جلسة 26 من مايو سنة 2010
الطعن رقم 12828 لسنة 51 القضائية عليا
(الدائرة العاشرة)
ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة– المنازعة بين الهيئة العامة للتأمين الصحي والمستفيد حول كيفية تقديم العلاج والرعاية الطبية المنوط بالهيئة تقديمها.
تلتزم الهيئة العامة للتأمين الصحي بتأمين العلاج والرعاية الطبية للمستفيدين، وهي المنوط بها تشخيص المرض وتحديد طبيعته ودرجة شدته– يتعين أن يكون تحديد الدواء بمعرفة الهيئة أو إحدى الجهات الطبية المتعاقدة معها– إذا تطابق التشخيص الذي انتهى إليه أحد المراكز الطبية المتخصصة، ولو لم يكن من بين الجهات المتعاقدة مع الهيئة، مع التشخيص الذي انتهت إليه الهيئة، فإن ما انتهى إليه المركز بشأن الدواء المقرر له وجرعاته وأوقاته يكون هو المطلوب، مادامت الهيئة لم تقدم أي تقارير من الأطباء المتخصصين العاملين لديها تفيد بأن هذا الدواء أو جرعاته أو أوقاته ليس مطلوبا بشأن حالته المرضية، ولا يجوز لها في هذه الحالة الامتناع عن تقرير ذلك الدواء للمستفيد.
المواد (47) و (48) و (85) و (86) من قانون التأمين الاجتماعي، الصادر بالقانون رقم (79) لسنة 1975.
في يوم الثلاثاء الموافق 10/5/2005 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل على الحكم المطعون عليه الصادر عن محكمة القضاء الإداري بطنطا بجلسة 11/4/2005 في الدعوى رقم 6411 لسنة 11 ق، الذي جاء منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات، ومئة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون عليه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وبعد إعلان الطعن قانونا أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا في الطعن، ثم نظر أمام دائرة فحص الطعون التى أمرت بإحالته إلى هذه المحكمة، حيث تدوول أمامها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم قررت حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر بعد إيداع مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى كافة أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن وقائع النزاع تخلص في أن المطعون ضده كان قد أقام دعواه بتاريخ 24/6/2004 أمام محكمة أول درجة، طالبا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار منطقة وسط الدلتا للتأمين الصحي بطنطا بالامتناع عن صرف الدواء المقرر له شهريا وبصفة دورية من مركز جراحة الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها صرف الدواء بالاسم التجارى حسبما هو مكتوب بالعلاج وليس بالاسم العلمي، مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، على سند من القول إنه يشغل وظيفة (مدير عام) بمجلس الدولة بطنطا، ويحمل بطاقة تأمين صحي، ويعانى من التهاب الكبد الوبائي (فيروس c)، وقد تطورت حالته إلى تليف بالكبد وتضخم بالطحال ودوالٍ بالمرئ والمعدة وارتفاع بضغط الدم، وذلك على النحو الذي تم تشخيصه بمعرفة الهيئة المدعى عليها ومراكز جراحة الجهاز الهضمي بجامعة المنصورة ومعهد الكبد بجامعة المنوفية، وإن حالته تحتاج إلى علاج شهري، إلا أن الهيئة تمتنع عن صرف العلاج له بحجة ارتفاع ثمنه، وإن الدواء المطلوب عبارة عن:
سيروسيس 500 مجم قرص كل 12 ساعة يوميا.
رويال فيتاسى كبسولة بعد الغذاء يوميا.
فيتامين هـ 400 مجم كبسولة قبل الإفطار يوميا.
هيياتوفورت كبسولة ثلاث مرات يوميا.
لوينيزجى 520 مجم كبسولة بعد العشاء يوميا.
أورسو بول 300 كبسولة بعد الغذاء يوميا.
ddp– الحبة الصفراء 10 حبات بعد كل وجبة يوميا.
لاكيتولوز ملعقة كبيرة ثلاث مرات يوميا.
وأضاف المدعى أن عدم صرف الدواء له يشكل خطورة جسيمة على حياته، وأن امتناع الهيئة يشكل قرارا سلبيا في ضوء أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي، والتمس الحكم له بالطلبات سالفة البيان.
وبجلسة 5/7/2004 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقد قامت الهيئة بتاريخ 28/7/2004 بإصدار قرارها رقم 535 لسنة 2004 بتنفيذ هذا الحكم، وأثناء نظر الشق الموضوعي من الدعوى أمام محكمة أول درجة أودع الحاضر عن المدعي صحيفة معلنة للهيئة المدعى عليها تتضمن تغيير أصناف العلاج السالف بيانها بعريضة الدعوى؛ وذلك نظرا لتدهور حالته المرضية إلى درجة وجود استسقاء بالبطن وأنيميا بالدم، وهو ما يحتاج معه إلى حقن دوالي المعدة والمرئ النازفة بصفة مستمرة، وأنه وفقا لتقرير مركز الجراحة المشار إليه فإنه يحتاج إلى تعديل أصناف الأدوية لتكون شهريا وبصفة دورية وذلك على النحو التالي:
ليفراليومين كبسولة مرتين يوميا.
هييانوكس كبسولة مرتين يوميا.
أورسودول 300 كبسولة مرتين يوميا.
رويال فيت كبسولة بعد العشاء يوميا.
بى بولين كبسولة بعد الغذاء يوميا.
لاكيتولوز 2 ملعقة كبيرة 4 مرات يوميا.
الداكتون 100 قرص بعد الإفطار والغذاء.
هيما ستوب قرص كل 12 ساعة.
جامترازول كبسولة قبل الإفطار يوميا.
……………………………………………………………………..
وتدوول نظر الشق الموضوعى من الدعوى أمام محكمة أول درجة بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 11/4/2005 أصدرت حكمها المطعون عليه بعد أن شيدته على أحكام المادة 17 من الدستور وأحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه.
……………………………………………………………………..
وحيث إن الطاعن لم يرتض الحكم المطعون عليه فقد أقام طعنه الماثل استنادا لمخالفة الحكم المطعون عليه للقانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق؛ لارتكان الحكم المطعون عليه إلى تقرير طبي صادر عن غير مختص، وأن الهيئة هي الجهة الوحيدة المنوط بها توقيع الكشف الطبى وتقرير العلاج اللازم للخاضعين لأحكام القانون المشار إليه، وأن المحكمة أغفلت الرد على الدفع بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، كما أن الحكم الطعين أصابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال؛ إذ إن ما ذهب إليه الحكم من امتناع الهيئة عن صرف العلاج لارتفاع ثمنه هو استدلال فاسد ولا أساس له من الصحة واقعا وقانونا؛ إذ تقوم الهيئة بصرف كافة الأدوية التى يحددها أطباؤها المختصون دون نظر إلى سعر الدواء، وأن الهيئة تضطر إلى صرف أدوية بملايين الجنيهات في حالة تقرير هذه الأدوية بمعرفة جهات طبية غير مختصة.
……………………………………………………………………..
-وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى تأسيسا على أن القرار محل المنازعة لا يعد قرارا إداريا، فإن قضاء هذه المحكمة استقر على أن المنازعة الماثلة هي منازعة إدارية بين الهيئة الطاعنة والمطعون ضده حول كيفية تقديم العلاج والرعاية الطبية المنوط بالهيئة تقديمها، وبالتالي فإنها تدخل في مفهوم المنازعة الإدارية الواردة في البند الرابع عشر من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة، ومن ثم يكون الدفع في غير محله جديرا بالرفض.
(يراجع في ذلك الطعن رقم 8641 لسنة 51 ق ع جلسة 24/2/2007)
-وحيث إن المادة (47) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 تنص على أنه: “يقصد بالعلاج والرعاية الطبية ما يأتي: …
7- صرف الأدوية اللازمة في جميع الحالات المشار إليها فيما تقدم…”.
وتنص المادة (48) من ذات القانون على أن: “تتولى الهيئة العامة للتأمين الصحى علاج المصاب ورعايته طبيا وفقا لأحكام الباب السادس…”.
وتنص المادة (85) من ذات القانون على أن: “تتولى الهيئة العامة للتأمين الصحى علاج المصاب أو المريض ورعايته طبيا إلى أن يشفى أو يثبت عجزه…”.
وتنص المادة (86) من ذات القانون على أن: “… يكون علاج المصاب أو المريض ورعايته طبيا في جهات العلاج التى تحددها لهم الهيئة العامة للتأمين الصحي، ولا يجوز لهذه الهيئة أن تجري ذلك العلاج أو تقدم الرعاية الطبية في العيادات أو المصحات النوعية أو المستشفيات العامة أو المراكز المتخصصة إلا بمقتضى اتفاقات خاصة تعقد لهذا الغرض، ويحدد في هذه الاتفاقات الحد الأدنى لمستويات الخدمة الطبية وأجرها، ولا يجوز أن يقل مستوى الخدمة الطبية في هذه الحالة عن الحد الأدنى الذي يصدر به قرار من وزير الصحة بالاتفاق مع وزير التأمينات”.
وحيث إن القانون المشار إليه حين نظم العلاج والرعاية الطبية وفق نظام التأمين الصحي قد ألزم الدولة ممثلة في الهيئة العامة للتأمين الصحي بتأمين العلاج والرعاية الطبية للمستفيدين، وأناط بهذه الهيئة مكنة تشخيص المرض وتحديد طبيعته ودرجة شدته، وكذا تحديد العلاج المناسب للمرض وفقا لحالة كل مريض والجرعات اللازمة وأوقات تقديمها، مع بيان أن العلاج قد يختلف من مريض إلى آخر من المصابين بذات المرض، كما أن مدة العلاج وجرعات الأدوية قد تزيد وتنقص حسب حالة المريض، وهو الأمر الذي يتعين معه أن يكون تحديد الدواء بمعرفة الهيئة أو إحدى الجهات الطبية المتعاقدة معها، بما يسمح بتغيير نوع الدواء ومدته والجرعة المقررة وفقا لما تسفر عنه حالة المريض أو وقت العلاج إذا تطلبت ظروفه الصحية ذلك.
وحيث إنه إعمالا لما تقدم وكان الثابت من الأوراق المقدمة من المدعي والصادرة عن الهيئة الطاعنة أن المدعي يعاني من تليف بالكبد وتضخم بالطحال ودوالٍ بالمرئ والمعدة، مما حدا الهيئة على تحويله إلى مستشفى المبرة، التى قررت احتياجه إلى حقن دوالي المعدة والمرئ، وبتاريخ 8/3/2005 شخص مركز جراحة الجهاز الهضمى بجامعة المنصورة حالته بأنها عبارة عن تليف بالكبد وتضخم بالطحال مع وجود دوالٍ بالمرئ نازفة، وهبوط لوظائف الكبد واستسقاء بالبطن، وحدد المركز نوعية الأدوية اللازمة له وذلك على نحو ما سلف بيانه.
لما كان ذلك كذلك وكان التشخيص الذي انتهى إليه المركز المشار إليه يتطابق مع التشخيص الذي انتهت إليه الهيئة ومستشفى المبرة بشأن حالة المطعون ضده المرضية، وأنه على فرض أن هذا المركز ليس من بين الجهات المتعاقدة مع الهيئة، فإن ما انتهى إليه المركز بشأن الدواء المقرر للمطعون ضده وجرعاته وأوقاته يكون هو المطلوب في ضوء عدم تقديم الهيئة أي تقارير من الأطباء المتخصصين والعاملين لديها تفيد بأن هذا الدواء أو جرعاته أو أوقاته ليس مطلوبا بشأن حالة المطعون ضده المرضية، خاصة وأن المركز المذكور هو من الجهات الطبية المتخصصة بشأن هذا النوع من المرض، وبالتالي يكون امتناع الهيئة الطاعنة عن صرف الدواء المقرر للمطعون ضده والمحدد بمعرفة المركز المذكور غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون، وهو ما يتعين معه القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه.
وحيث إن الحكم المطعون عليه قد ذهب إلى هذا الاتجاه فإنه يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه في غير محله جديرا بالرفض.
وحيث إنه يجب التنويه إلى أن هذا الحكم لا يعني إلزام الهيئة صرف الدواء الذي حدده المركز للمدعي على نحو ما سلف بيانه حتى في حالة تطور حالته المرضية، بل إن للهيئة أن تقوم بتغيير الدواء وجرعاته طبقا للحالة المرضية للمدعي، والتى يتم تحديدها بمعرفة أحد مستشفيات الهيئة أو إحدى الجهات الطبية المتعاقدة معها.
و حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنص المادة 184 مرافعات.
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.