جلسة 18 من يونيو سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد يحيي حسن صبرى.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى, ومحمود إبراهيم محمود على, ومنير صدقى يوسف خليل , ومصطفى سعيد مصطفى حنفى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / درويش الخفيف.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / جمال طه المهدى.
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 13 لسنة 41 قضائية عليا
ـ استيلاء ـ الحالات التي تخرج فيها الأرض من نطاق الاستيلاء ـ التقادم المكسب للملكية.
المادة (968) من القانون المدن.
ثبوت تاريخ التصرف العرفي قبل العمل بالقانون ليس هو الطريق الوحيد لخروج الأرض من نطاق الاستيلاء لدى المالك الخاضع للقانون, إذ تخرج الأرض أيضًا من نطاق الاستيلاء إذا ثبت أن ملكيتها قد انتقلت من ذمة الخاضع إلى ذمة غيره قبل العمل بالقانون وذلك بأي طريق من طرق اكتساب الملكية ومنها التقادم المكسب الذي يقوم على حيازة الأرض لمدة خمس عشرة سنة دون انقطاع حيازة هادئة وظاهرة فى غير غموض ومستمرة وبنية التملك وليس على سبيل التسامح أو الإباحة ـ تنتقل الحيازة إلى الخلف العام بصفاتهم, كما يجوز للخلف الخاص أن يضم حيازته إلى حيازة سلفه فى كل ما يرتبه القانون على الحيازة من آثار ـ أثر ذلك : لا يؤثر فى توافر شروط الحيازة تغيير الحائزين لهذه الأرض, ويجوز إثبات الحيازة بكافة طرق الإثبات بما فى ذلك البينة والقرائن باعتبار أن الحيازة وضع مادي ـ تطبيق.
فى يوم الأحد الثاني من أكتوبر سنة 1994 أودعت الأستاذة/ عفاف الخولى المحامية بصفتها وكيلة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل عن قرار اللجنة القضائية فى الاعتراض 376 لسنة 91 بجلسة 8/4/1999 الذى قضى بقبول الاعتراض شكلاً وفى الموضوع باستبعاد مساحة 22س و 10ط و ـ ف تقع ضمن مساحة 13س و8ط و 1ف بحوض بركة أبو النور الشرقية نمرة 7 القطعة رقم 369 من 270 من 153 أصلية زمام كفر المنشى مركز قويسنا محافظة المنوفية من المساحات المستولى عليها نفاذًا لأحكام القانون 127 لسنة 61 قبل الخاضع نيقولا كناوا مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وطلب الطاعن بصفته ـ للأسباب الواردة بتقرير طعنه ـ الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ورفض الاعتراض وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وأعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونُظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها, وقررت بجلسة 15/8/2001 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ـ الدائرة الثالثة ـ لنظره بجلسة 9/10/2001، وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت بجلسة 9/4/2002 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أن المعترضين أقاموا الاعتراض رقم 376 لسنة 91 بعريضة أودعت سكرتارية اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 26/12/1991 طلبوا فى ختامها الاعتداد بعقد البدل القائم منذ عام 1948 واعتبار القطعة الكائنة بزمام كفر المنشى بحوض بركة أبو النور الشرقية نمرة 7 ومساحتها 16س , و11ط الموضحة الحدود ضمن القطعة 153 ملكًا للمعترضين وعلى سبيل الاحتياط فسخ البدل المشار إليه.
وقال المعترضون شرحًا لاعتراضهم إن مورثهم تملك أرضًا زراعية بزمام ناحية كفر المنشى القبلي بحوض غيط الكفر رقم 1 قطعة 37 مكلفة 218/1972 مركز قويسنا محافظة المنوفية مساحتها 16س و11ط وذلك بالشراء من السيد فؤاد نخيله بصفته وكيلاً عن السيدة/ فوقية إسكندر بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 7/12/1946 وقد آلت تلك المساحة إلى البائع بالشراء من السيدة / شفيقة جرجس، وأنه فى عام 1948 تم عمل بدل بين مورثهم والخواجة نيقولا كناوا عن المساحة المذكورة ومساحة أخرى بزمام الناحية بحوض بركة أبو النور الشرقية ضمن القطعة 153 , إلا أنه تم الاستيلاء على المساحة المذكورة ضمن الأطيان المستولى عليها قبل الأجنبى المذكور، كما تم توزيعها على صغار الفلاحين رغم ثبوت البدل بمحاضر الحصر والاستلام والاستيلاء .
وبجلسة 16/2/1992 قررت اللجنة القضائية ندب مكتب خبراء وزارة العدل بشبين الكوم لأداء المأمورية المبينة بهذا القرار.
وقد انتهى الخبير فى تقريره إلى النتيجة الآتية:
(1) أرض الاعتراض مساحتها 22س و10 ط تقع ضمن 13س و18ط و1 ف بحوض بركة النور الشرقية نمرة 7 القطعة رقم 369 من 270 من 153 أصلية بزمام كفر المنشى مركز قويسنا وقام الإصلاح الزراعي بالاستيلاء عليها قبل الخواجة نيقولا كناوا الخاضع للقانون رقم 127 لسنة 1961 بموجب محضر استيلاء ابتدائي بتاريخ 10/11/1966 بعد عمل بحث ملكية بمعرفة المساحة والمعتمد فى 15/11/1965، حيث إنها واردة فى تكليف الخاضع المذكور وهى أرض زراعية ولم يتم اللصق والنشر .
(2) واضع اليد على أرض الاعتراض هم المعترضون خلفًا عن مورثهم منذ حوالي خمسين عامًا وللآن أى أنهم تملكوها بوضع اليد المستوفى لشرائعه القانونية من حيث الهدوء والظهور ونية التملك بصفة متصلة مدة عشر سنوات سابقة على تاريخ تطبيق القانون رقم 127 لسنة 1961 المطبق فى الاستيلاء.
(3) لم يسبق رفع اعتراضات عن الأرض, وأن أساس وضع يد مورث المعترضين كان بالبدل الشفوي من الخواجة نيقولا كناوا وذلك من حوالى خمسين عامًا، حيث تسلم الخواجة نيفولا كناوا مساحة أخرى بحوض الكفر نمرة 1 ص 37 بنفس القرية من أملاك مورث المعترضين وقام الإصلاح الزراعي بتوزيعها على المنتفعين .
(4) لم يرد مضمون هذا التصرف فى أي ورقة رسمية ولم يدرج ضمن إقرار الخاضع .
وبجلسة 8/8/1994 أصدرت اللجنة القضائية قرارها المطعون فيه, وشيَّدت قضاءها على أن الثابت من تقرير الخبير الذي تطمئن إليه أن المعترض ضده قام بالاستيلاء على أرض النزاع وكذا المساحة الأخرى موضوع البدل, وأن وضع يد المعترضين خلفًا عن سلف وضع يد هادئ وظاهر ومستمر بنية التملك، وقد جاوزت الخمس عشرة سنة سابقة على تاريخ نفاذ القانون المطبق، وعليه يكون قد تحققت بشأنه أحكام المادة 968 من القانون المدني وذلك باكتساب ملكية أرض النزاع بالتقادم المكسب للملكية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها:
(1) عدم قبول الاعتراض لأن أرض النزاع تعتبر مستولى عليها نهائيًا طبقًا للمادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1986 لمضى أكثر من خمس عشرة سنة على تاريخ الاستيلاء الابتدائي حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 3 لسنة 1986.
(2) أخطأت اللجنة القضائية فيما انتهت إليه من ثبوت ملكية المطعون ضدهم للمساحة محل النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية استنادًا لما ورد بأقوال الشهود التي أوردوها أمام الخبير دون حلف يمين, مع أن أقوال الشهود مجرد قرينة يلزم تعزيزها بقرائن أخرى كالتعامل مع الجمعيات الزراعية والجهات الرسمية الأخرى قبل العمل بالقانون المطبق فى الاستيلاء وهو ما خلت منه الأوراق.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من وجهي الطعن وهو عدم قبول الاعتراض مثار الطعن لرفعه بعد مضى أكثر من خمس عشرة سنة على تاريخ الاستيلاء الابتدائي طبقًا لنص المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 1986 التي تنص على اعتبار الأرض مستولى عليها نهائيًا بمضي هذه المدة من تاريخ الاستيلاء الابتدائى, فهو دفاع فى غير محله ذلك لأنه يتطلب لإعمال هذا الحكم أن تكون الإجراءات المتخذة بشأن قرار الاستيلاء الابتدائى قد تمت سليمة سواء من إعلان أو لصق أو نشر وهو الأمر المنتفي فى النزاع الماثل، حيث انتهى الخبير المنتدب من قِبل اللجنة القضائية فى تقريره إلى أنه لم تتم أي من إجراءات النشر أو اللصق حتى تاريخه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من وجهى الطعن فإن المادة 968 من القانون المدني تنص على أنه ” من حاز منقولاً أو عقارًا دون أن يكون مالكًا أو حاز حقًا عينيًا على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصًا به, كان له أن يكسب ملكية الشىء أو الحق العينى إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ثبوت تاريخ التصرف العرفي قبل العمل بالقانون ليس هو الطريق الوحيد لخروج الأرض من نطاق الاستيلاء لدى المالك الخاضع للقانون إذ تخرج الأرض أيضًا من نطاق الاستيلاء إذا ثبت أن ملكيتها قد انتقلت من ذمة الخاضع إلى ذمة غيره قبل العمل بالقانون, وذلك بأي طريق من طرق اكتساب الملكية ومنها التقادم المكسب الذي يقوم على حيازة الأرض لمدة خمس عشرة سنة دون انقطاع حيازة هادئة وظاهرة فى غير غموض ومستمرة وبنيّة التملك وليس على سبيل التسامح أو الإباحة, كما أنه من المقرر أن الحيازة تنتقل للخلف العام بصفاتها, كما يجوز للخلف الخاص أن يضم حيازته إلى حيازة سلفه فى كل ما يرتبه القانون على الحيازة من آثار, وعلى ذلك فإنه لا يؤثر فى توافر شروط الحيازة تغيير الحائزين لهذه الأرض, وأنه يجوز إثبات الحيازة بكافة طرق الإثبات بما فى ذلك البينة والقرائن باعتبار أن الحيازة وضع مادى.
ومن حيث إنه بتطبيق هذه المبادئ على واقعات النزاع وكان الثابت من تقرير الخبير الذى تطمئن إليه المحكمة أن أطيان النزاع فى وضع يد المعترضين (المطعون ضدهم) خلفًا لمورثهم المرحوم عبد الحكيم السيد نصار منذ أكثر من خمس عشرة سنة سابقة على تاريخ العمل بالقانون 127 لسنة 1961 المطبق فى الاستيلاء, وضع يد هادئ وظاهر ومستمر وبنية التملك استنادًا إلى ثبوت عقد بدل شفوي تم بين مورث المعترضين (المطعون ضدهم) والخواجة نيقولا كيناوا المستولى قبله, وقد نفذ هذا البدل فعلاً على الطبيعة، حيث تسلم الخاضع المذكور مساحة من أملاك مورث المطعون ضدهم بحوض غيط الكفر 1 ص 37 بزمام كفر المنشى مركز قويسنا بدلاً من المساحة مثار النزاع وقد شهد بما تقدم جيران المطعون ضدهم على الأرض مثار النزاع، وهم: بسيونى عبد المعطى محمد , وعبد المعبود حسن الديب , ومحي الدين سليمان نصار، مما ترى معه المحكمة أن شرائط اكتساب ملكية الأرض مثار النزاع بالتقادم الطويل قد توافرت بالنسبة للمطعون ضدهم قبل العمل بالقانون 127 لسنة 1961 وتكون هذه الأرض قد خرجت من ملكية الخاضع المذكور، وخلصت للمطعون ضدهم ويكون القرار الصادر بالاستيلاء على هذه المساحة قِبل الخاضع طبقًا للقانون 127
لسنة 1961 قد خالف القانون, وإذ ذهب قرار اللجنة القضائية المطعون فيه هذا المذهب وقضى باستبعاد هذه المساحة من الاستيلاء فإنه يكون قد أصاب الحق فيما قضى به مما تقضى معه المحكمة برفض الطعن وإلزام الطاعن بصفته المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن بصفته المصروفات.