جلسة 5 من يونيو سنة 2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أحمد الحسينى عبدالمجيد مسلم
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ غبريال جاد عبدالملاك، وعطيه عمادالدين نجم، وعلى محمد الششتاوى ابراهيم، و د. محمد كمال الدين منير .
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / د. محمد عبدالمجيد إسماعيل
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سيد سيف محمد حسين
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 13487 لسنة 49 قضائية. عليا:
ـ أعضاء هيئة التدريس ـ إعداد الرسائل المؤهلة للحصول على الدرجات العلمية ـ مفهوم الأمانة العلمية ـ الفرق بين النقل الحرفى والاقتباس.
واجب الأمانة العلمية هو أهم ما يقوم عليه العلم، وهو بذلك ينصب على العلم ذاته بأن ينسب هذا العلم إلى أهله وذلك فى أى صورة يخرج فيها هذا العلم وبأى طريقة ينشر أو يبلغ بها سواء فى صورة مرجع أو رسالة علمية لنيل درجة علمية أو مذكرات لطلبة العلم أو لغيرهم ـ يتعين على عضو هيئة التدريس حال النقل الحرفى الكامل من مؤلفات الغير أن يشير فى مؤلفه إلى ذلك فى المواضع محل النقل وإلا مثَّل ذلك إخلالاً جسيماً بواجبات ومقتضيات وظيفته كعضو هيئة تدريس بالجامعة ويتنافى مع الأمانة العلمية التى يجب أن تكون رائد كل باحث فى العلم فى جميع مجالاته وفى شتى دوره وعلى الأخص فى الجامعات ـ الاقتباس يشمل الفكر ومجالاته ولا يشمل التعبير باعتباره مسألة شخصية تختلف من مؤلف لآخر تبعاً لقدراتهم وإمكانياتهم وملكاتهم الذهنية والعلمية واللغوية، وبالتالى فإن التعبير عما أفصحت عنه المصادر الأخرى يجب أن يكون بفكر وطريقة مغايرة حتى لا يعتبر مخالفة أو يشكل جريمة السطو على حقوق الآخرين، حيث إن النقل الحرفى لمؤلفات الغير دون الإشارة إلى ذلك فى المواضع محل النقل يشكل جريمة سرقة علمية وسطو على حقوق الآخرين فى الابتكار والإبداع باعتبار أن تحديد العبارات والجمل والكلمات التى تتعرض لهذا الشىء فى مؤلف
ما هى إلاّ نتاج جهد وتفكير لهذا المؤلف وبالتالى تخضع للحماية القانونية ـ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 9/8/2003 أودع الأستاذ الدكتور/ أنور أحمد رسلان ـ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن المقيد برقم 13487/46ق. عليا فى القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة طنطا فى الدعوى التأديبية رقم 283/2003 بجلسة 27/7/2003 والقاضى فى منطوقه بمجازاة المحال أ.د. “………………” على بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش.
طلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ثم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عزله من وظيفته والقضاء مجددًا ببراءته مما نُسب إليه.
وقد تم إعلان الطعن إلى الجامعة المطعون ضدها على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرها بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه لما يشوبه من غلو والقضاء مجددًا بما تراه عدالة المحكمة من جزاء مناسب.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل بجلسة 29/9/2003 وفيها قدم الحاضر عن الطاعن ثلاث حوافظ مستندات حوت أصل الترخيص الصادر له من وزارة التربية والتعليم وكتاب فى الحاسب الآلى ومستندات أخرى ومذكرة بالدفاع صمم فيها على طلباته وبجلسة 12/1/2004 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الخامسة/ موضوع” لنظره بجلسة 14/2/2004 ، حيث نظرته المحكمة بالجلسة المذكورة وفيها قدم الحاضر عن الطاعن حافظة مستندات طويت على تقارير طبية ومذكرتين بالدفاع صمم فيهما على طلباته، ثم بجلسة 24/4/2004 قدم الطاعن مذكرة أخرى بدفاعه بينما قدم الحاضر عن الجامعة المطعون ضدها حافظة مستندات طويت على صورة من قرار الإحالة رقم 87 فى 3/2/2003 ـ وقرار رئيس الجامعة رقم797 فى 17/7/2003 بتنفيذ قرار مجلس التأديب الصادر بجلسة 2/7/2003عن واقعة مماثلة ومذكرة بالدفاع صممت فيهما الجامعة على طلبها برفض الطعن والتمس الطرفان إصدار الحكم في الطعن ومن ثَمَّ قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانونًا واستوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الفصل في الموضوع يغنى عن الفصل فى الشق العاجل من الطعن.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص ـ حسبما يبين من الأوراق ـ فى أنه بتاريخ 3/4/2003 أصدر السيد الأستاذ الدكتور/ رئيس جامعة طنطا قراره رقم 283 بتاريخ 3/4/2003 بإحالة الأستاذ الدكتور “………………..” أستاذ الجغرافيا ووكيل كلية الآداب لشئون التعليم والطلاب إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة لمساءلته تأديبيًا عما هو منسوب إليه من مخالفته مقتضى الواجب الوظيفى والقيم والتقاليد الجامعية وإخلاله بالأمانة العلمية المتمثلة فى قيامه بالنقل الحرفى من كتاب الحاسب الإلكتروني للصف الأول الثانوى الصادر عن وزارة التربية والتعليم طبعة 1988 الصفحات من 13 حتى السطر الثالث من ص25، ومن ص26 السطر 22 وحتى ص45 السطر 15، ومن ص80 حتى ص86 السطر التاسع إلى كتابه محل التحقيق “الحاسب الإلكترونى أسس وتطبيقات ـ المستوى الجامعى الأول” وذلك فى الصفحات من ص7 حتى ص22 السطر العاشر ومن ص31 حتى ص53 ومن ص97 حتى نهاية ص104 على الترتيب دون إشارة إلى المرجع أو إجراء أى إضافة أو تعديل وذلك بالمخالفة للمواد (1 ، 95 ، 96) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49/ 1972 .
وقد قيدت الأوراق دعوى تأديبية ونظرها مجلس التأديب على النحو المشار إليه بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/7/2003 قضى مجلس التأديب بقراره المطعون فيه وشيد قراره على أن المخالفة المنسوبة للمحال ثابتة قبله من مقارنة الصفحات المبينة بالقرار ومن اعترافه الصريح بالتحقيقات بأنه استعان بالكتاب المشار إليه مما يعد خروجاً على واجب الأمانة العلمية وأنه فى مجال الجزاء المقرر فإنه لما كان المحال قد دأب على ارتكاب مخالفات مماثلة وسبق لهذا المجلس مجازاته عنها فإن المجلس يأخذه بأشد الجزاء وهو العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش وبذلك خلص المجلس إلى قراره بعد رفض الدفع المبدى بسقوط الدعوى التأديبية لكون المخالفة من المخالفات المستمرة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة القرار المطعون فيه للقانون لأسباب حاصلها أولاً: الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن المخالفة المنسوبة للطاعن لا تعد من المخالفات المستمرة وإنما تعد من الجرائم الوقتية التى حدثت عام 1998 ولم يتخذ فيها أى إجراء إلا فى عام 2003 وبالتالى تكون قد سقطت بالتقادم الثلاثى. ثانيًا: الإخلال الجسيم بحق الدفاع لعدم تمكين مجلس التأديب الطاعن من تقديم دفاعه وطلباته ومستنداته أمامه وعدم استجابته لطلب الطاعن بإعادة الدعوى للمرافعة. ثالثاً : القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ذلك أن الطاعن قد حصل على ترخيص بالاقتباس من الكتاب المذكور من السيد مستشار وزارة التربية والتعليم بالكمبيوتر التعليمى، كما أن الموضوعات التي شملها كتاب الطاعن فى مادة الحاسب الآلى ما هى إلا موضوعات عامة وحقائق علمية أساسية يتناقلها كل القائمين على تدريس تلك المادة فلا يوجد فيها ابتكار أو اجتهاد، ولا تخضع بالتالى للحماية القانونية لحقوق المؤلف فى ظل القانون رقم 354/1954. رابعاً : عدم التناسب بين الجزاء والمخالفة المنسوبة للطاعن والغلو فى الجزاء على النحو الوارد بتقرير الطعن.
ومن حيث إن المحكمة وهى تتصدى لموضوع هذا الطعن تشير بداءة إلى أن قضاءها قد استقر على أن واجب الأمانة العلمية هو أهم ما يقوم عليه العلم وهو بذلك ينصب على العلم ذاته بأن ينسب هذا العلم إلى أهله وذلك فى أى صورة يخرج فيها هذا العلم وبأى طريقة ينشر أو يبلغ بها سواء فى صورة مرجع أو رسالة علمية لنيل درجة علمية أو مذكرات لطلبة العلم أو لغيرهم وبالتالى فإنه يتعين على عضو هيئة التدريس حال النقل الحرفى الكامل من مؤلفات الغير أن يشير فى مؤلفه إلى ذلك فى المواضع محل النقل وإلا مثَّل ذلك إخلالاً جسيمًا بواجبات ومقتضيات وظيفته كعضو هيئة تدريس بالجامعة ويتنافى مع الأمانة العلمية التى يجب أن تكون رائد كل باحث في العلم فى جميع مجالاته وفى شتى دوره وعلى الأخص فى الجامعات.
(الطعن رقم 3903/38ق.ع جلسة 11/12/1993).
كما يَعِنُّ لهذه المحكمة أن تشير أيضًا فى هذا المجال إلى مبدأ هام وهو التفرقة بين الاقتباس من المصادر التاريخية المتعددة التى تتعرض لموضوع واحد وبين التعدى على حقوق الغير بالنقل الحرفى من مؤلفاتهم ذلك أنه فى الحالة الأولى فإن الاقتباس يشمل الفكر ومجالاته ولا يشمل التعبير باعتباره مسألة شخصية تختلف من مؤلف لآخر تبعاً لقدراتهم وإمكانياتهم وملكاتهم الذهنية والعلمية واللغوية، وبالتالى فإن التعبير عما أفصحت عنه المصادر الأخرى يجب أن يكون بفكر وطريقة مغايرة حتى لا يعتبر مخالفة أو يشكل جريمة السطو على حقوق الآخرين فى حين أنه فى الحالة الثانية فإن النقل الحرفى لمؤلفات الغير دون الإشارة إلى ذلك فى المواضع محل النقل يشكل جريمة سرقة علمية وسطو على حقوق الآخرين فى الابتكار والإبداع باعتبار أن تحديد العبارات والجمل والكلمات التى تتعرض لهذا الشىء فى مؤلف ما هى إلا نتائج لجهد وتفكير لهذا المؤلف وبالتالى تخضع للحماية القانونية.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإنه ولئن كانت الجامعة المطعون ضدها قد اكتفت بتقديم ملف مجلس التأديب المطعون على قراره مشتملاً على التحقيقات التى تمت دون أن تقوم بإرفاق القائمة المرفقة بملف التحقيق والتى تحتوى الكتابين محل واقعة التحقيق وعددًا آخر من كتب الدكتور الطاعن وكتبًا أخرى على النحو المبين بالقائمة المذكورة إلا أن الثابت مما سطرته التحقيقات صفحة 2 ، 3 ومجلس التأديب فى قراره ص 3 أن الدكتور الطاعن قام بتأليف كتابه ” الحاسب الإلكترونى.. أسس وتطبيقات.. خلال عام 1998 لتدريسه للمستوى الجامعى الأول وأنه قد قام بنقل أجزاء كاملة من كتاب الحاسب الإلكترونى المقرر على طلاب الصف الأول الثانوى خلال الفترة من عام 1994 حتى عام 1999 والمعد بمعرفة لجنة من بعض الأساتذة بوزارة التربية والتعليم، وذلك بنقلها إلى مؤلفه المشار إليه دون الإشارة إلى ذلك المرجع حيث تبين قيام المحال بالنقل حرفيًا للأجزاء الآتية :
من ص13 إلى السطر الثانى من ص25 من كتاب الوزارة إلى مؤلفه من ص7 إلى السطر العاشر من ص22 ومن السطر 22 من ص26 إلى السطر 15 من ص45 من كتاب الوزارة إلى مؤلفه من ص31 إلى ص 53 ومن ص 80 إلى السطر التاسع من ص 86 من كتاب الوزارة إلة مؤلفه من ص 97 إلى ص 104 .
وأن هذه الأجزاء منقولة حرفيًا دون أية إضافة أو تغيير وأن جملة عدد تلك الصفحات بلغ 37 صفحة وذلك دون الإشارة إلى هذا المرجع ، وقد أقر المحال فى التحقيقات بأنه استعان بكتاب وزارة التربية والتعليم ولم يقدم تبريرًا لذلك يدحض أو ينفى ما ورد بتقرير الرقابة الإدارية عن قيامه بالنقل الحرفى للأجزاء المشار إليها كما لم يقدم أمام مجلس التأديب أى دفاع موضوعى ينال من صحة الواقعة الثابتة ماديًا من مقارنة كتاب المحال محل الواقعة وكتاب وزارة التربية والتعليم المشار إليه وبالتالى فإن القرار المطعون فيه وقد خلص إلى ثبوت الواقعة ومجازاة المحال عن هذا الذى ثبت يقينًا فى حقه يكون قد قام على سببه المبرر متفقًا وحكم القانون.
ولا يغير من مسئولية الطاعن أو ينفى عنه إخلاله الجسيم بواجبات وظيفته ما ذهب إليه الطاعن فى طعنه على القرار المطعون فيه ذلك أنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه الطعن المتعلق بسقوط الدعوى التأديبية بالتقادم الثلاثى على اعتبار أن المخالفة من الجرائم الوقتية التي حدثت عام 1998 ولم يتخذ فيها إجراءٌ إلا فى عام 2003 فقد تكفل مجلس التأديب بالرد على هذا الوجه من الطعن بأن مخالفة النقل من مؤلفات الغير تعد من المخالفات المستمرة التى لها صفة التجدد والاستمرار بما يترتب عليه من عدم سقوط الدعوى التأديبية وهو ما يتفق مع ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة وبالتالى تكتفى المحكمة بذلك فى شأن هذا الوجه من الطعن.
ومن حيث إنه عما نعاه الطاعن بالوجه الثانى من الطعن من الإخلال بحق الدفاع فإن من المستقر عليه أن المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب غير ملزم بتعقب دفاع المخالف فى وقائعه وجزئياته والرد عليها تفصيلاً طالما أنها أوردت إجمالاً الأدلة التى أقامت عليها قضاءها بما يعنى أنها طرحت ضمنا ما تمسك به المحال من أوجه دفاع. “الطعن رقم 8368/44ق . عليا جلسة 15/4/2001 “.
كما أن الثابت من مطالعة محاضر مجلس التأديب المطعون علي قراره أنه حدد لنظره جلسة 14/5/2003 وفيها حضر الدكتور المحال ومعه محاميه وطلب أجلاً للاطلاع فأجابه المجلس بتأجيل نظر الدعوى التأديبية لجلسة 25/6/2003 وفيها حضر الدكتور المحال وقرر المجلس التأجيل لجلسة 16/7/2003 بعد أن قدم المحامى المدافع عنه تقريرًا طبيًا يفيد بأنه أصيب فى حادث وفى حاجة إلى الراحة لمدة ثلاثة أسابيع كما قدم المحال أيضا طلباً أشار فيه إلى أن الأستاذ المحامى الآخر المدافع عنه بالخارج لمدة أسبوعين وبجلسة 16/7/2003 حضر المحال ومعه محام وقدم حافظة مستندات للتدليل علي استمرار مرض المحامى الأصلى إلا أن مجلس التأديب قرر إصدار القرار فى الدعوى بجلسة 26/7/2003 مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوع وبتاريخ 24/7/2003 تقدم وكيل المحال بمذكرة طلب فى ختامها إعادة الدعوى للمرافعة لاستمرار حالته المرضية ولقيامه باستكمال بعض المستندات لاسيما موافقة وزارة التربية والتعليم وبجلسة 26/7/2003 قرر المجلس مد أجل النطق بالقرار لجلسة 27/7/2003 إلا أن وكيل الدكتور المحال أرسل فاكسًا بتاريخ 27/7/2003 طلب فيه إعادة الدعوى للمرافعة لمدة لا تقل عن أسبوعين إلا أن المجلس أصدر قراره بالجلسة المذكورة.
ومن حيث إنه يخلص من السرد السابق أن مجلس التأديب قد استجاب للدكتور المحال المرة تلو الأخرى لتقديم دفاعه وراعى ما طرأ من ظروف على المدافعين عنه سواء من أصيب فى حادثة سيارة أو من سافر إلى الخارج بتأجيل نظر الدعوى إلا أنه لما استبان للمجلس أن الدكتور المحال ومحاميه قد اتخذا من مسألة الإصابة فى حادث سيارة ذريعة لاستمرار تأجيل نظر الدعوى رغم وجود مدافع آخر عنه ـ كما قرر الدكتور المحال فى طلبه المؤرخ 25/6/2003 ـ فقد قرر المجلس إصدار القرار فى الدعوى مع منح المحال فرصة تقديم مذكرة بدفاعه إلا أن دفاع المحال لم يقدم المذكرة فى الميعاد المضروب له وقدم فى اليوم التالى لانتهاء الميعاد مذكرة طلب فى ختامها إعادة الدعوى للمرافعة وأرفق صورًا لبعض المستندات الأمر الذى التفت المجلس عنه إعمالاً لسلطته التقديرية فى هذا الشأن بعد أن استشعر عدم جدية أسباب طلب إعادة الدعوى للمرافعة وهو أمر يملكه مجلس التأديب طالما له مبرراته المستفادة من الأوراق ومن ثَمَّ يكون النعى بالإخلال بالدفاع غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إنه عن الشق الأول من الوجه الثالث من أوجه الطعن والمتمثل فى حصول الطاعن على ترخيص بالاقتباس من السيد مستشار المادة بوزارة التربية والتعليم فهو مردود عليه بأن الثابت من مطالعة الموافقة المشار إليها أنها قد خلت من تاريخ السنة الصادرة فيها، حيث لا يوجد على تلك الورقة أى تاريخ وأنها قد وردت مؤرخة 27/5 وبالتالى يتعذر تبيان ما إذا كانت هذه الموافقة سابقة أم لاحقة على تاريخ وقوع المخالفة وإن كان مسار الأحداث يكشف عن أنها لاحقة للمخالفة إذْ لو كانت سابقة لسارع المحال إلى التمسك بها فى دفاعه ولسارع إلى تقديمها إبان التحقيقات أو فى جلسة من جلسات مجلس التأديب لاسيما أن دفاع الطاعن أشار فى مذكرته المقدمة بتاريخ 24/7/2003 إلى أنه بصدد استكمال مستنداته وفيها هذا المستند الذى قدم صورة منه كما أنه من ناحية أخرى فإن الثابت من مطالعة الموافقة المشار إليها أنها جاءت مشروطة بضرورة ذكر الكتاب المقتبس منه ضمن المراجع التي يتعين إدراجها بالمؤلف الصادر من المحال وهو ما خالفه المحال وبالتالى فإن هذه الموافقة لا تعد سندًا لنفى المخالفة التى ارتكبها الطاعن طالما أنه لم يلتزم بهذا الشرط وبالتالى يعتبر ما قام به المحال مخالفة تأديبية تستوجب مجازاته عنها بيد أن ذلك قد يعد سببًا فى النظر فى مدى تناسب الجزاء الموقع على المحال مع ما نُسب إليه حال تحديد مقدار الجزاء.
ومن حيث إنه عن الشق الثانى من الوجه الثالث من أوجه الطاعن والمتمثل فى أن الموضوعات التى شملها الكتاب محل النزاع ما هى إلا موضوعات عامة وحقائق علمية وأساسية يتناولها كل القائمين على تدريس هذه المادة، حيث لا مجال فيها للابتكار أو الاجتهاد وبالتالى لا تخضع للحماية القانونية لحقوق المؤلف فى ظل القانون رقم 354 /1954 فذلك مردود عليه بأن الأمر لا يتصل بالأحكام والقواعد المنظمة لحقوق المؤلف وإنما يتعلق بمسلك الطاعن وخروجه على واجبات وظيفته كعضو بهيئة التدريس وعدم التزامه بما تفرضه عليه هذه الوظيفة من أمانة علمية مقتضاها عدم نسبة عمل غيره إليه حتى ولو كان هذا العمل للغير مجرد تجميع وليس فيه مقومات الإبداع أو الابتكار.
” الطعن رقم 2782/42 ق.ع بجلسة 23/8/1997″ وبالتالى يضحى هذا الوجه من الطعن بشقيه غير قائم على سند سليم متعين الرفض.
ومن حيث إنه عن الغلو فى تقدير الجزاء فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن تقدير الجزاء التأديبى متروك لتقدير من يمتلك توقيع العقاب التأديبى سواء كان الرئيس الإدارى أو مجلس التأديب أو المحكمة التأديبية بيد أن هذه السلطة التقديرية تجد حدها عند وجوب التناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الموقع عنها وهو ما يعبّر عنه بالغلو فى الجزاء الذى يصم الإجراء التأديبى بعدم المشروعية ويجعله واجب الإلغاء. وفى هذا المقام ترى المحكمة أن الوضع الوظيفى للطاعن وما ثبت فى حقه من عدم أمانة علمية يشكلان خطورة بالغة كانت تستوجب أخذ المخالف بنوع من الحزم بيد أنه لما كان تقدير الجزاء يجب أن يكون منظوراً فيه إلى اعتبارات أخرى كإصلاح حال المخالفين وردعهم عن العودة إلى مثل تلك المخالفات أو كانت هناك من الظروف والملابسات المصاحبة لوقوع المخالفة ما يستوجب التخفيف أو التشديد والتغليظ إلى الدرجة التى تحتم إنهاء العلاقة الوظيفية للمخالف صونًا للمرفق من خطر استمرار المخالف فى العمل وكانت هذه المحكمة قد لاحظت من الظروف والملابسات المصاحبة للمخالفة المنسوبة للطاعن والتى ثبتت فى حقه من قيامه بالنقل فى مادة غير تخصصه ” مادة الحاسب الآلى” أنه قد أسند إليه تدريس المادة المذكورة فى حين أنه أستاذ لمادة الجغرافيا مما كان يقتضى إعداد مؤلف لتدريسه للطلاب وهو غير مؤهل لذلك، فضلا عما استبان للمحكمة من أن هناك تجزئة للمخالفتين المنسوبتين للطاعن فى الدعويين التأديبيتين الصادر بهما قرار الإحالة رقما 87 فى 3/2/2003، و283 فى 3/4/2003 “محل الطعن الماثل” فى حين أنهما فى حقيقتهما تشكلان فى مجموعهما مخالفة متماثلة بصرف النظر عن الأطراف المضرورة من عملية النقل فى الكتابين المنقول منهما مما كان يقتضى توقيع جزاء واحد عنهما دون إفراد مجلس تأديب مستقل لكل مخالفة على حدة وما أدى إليه ذلك من أن مجلس التأديب فى الدعوى التأديبية محل الطعن الماثل اعتبر المحال عائدًا وغلظ عليه الجزاء مقررًا عدم جدوى إصلاحه، وكذلك ما أفصحت عنه الأوراق من أن الطاعن إبان التحقيق معه كان يبلغ من العمر 55 عامًا وأنه الآن على مشارف إنهاء حياته الوظيفية، حيث تجاوز من العمر العام السادس والخمسين وأنه كذلك قد حصل على موافقة وزارة التربية والتعليم على الاستعانة بكتاب الوزارة المنقول، وإن كانت هذه الموافقة غير ثابتة التاريخ من حيث سنة صدورها كما خلت الأوراق أيضًا من اقتراف الطاعن لمثل هذه المخالفة إبان حياته الوظيفية باستثناء الواقعة الأخيرة الأمر الذى تقدر معه المحكمة أن الجزاء الموقع على الطاعن مشوب بالغلو ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء مجدداً بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم مع تأخير التعيين فى الوظيفة الأعلى لمدة سنتين وعسى أن يكون ما حدث سقطة لن تعود وفرصة أخيرة للطاعن للحفاظ على وضعه الوظيفى ومراعاة سيرته وسنه فى مشارف نهاية حياته العلمية والوظيفية مما انزلق إليه من عدم بذل الجهد والنقل من الآخرين .
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما تضمنه من توقيع عقوبة العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش والقضاء مجددًا بمجازاة الطاعن “…………” بعقوبة اللوم مع تأخير التعيين فى الوظيفة الأعلى لمدة سنتين.