جلسة 8 من يونيو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د.فاروق عبدالبر السيد
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيى عبدالرحمن يوسف، وبخيت محمد إسماعيل، ومحمود محمد صبحى العطار، وبلال أحمد محمد نصار
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الاستاذ المستشار المساعد/ محمد محمود حسن خالد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد رمضان عشماوى
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 12020 لسنة 46 قضائية عليا
ـ التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية ـ المعايير والضوابط الموضوعية للاختيار.
الماده (38) مكرراً من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 ـ المادة (116) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 ـ المادة (26) من قرار رئيس الجمهورية رقم 1489 لسنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية.
التعيين فى الوظائف القضائية هو مما تترخص فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية، وذلك باختيار أفضل العناصر لتولى هذه الوظائف، على أن يكون هذا الاختيار مستمداً من عناصر صحيحة بأن تجرى مفاضلة حقيقية وجادة بين المرشحين.
قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية رقم 108 لسنة 1998 بتاريخ 30/6/1998 بتشكيل لجنتى المقابلة جاء خلواً من ضوابط لاختيار المتقدمين ومن تحديد العناصر اللازمة لتحقق أهلية شغل الوظيفة القضائية والمعايير الموضوعية للاختيار بما يكفل مفاضلة حقيقية وجادة بين المرشحين ـ قيام لجنة المقابلة بتقدير مستوى المتقدم بعبارة لائق أو غير لائق دون القيام بوضع الدرجات المثبتة فى الصورة الضوئية لمحضر المقابلة الشخصية يثير ظلالاً كثيفة من الشك حول مدى صحة ما ورد به من بيانات ـ فضلاً عن أن ما قدر للطاعن من درجات بذلك المحضر لا تتناسب عقلاً ومنطقاً مع قدراته التى كشف عنها حصوله على إجازة الليسانس بتقدير عام جيد إذا ما قورنت بقدرات بعض زملائه ممن حصلوا على الليسانس بتقدير عام مقبول ونجحوا فى المقابلة الشخصية وعينوا بالقرار المطعون فيه ـ مؤدى ذلك جميعه ـ قيام قرينة على أنه لم تجر مفاضلة حقيقية وجادة بين الطاعن وزملائه ـ هذه القرينة تأكدت بنكول الجهة الإدارية عن تقديم أصل محضر المقابلة الشخصية التى أجريت مع الطاعن ـ رغم تكليفها بذلك ـ تحت زعم استحالة ذلك ـ اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية لم تشترط إجراء امتحان للمتقدمين لوظائفها الفنية، اكتفاًء بترتيبهم حسب أولوية درجاتهم فى امتحان الليسانس، وقصرت امتحان المسابقة على الحاصلين على تقدير مقبول عن طريق مسابقة عامة ـ تطبيق.
فى يوم الأربعاء الموافق 20/9/2000 أودع الأستاذ/ أحمد طلبة الصعيدى ـ المحامى نائباً عن الأستاذ/ محمد عوض عبدالسميع المحامى بصفته وكيلاً عن السيد/ خالد إبراهيم إبراهيم حسانين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 12020 لسنة 46ق. عليا ضد السادة: 1ـ رئيس الجمهورية، 2ـ وزير العدل، 3ـ رئيس هيئة النيابة الإدارية، طلب فى ختامه ـ وللأسباب الواردة فيه ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 230/ 2000 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه فى التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، ومقابل أتعاب المحاماة.
وأودعت هيئه مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً،وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 28/7/2001، وتدوول نظره بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن الطاعن أقام طعنه الماثل ابتغاء الحكم له بطلباته سالفة البيان على سند من القول إنه حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة دور مايو 1990 بتقدير عام جيد مرتفع بمجموع درجات 101 درجة من 140 درجة، وقد أعلنت هيئة النيابة الإدارية عن قبول طلبات التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية من خريجى كليات الحقوق من عام 1990 حتى عام 1995، وتقدم بطلب لتعيينه فى تلك الوظيفة، واجتاز بنجاح الاختبارات التى أجريت معه، وبدأت الجهة الإدارية بإجراء تحرياتها عنه، ومما لا يتأتى إلا بعد اجتيازه اختبار اللياقة النفسية والشخصية،ولم يرد بالتحريات ما يسيء إلى سمعته، ثم فوجئ بصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 230/2000 بتاريخ 14/5/2000 بتعيين بعض زملائه فى وظيفة معاون نيابة إدارية ممن هم دونه فى التقدير العام، بل والحاصلين على إجازة الليسانس بتقدير مقبول، دون أن يشمله هذا القرار بالتعيين،ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه صدوره مشوباً بالخطأ فى تطبيق حكم القانون، متسماً بالتعسف وإساءة استعمال السلطة، كما صدر مفتقداً السبب الصحيح، ذلك أنه رغم اجتيازه المقابلة الشخصية التى أجريت معه، واستيفائه كافة الشروط المطلوبة للتعيين فى الوظيفة المشار إليها، إلا أنه لم يتم تعيينه بالقرار المطعون فيه، فى حين تضَّمن هذا القرار تعيين من هم دونه فى تقدير الليسانس والحاصلين على تقدير مقبول، والموضحة أسماؤهم بتقرير الطعن، وقد تقدم بتاريخ 25/5/2000 بتظلم إلى الجهة الإدارية، إلا أنه لم يتلق ردًا على تظلمه، مما حدا به إلى إقامة طعنه الماثل.
وفى معرض الرد على الطعن أجابت هيئة النيابة الإدارية بأن الطاعن تقدم لمسابقة التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية دفعه 1995، وحصل فى المقابلة الشخصية التى أجريت للمتقدمين على ثلاث درجات من المجموع الكلى وقدره عشر درجات،وإعمالاً لقرار المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية بِأن يكون الحد الأدنى لاجتياز المقابلة الحصول على خمس درجات فإنه لم يستوفِ شروط التعيين فى الوظيفة، وبالتالى لم يشمله قرار التعيين ـ وأضافت الجهة الإدارية بأن حساب درجات المقابلة الشخصية روعى فيه مدى قدرة المتقدم على الإجابة على الأسئلة أمام اللجنة، مع استظهار قوة شخصيته، وسرعة بديهته، وحسن التصرف ومظهره بما يتناسب مع متطلبات الوظيفة المتقدم إليها، كما قدمت صورة ضوئية من محضر المقابلة التى أجريت مع الطاعن بتاريخ 11/7/1998.
وتعقيبًا على ذلك جحد الطاعن الصورة الضوئية لمحضر المقابلة الشخصية المودع من الجهة الإدارية وطالبها بتقديم أصل هذا المحضر، كما قدم صورة ضوئية من محضر جلسة 13/11/2001 تحضير فى الطعن رقم 11956 لسنة 46 ق. عليا المقام من …………………………. عن القرار رقم 230/2000 المطعون فيه، قرر فيه المستشار …………………… عضو المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية سابقًا، وأحد أعضاء اللجنة التى أجرت المقابلة الشخصية مع الطاعن ـ وبعد حلف اليمين ـ أن اللجنة كانت تقدر مستوى المتقدم بعبارة لائق أو غير لائق، ولم يقم بوضع الدرجات المثبتة فى صورة محضر المقابلة المودع بملف الطعن المشار إليه، وردت الجهة الإدارية بأن ما قرره المستشار/ ………………. هو محض أقوال مرسلة لم يقم عليها دليل.
ومن حيث إن المادة 38 مكرراً من القانون رقم 117/1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 12/1989 تنص على أنه “يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات وقواعد الترقية، والندب والإعارة والإجازات والاستقالة والمعاشات، شأن أعضاء النيابة العامة”. وتنص المادة 116 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1973 على أنه “يشترط فيمن يعين مساعدًا بالنيابة العامة أن يكون مستكملاً الشروط المبينه فى المادة 38، على ألا تقل سنه عن إحدى وعشرين سنة.
ويشترط فيمن يعين معاوناً بالنيابة العامة أن يستكمل هذه الشروط على ألا تقل سنه عن تسع عشرة سنة ……”. وقد نصت المادة 38 من ذات القانون على أنه “يشترط فيمن يولى القضاء”
1ـ أن يكون متمتعًا بجنسية جمهوريه مصر العربية، وكامل الأهلية المدنية.
2ـ ………………….
3ـ أن يكون حاصلاً على إجازة الحقوق من إحدى كليات الحقوق بجامعات جمهورية مصر العربية…..
4ـ ألاَّ يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد اليه اعتباره.
5ـ إن يكون محمود السيرة حسن السمعة.
ومن حيث إن المستقر عليه أن التعيين فى الوظائف القضائية هو مما تترخص فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية، وذلك باختيار أفضل العناصر لتولى هذه الوظائف، والنهوض بأمانة المسئولية فيها، وعلى أن يكون هذا الاختيار مستمداً من عناصر صحيحة بأن تجرى مفاضلة حقيقية وجادة بين المرشحين.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن حصل على ليسانس الحقوق دور مايو 1990، من جامعة القاهرة بتقدير عام جيد، وقد أعلنت هيئة النيابة الإدارية عن حاجتها لتعيين معاونى نيابة إدارية جدد من خريجى كليات الحقوق من دفعات 1990 حتى 1995، وتقدم الطاعن لشغل هذه الوظيفة، غير أن قرار رئيس الجمهورية رقم 230/2000 المطعون فيه صدر لتعيين بعض زملائه ممن هم أقل منه فى التقدير، بل والحاصلين على تقدير عام مقبول، دون أن يشمله بالتعيين، وفى معرض ردها على الطعن قررت هيئة النيابة الإدارية أن الطاعن تقدم لمسابقة التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية وحصل فى المقابلة الشخصية التى أجريت معه على ثلاث درجات من المجموع الكلى وقدره عشر درجات، وإعمالاً لقرار المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية بأن يكون الحد الأدنى لاجتياز المقابلة الحصول على خمس درجات، فإنه لم يستوف شروط التعيين فى الوظيفة، ولم يشمله قرار التعيين. وأضافت الجهة الإدارية بأن حساب درجات المقابلة الشخصية روعى فيه مدى قدره المتقدم على الإجابة على الأسئلة أمام اللجنة، مع استظهار قوة شخصيته، وسرعة بديهته، وحسن التصرف، ومظهره بما يتناسب مع متطلبات الوظيفة المتقدم إليها، وأن الثابت أنه صدر قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية رقم 108/1998 بتاريخ 30/6/1998 مقرراً فى مادته الأولى إجراء مقابلة للمتقدمين لمسابقة التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية من الحاصلين على إجازة الحقوق من خريجى دفعات من عام 1990 حتى عام 1995، وذلك للوقوف على مدى توافر الأهلية اللازمة لشغل هذه الوظيفة القضائية فى كل منهم، ونصت مادته الثانية على تشكيل لجنتين مكلفتين بإجراء المقابلة مع المتقدمين للمسابقة، وضمت اللجنة الأولى فى عضويتها المستشار/ ………………………. نائب رئيس الهيئة ـ فى ذلك
الوقت ـ وجاء القرار خلوًا من ضوابط لاختيار المتقدمين ومن تحديد العناصر اللازمة لتحقق أهلية شغل الوظيفة القضائية والمعايير الموضوعية للاختيار بما يكفل مفاضلة حقيقية وجادة بين المرشحين، كما يبين من الصورة الضوئية لمحضر المقابلة الشخصية التى أجريت مع الطاعن بجلسة 11/7/1998 بمعرفة اللجنة الأولى أن اللجنة قدرت للطاعن ثلاث درجات، ولم تُبِنْ فى المحضر العناصر التى على أساسها استحق الطاعن ثلاث درجات من المجموع الكلى وقدره عشر درجات، وقد قرر المستشار/ ……………………… ـ بعد ذلك ـ بجلسة 13/11/2001 تحضير فى الطعن رقم 11956/46ق .عليا المقام من/ ……………… عن قرار رئيس الجمهورية رقم 230/2000 المطعون فيه فى الطعن الماثل ـ وبعد حلفه اليمين ـ بأن لجنة المقابلة كانت تقدر مستوى المتقدم بعبارة لائق، أو غير لائق، ولم تقم بوضع الدرجات المثبتة فى الصورة الضوئية لمحضر المقابلة الشخصية المودع فى ذلك الطعن، مما يثير ظلالاً كثيفة من الشك حول مدى صحة ما ورد من بيانات بالصورة الضوئية بمحضر المقابلة الشخصية المودع بملف الطعن الماثل بمراعاة أن ما قدر للطاعن من درجات بذلك المحضر لا يتناسب عقلاً ومنطقاً مع قدراته التى كشف عنها حصوله على إجازة الليسانس بتقدير عام جيد إذا ما قورنت بقدرات بعض زملائه ممن حصلوا على الليسانس بتقدير عام مقبول، ونجحوا فى المقابلة الشخصية، وعينوا بالقرار المطعون فيه، كل ذلك مما يقيم قرينة على أنه لم تجر مفاضلة حقيقية وجادة بين الطاعن وزملائه، وتأكدت هذه القرينة بنكول الجهة الإدارية عن تقديم أصل محضر المقابلة الشخصية التى أجريت مع الطاعن ـ رغم تكليفها بذلك ـ تحت زعم استحالة ذلك.
ومن حيث إن الجهة الإدارية لم تنكر على الطاعن تمُّتعه وأسرته بحسن السمعة ومن ثَمَّ فإنه فى ضوء ما تقدم كله كان يتعين عليها ترتيب المرشحين وفقاً لدرجات نجاحهم فى الليسانس، خاصة وأن الفقرة الأولى من المادة 26 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1489/1958، باللائحة الداخليه للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية تنص على أن “يعين مساعدو النيابة الإدارية (وكانت وظيفة مساعد نيابة بداية درجات التعيين وقتذاك) من بين الحاصلين على درجه ممتاز فى ليسانس الحقوق ثم من بين الحاصلين على درجة جيد جداً فمن بين الحاصلين على درجة جيد “ولم تشترط الفقرة المذكورة إجراء امتحان لهم اكتفاًء بترتيبهم حسب أولوية درجاتهم فى امتحان الليسانس.
وقصرت الفقرة الثانية من المادة المذكورة امتحان المسابقة على الحاصلين على تقدير مقبول عن طريق مسابقة عامة.
وإذ يتضح من الأوراق أن القرار المطعون فيه تضمَّن تعيين من هم أقل من الطاعن فى تقدير الليسانس، والحاصلين على تقدير عام مقبول، فى حين حصل الطاعن على ليسانس الحقوق عام 1990 بتقدير عام جيد، وعليه يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية قد صدر على غير سند من الواقع، وبالمخالفة لأحكام القانون، مما يتعين القضاء بإلغائه فيما تضمَّنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى الوظيفة المشار إليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 230 لسنة 2000 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى وظيفة معاون نيابة إدارية، مع
ما يترتب على ذلك من آثار.