أحكام هذا القانون يجوز لمدير عام إدارة الرخص بناء على اقتراح فرع الإدارة الذي يقع في دائرته المحل إصدار قرار مسبب بإيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً، ويكون هذا القرار واجب النفاذ بالطريق الإداري.
وتنص المادة 16 من القانون المذكور آنفا على أنه: “تلغى رخصة المحل في الأحوال الآتية:ـ 1ـ …2ـ …3ـ …4ـ …5ـ …
6ـ إذا أصبح المحل غير قابل للتشغيل أو أصبح في استمرار إدارته خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام يتعذر تداركه.
7ـ إذا أصبح المحل غير مستوف للاشتراطات الواجب توفرها فيه من حيث الموقع أو عدم إقامة منشآت فوقه”.
وحيث إنه بالاطلاع على جداول المحال الصناعية والتجارية الخاضعة لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954، والصادرة بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 140 لسنة 1976 المنشور بالوقائع المصرية العدد رقم 131 في 6/6/1976، يتبين أن ورش تشغيل الأخشاب قد وردت أمام البند رقم 47 من محال القسم الأول.
وحيث إن قرار وزير الإسكان رقم 380 لسنة 1975 في شأن الاشتراطات العامة الواجب توفرها في المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة المنشور بالوقائع المصرية العدد 29 في 23 ديسمبر سنة 1975 ينص في المادة الأولى منه على أن: “تسرى أحكام هذا القرار على جميع المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة الخاضعة لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 المشار إليه، ما لم ينص على ما يخالفها في الاشتراطات العامة المقررة لنوع النشاط الذي يزاول في المحل.
وتنص المادة الثانية من القرار الوزاري سالف الذكر والواردة تحت عنوان “الموقع” على أنه: “يشترط في مواقع المحال التي ينتج عن النشاط الذي يزاول فيها إقلاق أو اهتزاز أو روائح كريهة أو أثر ضار بالسكان أو راحتهم أو أمنهم أن تكون بعيدة عن المساكن وما في حكمها بالقدر الكافي لمنع الضرر، وفي سبيل ذلك يجوز أن تتضمن الاشتراطات العامة المقررة لكل نشاط حكما يقضي بتدبير مسافة معينة بين المحل وهذه المساكن وما في حكمها، ويجوز في بعض الحالات الاكتفاء باتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع الضرر، ويعتبر في حكم المساكن أماكن العبادة المعتمدة ودور التعليم والمستشفيات ودور الحكومة ودور التمثيل السياسي أو القنصلي والأماكن الأثرية والملاجئ والفنادق والأماكن المعدة للاجتماعات العامة. … ويشترط في موقع المحل ألا يترتب عليه أضرار أو أخطار بالمحل ذاته أو بالمحال أو المناطق المجاورة أو القريبة منه”.
وينص القرار المذكور في المادة الثالثة، والواردة تحت عنوان (الموقع) على أنه: “إذا كان هناك شرط مسافة مقرر في الاشتراطات العامة على نوع النشاط الذي يزاول بالمحل يلزم توفره بين المحل أو أماكن التشغيل وبين المساكن وما في حكمها فيراعى ما يأتي:ـ
1ـ تقاس المسافة الواجب توفرها بين المحل وكتلة المساكن من الحوائط الخارجية لأماكن التشغيل أو الأسوار أو خلافه (بحسب ما هو مبين بالاشتراطات العامة لنوع النشاط) ويكون القياس في خط مستقيم وفي كل الاتجاهات ومراعاة ذلك بالنسبة لأعلى المحل وأسفله. 2ـ …3ـ …4ـ …5ـ …”.
وحيث إنه يستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرع في المادة (1) من القانون رقم 453 لسنة 1954 وتعديلاته في شأن المحال الصناعية التجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، قد قضى بخضوع المحال الواردة في الجداول المرافقة لهذا القانون، والصادرة بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 140 لسنة 1976 المنشور بالوقائع المصرية العدد 131 في 6/6/1976، ومنها ورش تشغيل الأخشاب التي وردت أمام البند رقم 47 من محال القسم الأول، ولذلك فقد حظر المشرع في المادة (2) من هذا القانون إقامة أي محل تطبق عليه أحكام القانون المشار إليه، أو إدارته بغير ترخيص من الجهة الإدارية المختصة برخص المحلات، وفي حالة مخالفة هذا الحظر قضى المشرع بغلق هذا المحل بالطريق الإداري أو يضبط إذا كان الإغلاق متعذرا، وحدد المشرع في المادة السابعة من القانون المشار إليه، معدلا بالقانون رقم 359 لسنة 1956 الاشتراطات الواجب توفرها في المحال الخاضعة لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954، وقسمها إلى نوعين: اشتراطات عامة: وهي الاشتراطات الواجب توفرها في كل المحال أو في نوع منها وفي مواقعها، ويصدر بتحديد تلك الاشتراطات العامة قرار من وزير الشئون البلدية والقروية، والنوع الثاني من الاشتراطات هو الاشتراطات الخاصة: وهي الاشتراطات التي ترى الجهة الإدارية المختصة بصرف رخص المحلات وجوب توفرها في المحل المقدم عنه طلب الترخيص، وللمدير العام لإدارة الرخص ومن ينيبه عنه بناء على اقتراح الجهة الإدارية إضافة اشتراطات جديدة يجب توفرها في أي محل سبق الترخيص فيه.
ونظرا إلى ما يحدث من المحلات الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة الخطرة من إقلاق للراحة وضرر بالصحة وخطورة على الأرواح والممتلكات، فقد قرر المشرع في المادة (12) من القانون المذكور سالفا أنه في حالة وجود أي من الآثار السلبية لتلك المحال أجاز المشرع لمدير عام إدارة الرخص، وبناء على اقتراح فرع الإدارة الذي يقع في دائرته هذا المحل، إصدار قرار مسبب لإيقاف إدارة هذا المحل كليا أو جزئيا، وذلك بقرار إداري واجب النفاذ بالطريق الإداري.
كما حدد المشرع في المادة (16) من القانون المذكور الحالات التي تلغى فيها رخصة المحل، وحصرها في سبع حالات، منها الحالة رقم (6) وهي: “إذا أصبح المحل غير قابل للتشغيل، أو أصبح في استمرار إدارته خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن يتعذر تداركه”، ومنها كذلك الحالة رقم (7) وهي: “إذا أصبح المحل غير مستوف للاشتراطات الواجب توفرها فيه من حيث الموقع أو عدم إقامة منشآت فوقه”، وقد حدد المشرع الاشتراطات العامة الواجب توفرها في المحال الخاضعة للقانون رقم 453 لسنة 1954 المشار إليه، وذلك بقرار وزير الإسكان رقم 380 لسنة 1975 المنشور بالوقائع المصرية العدد 29 في 23/12/1975، وقضت المادة الثانية من هذا القرار والواردة تحت عنوان “الموقع” بأنه يشترط في مواقع المحال التي ينتج عن النشاط الذي يزاول فيها إقلاق أو اهتزاز أو روائح كريهة أو أثر ضار بالسكان أو راحتهم أو أمنهم، أن تكون تلك المحال بعيدة عن المساكن وما في حكمها بالقدر الكافي لمنع الضرر، وأنه في سبيل ذلك يجوز أن تتضمن الاشتراطات العامة المقررة لكل نشاط حكما يقضي بتدبير مسافة معينة بين هذا المحل وهذه المساكن وما في حكمها من أماكن العبادة ودور التعليم والمستشفيات ودور الحكومة ودور التمثيل السياسي أو القنصلي والأماكن الأثرية والملاجئ والفنادق والأماكن المعدة للاجتماعات العامة. واشترطت المادة المذكورة في موقع المحل ألا يترتب عليه أضرارٌ أو أخطارٌ بالمحل ذاته أو بالمحال والمناطق المجاورة أو القريبة منه.
ووضعت المادة الثالثة من القرار نفسه وحددت الضوابط والقواعد الواجبة الاتباع عند تحديد شرط للمسافة بين المحل والمساكن المجاورة له وصاغت تلك الضوابط في خمسة بنود، تضمن البند الأول منها كيفية قياس المسافة الواجب توفرها بين المحل وكتلة المساكن، وذلك بأن تقاس تلك المسافة بين المحل وكتلة المساكن من الحوائط الخارجية لأماكن التشغيل أو الأسوار أو خلافه بحسب ما هو مبين بالاشتراطات العامة لنوع النشاط، وعلى أن يكون القياس في خط مستقيم وفي كل الاتجاهات، وعلى أن يراعى ذلك بالنسبة لأعلى المحل وأسفله.
وقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن شرط المسافة ليس شرط ابتداء فقط، ولكنه شرط استمرار بحيث يجب توفر تلك المسافة طوال عمل المحل، وإلا وجب سحب وإلغاء الترخيص طبقا للبندين 6 و 7 من المادة 16 من القانون رقم 453 لسنة 1954.
(يراجع في هذا الشأن حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1702 لسنة 31ق.ع بجلسة 31/12/1988، وكذلك حكمها في الطعن رقم 1553 لسنة 44ق.ع بجلسة 25/7/1999)
وحيث إنه تطبيقا لما تقدم، وعن مدى توفر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإن البين من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في طلب وقف تنفيذ هذا القرار أن المطعون ضده قد صدر له ترخيص مؤقت لمدة خمس سنوات برقم 323 لسنة 1995 لورشة نجارة بشارع المعهد الديني بمركز الصف، وكان من بين الاشتراطات العامة التي صدر على أساسها هذا الترخيص ألا تقل المسافة بين جدران هذه الورشة وجدران المساكن المجاورة لهذه الورشة عن 30 مترا من جميع الجهات، وبتاريخ 3/7/1996 تم تعديل هذا الترخيص بإضافة ماكينتي الرابوه والتخانة على هذه الرخصة، وفي 30/8/1998 تم تحويل الرخصة من مؤقتة إلى رخصة دائمة، إلا أنه ونظرا إلى زحف العمران وأعمال بناء مساكن أهالي المنطقة فقد ازدادت الشكاوى من هؤلاء السكان إلى الجهة الإدارية المختصة بصرف تراخيص المحلات الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة من الضوضاء التي تحدثها تلك الورشة، وأن تلك الورشة قد فقدت شرط المسافة المقرر بينها وبين مساكن الأهالي المجاورة لها، فكلفت الجهة الإدارية قسم الأمن الصناعي بمعاينة تلك الورشة والوقوف على مدى توفر شرط المسافة المتطلب قانونا كشرط عام للترخيص في هذه الورشة، وقد أعد قسم الأمن الصناعي تقريرا تم رفعه إلى قسم الرخص بمركز الصف الذي تضمن عدم استيفاء تلك الورشة لشرط المسافة وقدره 30 مترا عن المساكن المجاورة من جميع الجهات والاتجاهات، وأن المسافة التي تفصل هذه الورشة عن مسكن الأهالي لا تزيد على 7 أمتار أو 8 أمتار، مما يتسبب عنه ضوضاء وقلق وإقلاق لهؤلاء الأهالي جراء تشغيل تلك الورشة، وانتهى تقرير الأمن الصناعي إلى طلب سحب ترخيص تلك الورشة أو إلغائه، كما طلب هذا التقرير استصدار قرار بغلق تلك الورشة.
وبناء على هذا التقرير حرر قسم رخص المحلات بمدينة الصف مذكرة إلى رئيس مركز ومدينة الصف للموافقة على إلغاء ترخيص ماكينتي الرابوه والتخانة ورفعهما من تلك الورشة، فأصدر رئيس مركز ومدينة الصف القرار رقم 68 لسنة 2006 بتشكيل لجنة من إدارة رخص المحلات ومكتب العمل والإدارة الصحية لمركز الصف لمعاينة الورشة على الطبيعة وإعداد تقرير تفصيلي عن أوصاف الورشة ومحتوياتها، وأعدت اللجنة تقريرها الذي يتطابق مع تقرير الأمن الصناعي، وبناء عليه أصدر رئيس مركز ومدينة الصف القرار رقم 71 لسنة 2006 متضمنا إلغاء ترخيص الماكينتين المذكورتين ورفعهما، وإلا سيتم غلق الورشة إداريا كليا، وهو ما يكون معه هذا القرار قد صدر عن مختص قانونا بإصداره ومطابقا للقانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة وتعديلاته، وقرار وزير الإسكان رقم 380 لسنة 1975 في شأن الاشتراطات العامة الواجب توفرها في تلك المحلات، مما يكون معه القرار المطعون فيه غير مرجح الإلغاء عند الفصل في هذا الطلب، ومن ثم ينتفي ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ هذا القرار، وهو ما يتعين معه القضاء برفض هذا الطلب، دونما حاجة لاستظهار ركن الاستعجال لعدم جدواه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بغير ذلك، فإنه يكون قد صدر مخالفا للقانون خليقا بالإلغاء، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وحيث إن المطعون ضده يكون بذلك قد خسر الطعن، فمن ثم حق إلزامه المصروفات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات