جلسة 29 من سبتمبر سنة 2009
(الدائرة السادسة)
الطعن رقم 12565 لسنة 49 القضائية عليا.
ترخيص بائع متجول- إجراءاته.
النظم المشرع مهنة البائع المتجول بموجب القانون المشار إليه، والذي اشترط الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة، وأحال فى بيان إجراءات منح الترخيص وشروطه وأوضاعه إلى قرار يصدر عن وزير الشئون البلدية والقروية– اشترط القرار المشار إليه أن يقدم طلب الترخيص في ممارسة حرفة بائع متجول إلى السلطة القائمة على أعمال التنظيم بالمجلس البلدي المراد الترخيص في دائرة اختصاصه، وأن تتوافر فى طالب الترخيص شروط هي: أن يكون له محل إقامة ثابت ومعروف فى المدينة التى يطلب الترخيص بمزاولة مهنته فيها، وأن يقدم إقرارا بارتداء الزي الخاص بالباعة الجائلين فى المناطق التى يحددها وزير الشئون البلدية والقروية، وأن يسمح العدد المحدد للتراخيص في المكان المعين أو السويقة المطلوب الترخيص بمزاولة مهنة البائع المتجول فيها بمنح الترخيص- البت والفصل في طلبات الترخيص يكون للجنة تشكل لهذا الغرض، وتكون قراراتها نهائية، وعليها تسبيب القرارات الصادرة بالرفض وإخطار ذوى الشأن بها خلال أسبوع من صدورها بكتاب موصى عليه– ترتيبا على ذلك: إذا وافقت اللجنة المشكلة لهذا الغرض على منح الترخيص لطالبه بعد تحققها من كافة الشروط اللازمة لذلك، فإنه لا يجوز الامتناع عن إصدار هذا الترخيص– تطبيق.
بتاريخ 22/7/2003 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن الماثل في الحكم المشار إليه القاضي بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وإلزام الجهة الإدارية المصروفات0
وطلب الطاعن بصفته للأسباب الواردة بتقرير الطعن الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الموضوع ثم الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن خلصت فيه ــ للأسباب الواردة به ــ إلى أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حتى قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة والتي تداولته بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر.
وبجلسة 22/4/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/6/2009 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق – في أن المطعون ضدهم سبق أن أقاموا الدعوى 2813 لسنة 53 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 19/12/1998 بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بامتناع المدعى عليه بصفته عن إصدار تراخيص لهم لممارسة حرفة بائع كارت بوستال وسلع سياحية بمنطقة ميت رهينة الأثرية، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك على سند من القول إنهم يمارسون هذا العمل مع آبائهم على الترابيزات المخصصة لهم بتراخيص من الجهات المختصة، وقد تقدموا بطلبات للحصول على تراخيص لهم ووافقت الجهات المعنية على إصدار التراخيص إلا أن المدعى عليه لم يصدر هذه التراخيص دون وجه حق، رغم توافر شروط الترخيص في حقهم مما يشكل قرارا سلبيا مشوبا بإساءة استعمال السلطة.
وبجلسة 10/7/1999 قضت المحكمة في الشق العاجل من الدعوى بــقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعين المصروفات.
وبجلسة 27/5/2003 أصدرت المحكمة حكمها في الشق الموضوعي من الدعوى القاضي بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعين تقدموا بطلبات للحصول على تراخيص بائع متجول لبيع كارت بوستال وسلع سياحية بمنطقة آثار ميت رهينة لمباشرة هذا العمل على الترابيزات المخصصة لآبائهم الصادر لهم تراخيص من السلطة المختصة، وتم العرض على لجنة البت في طلبات تراخيص الكارت بوستال والسلع السياحية المقلدة بالوحدة المحلية لمركز ومدينة البدرشين، والتي وافقت في اجتماعها بتاريخ 25/9/1993 على صرف تراخيص مشاركة على ذات المناضد للمدعين، وقد اعتمد رئيس مركز ومدنية البدرشين محضرها، ومن ثم فإن امتناع المدعى عليه عن صرف هذه التراخيص وتسليمها للمدعين لإضفاء الشرعية على مراكزهم وهم يباشرون النشاط مساعدة لوالديهم في ذات المكان يكون مخالفا لأحكام القانون ومفتقدا للسبب الذي يبرره ويتعين القضاء بإلغائه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن الموافقة على منح المطعون ضدهم التراخيص اللازمة لمباشرة مهنة بائع كارت بوستال وسلع سياحية سوف يؤدى إلى زيادة أعداد البائعين مما يؤثر على الناحية الأمنية المتعلقة بتأمين الأماكن الأثرية بالمنطقة، لذا كان لزاما على الجهة الإدارية أن ترجئ إصدار تراخيص لحين إنشاء السوق السياحي بمعرفة هيئة الآثار لاستيعاب الأعداد الزائدة من الباعة الجائلين، لاسيما وأن ساحة متحف ميت رهينة ومنطقة آثار سقارة مكدسة بهؤلاء الباعة، مما يكون معه القرار المطعون فيه سليما مطابقا لأحكام القانون، وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة البيان.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 33 لسنة 1957 في شأن الباعة المتجولين تنص على أنه: “لا يجوز ممارسة حرفة بائع متجول إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من السلطة القائمة على أعمال التنظيم في الجهة التي تمارس الحرفة فيها، وتصرف مع الترخيص علامة مميزة، ويصدر ببيان إجراءات منح الترخيص وشروطه وأوضاعه و… قرار من وزير الشئون البلدية والقروية”.
وتنص المادة الثالثة من القانون المذكور على أن: “يسرى الترخيص لمدة سنة، ويجوز تجديده، ويجب تقديم طلب التجديد خلال الشهر الأخير من مدة الترخيص وإلا اعتبر لاغيا بانتهاء مدته”.
وتنص المادة الأولى من قرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 1007 لسنة 1958 في شأن إجراءات وشروط وأوضاع ورسوم الترخيص في ممارسة حرفة الباعة المتجولين على أن: “يقدم طلب الترخيص في ممارسة حرفة بائع متجول إلى السلطة القائمة على أعمال التنظيم بالمجلس البلدي المراد الترخيص في ممارسة هذه الحرفة في دائرة اختصاصه”.
وتنص المادة الخامسة من القرار المذكور على أنه: “يجب لمنح الترخيص أن تتوافر الشروط الآتية:
بمزاولة مهنة البائع المتجول فيها بمنح الترخيص”.
وتنص المادة السادسة من القرار المشار إليه على أن: “تفصل في طلبات الترخيص في دائرة اختصاص المجلس البلدي لجنة تشكل من … وتصدر قرارات اللجنة بالأغلبية المطلقة خلال ثلاثين يوما من تاريخ قيد الطلبات، وعند تساوي الآراء يرجح الجانب الذي فيه الرئيس، وتكون قراراتها نهائية، وعليها تسبيب القرارات الصادرة برفض الترخيص وإخطار ذوي الشأن بها خلال أسبوع من صدورها بكتاب موصي عليه”0
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع نظم مباشرة مهنة بائع متجول بموجب القانون رقم 33 لسنة 1957 الذي اشترط الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة، وأحال في بيان إجراءات منح الترخيص وشروطه وأوضاعه إلى قرار يصدر من وزير الشئون البلدية والقروية، وقد صدر القرار رقم 1007 لسنة 1958 الذي نظم إجراءات وشروط وأوضاع إصدار الترخيص، وتضمن أن البت والفصل في طلبات الترخيص يكون للجنة التي تشكل لهذا الغرض وتكون قراراتها نهائية وعليها تسبيب قراراتها الصادرة بالرفض وإخطار ذوي الشأن بها0
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم وإذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم تقدموا بطلبات للحصول على تراخيص بائع متجول لممارسة بيع كارت بوستال وسلع سياحية بمنطقة ميت رهينة الأثرية لمباشرة هذا العمل على الترابيزات المخصصة لآبائهم الصادرة لهم تراخيص من السلطة المختصة، وتم عرض هذه الطلبات على لجنة البت في تراخيص الكارت بوستال والسلع السياحية المقلدة بالوحدة المحلية لمركز ومدينة البدرشين محافظة الجيزة، وبعد فحص ودراسة هذه الطلبات قررت اللجنة بجلستها المنعقدة بتاريخ 25/9/1993 الموافقة على منح تراخيص للمطعون ضدهم لممارسة تلك الحرفة على ذات المناضد الموجودة أصلا من قبل، وقد صدر هذا القرار بحضور مدير آثار المنطقة وتم اعتماد محضر اللجنة من رئيس مركز ومدينة البدرشين.
ومؤدى ذلك أن اللجنة المختصة المشكلة لهذا الغرض قد وافقت على منح المطعون ضدهم التراخيص المطلوبة بعد أن تحققت من توافر كافة الشروط اللازمة لذلك، ومن ثم فلا يجوز الامتناع عن إصدار تلك التراخيص وتسليمها للمطعون ضدهم، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه مفتقدا لركن السبب جديرا بالإلغاء.
ولا محاجة فيما ذكرته الجهة الإدارية الطاعنة في مجال دفاعها من أن اللجنة المختصة انتهت بجلستها في 10/12/1994 إلى عدم الموافقة لأن الترخيص شخصي لا تجوز مشاركة الغير فيه، وأن زيادة الأعداد سوف تؤثر على الناحية الأمنية؛ إذ إن ذلك مردود عليه بأن البين أن المشاركة ليست في الترخيص وإنما في المنضدة التي يباشر عليها آباء المطعون ضدهم نشاطهم عليها، وقد خلت الأوراق مما يثبت تأثير منح التراخيص للمطعون ضدهم على الناحية الأمنية، بل الثابت أنهم ذكروا في صحيفة دعواهم أنهم يباشرون نشاط البيع فعلا مساعدة لآبائهم منذ فترة طويلة، ولم تجحد جهة الإدارة ذلك ولم تنسب إليهم أية أفعال تشير إلى تأثير وجودهم على الناحية الأمنية بالمنطقة، وبالإضافة إلى ذلك فإن البين أيضا أن ما قررته اللجنة المشار إليها في هذا الشأن بجلستها سالفة الذكر لم يكن بخصوص الطلبات المقدمة من المطعون ضدهم وإنما كان بخصوص طلبات أخرى لاحقة على طلبات المطعون ضدهم السابق موافقة اللجنة عليها بجلسة 25/9/1993 حسبما سلف بيانه.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى هذا المذهب فإنه يكون قد صادف وجه الحق والصواب، وبالتالي يضحى الطعن عليه غير قائم على سند صحيح جديرا بالإلغاء، مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.