جلسة 27 من نوفمبر سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى عبدالمجيد مسلم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبد الملاك، وعلى محمد الششتاوى إبراهيم،
وعادل سيد عبد الرحيم بريك، وسراج الدين عبد الحافظ عثمان
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ سيد عبد الله سلطان
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد سيف محمد حسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 12191 لسنة 47قضائية . عليا:
طوائف خاصة ــ عاملون بالمحاكم ــ تأديبهم ــ السلطة المختصة بإقامة الدعوى التأديبية.
أوجب المشرع اتخاذ الإجراءات التأديبية قِبل من يخل من العاملين بالمحاكم بواجبات وظيفته أو يخرج على مقتضياتها ويتصرف تصرفاً من شأنه أن يقلل من الثقة الواجب توافرها فى الأعمال القضائية أو يمس اعتبار الهيئة القائمة عليها سواء وقع هذا التصرف داخل دور القضاء وساحاته أو خارجها وأجاز المشرع إقامة الدعوى التأديبية قبله بناءً على طلب رئيس المحكمة فيما يتعلق بموظفى المحاكم، وبناءً على طلب النائب العام أو رئيس النيابة بالنسبة لموظفى النيابات، بحيث تتضمن ورقة الاتهام التهم المنسوبة إلى المتهم وبياناً موجزاً بالأدلة عليها واليوم المحدد للمحاكمةــ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 29/9/2001 أودع الأستاذ حسين عبد المعطى الدكاوى (المحامى) نائبًا عن الأستاذ محمد كمال عوض المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 12191 لسنة 47 ق عليا فى القرار الصادر من مجلس التأديب بمحكمة المنصورة الابتدائية بجلستها المنعقدة بتاريخ 17/6/2001 فى الدعوى رقم 19لسنة 2000 فيما تضمنه من خصم أجر شهر من راتب الطاعن وحرمانه من نصف أجره الموقوف صرفه والتمس الطاعن ــ للأسباب الواردة تفصيلاً بتقرير طعنه ــ الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها رد ما يكون قد سبق خصمه من راتبه.
وقد تم إعلان المطعون ضدهم بصفتهم، كما قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه إلى طلب الحكم أصليًا: بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد، واحتياطيًا: بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل بجلستها المنعقدة بتاريخ 27/10/2003حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 10/5/2004 قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 19/6/2004حيث نظر بهذه الجلسة وما تلاها من جلسات وبجلسة 9/10/2004 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 6/11/2004، وبها قررت مد أجل النطق فى الحكم لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
بعد الاطلا ع على الأوراق، وسماع المرافعات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعن أقام طعنه الماثل ملتمسًا الحكم بقبوله شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الطعين، وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد استقرت بقضاء متواتر على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون غير مقيدة فى ذلك بطلبات الطاعن، أو الأسباب التى قام عليها طعنه .
ومن حيث إن المادة (165) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 تنص على أن “من يخل من العاملين بالمحاكم بواجبات وظيفته أو يأتى ما من شأنه أن يقلل الثقة اللازم توافرها فى الأعمال القضائية، أو يقلل من اعتبار الهيئة التى ينتمى إليها، سواء كان ذلك داخل دور القضاء أو خارجها تتخذ ضده الإجراءات التأديبية”.
وتنص المادة (168) على أنه “يجوز أن تقام الدعوى التأديبية ضد موظفى المحاكم والنيابات بناء على طلب رئيس المحكمة بالنسبة لموظفى المحاكم وبناء على طلب النائب العام أو رئيس النيابة بالنسبة لموظفى النيابات” كما تنص المادة (169) من ذات القانون على أن “تتضمن ورقة الاتهام التى تعلن بأمر رئيس مجلس التأديب التهمة أو التهم المنسوبة إلى المتهم وبيانًا موجزًا بالأدلة عليها واليوم المحدد للمحاكمة…”
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أوجب اتخاذ الإجراءات التأديبية قبل من يخل من العاملين بالمحاكم بواجبات وظيفته أو يخرج على مقتضياتها ويتصرف تصرفًا من شأنه أن يقلل من الثقة الواجب توافرها فى الأعمال القضائية أو يمس اعتبار الهيئة القائمة عليها سواء وقع هذا التصرف داخل دور القضاء وساحاته أو خارجها. وأجاز المشرع إقامة الدعوى التأديبية قبله بناء على طلب رئيس المحكمة فيما يتعلق بموظفى المحاكم ، وبناء على طلب النائب العام أو رئيس النيابة بالنسبة لموظفى النيابات، بحيث تتضمن ورقة الاتهام التهم المنسوبة إلى المتهم وبيانًا موجزًا بالأدلة عليها واليوم المحدد للمحاكمة ومن حيث إنه من المقرر فى قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الخصومة لا تنعقد فى الدعوى التأديبية ولا تتصل بها المحكمة أو مجلس التأديب المختص إلا إذا تمت الإحالة لأى منهما وفق الإجراءات التى رسمها القانون ومن السلطة التى عينها المشرع كالنيابة الإدارية باعتبارها السلطة المختصة بالإحالة إلى المحاكم التأديبية أو السلطة الإدارية المختصة بالنسبة للإحالة إلى مجالس التأديب. فإذا لم تتم الإحالة وفق ما رسم القانون ومن خلال السلطة التى عينها المشرع فلا تنعقد الخصومة ولا تتصل الدعوى التأديبية بحسب الأصل بالمحكمة أو مجلس التأديب المختص بما لايسوغ لأيهما قانونًا التصدى لنظرها بحسبان أنها لم تصبح فى حوزته بعد، فإذا ما خالفت المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب ذلك وتصدت ــ دون إحالة ــ لنظر الدعوى فإن الحكم الصادر فيها يقع باطلاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق المودعة ملف الطعن أن الطاعن الموظف بنيابة قسم ثان المنصورة قد اتهم فى القضية رقم 2824/2000ج قسم ثان المنصورة، ومن ثَمَّ صدر قرار السيد المستشار مدير إدارة النيابات بالقاهرة بإيقافه عن العمل لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ إخلاء سبيله فى 9/8/2000 مع صرف نصف الأجر إليه وعرض أمره على مجلس التأديب المختص خلال عشرة أيام من تاريخ صدور القرار المشار إليه للنظر فى صرف نصف الأجر الموقوف صرفه، والنظر فى استمرار إيقافه عن العمل من عدمه قبل نهاية الثلاثة أشهر التى تنتهى فى 7/11/2000 وبجلسة 2/9/2000 قرر مجلس التأديب بمحكمة المنصورة الابتدائية وقف صرف نصف أجر الطاعن الموقوف صرفه، وقد مثل المذكور أمام المجلس بجلسته المنعقدة بتاريخ 31/10/2000، حيث نظر أمر وقفه عن العمل بهذه الجلسة والجلسات التالية لها، وبجلسة 26/11/2000 قرر المجلس مد إيقاف الطاعن ثلاثة أشهر لاحقة للمدة السابقة أو انتهاء الفصل فى القضية المشار إليه ــ كذلك مد إيقافه عن العمل ثلاثة أشهرأخرى بالقرار الصادر بجلسة 18/2/2001، كما أصدر المجلس بجلسته المنعقدة بتاريخ 17/6/2001 قراره الطعين بإعادة الطاعن إلى عمله مع توقيع الجزاء عليه بخصم أجر شهر من راتبه لما نسب إليه من مخالفة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن أوراق الطعن الماثل قد جاءت خلوًا من ثمة قرار بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب لمحاكمته عما نسب إليه من وقائع، وإنما تصدى المجلس لنظر الدعوى التأديبية بمناسبة البت فى أمر مد إيقافه عن العمل فأوقع عليه جزاء بخصم أجر شهر من راتبه مع إعادته إلى العمل دون أن يسبق ذلك قرار بإحالته إلى مجلس التأديب لمحاكمته عما قد يكون منسوبًا إليه، الأمر الذى لا تنعقد به الخصومة التأديبية ولا يكون مجلس التأديب قد اتصل بموضوع الدعوى التأديبية بقرار إحالة من السلطة المختصة لمحاكمته تأديبيًا عما نسب إليه ومن ثم يضحى قراره بمجازاة الطاعن قد وقع باطلاً بما يسوغ الطعن عليه فى أى وقت دون التقييد بميعاد الطعن بالإلغاء، وذلك دون إخلال بحق جهة الإدارة فى محاكمة الطاعن عما قد ينسب إليه من مخالفات وفق صحيح الإجراءات التى يتطلبها القانون.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، فى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو الموضح بالأسباب.