جلسة 9 من فبراير سنة 2002م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ على فكرى حسن صالح, ويحيي خضرى نوبى محمد، ود. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
الطعن رقم 1354 لسنة 46 قضائية عليا
ـ مجالات الاستثمار الداخلى ـ الإسكان والتعمير .
المواد أرقام (1), (2), (6), (47), (48), (52) من قانون الاستثمار الصادر بالقانون
رقم 230 لسنة 1989.
المادتان (1), (29) من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء
رقم 1531 لسنة 1989.
عيَّن المشرع مجالات الاستثمار الداخلى وجعل من بينها الإسكان والتعمير وذلك بما يتفق والسياسة العامة للدولة وأهداف الخطة القومية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ـ ناط المشرع بالهيئة العامة للاستثمار ومجلس إدارتها إعداد قوائم بالمجالات والأنشطة والمشروعات التى يُدعَى رأس المال للاستثمار فيها, وتلقى الطلبات من المستثمرين ودراستها والبت فيها بما يتفق والأغراض التى أنشئت الهيئة من أجلها, وإصدار قرارها إما بالموافقة على المشروع أو برفضهـ فى الحالة الأخيرة أوجب القانون أن يكون القرار الصادر بالرفض مسبباً ـ كما عينت اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار مجالات الاستثمار ومن بينها الإسكان, وذلك ببناء الوحدات السكنية فى مختلف المستويات سواء بقصد الإيجار أو التمليك, وكذلك مجال التعمير بإقامة المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة أو المناطق الصناعية الجديدة ـ تطبيق.
فى يوم السبت الموافق 18/12/1999 أودعت الأستاذة/ خيرية سيد أحمد، المحامية بصفتها نائبة عن السيد/ على جراح الصباح، بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية الكويتية للتنمية العقارية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن ــ قيد بجدولها برقم 1354 لسنة 46 القضائية عليا ــ فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعويين رقمى 2031 لسنة 47, 7421 لسنة 49 القضائية بجلسة 26/10/1999 والقاضى فى منطوقه “حكمت المحكمة بقبول الدعويين شكلاً وفى الموضوع برفضهما, وإلزام المدعى بصفته المصروفات شاملة أتعاب المحاماة”.
وطلب الطاعن ــ للأسباب الواردة فى تقرير الطعن ــ قبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبإلغاء القرار المطعون فيه, وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين فى الأوراق.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/1/2000 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 2/7/2001 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) لنظره بجلسة 23/9/2001، حيث نظرته هذه الدائرة وبجلسة 17/11/2001 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم, وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص فى أن الشركة الطاعنة كانت قد أقامت الدعوى رقم 2031 لسنة 47 القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 22/12/1992 بطلب الحكم بقبولها شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء القرار الإدارى المعلن للشركة المدعية فى 1/7/1992 برفض إقامة 900 وحدة سكنية فوق المتوسط بضاحية المعادى والبساتين, مع إلزام المدعى عليه المصروفات, وذكرت الشركة ـ شرحًا لدعواها ـ أنه صدر قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادى رقم 118 لسنة 1978 بالترخيص فى تأسيسها, وقد أشهر هذا القرار وعقد تأسيسها المحرر فى 15/2/1978 بين كل من محافظة القاهرة وشركة مدينة نصر كطرف أول والمجموعة الاستثمارية العقارية الكويتية بصفتها ممثلة لوزارة مالية دولة الكويت ـ طرف ثان بالوقائع المصرية العدد 99 “تابع” فى 27/4/1978, ونشاط الشركة الأساسى هو التنمية العقارية, وصدرت لها عدة موافقات من الهيئة العامة للاستثمار على إقامة عدة مشروعات إسكان متعدد الأغراض وفوق المتوسط, ثم قامت الشركة بشراء قطعة أرض فضاء بضاحية المعادى والبساتين من شركة زهراء المعادى بغرض إقامة 900 وحدة سكنية من الإسكان فوق المتوسط, وتقدمت الشركة المدعية إلى الهيئة العامة للاستثمار للحصول على موافقتها على المشروع الضخم, غير أن الهيئة أعلنت الشركة المدعية فى 1/7/1992 بأن اللجنة المشتركة قررت بجلستها رقم 20 لسنة 1992 عدم الموافقة على هذا المشروع, وبتاريخ 25/8/1992 تظلمت الشركة من ذلك, ثم أقامت دعواها الماثلة طعناً على هذا القرار على سند من أنه قد جَانَبَه الصواب, وصدر دون إبداء أية أسباب مخالفاً بذلك قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989, ومشوبًا بالتعسف وإساءة استعمال السلطة.
وبتاريخ 8/7/1995 أقامت الشركة المدعية الدعوى رقم 7421 لسنة 49ق بطلب الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى رقم 196/91/95 الصادر من الهيئة العامة للاستثمار وصدور قرار بالموافقة على مشروع الشركة المدعية والخاص بإنشاء مدينة سكنية بضاحية المعادى والبساتين مكونة من 858 وحدة سكنية، بالإضافة إلى الخدمات الأخرى، وأشارت الشركة إلى ما سبق أن أشارت إليه فى دعواها الأولى بشأن نشاطها وسبق الموافقة لها على عدة مشروعات, وأنها قامت بشراء قطعة أرض كبيرة بصحراء مصر الجديدة على امتداد الأوتوستراد حلوان ـ مصر الجديدة شرق ضاحية المعادى منطقة البساتين، وذلك لإقامة مدينة سكنية متكاملة من 858 وحدة سكنية بخلاف الخدمات الأخرى, ثم تقدمت الشركة المدعية للهيئة العامة للاستثمار للموافقة على هذا المشروع, فأخطرتها الهيئة فى 8/3/1995 بأن مجلس إدارة الهيئة أصدر قراره رقم 196/91/1995 بإرجاء البت فى الموضوع فتظلمت من هذا القرار. وبتاريخ 24/5/1995 أخطرتها الهيئة العامة للاستثمار ردًا على هذا التظلم بأن اللجنة المختصة بالهيئة انتهت فى 7/5/1995 إلى التوصية إلى أصحاب الشأن لتوجيه نشاط الشركة نحو مجال التنمية العمرانية والمرافق والبنية الأساسية فى أراضى المناطق الصناعية الجديدة والمناطق الصناعية الجديدة والمناطق الحرة والمناطق المخصصة كمناطق سكنية مما حدا بها إلى إقامة هذه الدعوى.
وبجلسة 11/5/1999 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 7421 لسنة 49ق إلى الدعوى رقم 2031 لسنة 47 ليصدر فيهما حكم واحد.
وبجلسة 26/10/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه فى الدعويين سالفتى الذكر تأسيساً على أن الشركة المدعية قد تقدمت إلى الهيئة العامة للاستثمار بطلب الحصول على موافقتها على المشروع المتقدم بيانه بينما مجلس إدارة هذه الهيئة قد ارتأى بما له من سلطة عدم الموافقة على هذا المشروع سيراً فى تلك السياسة التى كان قد ارتآها من قبل بالنسبة لمشروعات الإسكان, وقد بررت الهيئة ذلك بما أفصحت عنه الشركة على النحو السالف بيانه, بما يمكن حمل هذا الرفض عليه واعتباره سببًا لهذا الرفض, ولم يرد بالأوراق أن مجلس إدارة الهيئة قد انحرف بقراره هذا أو شَابَه تعسف يمس مشروعيته, فمن ثَمَّ يكون قرار الرفض المطعون فيه قد جاء موافقًا لصحيح حكم القانون, ويكون النعى عليه وطلب إلغائه فى غير محله حريًا بالرفض.
ومن حيث مبنى الطعن أن الحكم خالف القانون ذلك أن الهيئة المطعون ضدها سبق أن وافقت على إنشاء الشركة الطاعنة التى من بين أغراضها “إقامة وإدارة واستغلال مبانى مشروعات الإسكان العقارية بوجه عام” ومارست الشركة على مدى اثنين وعشرين عامًا نشاطها طبقاً لأغراضها تحت مظلة قانون الاستثمار, وصدرت لها العديد من الموافقات من الهيئة المطعون ضدها بإقامة مشروعات إقامة وحدات سكنية فى منطقتى البساتين ومدينة نصر, إلا أن الهيئة المذكورة رفضت الموافقة على المشروع موضوع التداعى, دون إبداء الأسباب فكان قرارها بالرفض مخالفاً للقانون وغير مسبب مكتفيةً بتوجيه الشركة نحو توجيه نشاطها نحو مجال التنمية العمرانية والمرافق والبنية الأساسية فى أراضى المناطق الصناعية الجديدة والمناطق الحرة المخصصة لمناطق سكنية, وتناقضت الهيئة المطعون ضدها فى هذا الصدد, إذ توصى بإقامة إسكان فى المناطق المخصصة كمناطق سكنية, وفى ذاته الوقت ترفض إقامة 858 وحدة سكنية من الإسكان فوق المتوسط فى ضواحى البساتين وهى أرض جديدة تم استخراج تراخيص البناء الخاصة بها من الجهات المختصة, وتساءلت الشركة عن كيفية تنفيذ هذه التوصية, وهل تعد تسبيبًا قانونيًا بقرار الرفض؟ كما أن الحكم المطعون فيه بُنى على أساس أن الهيئة المطعون ضدها قد بررت قرارها “بما أفصحت عنه للشركة الطاعنة على النحو سالف البيان”. وتساءلت الشركة الطاعنة: “أين ما سلف البيان الذى ذكر الحكم حمل هذا الرفض عليه واعتباره سببًا لهذا الرفض … بما يعطى لقرارها المشروعية ……. وهل التوجيه بتوجيه نشاط الشركة إلى مجال التنمية العمرانية ….. إلخ تعتبر سببًا مشروعًا لقرار الرفض….. وهل خالفت الشركة ذلك (التوصية) حتى يصدر قرار بالرفض؟”. كما نعت الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه جاء فاسداً فى تكييفه حينما ذهب إلى أن مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها له سلطة عدم الموافقة على المشروعات سيرًا على تلك السياسة التى قد ارتآها من قبل بالنسبة لمشروعات الإسكان, ذلك أن الهيئة انحرفت فى قرار رفض المشروع وتعسفت فيه فأضحى غير مشروع حيث تناقضت مع نفسها إذ أعطت الموافقة عن ذات أرض المشروع إلى شركة زهراء المعادى وهى الشركة البائعة للشركة الطاعنة, بل وافق مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها للشركة الطاعنة فى ذات تاريخ الرفض على إقامة مشروع إسكان بمدينة نصر لإقامة 500 وحدة سكنية من الإسكان فوق المتوسط بموجب القرار رقم 191/157/1992 فجاء قرار الرفض متعسفًا ومعيبًا ومشوبًا بعدم المشروعية متعين الإلغاء وأن الحكم المطعون فيه إذ خالف ذلك يكون واجب الإلغاء.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تستهدف من دعوييها ـ محل الطعن ـ الحكم بإلغاء قرار الهيئة المطعون ضدها برفض الموافقة على المشروع المقدم منها لإقامة عدد 858 وحدة سكنية من الإسكان فوق المتوسط بضاحية المعادى والبساتين, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات .
ولما كان مقطع النزاع ينصب على مدى مشروعية القرار الصادر من الهيئة المطعون ضدها بعدم الموافقة على المشروع المتقدم, وكان هذا الرفض فى ظل العمل بأحكام قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989 فمن ثَمَّ يكون الحكم على مدى مشروعية هذا القرار فى ضوء ما تقضى به أحكام هذا القانون.
من حيث إن المادة (1) من قانون الاستثمار, المشار إليه, تنص على أن “يكون الاستثمار وفق أحكام هذا القانون فى إطار السياسة العامة للدولة وأهداف وأولويات الخطة القومية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك على النحو التالى (أ) بنظام الاستثمار الداخلى فى مجالات استصلاح واستزراع الأراضى البور الصحراوية والصناعة والسياحة والإسكان والتعمير …”. فى حين تنص المادة (2) من القانون على أنه “يقصد فى تطبيق أحكام هذا القانون : (أ) بالمشروع كل نشاط ـ أيًا كان شكله القانونى ـ يدخل فى أوجه الاستثمار المشار إليها فى المادة السابقة وتوافق عليه الهيئة طبقًا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذًا له. (ب) …………. (هـ) بالهيئة: الهيئة العامة للاستثمار. (و) بمجلس إدارة الهيئة: مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار”. كما تنص المادة (6) على أن “تتمتع المشروعات ـ أيًا كانت جنسية مالكيها أو محال إقامتهم بالضمانات والمزايا والإعفاءات المنصوص عليها فى هذا القانون, ويكون لها بموافقة مجلس إدارة الهيئة الحق فى تملك الأراضى والعقارات اللازمة لإقامتها والتوسع فيها”. وتنص المادة (47) على أن تتولى الهيئة تنفيذ أحكام هذا القانون ولها فى سبيل ذلك ما يلى:(أ)…….. (ب) إعداد قوائم بالمجالات والأنشطة والمشروعات التى يدعى رأس المال للاستثمار فيها . (ج)………. (د) تلقى الطلبات المقدمة من المستثمرين وعرض الرأى بشأنها على مجلس إدارة الهيئة للبت فيها وفقًا للقواعد والإجراءات والمواعيد التى تحددها اللائحة التنفيذية”. كما تنص المادة (48) على أن “مجلس إدارة الهيئة هو السلطة المختصة بشئونها وتصريف أمورها ويباشر اختصاصه على الوجه المبين بهذا القانون رقم 73 لسنة 1976، كما له أن يتخذ ما يراه لازمًا من قرارات لتحقيق الأغراض التى أنشئت من أجلها, وعلى الأخص: (أ) وضع السياسات المتصلة باختصاص الهيئة فى إطار السياسة العامة للدولة. (ب) وضع خطط وبرامج نشاط الهيئة فى إطار الخطة العامة للدولة”. وأخيرًا تنص المادة (52) على أن “تقدم طلبات الاستثمار إلى الهيئة ويوضح فى الطلب المال المراد استثماره وطبيعته وسائر البيانات الأخرى التى من شأنها إيضاح كيان المشروع, ويصدر مجلس إدارة الهيئة قراره بالموافقة على الطلب أو رفضه خلال عشرين يومًا من تاريخ تقديم الأوراق مستوفاة للهيئة, ويجب أن يكون قرار الرفض مسببًا ….”.
وتنص المادة (1) من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1531 لسنة 1989 على أنه ” فى تطبيق حكم البند (أ) من المادة الأولى من القانون يشمل كل مجال من مجالات الاستثمار الأنشطة المبينة فيما يلى وجميع الأنشطة المكملة والمتممة والمرتبطة بها : أولاً: …… رابعاً: الإسكان: بناء الوحدات السكنية فى مختلف المستويات سواء بقصد الإيجار أو التمليك. خامساً: التعمير: إقامة المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة أو المناطق الصناعية الجديدة بما فى ذلك تهيئة الأراضى وتجهيزها بالمرافق والخدمات الأساسية بغرض تقسيمها وبيعها أو تقرير حق الانتفاع بها أو تأجيرها”. فى حين تنص المادة (29) على أن “يصدر قرار الإدارة بالموافقة على المشروع متضمنًا …… ويجب أن يكون قرار مجلس الإدارة بالرفض مسببًا …”.
ومن حيث إن المستفاد من مجموع ما تقدم أن المشرع عَيَّن مجالات الاستثمار الداخلى, وجعل من بينها الإسكان والتعمير وذلك بما يتفق والسياسة العامة للدولة وأهداف وأولويات الخطة القومية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية, وناط بالهيئة العامة للاستثمار ومجلس إدارتها إعداد قوائم بالمجالات والأنشطة والمشروعات التى يدعى رأس المال للاستثمار فيها، وتلقى الطلبات من المستثمرين ودراستها والبت فيها بما يتفق والأغراض التى أنشئت الهيئة من أجلها, وإصدار قرارها إما بالموافقة على المشروع, أو برفضه, على أنه فى هذه الحالة الأخيرة أوجب القانون أن يكون القرار الصادر بالرفض مسببًا, وعينت اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار, المشار إليه, مجالات الاستثمار ومن بينها الإسكان, وذلك ببناء الوحدات السكنية فى مختلف المستويات سواء بقصد الإيجار أو التمليك, وكذلك مجال التعمير بإقامة المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة أو المناطق الصناعية الجديدة .
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم, وكان الثابت من الأوراق أن غرض الشركة الطاعنة هو امتلاك الأراضى لإقامة وإدارة واستغلال مبانى مشروعات الإسكان العقارية بوجه عام, وإقامة مشروعات الإسكان الاقتصادى وفقًا لأحكام قانون الاستثمار, وأن هذه الشركة سبق أن تقدمت للهيئة المطعون ضدها بطلب الموافقة على مشروع إقامة وحدات سكنية من المستوى فوق المتوسط على أرض الشركة شرق ضاحية المعادى ومنطقة البساتين المعتمد تقسيمها, بموجب القرار الصادر من محافظ القاهرة غير أن الهيئة المذكورة أصدرت قرارها المطعون فيه بإرجاء البت فى الموضوع, ولدى تظلم الشركة من هذا القرار أخطرتها الهيئة بما انتهت إليه اللجنة المختصة فى 7/5/1995 من التوصية بتوجيه نشاط الشركة نحو مجال التنمية العمرانية والمرافق والبنية الأساسية فى أراضى المناطق الصناعية الجديدة والمناطق الحرة والمناطق المخصصة لمناطق سكنية, وأكدت اللجنة هذه التوصية بتاريخ 2/7/1995 لدى تظلم الشركة الطاعنة إلى الهيئة من هذا القرار فى 13/6/1995 .
ولما كان المشروع الذى ترغب الشركة الطاعنة فى تنفيذه مما يدخل فى الأغراض التى أنشئت من أجلها, وأن القرار الصادر من الهيئة برفض إقامة هذا المشروع لم يتضمن الأسباب التى قام عليها سوى التوصية, المشار إليها, كما لم تقدم الهيئة المطعون ضدها مبررات هذا الرفض وذلك بالمخالفة لأحكام قانون الاستثمار, المشار إليه, التى أوجبت على الهيئة تسبيب القرارات الصادرة منها بالرفض فمن ثَمَّ يكون القرار الطعين مخالفًا لصحيح حكم القانون جديرًا بالإلغاء.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما ساقته الهيئة فى مذكرات دفاعها من أن قرارها المطعون عليه إنما صدر استنادًا إلى قرار مجلس إدارتها الذى انتهى إلى إرجاء البت فى الضوابط الخاصة بمشروعات الإسكان, ذلك أن الثابت من الأوراق أن الهيئة فى ذات الجلسة التى أصدرت فيها قرارها الطعين وافقت على ثلاثة طلبات لإقامة مشروعات إسكان فوق المتوسط، أولها: فى الطلب المقدم من مكتب عبد الله أبار وأحمد زينى (سعود يان) فى 29/5/1994 بإقامة مشروع على أرض الحى الثالث فى التجمع العمرانى رقم (1) حول الطريق الدائرى للقاهرة الكبرى, وثانى هذه الطلبات ذلك المقدم من السيد/ فوزى لويس روبيل بتاريخ 13/9/1994على إقامة شركة العبور للاستثمار والتنمية بغرض الاستثمار فى المجال العقارى، وذلك بشراء الأراضى وتقسيمها لغرض بنائها وتمليكها وتأجيرها. وثالث هذه الطلبات مقدم من السيد/ شيرين مراد نور الدين فى 17/9/1994 على إقامة مشروع شركة بدر الدين للمشروعات العقارية يشتمل على إقامة عدد أربعين وحدة سكنية من المستوى فوق المتوسط بمدينة الشيخ زايد, الأمر الذى يؤكد عدم مشروعية القرار الطعين.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذه الوجهة من النظر، فإنه يكون مخالفًا للقانون, حريًا بالإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الطعن, يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات.