جلسة ٢٣ من ديسمبر سنة ٢٠٠٤م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ منصور حسن على غربى
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إدوارد غالب سيفين عبده، ومحمد الأدهم محمد حبيب، ومحمد لطفى عبد الباقى جودة، وعبد العزيز أحمد حسن محروس
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ خالد سيد
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحى عبد الغنى جودة
أمين السر
الطعن رقم 1274 لسنة 45 قضائية. عليا
التظلم الوجوبى ــ جواز إرسال التظلم بالبريد المسجل بعلم الوصول .
أوجب المشرع على ذوى الشأن حتى تقبل طعونهم بالإلغاء فى القرارات النهائية للسلطات التأديبية أن يتظلموا منها قبل رفع الدعوى إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو إلى الهيئة الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى التظلم ــ يجوز لصاحب الشأن إرسال التظلم بالبريد المسجل بعلم الوصول ــ يكفى فى التدليل على صحة قيامه بهذا الإجراء أن يقدم للمحكمة الإيصال الدال على استلام الجهة المرسل إليها الخطاب الصادر منه أو الإفادة من مكتب البريد على تسليمها الخطاب ــ فى هذه الحالة ينتقل عبء إثبات عدم قيام صاحب الشأن بإرسال التظلم أو استيفائه للأوضاع الواردة فى قرار رئيس مجلس الدولة رقم ٧٢ لسنة ١٩٧٣ على عاتق الجهة الإدارية ــ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق ١٩/١٢/١٩٩٨ أودع الأستاذ عبد المنعم محفوظ (المحامى) المقيد بالنقض والإدارية العليا وكيلاً عن الطاعن ــ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسماعيلية بجلسة ٢٨/١٠/١٩٩٨ فى الطعن رقم ١٥/٣ق المقام من الطاعن ضد المطعون ضدهما بصفتيهما، والذى قضى ــ للأسباب الواردة فيه ــ بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للقرار المطعون فيه رقم ٤٨٢/١٩٩٧ فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم خمسة وأربعين يومًا من راتبه، وبقبوله شكلاً وبرفضه فيما عدا ذلك .
وطلب الطاعن ــ للأسباب المبينة بتقرير الطعن ــ الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكافة أجزائه ومشتملاته.
وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما، وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرًا مسببًا بالرأى القانونى فيه انتهت ــ للأسباب الواردة به ــ إلى قبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الطعن رقم ١٥/٣ق شكلاً بالنسبة للقرار المطعون فيه رقم ٤٨٢/١٩٩٧، وبقبوله شكلاً وفى الموضوع بتعديل الجزاء إلى خصم شهر من مرتب الطاعن ورفض ماعدا ذلك من طلبات .
وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة السابعة عليا الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة ٥/٦/٢٠٠٢ إحالته إلى الدائرة السابعة عليا موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة ٢٧/٨/٢٠٠٢، وبعد تداول الطعن أمامها قررت إحالته إلى الدائرة الثامنة عليا موضوع التى حددت لنظره جلسة ١٠/٦/٢٠٠٤، وبعد تداول الطعن بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم ٢٣/١٢/٢٠٠4، حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا .
ومن حيث إن الطعن قد أقيم فى الميعاد المقرر بالمادة (٤٤) من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧/١٩٧٢ واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص فى أن الطاعن أقام أمام المحكمة التأديبية بالإسماعيلية الطعن رقم ١٥/٣ق بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة المذكورة بتاريخ ١٥/١٠/١٩٩٧ طلب فى ختامها الحكم بإلغاء قرار الجزاء رقم ٤٨٢/١٩٩٧ فيما تضمنه من مجازاته بخصم خمسة وأربعين يومًا من أجره وتحميله مبلغ ٥و٦٩٩٨٢جنيه، وما يترتب على ذلك من آثار وبعودته إلى عمله بمديرية الطرق بمحافظة الشرقية.
وأوضح فى شرح الطعن أن النيابة الإدارية قامت بالتحقيق معه فى القضية رقم ٢٨٩/١٩٩٦ القسم الثانى بالزقازيق فيما نُسب له من مخالفات أثناء عمله كمدير لمديرية الطرق والنقل بالشرقية وتتعلق المخالفة الأولى بعدم قيامه باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد مشروع الرصف لإلزامه بتنفيذ العقدين رقمى ٤١/١٩٨٤ و ٦٢/١٩٨٥ وعدم سحب العمل من المشروع مما أدى إلى تحميل موازنة الدولة فروق أسعار بلغت ٣١٠و٢٤٨٩١٠ جنيه. وتتعلق المخالفة الثانية بتسببه فى تحميل موازنة الدولة مبلغ ٥و٦٩٩٨٢ جنيه نتيجة قيامه بإلغاء المناقصة المحدودة لمشروع صيانة الطرق لعام ٩٣/١٩٩٤ بعد الإعلان عنها وقبل البت فيها من السلطة المختصة مما تسبب فى إلحاق الضرر بأموال الجهة نتيجة تنفيذها بمعرفة إدارة الرى بأسعار تزيد على أقل العطاءات فى المناقصة الملغاة.
والمخالفة الثالثة تتعلق بتحميله عبء موازنة ٩٣/١٩٩٤ لموازنة عام ٩٤/١٩٩٥ بمبلغ ١٢٠٠٠٠ جنيه دون الرجوع للسلطة المختصة.
وقد صدر القرار المطعون فيه بمجازاته عن هذه المخالفات بخصم خمسة وأربعين يومًا من مرتبه، مع تنفيذ كافة توصيات النيابة الإدارية الواردة بمذكرتها، الأمر الذى يتضمن تحميله مبلغ ٥و٦٩٩٨٢ جنيه قيمة فروق الأسعار الناتجة عن إلغاء المناقصة العامة لمشروع صيانة الطرق لعام ٩٣/١٩٩٤ .
ونعى على هذا القرار مخالفته القانون، إذ إن المخالفة الثانية سبق أن أجرت النيابة الإدارية التحقيق فيها فى القضية رقم ١٦٢٧/١٩٩٤ وصدر قرار محافظ الشرقية رقم ٢١٣/١٩٩٥ بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه وقد تظلم من هذا القرار وصدر قرار المحافظ رقم ١١٢/١٩٩٦ بتعديل الجزاء إلى خصم خمسة أيام من راتبه وبذلك تكون الجهة قد أوقعت عليه الجزاء مرتين عن فعل واحد رغم أن السلطة التأديبية استنفدت حقها فى توقيع الجزاء تنفيذًا لما ورد بتوصية النيابة الإدارية فى القضية الأولى، وأما عن تحميله بقيمة فروق الأسعار نتيجة إلغاء المناقصة العامة لمشروع صيانة الطرق لعام ٩٣/١٩٩٤ فإن إلغاء المناقصة جاء نتيجة توجيهات المحافظ السابق الشفوية للطاعن بإلغاء المناقصة حتى يتم توفير السيولة المادية لعمل تكسية طريق صافور وطريق المجازر بسبب خطورتهما وانهيار أجزاء منهما مما يعوق حركة المرور وأنه لم يتمكن من الحصول على الأمر الكتابى لوجود مانع أدبى وأن هذه المخالفة
لا ترقى للخطأ الشخصى الجسيم الذى يسأل عنه العامل فى ماله الخاص.
أما المخالفة الأولى فإن مشروع الرصف هو أحد الأجهزة التابعة للمحافظة وقد تراخى فى تنفيذ العقدين رقمى ٤١/١٩٨٤ و٦٢/١٩٨٥ لأسباب قهرية عرضت على مجلس ادارة صندوق الطرق بالمحافظة برئاسة المحافظ ومُنح المشروع مُهَلاً عديدة لاستكمال الأعمال المتأخرة مما يجعل المسئولية عن عدم سحب العمل مشتركة بين أعضاء مجلس إدارة صندوق الطرق الذى تم سحب الأعمال منه بعد مدد طويلة، وبالتالى تمت ترسيتها على المقاول المختص بأسعار تزيد على الأسعار التى تمت الترسية بها على المشروع نتيجة ارتفاع أسعار المواد المستخدمة فى الرصف.
أما المخالفة الثالثة فإنه قد قام بتحميل عبء الالتزامات الوارد فى موازنة عام ٩٣/١٩٩٤ إلى عام ٩٤/١٩٩٥ بمبلغ ١٢٠٠٠٠ جنيه لمواجهة ظرف طارئ وهو استكمال مشروع تكسية طريق المجازر، كما أن اللائحة المالية تجيز فى المادة (١١٢) منها لرؤساء المصالح التصرف فى المبالغ المربوطة لأنواع كل بند بحسب الاحتياجات الطارئة والفعلية، بشرط عدم تجاوز مجموع الاعتمادات المقررة لهذا البند وبمراعاة التأشيرات العامة لقانون ربط الموازنة .
كما أضاف أن الجهة قامت بنقله من عمله بمديرية الطرق إلى ديوان محافظة الشرقية ثم إلى ديوان مديرية الإسكان بالشرقية وهو ما ينطوى على تعسف فى استعمال السلطة لما ينطوى عليه هذا الإجراء من جزاء مقنع .
وبجلسة ٢٨/١٠/١٩٩٨ قضت المحكمة المذكورة بعدم قبول الطعن فى قرار الجزاء المطعون فيه شكلاً لعدم قيام الطاعن بالتظلم من القرار المطعون فيه قبل رفع الطعن وطرحت صورة الإيصال المقدم من الطاعن للتدليل على تقديم التظلم للجهة. كما رفضت الطعن فى قرار التحميل، واستندت فى ذلك إلى أن الطاعن وإن كان قد تمت مجازاته فى قضية النيابة الإدارية رقم ١٦٢٧/ ١٩٩٤ عن مخالفة إلغاء المناقصة العامة لرصف طريق كفر محمد حسن/ نشوى مما كان يستتبع تحميله بفروق الأسعار الناجمة عن إعادة إسناد هذه الأعمال دون اتباع الإجراءات الواردة فى قانون المناقصات والمزايدات وهو ما نتج عنه تحمل الجهة بفروق أسعار بلغت ٥و٦٩٩٨٢ جنيه، وكان قد ثبت فى حقه ارتكاب هذه المخالفة مما يجعل القرار المطعون فيه بتحميله هذا المبلغ قد قام على سبب صحيح مما يقتضى رفض الطعن فى هذا الشق من القرار.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه، إذ إن الطاعن قدم أمام المحكمة التأديبية صورة من كعب الإيصال الصادر برقم ١٤٠ من مكتب هرية رزنه موجه لمحافظ الشرقية وأصل البطاقة الحمراء المتضمنة استلام الصادر ومضمون التظلم المرسل للمحافظ خلال الميعاد القانونى لتقديم التظلم مما يجعل الطعن مقبولاً شكلاً طبقًا لقواعد إجراءات التظلم الإدارى الواردة بقرار رئيس مجلس الدولة رقم ٧٢/١٩٧٣ فى شأن إجراءات التظلم الوجوبى من القرارات الإدارية .
وأضاف فى أسباب الطعن فى القرار المطعون فيه الدفع بسقوط المخالفة التأديبية بمضى ثلاث سنوات، إذ إنه قام بإلغاء المناقصة فى غضون شهر إبريل عام ١٩٩٤، وصدر القرار المطعون فيه بمجازاته عنها وتحميله فروق الأسعار بتاريخ ١٨/٥/١٩٩٧ .
كما أن هذا الجزاء قد خالف قاعدة عدم جواز معاقبة العامل عن الذنب التأديبى مرتين، وأن الحكم المطعون فيه لم يتطرق لدفاع الطاعن والرد على أسباب الطعن من أن المخالفة المنسوبة له بإلغاء المناقصة لا ترقى إلى مرتبة الخطأ الشخصى، ومن ثَمَّ لا يُسأل عنها فى ماله الخاص.
ومن حيث إن المادة (١٢) من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧/١٩٧٢ تنص على أنه: لا تقبل الطلبات الآتية:
أ- ………………
ب-الطلبات المقدمة رأسًا بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها فى البنود ثالثًا ورابعًا وتاسعاً من المادة (10)، وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى هذا التظلم، وتبين إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة.
وتنفيذاً لذلك فقد صدر قرار رئيس مجلس الدولة رقم ٧٢/١٩٧٣ ونص فى المادة الثانية منه على أنه يجب أن يشتمل التظلم على البيانات الآتية: ………
ج-موضوع القرار المتظلم منه والأسباب التى بُنى عليها التظلم ويرفق بالتظلم المستندات التى يرى المتظلم تقديمها.
ومفاد ذلك أن المشرع أوجب على ذوى الشأن حتى تقبل طعونهم بالإلغاء فى القرارات التى حددتها المادة (١٢/٢) من قانون مجلس الدولة ومن بينها طلبات إلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية أن يتظلموا منها قبل رفع الدعوى إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو إلى الهيئة الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى التظلم. وقد اطردت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أنه يجوز لصاحب الشأن أن يرسل التظلم بالبريد المسجل بعلم الوصول حتى يتحقق الغرض منه بوصوله على وجه اليقين للجهة الإدارية المختصة بالفصل فيه ويكفى فى التدليل على صحة قيامه بهذا الإجراء أن يقدم للمحكمة الإيصال الدال على استلام الجهة المرسل إليها الخطاب الصادر منه أو الإفادة من مكتب البريد على تسليمها الخطاب وفى هذه الحالة ينتقل عبء إثبات عدم قيامه بإرسال التظلم أو استيفائه للأوضاع الواردة فى قرار رئيس مجلس الدولة رقم ٧٢/١٩٧٣ المشار إليه على عاتق الجهة الإدارية.
(الإدارية العليا طعن رقم ٣١٦١/١٥ق ــ جلسة ١٤/٤/١٩٧٤، مج س ١٩، ص ٢٨٣) .
ومن حيث إن الطاعن قد قدم أمام المحكمة التأديبية الايصال الدال على إرسال التظلم للجهة الإدارية وعلم الوصول الممهور بتوقيع المرسل إليه بالاستلام وصورة من صحيفة التظلم مشتملة على البيانات الواردة بقرار رئيس مجلس الدولة رقم 72/1973، فمن ثَمَّ يكون قد راعى الإجراء السابق على رفع الطعن فى قرار الجزاء وذلك بتقديم التظلم إلى الجهة الإدارية التى أصدرت القرار المطعون فيه. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى إهدار الدليل المستمد من تقديم إيصال البريد وعلم الوصول للجهة وانتهى إلى عدم قبول الطعن فى الشق المتعلق بالجزاء شكلاً لعدم سابقة التظلم، فإنه يكون قد خالف القانون حريًا القضاء بإلغائه فيما انتهى إليه، وإذ أضحى الطعن صالحاً للفصل فيه، ومن ثَمَّ تتصدى المحكمة لبحث مدى مشروعية قرار الجزاء المطعون فيه .
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد نسبت للطاعن ثلاث مخالفات على النحو الوارد بقضية النيابة الإدارية رقم ٢٨٩/١٩٩٦ القسم الثانى بالزقازيق، ثم صدر بناءً على ما انتهت إليه قرار الجزاء المطعون فيه رقم ٤٨٢/١٩٩٧ بمجازاته عنها بخصم خمسة وأربعين يومًا من راتبه مع تنفيذ كافة توصيات النيابة الإدارية الواردة بمذكرتها ومن بينها تحميل الطاعن قيمة فروق الأسعار عن المناقصة التى قام بإلغائها فى عام ١٩٩٤ .
ومن حيث إن المخالفة الأولى تتعلق بعدم اتخاذه ــ باعتباره مدير عام الطرق ــ كافة الإجراءات القانونية ضد مشروع الرصف لإلزامه بتنفيذ العقدين ٤١/١٩٨٤ و ٦٢/١٩٨٥ مما أدى إلى إعادة طرح هذه الأعمال وتحميل ميزانية الدولة فروق أسعار بلغت ٣١٠و٢٤٨٩١٠ جنيه عن تكسية طريقى صافور والقلزم.
فإن الثابت من التحقيقات التى أجرتها النيابة الإدارية فى القضية رقم ٢٨٩/١٩٩٦ أن عمليتى مصرف صافور ومصرف القلزم كانتا مسندتين لمشروع مجمع الرصف التابع لمحافظة الشرقية بالعقدين ٤١/١٩٨٤و٦٢/١٩٨٥ بسعر ٣٠ جنيهًا للمتر، وأن المشروع قد تقاعس عن تنفيذ العمليتين ولم يتم سحب العمل منه حتى عام ١٩٩٣؛ حيث أسندت الجهة العمليتين للإدارة العامة لرى القليوبية التى طرحت الأعمال بتكلفة جديدة بفارق أسعار بلغ فى عملية مصرف القلزم ١٣١٨٥٢ جنيهًا، وفى عملية مصرف صافور مبلغ ٣١٢و١١٧٠٥٨ جنيه وقد دفع الطاعن الاتهام المنسوب له بما تضمنه محضر اجتماع مجلس إدارة صندوق الطرق بجلسة ٤/١٢/١٩٨٨ من إخطار وزارة الأشغال العامة والموارد المائية بضرورة الالتزام بإجراء عمليات التطهير على الجسور غير المرصوفة والقيام بجميع أعمال التكاسى التى استند إليها أثناء عمليات رصف الطرق.
وأضاف الطاعن أنه عرض شفهياً على المحافظ تعديل تنفيذ الطريقين بإسنادهما للإدارة العامة لرى القليويبة.
ومن حيث إن الثابت من محاضر اجتماعات مجلس إدارة صندوق الطرق المرفقة بحافظة مستندات المدعى أمام المحكمة التأديبية أن مجلس إدارة الصندوق برئاسة المحافظ كان يتابع سير العمل والموقف التنفيذى من الطرق التى يتم إنشاؤها بمعرفة المقاولين ومشروع مجمع الرصف التابع للمحافظة، ولم يصدر عن مجلس إدارة الصندوق ثمة إجراء بسحب العمل من المشروع باعتبار أن تمويله يتم فى حدود الاعتمادات الواردة للمحافظة، ومن ثَمَّ لا يتحمل الطاعن المسئولية عن إجراءات سحب العمل من المشروع. كما أن إسناد الأعمال للإدارة العامة لرى القليوبية فى حدود المبالغ التى وردت للمحافظة قد تم بناءً على توجيه مجلس إدارة صندوق الطرق وكان محتمًا زيادة أسعار التنفيذ فى حدود الأسعار السارية عند إسناد الأعمال. ويضحى هذا الاتهام غير قائم على أسباب صحيحة مما لا يجوز نسبة المخالفة للطاعن عنها لما هو مسلم به من أن المسئولية التأديبية عن المخالفة تقوم على أساس شخصى، فإذا شاعت التهمة بينه وبين غيره دون أن يثبت فى حقه فعل معين لا تكون بصدد ذنب إدارى وبالتالى
لا محل لتوقيع الجزاء التأديبى.
أما المخالفة الثانية المتضمنة إلغاءه المناقصة المحدودة عن أعمال صيانة الطرق بالمحافظة لعام ٩٣/١٩٩٤ بعد الإعلان عنها وقبل البت فيها بمعرفة السلطة المختصة فإن هذه المخالفة قد تضمنتها تحقيقات النيابة الإدارية فى القضية رقم ١٦٢٧/١٩٩٤ وصدر قرار محافظ الشرقية رقم ٢٠٣/ ١٩٩٥ بمجازاته عنها وعن مخالفات أخرى بالخصم خمسة عشر يومًا من راتبه فتظلم من هذا القرار، وصدر قرار المحافظ رقم ١١٢/١٩٩٦ بتعديل الجزاء إلى خصم خمسة أيام من راتبه .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه لا يجوز معاقبة الموظف عن الذنب الإدارى الواحد مرتين وهو من المبادئ التى تقتضيها العدالة، ومن الأصول المسلمة فى القوانين الجزائية وأيًا كانت طبيعة الجزاء الذى وقع أولاً فإنه يَجُبُّ ما عداه مادام وقع بالفعل طبقًا للأوضاع القانونية الصحيحة، ومن ثَمَّ يكون الجزاء الذى شمل هذه المخالفة قد وقع مخالفًا للقانون، وأما ما تضمنه من أعمال توصية النيابة الإدارية فى شأن تحميل الطاعن بمبلغ ٥و٦٩٩٨٢ جنيه والتى تسبب بخطئه الشخصى فى تحميلها للموازنة العامة للدولة.
فإنه عن الدفع المبدى من الطاعن بسقوط الدعوى التأديبية والمساءلة عنها لمضى ثلاث سنوات منذ ارتكاب المخالفة فى شهر إبريل ١٩٩٤، إذ تم فتح مظاريف المناقصة بتاريخ ١٦/٤/١٩٩٤، فإن النيابة الإدارية قامت بالتحقيق فى هذه المخالفة ضمن مخالفات أخرى نسبتها الجهة للطاعن واخرين فى القضية رقم ١٦٢٧/١٩٩٤، وانتهت إلى التوصيات الواردة فيها بتاريخ ٢٩/١٢/١٩٩٤، ثم صدر قرار التحميل المطعون فيه بتاريخ ١٨/٥/١٩٩٧ أى قبل مضى ثلاث سنوات على علم الجهة بالمخالفة ومجازاة الطاعن عنه بقرار المحافظ الأول رقم ٢٠٣/١٩٩٥ وجميعها إجراءات قاطعة لسقوط الدعوى التأديبية مما يتعين الالتفات عن هذا الدفع .
ومن حيث إن المادة (٧٧) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم ٤٧/١٩٧٨ تحظر على العامل فى البند (٣) منها مخالفة اللوائح والقوانين الخاصة بالمناقصات والمزايدات والمخازن والمشتريات وكافة القواعد المالية.
وقد نظم القانون رقم ٩/١٩٨٣ فى شأن المناقصات والمزايدات إجراءات التعاقد على أعمال المقاولات وذلك بإبرام العقد طبقًا للأوضاع الواردة فى الباب الأول منه. كما حددت المادة (١٧) من القانون حالات إلغاء المناقصة بعد النشر عنها أو الدعوة إليها وقبل البت فيها بقرار من السلطة المختصة إذا استغنى عنها نهائيًا أو إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك بالإضافة لحالات أخرى وردت بهذه المادة.
وأوجبت المادة (١٨) من القانون إرساء المناقصة على صاحب العطاء الأفضل شروطًا والأقل سعرًا مراعاةً للمصلحة المالية للجهة وكفالةً لمبدأ المساواة أمام أصحاب العطاءات .
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة للطاعن ثابتة فى شأنه على النحو الذى حوته تحقيقات النيابة الإدارية فى القضية رقم ١٦٢٧/١٩٩٤، كما صدر قرار محافظ الشرقية بمجازاته عنها بخصم خمسة أيام من راتبه دون تحميله قيمة فروق الأسعار حتى أوصت النيابة الإدارية فى القضية رقم ٢٨٩/١٩٩٢ بضرورة تحميله قيمة فروق الأسعار باعتبار ذلك راجعًا إلى خطأ شخصى يُسأل عنه فى ماله الخاص.
ومن حيث إن قوانين العاملين المدنيين بالدولة قد اطردت على النص على أن العامل لا يُسأل مدنيًا إلا عن خطئه الشخصى فإن المسئولية تتحدد وفقًا لنوع الخطأ فإذا كان خطأ شخصيًا أى مصطبغًا بطابع شخصى يكشف عن الإنسان بضعفه ونزواته وعدم تبصره واستهدف العامل من ورائه جنى مصلحة شخصية بعيدة عن الصالح العام أو كان خطؤه جسيمًا فإنه يسأل عنه فى ماله الخاص ــ أما إذا كان الفعل الذى أقدم عليه الموظف يهدف إلى الصالح العام وصالح العمل الذى أسند له فإنه يندمج فى أعمال الوظيفة بحيث لا يمكن فصله عنها ويعتبر من الأخطاء المنسوبة إلى المرفق العام ويكون خطأ العامل هنا خطأ مصلحيًا.
ومن حيث إن الثابت من أوراق التحقيق أن محافظة الشرقية أعلنت عن مناقصة عامة لصيانة طرق المحافظة لعام ٩٣/١٩٩٤، وتم النشر عنها بجريدة الوقائع برقم ١٩٧ فى ٤/٩/١٩٩٣، وبعد استكمال الإجراءات طبقًا لقانون المناقصات والمزايدات تم التعاقد مع صاحب أقل العطاءات بتاريخ ٨/١/١٩٩٤ ثم ورَّد أثناء التنفيذ مبلغ ٦٠٠٠٠٠ جنيه لمديرية الطرق لصيانة الطرق وقد تمسك الطاعن بضرورة عمل كراسة شروط جديدة بدلاً من إسناد الزيادة فى الاعتماد لصاحب العطاء الذى يتولى التنفيذ وتم إعداد كراسة جديدة تحت مسمى استكمال مشروع الصيانة لعام ٩٣/١٩٩٤ تضمَّن بندًا واحدًا هو توريد وبناء تكاسى بالدبش حتى لا يحدث ازدواج فى العقدين وتم طرحها فى مناقصة محدودة بين عشرة مقاولين بعد موافقة المحافظ وتقدم فيها ثلاثة مقاولين كان أقلهم سعرًا شركة المقاولون العرب بسعر ٥٤ جنيهًا للمتر إلا أن الطاعن قام بإلغاء المناقصة دون الرجوع للسلطة المختصة بالمخالفة للمادة (١٧) من القانون رقم ٩/١٩٨٣ وأرسل مبلغ ٥٦٠٠٠٠ جنيه من الشيك إلى الإدارة العامة لرى الشرقية فى 20/4/1994 وقد تم تنفيذ الأعمال بمعرفتها بسعر يصل إلى ٨٠ جنيهًا تم تخفيضه إلى ٦٥ جنيهًا بفرق أسعار 342895 جنيهًا حسبما ورد بشهادة ………….. وكيل مديرية الطرق ــ كما خالف إجراءات التعاقد بعدم إرسال الشيك بعد إلغاء المناقصة لصندوق الطرق وانفرد بإجراءات التعاقد بالأمر المباشر من الإدارة العامة للرى.
وقد برر الطاعن هذا التصرف بأن بعض الطرق مثل طريق المجازر وطريق صافور قد انهارت مما هدد المرور عليها وأنه تم الاتفاق شفهيًا مع المحافظ على تسليم جزء من قيمة الشيك لإدارة الرى لسرعة عمل التكاسى وتقوية الطريق تنفيذًا لتوصية لجنة الرى بالمجلس الشعبى المحلى لمحافظة الشرقية بجلسة ٢٣/١١/١٩٩١ والمتضمنة (عدم قيام أية جهة أو مصلحة بعمل أو إنشاء تكاسى على الترع والمصارف إلا بمعرفة الرى حتى يمكن تحديد المسئولية).
ومن حيث إن إلغاء المناقصة دون الرجوع للسلطة المختصة قد استقل به الطاعن ولم يقدم الدليل على صحة أقواله فى تحقيقات النيابة الإدارية من أن المحافظ المختص قد وافق على هذا الإجراء إلا أنه لما كان الدافع لإلغاء المناقصة هو توجيه المبالغ المتاحة من الاعتماد الإضافى الوارد للمحافظة بهدف سرعة ترميم الطرق التى انهارت أجزاء منها وعمل التكاسى بمسارات الرى بمعرفة إدارة الرى التزامًا بتوصية المجلس الشعبى المحلى للمحافظة المعتمدة من المحافظ، فمن ثَمَّ لا يكون الفعل المنسوب له قد انطوى على خطأ شخصى بالمعنى الذى يستهدف منه الطاعن تحقيق مصلحة شخصية سيما وأن أعمال التنفيذ تتم بمعرفة الجهة الإدارية التى خوَّل لها القانون صيانة طرق ومسارات الرى، وقد أجازت المادة (٣٧) من قانون المناقصات رقم ٩/١٩٨٣ الملغى للجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون التعاقد فيما بينها بطريق الاتفاق المباشر.
كما أجازت عند الاقتضاء لأىٍّ من هذه الجهات أن تنوب عن بعضها فى مباشرة إجراءات التعاقد فى مهمة معينة، ومن ثَمَّ تضحى المخالفة المنسوبة للمدعى بمثابة خطأ مرفقى لا يُسأل عنه فى ماله الخاص ويضحى القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحميله قيمة فروق الأسعار بين المناقصات الملغاة وأسعار التنفيذ التى تمت بمعرفة إدارة الرى غير قائم على سند صحيح .
ومن حيث إنه عن المخالفة الثالثة المتضمنة قيامه بتحميل عبء موازنة عام ٩٣/١٩٩٤ لموازنة عام ٩٤/١٩٩٥ بمبلغ ١٢٠٠٠٠ جنيه فقد دفع الطاعن مسئوليته عن هذه المخالفة فى تحقيقات النيابة الإدارية فى القضية رقم ٢٨٩/١٩٩٦ بأن نقل الاعتماد قد تم بناءً على طلب من الإدارة العامة لصرف القليوبية لعمل حائط ساند على مصرف القلزم طريق المجازر، وقد أسفر التحقيق عن مسئوليته عن المخالفة لعدم اتباع الإجراءات المالية عند نقل اعتمادات الموازنة أو الرجوع للسلطة المختصة قبل اتخاذ الإجراء أو لصندوق الرصف بالمحافظة الذى يتولى تدبير الاحتياجات العاجلة، ومن ثَمَّ تكون المخالفة ثابتة فى حقه إذ إن الفصل الثانى من الباب الأول من اللائحة التنفيذية للقانون رقم ١٢٧/١٩٨١ فى شأن المحاسبة الحكومية قد نظم أوضاع الصرف على الموازنة العامة، وحظرت المادة السادسة من اللائحة الأمر بالارتباط أو التعاقد إلا فى حدود الاعتمادات المخصصة للجهة الإدارية وفى ذات الأغراض التى يخصص لها كل بند من بنود الموازنة العامة، كما نظمت المادة السابعة منها حدود تجاوز الاعتمادات والسلطة المختصة بذلك ولم تجز تجاوز الحدود الواردة فيها فيما جاوز ٧٥٠٠٠ جنيه إلا بعد موافقة وزير المالية، ومن ثَمَّ تعين تعديل القرار المطعون فيه إلى مجازاة الطاعن بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه بعد استبعاد المخالفتين الأولى والثانية لما هو مسلم فى قضاء هذه المحكمة من أن مناط مشروعية قرار الجزاء أن يكون التقدير على أساس قيام سببه بجميع أشطاره، وأن انتفاء مسئولية العامل عن واقعة أو وقائع مما ورد بقرار الجزاء يستوجب إعادة التقدير بما يناسب ذلك صدقًا وعدلاً مع المخالفات الثابتة فى حقه.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا التطبيق الصحيح فإنه يكون متعينًا القضاء بإلغائه وبتعديل قرار الجزاء المطعون فيه إلى مجازاة الطاعن بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه وبطلان تحميله بقيمة فروق أسعار المناقصة الملغاة .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن فى قرار الجزاء رقم ٤٨٢/١٩٩٧ شكلاً، وتعديل الجزاء إلى مجازاة الطاعن بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه وبطلان تحميله بفروق أسعار المناقصة الملغاة على النحو الموضح بالأسباب.